الهيمنة الغربية على الأمة الإسلامية
أسبابها – أنواعها -كيفية التخلص منها
إن المتأمل لحال الأمة الإسلامية، لَيرى تلك الحالة التعيسة والانحطاط الفكري والسياسي والاقتصادي الذي وصلت إليه، يدرك تماماً حاجة الأمة للكشف عن الأسباب التي دعت إلى ذلك، من أجل العمل على انتشالها من تلك الهواة التي وصلت إليها ،ولذلك وجدنا من خلال التفكير في واقع الأمة أن أحد أسباب ذلك الشقاء، هو الهيمنة على الأمة الإسلامية من قِبل الغرب بكل الأشكال والطرق والأساليب، والذي يدقق النظر في واقع الهيمنة يجدها ثلاثة أنواع وهي الهيمنة الفكرية، الهيمنة الاقتصادية، الهيمنة السياسية، وأما غيرها من مثل الثقافية والعسكرية والإعلامية . . . فإنها تندرج تحت إحدى هذه الثلاثة، وسوف نتحدث بدايةً عن أسباب الهيمنة الغربية على المسلمين ثم نشرع في الحديث عن أنواعها
بداية لبد لنا من معرفة معنى كلمة الهيمنة؟
إن كلمة الهيمنة وردت في القاموس: هَيْمَنَ على كذا: سيطر عليه وراقَبه وحفِظَه.
هيمَنة: (اسم) أحْكَمَ هَيْمَنَتَهُ: سَيْطَرَتَهُ، سَطْوَتَهُ.
إذن الهيمنة هي السيطرة سواءً كانت اقتصادية أم سياسية أم فكرية.
أسباب الهيمنة الغربية على المسلمين
إن الهيمنة هي أعمال صادرة عن فكر، وعن وجهة نظر ع الحياة وليست مجرد مصالح اقتضتها الحاجة أو ظرف طارئ، فهي صراع حضاري وفكري في الدرجة الأولى.
ونحن نعلم أن لكل مبدأ طريقة في نشره، وكانت طريقة الغرب في نشر مبدأه هي الاستعمار، والاستعمار يقتضي إحكام الهيمنة الفكرية والاقتصادية والسياسية على المسلمين، لإبقائهم ضعيفين، لسهوله السيطرة عليهم ومحو أي تأثير لهم في أي مرحلة من مراحل التاريخ المقبل، جاء في كتاب مفاهيم سياسية ( وأمّا ما يلاحظ من توجه للسياسة الدولية، وبخاصة الأمريكية، إلى محاولة صياغة المنطقة الإسلامية بمشاريع هيمنة عليها مثل ( مشروع الشرق الأوسط الكبير) في عام 2003 فإن ذلك نتيجة للهاجس المتصاعد عند تلك الدول، بتوقع قرب قيام دولة للمسلمين ) .
وما ذلك إلا نتيجة للصراع الحضاري والفكري بين المسلمين والغرب ، ويعود سببه إلى عمق التاريخ فبعد أن خاض الرسول صلى الله عليه وصحابته صراعاً فكرياً وكفاحاً سياسياً مع المشركين والكفار لإقامة الدولة الإسلامية ، وصرعاً دموياً بعد قيامها، وهي تحمل الإسلام رسالة خير وهدىً إلى الناس كافة ، كان الكفار على مرّ العصور يكِدون لهذه الدولة ، فأحياناً بأعمال مادية حربية ، كالمغول والصليبين وكفار إسبانيا ، وأحياناً أخرى بأعمال فكرية ثقافية، كالزنادقة والمبشرين والمستشرقين، من أجل القضاء على هذه الدولة ثم جاءت الحرب العالمية لتُهدم دولة الإسلام ،وتمزق بلاد المسلمين، ووضعوا عليها وكلاء عنهم ، يديرونها كيفما يريدون، ورغم ذلك كان الخوف يلازمهم من عودة توحد المسلمين في دولة واحدة ، فأرادوا أن يُحكِموا السيطرة أكثر ، فبدأ الغرب بحكامه وسياسييه ومفكريه بالعمل على إيجاد الطرق التي يستطيعوا الهيمنة به على المسلمين ومنعهم العودة لإسلامهم، بل إنهم وضعوا كثيراً من السياسات التي تلهيهم حتى عن التفكير في التخلص من هذه الهيمنة ،علاوة على التفكير بالإسلام، فاتبعوا سياسة التجويع، وسياسة خذ وطالب، وسياسة الانتقال من سجن صغير إلى سجن أكبر، وسياسة الانتقال من العيش في ظل حكم جمهوري إلى العيش في ظل حكم ديمقراطي، وهكذا هيمنت السياسة الغربية على كل مفاصل الحياة مقنعةً المسلم أنه يطبق أحكام دينه بصلاته وزكاته وأنّ لا أحد يمنعه من ذلك ، وهكذا شتّ تفكير المسلم الذي كان قد فتح الشام ومصر وبخارى وسمرقند وخرسان، إلى التفكير في السماح للمحجبات بدخول الجامعة ، والسماح للمسلمين بإقامة الدروس الدينية ، ولذلك كان من الواجب علينا نحن الذين نرى هذا الواقع أن نبين للأمة أسبابه وأنواعه وأساليبه وكيفية التخلص منه، وفي المقال القادم سوف نتكلم عن الهيمنة الفكرية .
كتبه: أحمد هلال أبو إياس