هل هي حرب عالمية أم عملية إحلال ديموغرافي ؟

إحلال ديموغرافي للشعوب الإسلامية

               “يهدد النمو الديموغرافي الحكومات الإسلامية والمجتمعات غير الإسلامية” صموئيل هانتنجتون

قارب هانتنجتون الحقيقة في تحليله! فالشباب هم من أوقد شرارة الربيع العربي، وما زالوا هم الوقود الذي يدفع به لتحريرنا من استعباد وكلاء الغرب لنا. فاتفقت الضباع المتداعية على القصعة-علينا-اتفاقا يندر في التاريخ مثيله! حتى غدا الواقع اليوم -كما يرى كثير من الخبراء والباحثين-أشبه ما يكون بحرب عالمية ثالثة!

كتب دكتور محمد الجوادي مقالة بعنوان “هل تحولت الحرب على الإسلام إلى مرض وبائي؟”، نشرتها “الجزيرة. نت” في 22/10 /2016، قال فيها: ونحن نعود بعد كل تأمل لنكتشف أن الحرب العالمية الثالثة لها صفة غير مسبوقة وهي أنها حرب متخصصة ودقيقة التخصص والتصويب إلى حد مذهل فهي حرب على الإسلام السني، وليست حربا على غيره أبدا.

في الحقيقة هذه ليست تحليلات مراقبين فقط؛ إنما هي تصريحات الصقور الصاعدة لاستلام الحكم في الغرب. نقلت “الجزيرة. نت” عن مايكل فلين-الذي سيشغل منصب مستشار الأمن القومي في إدارة ترامب-في هذا السياق قوله:

الولايات المتحدة تعيش حربًا عالمية مع المسلحين الإسلاميين، وعليه يجب التعاون مع الجميع في هذه الحرب.

كما استبق فرانسوا فيون الانتخابات التمهيدية لليمين الفرنسي لتحديد مرشح التيار للانتخابات الرئاسية الفرنسية 2017-وقد حاز على الترشيح-استبق الانتخابات بنشر كتابه “هزيمة الشمولية الإسلامية”، الذي قال فيه: “الغزو الدموي للأصولية الإسلامية في حياتنا اليومية يحضر لحرب عالمية ثالثة”.

قتل جماعي وتغيير ديموغرافي

فهل حقا ما نعانيه اليوم في عالمنا الإسلامي من حالات القتل الجماعي والتغيير الديموغرافي وتهديم لمدن بأكملها هو حرب عالمية ثالثة، أم أنه حدث أسوء من ذلك؟!.

كتب الشاعر والباحث الألماني هيلموت تسوت في 15/8/2016 مقالة بعنوان مستقبل أوروبا، قال فيها: “نعيش اليوم الحدث التاريخي لموجة الانفجار الشديدة الثالثة للإسلام، التي تأخذ شكلًا آخرًا لممارسة الحرب (الهجرة-التكاثر-الإرهاب)“. ذكر الكاتب بوضوح أكثر ما يقلق العالم الغربي في العصر الحالي. لكن الملفت للنظر هو أن يعتبر الكاتب الهجرة شكلا من أشكال الحرب! والأغرب منه اعتباره تكاثر المسلمين ممارسة للحرب!

سبق تسوت إلى هذه النظرة-الخوف من النمو السكاني في العالم الإسلامي-صموئيل هانتنجتون في كتابه صدام الحضارات حيث قال: “النمو السكاني في الدول الإسلامية وبخاصة زيادة نسبة من هم بين الخامسة عشرة والثانية العشرين يقدم مجندين جدد للأصولية والإرهاب والتمرد والهجرة”.

توسع هانتنجتون في تقصي هذه الظاهرة -زيادة نسبة الشباب-وما سيترتب عليها من نتائج على الوضع الداخلي في الدول الإسلامية من ثورات على السلطات الجاثمة على صدور المسلمين وإمداد “الحركات الأصولية” بأعضاء جدد ومحاولات التحرر من تسلط وهيمنة الغرب على بلاد ومقدرات أمة الإسلام. وكذلك أثرها على دول الجوار (أوروبا) الهجرة وما تسببه من تغيير تركيبة المجتمعات الأوروبية و”الإرهاب”.

أرجع هانتنجتون أحداث هامة في تاريخ دول وحضارات إلى زيادة أعداد الشباب فيها، قال: “الشباب هم أبطال الاحتجاج وعدم الاستقرار والإصلاح والثورة. وتاريخيا، فإن وجود مجموعات عمرية شبابية كبيرة يتصادف دائما مع تلك الحركات”. نقل عن جاك جولد ستون قوله: “إن النمو الديموغرافي كان عاملا رئيسيًا في الموجتين الثوريتين في أوراسيا في منتصف القرن السابع عشر وأواخر القرن الثامن عشر”.

فبحسب هانتنجتون كان لزيادة عدد الشباب الدور الأكبر في الثورات الكبرى في العصر الحديث، وكذلك الحروب التي قامت بين حضارات مختلفة؛ كان النمو الديموغرافي العامل الأبرز فيها! بل إن نسبة شباب تتخطى 20% من عدد السكان كانت تترافق دائما مع اضطرابات وحروب! ويتوقع هو أن يكون لزيادة أعداد الشباب المسلم نفس الأثر.

وفي نفس الاتجاه وصفت مجلة “ذي إيكونوميست” البريطانية ما جاء في التقرير الأممي الصادر في 29/11/2016 تحت عنوان “الشباب وآفاق التنمية الإنسانية في واقع متغير” وصفته “بالمرعب” تقول: وفقًا لما ورد في التقرير فإن حركات الاحتجاج العربية تأتي في دورات مدتها خمس سنوات، وفي كل مرة تكون أكثر حدة من سابقتها. ينقل التقرير عن البنك الدولي أن نسبة من هم بين الخامسة عشرة والثلاثين سنة قد بلغت 30% من عدد السكان في العالم العربي في العام 2015 وكذلك نسبة من هم دون الخامسة عشرة هي 30%.

فزيادة عدد الشباب المسلم وبلوغ من هم دون ثلاثين عاما نسبة 60% من عدد السكان ومحاولاتهم الخروج على عملاء الغرب هو ما يرعب الغربيين ويقض مضاجعهم! إن المتتبع لما يجري اليوم في عالمنا الإسلامي من قتل للأطفال وتهديم للبيوت على رؤوس قاطنيها وتهجير قسري لا يخلص إلا إلى نتيجة واحدة؛ مفادها، إنها ليست حربا عالمية ثالثة بقدر ما هي عمليات قتل جماعي وتطهير ديني موجهة ضد أبناء المسلمين فهي “عملية إبادة لأطفال وشباب المسلمين”؛ نظَّر لها أكابر مجرمي الصهيونية العالمية منذ بدايات تسعينيات القرن الماضي، ويتم اليوم تنفيذها!.

قال هانتنجتون: “عند نقطة ما سوف تخمد الصحوة الإسلامية وتذوب في التاريخ ومن المرجح أن يحدث ذلك عندما يضعف الدفع الديموغرافي الذي يغذيها”. وطالما أن هذا النمو السكاني لم يتوقف، وأن الأحداث المترتبة عليه سوف تبقى تتجدد؛ فالحل هو “قتل هؤلاء الشباب”! لكن عملية الإبادة الجماعية هذه لن تحصل بطريقة مكشوفة مفضوحة وإنما بأسلوب “مثالي”!

قال روبرت غرين في كتابه 33 استراتيجية للحرب: “إذا اضطررت إلى فعل شيء سيء وشرير ولا ينسجم مع صورتك العامة، استعمل مخلب القط”. وقال: “الطريقة المثلى لكي تتقدم بقضية بأقل جهد ممكن، وأقل سفك للدماء، هو أن تخلق شبكة متغيرة من الحلفاء، جاعلًا الآخرين يعوضون النواقص التي لديك، والقيام بأعمالك القذرة وخوض حروبك بدلا منك”.

إبادة وإحلال ديموغرافي

نلاحظ كيف استخدم هانتنجتون هذه الاستراتيجية محذرًا الروس من تزايد أعداد المسلمين محرضًا إياهم على قتلهم بأسلوب خبيث قال: “علاقات روسيا بالإسلام سوف تتحدد وبشكل قاطع اعتمادا على تصوراتها للأخطار التي يمثلها النمو السكاني الإسلامي الكبير على امتداد محيطها الجنوبي”. وقد آتت تحريضاته أكلها! وقد التقوا مع عقائد الرافضة الحاقدين على “قتل أكثر العرب والمسلمين”. وها هم اليوم قد أجلبوا علينا بعددهم وعتادهم، وبأفتك أنواع سلاحهم ليدكوا بها حواضر أهل السنة وليمارسوا أسوء أشكال القتل وأفظع أنواع الإبادة الجماعية على مر العصور.

 فهذه حقيقة الحرب التي نعيشها اليوم؛ حرب لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشرية!، حرب موجهة لاستئصال “الخطر القادم” المهدد “حماة حقوق الإنسان والحيوان”؛ إنها حرب ضد أطفال وشباب المسلمين!، نعم إنها عمليات إبادة ضد أطفال المسلمين!


إعداد: حسين الخلف

حسين الخلف

درست الطب، لكن وجدت أن معالجة قضايا الأمة أولى من معالجة أعراض مرضية! كاتب مهتم… المزيد »

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى