مابين مجلس الشورى الإسلامي والمجالس الديمقراطية
ما الفرق بين عضو مجلس الشورى في التصور الإسلامي، وعضو مجلس ديمقراطي في الجاهلية المعاصرة؟
عضو المجلس الديمقراطي:
شخص يظهر فجأة في حياة الناس – أو يكون مشهوراً بينهم – يطلب الإمارة، ويُزكي نفسه.. ثم يصنعه الإعلام صناعة، إن أراده أن يكون المهدي المنتظر.. لفعل، وإن كان من شر الخلق! وإن أرد أن يجعله المسيح الدجال لفعل.. وإن كان من خير الخلق!!
اللعبة كلها في “الإعلام” ولعبة الإعلام في يد من يملك “المال” أي: الأمر يرجع في النهاية في “لعبة الديمقراطية” إلى صناعة شخصية مُرضية لأكبر عدد من الجماهير.. يتحكم فيها “رؤوس الأموال ورجالها”، ولا يدفع رجال المال والأعمال دولاراً واحداً إلا وهم متأكدون أنه سيعود عليهم أضعافاً مضاعفة.. من: امتيازات، وتشريعات، وحصانة، وسلطان، وفرص، وعلاقات، وأمن… إلخ. أي: ( شخص – مال – إعلام – قطيع – استلاب العقول – اغتصاب الحقوق ).
وبعد أن ينفق النائب الديمقراطي ملايين الجنيهات ليصنع لنفسه شخصية مقبولة جماهيرياً.. وبعد أن ينجح؛ يبحث عن الوسائل التي يسترجع بها الملايين التي صُرفت في الإعلام والانتخابات! وينسى الناس، وينساه الناس حتى يحين موعد الانتخابات القادمة..!
وقبل الحديث عن عضو الشورى في الإسلام، أحب أن أشير إلى الانحرافات في طريقة اختيار عضو الديمقراطية:
(1) الديمقراطية: هوية غربية، وأداة من أدوات العلمانية.. واجتماع على غير الإسلام، وانتساب لغير الشرع.
(2) في الإسلام لا يزكي المرء نفسه، ولا يطلب الإمارة.. ومن طلبها لا يُولى.
(3) إن أصوات الجماهير في الديمقراطية يتساوى فيها العالم والجاهل، والشريف والوضيع، والصالح والطالح.. كأنه “قطيع بشري” تُعد فيه الرؤوس !!
(4) إن النائب الديمقراطي عليه أن يقبل ضمناً شركائه من أصحاب الفكر العلماني المحض، والشيوعي، والإلحادي.. لأنهم جميعاً تحت مظلة واحدة! ولا يمكنه أن ينكر عليهم، بل هؤلاء سيأتي عليهم الدور – في الرئاسة – في لعبة “كرسي الديمقراطية” !
اقرأ أيضا: 12 طريقة يستخدمها الإعلام في خداعك
إذن.. ما هي آلية الاختيار في الشورى ؟
الإسلام يبدأ من نقطة بدء خارج “تيه” العلمانية والديمقراطية..
يبدأ من نقطة وجوده الحضاري ورسالته، وإنه في حرب وجود مع “الطاغوت”.. إما الإسلام، وإما الطاغوت.. كل الطاغوت، في كل الأرض، نقطة البداية هي: (جهاد الطاغوت) واستئصال نظمه ومؤسساته وفكره وتصوراته ومفاهيمه سواء أكانت “ديمقراطية علمانية” أو “استبدادية عسكرية” أو “ملكية وراثية”.. كلها بالنسبة للإسلام سواء – وإن تفاضلت فيما بينها – كل وضع لا يعلوه حكم الله، وشرعه، وكلمته فهو “هدف” بالنسبة للإسلام..
من هنا نقطة البداية، ويمضي المسلمون يجاهدون في سبيل الله.. فيظهر بلائهم وجهادهم وقوتهم وعملهم وعلمهم وبأسهم.. ويتمايزون، ويتعارفون، ويتوحدون – بعد أن باعوا أنفسهم رخيصة لله – فيهربون من تكاليف السلطان، فهم يحملون رسالة أثقل من ملء الأرض ذهباً.. ونحو الجنة فقط ينظرون!
ولكن يدفع بهم إخوانهم إلى الشورى، والسلطان، والقيادة.. فلم يزكوا أنفسهم، ولم يطلبوا السلطان، بل هو بلاء وشقاء عليهم أن يحملوا عدل الله وحقه بين الناس، ثم لا يأخذون أي امتيازات مادية أو حصانة قضائية.. فهم سواء مثل غيرهم من المسلمين في العطاء، وفي القضاء، فمن ذا الذي يتنافس على هذه المشقة ؟!
ثم مشقة أخرى – لا تقل عن القتال في سبيل الله – وهي مجاهدة القلب أن يدخله عُجب أو هوى أو حب للسلطان والرياسة؛ فيهلك بذلك المجاهد! ويصبح قلبه في حالة من “الوجل” الدائم.. خشية أن يصيب عمله رياء أو عجب، والناس حوله ملتفون، ومعجبون!!
وها هو الفارق عمر – رضي الله عنه – الخليفة الراشد المبشر بالجنة.. يسأل – وهو من هو – أسماني رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في المنافقين ؟
حقاً.. إنه مستوى سابق بعيد، لا يصل إليه إلا من حمل “رسالة الإسلام” !
ونصرة لدين الله، وإعلاء لكلمته سبحانه يتقدم أهل الشورى للاضطلاع بهذه المهمة.. وكلٌ قد ثبت علمه وجهاده وبلاءه بالفعل في ساحات الجهاد، وأظهرت المحن والمعارك والابتلاءات حقيقة معادنهم.. وقدراتهم، ومؤهلاتهم فيُدفع بهم إلى حيث المكان المناسب، وعندما يظهر من هو أفضل بلاء وجهاداً يُدفع به، فليس هناك حظوظ للنفس.. بل هدف واحد: نصرة الإسلام، وتحكيم شرع الله، وإعلاء كلمته ! أي: ( جهاد – بلاء – ثبات – شرع – شورى – حق وعدل رباني ).
الفرق بين الشورى والديمقراطية:
تبدأ نقطة التيه.. عندما يفترض السائل أن “وضع الطاغوت ونظم حكمه وآلياته” له شرعية إسلامية؛ فيمضي يسأل ما الفرق بين الشورى والديمقراطية؟! أو كيف سنستخدم الشورى في النظام الديمقراطي؟! وهذه هي محطة الانطلاق للتيه البعيد! والعبث الحارق للسنوات والأجيال والطاقات!!
إن نقطة البدء في الشورى، وإن نقطة البدء في الإسلام، وإن نقطة البدء في تحكيم الشرع.. هي: “إزالة حكم الطاغوت من جذوره الخبيثة، واستئصال مؤسساته وفكره وتصوراته ومناهجه وقيمه وموازينه” !! ومن يُبلي البلاء الحسن، والجهاد الحق في هذه الرحلة؛ سيكون هو من “أهل الشورى” و”أهل الحل والعقد”.. وهم يتواضعون لرؤساء القوم، والفضلاء منهم، وأهل العلم والاختصاص.. حتى يكونوا في النهاية بنياناً واحداً يشد بعضه بعضاً، ويكون الرضى والتراضي.. والحق والعدل الرباني هو قوام الاجتماع على الإسلام.. والانتساب للشرع !
فرقٌ بين “عبد” خادم في وضع جاهلي، وبين “حر” يجاهد لإزالة هذا الوضع الجاهلي.
فرقٌ بين “عبد” عينه على “رضى” القطيع البشري الذي انتخبه، وبين “حر” عينه على “رضى” الله الذي من أجله جاهد وارتقى.
فرقٌ بين “عبد” يجمع الأموال التي أُنفقت كي يصل لهذه المكانة، وبين “حر” عينه على جنة عرضها السموات والأرض.
فرقٌ بين “عبد” يشتهي السلطان ويُزكي نفسه بين الناس، وبين “حر” لا يطلب السلطان، ولا يزكي نفسه.
فرقٌ بين “عبد” يتبع أهواء البشر في الحكم والتشريع، وبين “حر” يُوحد الله في التشريع كما يُوحده في الصلاة والدعاء.
فرقٌ بين الدولة الجاهلية، وبين الدولة الإسلامية.
هل الديمقراطية هي الشورى ؟! لنتأمل معاً الفرق بينهما :
|