بين الروم والمسلمين: لمن الغلبة اليوم

الروم ذلك العدو اللدود للمسلمين الذي طالت عداوته منذ القرن الأول للإسلام وإلى يومنا هذا، وممتدة تلك العداوة إلى قيام الساعة كما أخبرنا رسول الله ﻗﺎل صلى الله عليه وسلم: (ثم فارس نطحة أو نطحتان ثم لا فارس بعدها أبدًا، والروم ذات القرون كلما هلك قرن خلف مكانه قرن) اختلفت أسماء هذا العدو وتعددت دوافعه لكنه في النهاية يتوارث العداوة للاسلام والمسلمين جيلاً بعد جيل.

فتراهم يعادوننا تحت اسم الروم أو الحملات الصليبية أو القشتاليين أو الفرنجة وصولاً إلى أمريكا وروسيا، لا تنخدع فهو عدو واحد، أحد المؤرخين حاول إحصاء ﺍﻟﺤﺭﻭﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﻤﺕ بيننا وبين ذاك العدو ﻓﺒﻠﻐﺕ ﺃﻜﺜـﺭ من 3600 حرب بين مختلف دول ﺍﻹﺴﻼﻡ ﻭﺩﻭل ﺍﻟﺭﻭم خلال 1410 سنة، وبما ان العدو واحد فمن المفيد في معركتنا معه اليوم أن ندرس تاريخ صداماتنا مع أجداده بالأمس بالتحليل والاستقصاء لنلتمس مفاتيح النصر وأسباب الهزيمة.

وسنتوقف مع التاريخ عند محطات رئيسية ثلاثة:

  • الحملات الصليبية الاولى (من منتصف القرن الحادي عشر والى نهاية القـرن الثالـث عشـر الميلادي تقريبا)، على سواحل بلاد الشام ومصر وكان فيها احتلال بيت المقدس.
  • الحملات الصليبية الثانية (1800-1970م) تقريبا، على مكونات الدولة العثمانية والعالم الاسلامي ولاسيما العالم العربي بعد معاهدة (سيكس-بيكو 1919م) ووعد بلفور 1917م.
  • الحملات الصليبية الثالثة (1990-2016م) ومازالت على العالم الاسلام ي عامة والشرق الاوسط خاصة.

نلاحظ هنا ان مركز الصراع في محطتنا الاولى كان يدور في بلاد الشام وما جاورها من بلاد العراق ومصر وجزيرة العرب بينما ساحة الصراع الحديث (منذ القرن السادس عشر والى اليوم) مع الـروم المعاصـرين عموما، قد امتدت على طول رقعة العالم الاسلامي وعرضه واستهدفت كافة بلاده

المحطة الأولى ﺍﻟﺤﻤلة ﺍﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ (1050-1291)

خلال مطلع القرن الحادي عشر الميلادي اطلق بابا الفاتيكان  نـداءه الـى ملـوك أوروبا بضرورة تخليص بيت المقدس مـن ايدي المسلمين وسرعان ما استجاب ملوك اوروبا للنداء لمصالح سياسية واقتصادية كما يذهب كثير من المؤرخين ولم تكن الروح الصليبية غائبة عن دوافعهـم  ايضا، و تتالت الحملات الصليبية علـى سـواحل الشام  وجنوب غرب الاناضول ومصر عبر مائتي عام تمكن الصليبيون خلالها من احتلال بيت المقدس واقامة امارة مركزية فيه وتمكنـوا مـن اقامة العديد من الامارات الصليبية وكانت الإمارات الاسلامية المحاذية للإمارات الصليبية ضعيفة مفككة متصارعة فيما بينها، وهكذا احتل الصليبيون بلاد المسلمين ولم يستطع الخليفة العباسي الضعيف في بغداد آنذاك ان يفعل شيئا، ولـم يحرك الخليفة الفاطمي في القاهرة ساكنا، بل شهد تاريخ الفاطميين تعاونا كبيرا مع الصليبيين.

ولكن الوثائق التاريخية التي تثبت تدهور الاحوال السياسية للمسلمين تثبت فـي الوقـت ذاته ان تلك الفترة كانت تشهد ازدهارا علميا برز فيه الكثير من العلماء والخطباء وحملـت المساجد مسؤولية سياسة الناس بعيدا عن مفاسـد القصور وصراع الامراء. ومع قدوم الصليبيين هب العلماء يحثون الناس على الجهاد ويشحذون همم رجال الامة حتى تجاوبـت رؤوس القبائل والعشائر في الشام وما حولها مع نداءات الجهاد، وباشرت نخـب الامة آنذاك بالاشتباك مع الصليبيين الى ان تصاعدت المقاومة.

تولى المقاومة الامير المجاهد عماد الدين زنكي ثم انتقلت لابنه نور الدين محمود في حلب بعد ان اغتال النصيرية أباه، حيث قاتلت الشيعة النصيرية بجوار الصليبين آنذاك، اهتم الصليبيون بالاستحواذ على مصر لما لها من اثر في دعم من يستحوذ عليها في الصـراع علـى الشام وأدرك نور الدين أهمية السباق إلى مصر فأرسل جيشه إليها بقيادة القائـد الكردي أسد الدين شيركوه ليدعم جيش الخليفة الفاطمي ضد الحملة الصـليبية المرتقبة علـى مصـر، واصطحب معه أخيه صلاح الدين الايوبي، قضى صلاح الدين على الدولة الفاطمية في مصر و أعاد مصر الى المذهب السني و انتقلت قيادة المقاومة إليه بعد أن اختاره أهل الحل و العقد إثر وفاة نور الدين محمود، و استمر جهاده ضد الصليبين و محاولته في القضاء على فتن صغار الأمراء المتناحرين و توحيد الصف إلى أن وافته المنية و انتقلت مهمة جهاد الصليبين الى أخيه العادل، وحصلت في عهده آخر الحملات الصليبية التـي كانـت على مصر والتي قادها ملك فرنسا لويس التاسع الذي اسره الملك العادل وأودعه السجن ثم أطلق سراحه، وهناك كتب بعد تفكر وتأمل في تاريخ قرنين مـن الحمـلات الصـليبية العسـكرية ملاحظاته في فشل الغزو العسكري للشرق الاسلامي وضرورة العمل على الغـزو الفكـري. شـكلت ملاحظاته الأرضية الأولى للحملات الصليبية المعاصرة التي قامت على التبشير والتغريب ثم الاستعمار بعـد ذلك بخمسة قرون، من أهم التوجيهات التي كتبها:

إن المسلمين لا يهزمون ما دامت عقيدتهم قائمة ويجب أن تبدأ الحرب على المسلمين بحرب الكلمة

ثم توالت الأحداث إلى أن قامت دولة المماليك، التي تولت مسؤولية جهاد التتار والصليبين إلى أن تم الجلاء الكامل للصليبين في عهد السلطان خليل بن قلاوون وانتهـت بـذلك الحمـلات الصليبية الاولى عام 1291.

الغزو الفكري للمسلمين ونتائجه العملية في الميدان السياسي:

٥٠٠ عام تفصل بين الحملة الصليبية الاولى و الثانية، استفاد الصليبيون منها في الاعداد و التخطيط والعودة على خبرة ومعرفة، فمنذ عادت بقايا الحملات الصليبية مدحورة إلى أوروبا انكب العلماء والمفكرون الأوربيون علـى دراسة خلاصة حضارتنا العربية و الاسلامية، ونشطت حركة الترجمة وقامت مراكز وجامعات الاستشراق، ومع انهيار الحكم الاسلامي في الأندلس1492م ، نشطت حركة الرحالة والكشافة والمستشـرقين ،ثـم نشأت حركات التبشير برعاية البابا، وعلى مدى هذه القرون الطويلة توغلت البعثات الاستشرافية والاستكشافية فـي كافة ارجاء العالم العربي والاسلامي وقدموا الدراسات والابحاث ونقلوا الكتب والمخطوطات التي تجمعت في جامعات ومراكز دراسات استشراقية عملاقة تخصصت في دراستنا.

لقد تحركوا بعلمية وعملية، إنهم الروم وخصالهم، هؤلاء الـذين لا يعـرف أكثرنا عنهم إلا ظاهر قشرتهم الحضارية حاليًا من الانحلال والفجور والمجون، لكن القاعدة الحضارية لهذه الامم الرومية أعقد من ذلك بكثير، ولابد من أن نعرفهم كما عرفونا ونقاومهم على بصيرة كما غزونا على بصيرة.

بدأت رياح الغزو الفكري تهب على بلادنا مع قدوم حملة نابليون 1789م، وبدأ معها التغريب والاستعمار الفكري قبل الاسـتعمار الـذي أتـى بزخمه أواسط القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين وقد بدأ منذ القرن السادس عشـر يقضـم أطراف العالم الاسلامي.

المحطة الثانية الحملة الصليبية الثانية(1789-1970)

ويمكن التأريخ للحملات الصليبية الثانية بقدوم نابليون إلى مصر سنة 1789 ثم انطلاقهم نحو اطراف العالم الاسلامي وتمكـنهم مـن اإشاء قواعد بحرية على شواطئ بلاد المسلمين واحتلال الجزر البعيدة في اطراف العالم الاسلامي و وصلت بهم الجرأة أن ينشئوا مستعمرات لهم على شواطئ جزيرة العرب ولم يتجرؤوا-لفهمهم الحضاري واستيعابهم- على التفكير في احتلال قلـب الجزيرة العربية ولاسـيما الحجاز لوجود المقدسات فيها خشية ان يسـتفزوا اعلان الجهاد دفاعًا عن الحرمين في مناطق هي في غنى عن الصـدام معهم فيها.

ثم بدأ التنافس الفرنسي البريطاني بشكل سافر على العالم الاسلامي وبلغت الحملات الصليبية الثانية ذروتها بعيد الحرب العالمية الأولـى وخسارة الدولة العثمانية، فيها فأبرمت معاهدة او مؤامرة سايكس بيكو  وفي نفس السنة صدر وعد بلفور 1917 عن وزارة المستعمرات البريطانية بإعطاء فلسطين وطنًا قوميًا لليهود، بعد ان تسيطر عليها بريطانيا بحسب الاتفاقية التـي جعلـت فلسطين في حصتها، وهكذا سقط المشرق العربي كله تحت احتلال جيوش الحملات الصليبية الثانية تحت مسـمى الاستعمار الحديث. أما روسيا: فقد انطلق قياصرتها منذ أواسط القرن السادس عشر في حركة استعمارية التهمـت الممالـك الاسلامية واحدة تلو الاخرى، أما بلاد نجد والحجاز فقد استولت عليها بريطانيا بطريقة ذكية تتناسب مع قدسية الحـرم؛ فقـد تبنت بريطانيا أميرا شابا من أسرة آل سعود، حيث تعرفت وزارة المستعمرات عليه، و عرضت عليه معاونتها و مولت بريطانيا حملتـه على نجد وتمكن بمساعدة بريطانيا التي أمدته بالمال والخبراء والضباط من دخول نجد والاستيلاء عليها و وضعت بريطانيا كامل بلاد نجد والحجاز ومعظم جزيرة العرب تحت سلطة عبـد العزيز بن عبـد الرحمن آل سعود الذي أعلنته بريطانيا سلطانًا سنة 1935 م، وأبرم التاج البريطاني مع عبد العزيز اتفاقية تبعية يلتزم فيها بأن لا يخرج عن مشورتهم وأوامـرهم وأن لا يبرم معاهدة ولا اتفاقا إلا بإذنهم مقابل كفالة التاج البريطاني لعرشه مدة حياته ولأبنائه وراثيًا من بعـده .

وبعد أن سيطرت بريطانيا على فلسطين تعاونت بشكل كثيف مع الوكالة اليهودية للهجرة التـي أقامتها الحركة الصهيونية وضخت في فلسطين مئات آلاف اليهود الذين شحنتهم السفن من مختلف الدول الاوربية لتزرع الحملات الصليبية الثانية الكيان السرطاني اليهودي في أقدس مقدسات المسـلمين. واستمرت هذه الحملات في احتلالها المباشر العلني إلى أن أدت الثورات الجهادية والحركات التحررية إلى اجبار الدول المستعمرة على تغيير اسلوبها إلى مرحلة الاستعمار الحديث بعد أن كبدتها خسائر فادحة. فبدأ اعـلان اسـتقلال الـدول العربية والاسلامية ولكنه كان استقلالا شكليًا.

اقرأ أيضا: بداية الوجود الصهيوني في فلسطين 

بين الحملة الاولى والثانية

نجد بعض الاخـتلافات الهامة لأساليب الصـليبيين بين الحملتين الاولى والثانية:

  • الحملات الصليبية الاولى كانت ذات بعد ديني ممتزج ببعد اقتصادي ثانوي في حـين كانـت الحملات الثانية ذات بعد ديني صليبي واقتصادي استعماري وسياسي من اجل الصراع على النفوذ وكـذلك ذات بعد حضاري يقصد الى نشر ثقافة المستعمر ونظمه العلمانية.
  • الحملات الصليبية الاولى استهدفت الأرض باحتلالها، في حين استهدفت الحمـلات الثانية احـتلال الارض والانسان المسلم الذي قصدته بالمسخ والتغيير في كافة ابعاد مكوناته الحضارية.
  • الحملات الاولى تمت في حالة جهالة تامة مـن قبـل المسـتعمرين الصليبيين بالأرض الاسلامية وسكانها وكامل مكوناتهم الحضارية في حين تمت الحملات الثانية بناء على معرفة تفصيلية ودراسات متعمقة بالشعوب وتركيبتها النفسية والعرقية.

وهكذا نجد أن المقاومة والثورات الجهادية في الأمة الإسلامية انتصرت على الحملتين الأولى والثانية فلمن تكون الغلبة في الحملة الثالثة؟!

المحطة الثالثة الحملة الصليبية الثالثة(1990-2016)

شهدت الفترة الممتدة ما بين استقلال الدول الاسلامية وقيام النظام العالمي الجديد 1990م سقوط الاتحاد السوفيتي وتفرد أمريكا بإدارة العالم وقيادة الروم المعاصرين لتستكمل الغزو الفكري للمسـلمين فصنعت نخبا سياسية في بلادنا وتأهيلها لتحل محل الاستعمار وتحمي مصالحه وتقوم بأعبائه بأبنائنا، فتحقق له المكاسب ولا يتحمل خسائر المواجهة مع المقاومة. ربط المستعمر هذه الأنظمة به عبر أساليب عديدة: مـن أهمها اقامة القواعد العسكرية لجيوشه في اكثر تلك البلاد كما ربطها بالمعاهدات السياسـية والاقتصادية والعسكرية والثقافية والأمنية بطريقة تضمن له تبعيتها أكثر من فترة الاستعمار العسكري وأقام شركات الاحتكار الكبرى و قيدنا بالاتفاقيات الاقتصادية ووضـعنا تحت الاشراف القسري لمؤسساته كالنقد الدولي فأمسك عمليا بكافة مقدرات بلادنا ونهب ثرواتنا ولاسيما النفطية والغازية والثروات المعدنية بشراكة أبناء وطننا الذين تكونوا من رجال السلطة وكبار التجار، وبهذا يحصل المستعمر على ما جاء من أجله بجيوشه الجرارة بل و أكثر دونما خسائر.

اقرأ أيضا: القواعد الأمريكية في المنطقة، الوجه الآخر للاحتلال

اقرأ أيضًا: 4 معاهدات واتفاقيات أوت بحال الأمة لما هي عليه اليوم

نشر المستعمر مؤسسات التنصير وحماها فتنصر عشرات الملايين من المسلمين في بورما والفلبين وأفريقيا وغيرها، كما عمل على استبعاد الشريعة الاسلامية والحكم بغير ما أنـزل ﷲ، وعمل على تحطيم ما كان من أسباب هزيمته في حملتيه الاولى والثانية فأسقط الخلافة ثم تولى هو خلافة المسلمين وقسم البلاد الاسلامية بين عملائه ليرتبطوا به بكل أواصر الولاء والمودة.

حارب المساجد والعلماء والهيئات الدينية فاستمال كثير من رجال الدين بسيف المعز وذهبه وأنشات أكثر الحكومات مرجعيات دينية منافقة تعمل بأمر السلطان وتصدر الفتاوى المفضلة بحسب الارادات الملكية والرئاسية ونجحت هذه الخطة نجاحا كبيرا حيث تم تدمير وشل المرجعية الدينية التـي حفظت للمسلمين المحرك الوجداني للمقاومة عبر التاريخ.

وهكذا قامت الانظمة العميلة في العالم العربي والاسلامي لتتولى حكم شعوبها بالحديد والنار وتقوم بكافة مهام الاستعمار لصالحه من اجل الحفاظ على عروشها، فقامت بعض الاحزاب المعارضة لأنظمة الحكم هذه بمناوأة الاسـتعمار فـي اهدافـه السياسـية والاقتصادية ولكن معظم تلك الاحزاب قامت أيضا على نفس الافكار الوافدة من الغرب من قومية وديمقراطية وعلمانية، ولأن هـذه المعارضات هي أيضا صنائع استعمارية من الناحية الفكرية، أمكن للمستعمر أن يستعملها ويوظفها أو يقضـي عليها.

ولكن ﷲ تعالى قد قضى بحفظ دينه وكتابه وببقاء طائفة ظاهرة على الحق في هذه الامة تقاتل على هـذا الدين لا يضرها من خذلها ولا من خالفها، نشأ في هذه الامة ومنـذ الأيام الاولـى لسـقوط الخلافة بذور الصحوة الإسلامية في هذه الامة على شـكل مـدارس متنوعة المناهج ولكنها تسعى لهدف واحد هو اعادة الامة إلى دينها وشريعتها وحكم ربها. انتشرت هذه الصحوة بأشكال شتى فكان منها الاحزاب السياسية التي دخلت المعترك السياسي سعيا الى السلطة من أجل تطبيق الشريعة-ولا نؤيد ذلك-، ومنها المدارس الفكرية العقدية والجمعيات و الجماعات الاصلاحية التي تهدف إلى اصلاح الفرد والمجتمع كي يتأهل لحكـم الشـريعة. أحس الغرب بالخطر ودق ناقوسـه وامر الحكومات ببدء حملات المواجهة والتصفية لهذه البذرة الحية الناشئة لقطع جذورها قبـل ان يشتد جـذعها وتورق أغصانها وتوتي اكلها، وهكذا تحول الصدام في الأمة من كونه مع الاسـتعمار مباشـرة ليصـبح صدامًا بين أفراد وجماعات الصحوة وبين الحكومات صنيعة الاستعمار، واتخذ هذا الصـدام أشـكالا عديدة من القمع والسجون وحل الأحزاب واغلاق الصحف والجمعيات ووصل في بعض الأحيان الـى مواجهات مسلحة عنيفة.

ولازالت المواجهة مستمرة إلى يومنا هذا وحتى الإن فالغلبة للروم فما الذي غير موازين القوى وغير طبيعة الصراع ونتيجته عما حصل فـي الحملتين الصليبيتين الاولى والثانية؟

نجد الاجابة على هذا السؤال بين طيات كتب التاريخ التي تخبرنا أن العدو استخدم مكر و دهاء غير مسبوق هذه المرة، فاختفى من المواجهة المعلنة ليصـبح دوره ادارة مـن وراء سـتار، وتصدر رجالة من الحكام لمهمة المواجهة وبالتالي اتخذ الصراع شكلا من اشـكال الفتنة والاقتتال بين الحكومات وبعض فئات المحكومين، وهو ما ترتب عليه خروج الأمة الإسلامية من المواجهة و وقوع مهمة المواجهة مع هذه القوى الجبارة على عاتق الصحوة الإسلامية وحدها، والتي لم تكن تشكل إلا عشرات أو مئات أو آلاف على أحسن الاحوال، مما أدى إلـى سحقها أو اخراجها عن مسارها وافشالها في تحقيق أهدافها. وهكذا استطاع العدو دحـر مختلف مدارس الصحوة الاسلامية وايصالها إلى الفشل عمليًا ومنعها من تحقيق اهدافها وحشرها فـي عنـق زجاجة الازمة، في حين وقفت شرائح الامة من هذه المعركة المصيرية موقف المتفرج بكل بـلادة تتجـرع القهر وتتقلب في ألوان الاضطهاد وتعيش نكد العيش و لا تحرك ساكنا. فما الذي غير الامة و سلب كل معاني الكرامة و العزة منها وأبدلها ذلا و خنوع هذا ما سنناقشه في المقال القادم.

يتبع….


بقلم: سلمى إبراهيم

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى