أتاتورك، أبو الأتراك أم ماحي هويتهم؟!
نتحدث عن شخصية ربما أثارت بعض الجدل، وبينما لمعتها بعض الأقـلام ببريقٍ زائف، إلا أنه بنظرة الإسـلام يكون بين الثرى. حارب الإسـلام علانية وأفسد في الأرض فسادًا كبيرًا بدعوى التحرر والقومية. وما التحرر إلا الاسم اللامع لمحـاربة الإسلام؟!
مصطفى كمـال أتاتورك!
ولد سنة 1880 في مدينة سالونيك، التي يعيش فيها الدونمة، وهم قومٌ من اليهود ينسبون أنفسهم للإسـلام قولًا ويحاربونه فعلًا. ألحقته أمه بمدرسة عصرية، ثم دخل المدرسة الحربية، وفي 1907 عُين في دائرة أركان الجيش الثالث، والتحق بجمعية الاتحـاد والترقي.
جمعية الاتحـاد والترقي:
جمعية الاتحاد و الترقي
كتب ستون وستون يقول:
” إن الحقيقة البارزة في تكوين جمعية الاتحاد والترقي أنها غير تركية وغير إسلامية، فمنذ تأسيسها لم يظهر بين زعمائها وقادتها عضوا واحد من أصل تركي صاف، فأنور باشا هو ابن رجل بولندي مرتد وكان جاويد من الطائفة اليهودية المعروفة (دونمة)، وكراسو من اليهود الإسبان القاطنين في مدينة سالونيك، وكان طلعت باشا من أصل غجري اعتنق الإسلام دينا، وأما أحمد رضا “والد أتاتورك” أحد زعمائهم في تلك الفترة فكان نصفه غجريا إلى جانب كونه من أتباع مدرسة كونت الفلسفية”
في العام 1908 قام انقلاب على السلطان عبد الحميد الثاني لإعلان الدستور الذي يقول بالتسوية بين المسلمين واليهود والنصارى. حينها كان أتاتورك في طرابلس إلا أنه شـارك في حركة محمود شوكت 1909 لإسـقاط السلطان عبد الحميد الثاني. وأول وزارة تكونت بعد إسقاطه كانت تحتوى على ثلاثة من اليهود! وقال السلطان عبد الحميد الثاني:
” إن سبب خلعي هو إصراري على منع اليهود وإصرار اليهود على تأسيس وطن قومي لهم في فلسطين.”
السلطان عبد الحميد الثاني
وثيقة السفير البريطاني لاروز في استانبول عـام 1910:
في وثيقة بريطانية عام 1910م مرسلة من السفير البريطاني في استانبول لوزارة الخارجية البريطانية إذ تقول:
” إن جمعية الاتحاد والترقي تبدو في تشكيلها الداخلي تحالفاً تركياً يهودياً مشتركاً فالأتراك يمدونها بالمادة العسكرية الفاخرة، واليهود يمدونها بالعقل المدبر. “
أُرسِلَ مصطفى كمال إلى الشام 1917، وقد صار مساعدًا لقائد الجيش الثاني وحصل على رتبة لـواء. بعدهـا عُين قائدًا للجيوش في فلسطين..وكان يقود مائة ألف جندي، واتفق الإنجليز معه على الانسـحاب، وإخلاء الساحة للإنجليز مقابل حكم تركيا، وانسحب بجيشه بالفعل.
صنـاعة الزعيم:
وفي عام 1919 كان هناك وثيقة سرية بين كمال والإنجليز والحلفـاء، نتجاوزها قليلًا وننتقل للعام 1920..حيث انتصارات كمال الباهرة أمام العالم في سقاريا، وأفيون وأزمير في اشتباكات مع اليونان! إلا أن المعركة لم يسقط فيها قتيلٌ واحد!
ثم حصاره لـ “أسكي شهر” و ” قونية ” مما أدى إلى رحيل قوات الإنجليز دون وقوع أي اشتباكـات!
وبينمـا نجم أتاتورك يعلو بهذه الانتصـارات، احتل الإنجليز القسطنطينية، وشددوا في فرض شروطهم على الخليفة ليبدو عاجزًا.. بينما هم يبالغون في التسهيلات لكمال!
وبدا أن مصطفى كمال هو الزعيم، وهو مخـلص تركيا كما كان يقول، وخُدِع المسلمون حتى أن أحمد شوقي تغني قائلًا :
الله أكبرُ كم للفتحِ من عجبِ ….. يا خالد التركِ جدد خالد العربِ
الوثيقة:
وقد كشف عن هذه الوثيقة صديقه الحميم وأمين سره ( مظهر مفيد قنصوه) في مذكراته فيقول: وفي (7/7/1919) قرب الفجر وفي أرضروم بالأناضول أسر إلي مصطفى كمال وأكد كثيرا في وجوب كتمان السر وقال: هذا الدفتر سيبقي سرا حتى النهاية بيني وبينك وبين ثريا ( شوكة ثريا ايدمير).
وبعد أن أكدنا له حفظ السر قال: إذن فسجل التاريخ أولا، قال فسجلت التاريخ (7/8) تموز سنة (1919م) قرب الفجر بعد أن رأى أنني سجلت التاريخ على الصفحة قال: حسنا أكتب ثم تابع
أولا: ستكون الجمهورية هي شكل الحكومة بعد الانتصار. هذه واحدة.
ثانيا: سيؤخذ التدبير اللازم بحق السلطان والعائلة المالكية عندما يحين الوقت المناسب.
ثالثا: سيرفع الستر عن النساء .
رابعا: سيلغي الطربوش وسنلبس القبعة مثل سائر الأمم المتمدنة.
قال مظهر مفيد:
“هنا سقط القلم من يدي بدون إرادة، تطلعت إليه كان يتطلع إلي وقال لي: لماذا توقفت. قلت له: أرجو أن لا تؤاخذني يا باشا إذا قلت لك بأن لك جانبا خياليا. قال لي ضاحكا: سيكون الزمن هو الحكم في هذا. أما أنت فاكتب، استمررت في الكتابة.
خامسا: سنأخذ الأحرف اللاتينية .. يكفي يا باشا يكفي”
ثم نفذ هذا البرنامج، وبعد أن نفذ بعضه، لمح مظهر مفيد فقال له: يا عزيزي السيد مظهر مفيد ما هو رقم الفقرة التي وصلنا إليها؟ هل تلقي نظرة على دفتر ملاحظاتك؟
معاهدة لوزان 1922:
وقد اشترطت عليه الدول الكبرى تحديدًا بريطانيا أربع شـروط:
• إسقاط الخلافة التركية.
• سحـق محاولة إعادتها.
• محاربة الشعائر الإسلامية.
• اتخاذ القانون الغربي.
في بداية الأمر كان كل هذا سـرًا، وأظهر كمال وقوفه بجـوار العلماء وحث الناس على شعائر الإسـلام ، إلى أن جمع العلماء يومًا يحدثهم عن فصل الدين عن الدولة، ولما رأي استنكارهم، وارهم تحت التراب! وفي مارس 1924 أُلغيت الخـلافة العثمانية
وبدا يحـارب الإسلام علانية، وسمع الأذان يومًا من مسجد أيا صوفية فأمر بتحويله إلى متحف، وحول الأذان باللغة التركية.
• ألغى الشريعة الإسـلامية، وأن تركيا دولة علمانية لا دين لها.
• منع الزي الإسلامي للنساء، ومنع تعدد الزوجـات، وأباح زواج المسلمة من غير المسلم.
• ألغى عطلة الجمعة، وجعلها الأحد.
• وألغى لعدة سنوات الاحتفال بعيدي الفطر والأضحى، وأيضًا منع رحلات الحج والعمرة لعدة سنوات.
• حول المسجدين الفاتح وأيا صوفيا إلى متحفين.
• أنشأ مدارس لتعليم الرقص الشرقي، والعربي وأقام المسارح، وشجع الحفلات الراقصة.
• ألغى المحاكم الشرعية، وأنشأ المحاكم العصرية، كما ألغى المدارس الدينية.
• ألغى الحروف العربية، وجعلها باللاتينية، وعزل المسلمين عن تراثهم.
• ألغى منصب شيخ الإسـلام أو المفتي.
• أجبر الأئمة في المسـاجد على ارتداء القبعة الأوروبية، بدلًا من العمامة الإسلامية، وألغى التقويم الهجـري.
• ألغى من اسمه كلمة مصطفى، وأوصى ألا يُصلى عليه.
“يمكن القول أنه قام بعملية مسخ للهوية العربية الإسـلامية”
وقال شوقي حين علم حقيقة الأمر:
بكت الصلاة وتلك فتنة عابثٍ …. بالشرع عربيد القضاء وقاح
أفتى خزعبـلة وقـال ضلالـة …. وأتى بكـفرٍ في البـلاد بـواحِ
وبقي أتاتورك يحـارب الإسلام حتى نهاية حياته، بل أوصى وهو على فراش الموت برئاسة الجمهورية التركية للسفير البريطاني بيرس لورين.
كيف يرفض رجلنا أن يحكم تركيا؟
( كيف يرفض رجلنا أن يحكم تركيا ؟) قالت الصحيفة:
أنه في نوفمبر (1938) كان ( كمال أتاتورك ) رئيس تركيا يرقد على فراش الموت وعلى امتداد (15) سنة حاول أتاتورك بدكتاتورية صارمة أن يجرجر تركيا رغم أنفها ويدخلها إلى القرن العشرين، ومنع لبس الطربوش والحجاب وحطم سلطان الدين وأدخل نظام اللغة التركية بالحروف اللاتينية. وعندما رقد أتاتورك على فراش الموت، كان يخشى ألا يجد شخصا يخلفه يكون قادرا على استمرار هذا العمل الذي بدأه، فاستدعى السفير ( بيرسي لورين) السفير البريطاني إلى قصر الرياسة في استانبول، أما ما دار بينهما فقد ظل سرا أكثر من ثلاثين عاما وها هو اليوم يكشف النقاب عنه على يد ( بيرز ديكسون) عن حياة والده ( بيرسون ديسكون) فقد كان بين أوراق ( ديسكون) برقية بعث بها ( بيرسي لورين) إلى اللورد هاليفاكس) وزير الخارجية وربما كانت هذه البرقية أغرب وثيقة في التاريخ البريطاني المعاصر على الإطلاق، ففيها يروي (لورين) تفاصيل مقابلته غير المألوفة مع الديكتاتور.
وها هي الوثيقة:
“عندما وصلت وجدت صاحب الفخامة يجلس على فراشه تسنده بعض الوسائد ويحط به طبيب وممرضات، وما أن دخلت حتى صرف الطبيب والممرضتين قائلا إنه سيضرب الجرس إذا احتاج لهم. وعندئذ بدأ فخامته يتحدث ببطء ولكن بعناية شديدة، وقال لي: إنه أرسل في طلبي لأنه يريد أن يطلب مني طلبا عاجلا راجيا أن أعطيه جوابي عليه بطريقة قاطعة.
ثم قال السفير: لقد كانت صداقتي ونصيحتي إليه هي الوحيدة التي كان يحفل بها ويقدرها أكثر من أية نصيحة أخرى. لأنها كانت ثابتة لا تتغير، وكان هذا هو السبب الذي جعله يستشرني في مناسبات متعددة بحرية تامة كما لو كنت وزيرا في مجلس الوزراء التركي، ثم قال: وقد كان من سلطاته ( كرئيس للجمهورية ) أن يختار خليفة له قبل وفاته، وقد كان أخلص رغبة له أن أخلفه في منصب الرئيس. ومن ثم فقد كان يريد أن يعرف رد فعلي على الاقتراح، ثم بعد التفكير العميق اعتذر السفير وشكر العميل الذي ظهر عليه التأثر، ومال بظهره إلى الوسائد.”
يقول عرفان أوركا:
” إن أتاتورك قد اقتنع بأن كفاحه يجب أن يوجه إلى الدين وكان يعتقد من صغره أن لا حاجة إلى الله، وكان يقول:
إن قوة العقل والإرادة تتغلبان على قوة الإله، وكان في آخر عهده يرفع قبضته ويشير إلى السماء ساخرا مهددا”
وها قد رحـل إلى هذه السمـاء التي طالما سخـر منها عام 1938 م،وما استطاع أن يكون خالدًا.. رحل تشيعه اللعنات إلى يومنا هذا.
ضعفت الخلافة العثمانية في آخـر عهدهـا، وانحرفت عن مسار الخلافة القويم وبابتعادها عن الدين فقدت مصدر منعتها وعزتها وهنا ظهر مسـار آخر يدعو إلى العلمانية، وفصل الدين عن شئون الدولة. في حقيقة الأمر كان بالإمكان أن يكون هناك مسارٌ ثالث..
وهو إعادة خلافة راشدة على منهـاج النبوة، لكن الناس انساقوا خلف الأحداث، فلم يكن هناك تخطيطٌ أو وعي كافٍ بالأحداث. وإن سرنا على نهج من سبق بأخطائهم فأنى لنا بزوغ فجرٍ جديد!. فإن الطريق الذي يبدو لا معًا يسيرًا وإن كان معوجًا هو الذي يكبدك كل العنـاء ثم، لا تصل.
للحقِ طريق واضح مستقيم، ولا يمكننا أن نصل إلا بالمضي فيه مهما بدا شاقًا. وفي كل ما مر بأمتنا فإننا لابد أن نعي جيدًا أن المسلم يجب أن يكون متمسكًا بعقيدته عن فهمٍ ويقين، وأن يكون على دراية بالأحداث حـوله وأمور أمته.