زمن ترامب… أميركا بلا مستحضرات تجميل
فعلها ترامب إذاً، وأزال مساحيق التجميل عن الوجه القبيح لأقوى دولة في العالم، بعد أن ظلت لعقود من الزمن تستتر خلف مكياج مزيف يخفي تجاعيدًا قبيحة، تحوي في تفاصيلها كل أصناف الوحشية، والكراهية ضد المسلمين في شتى بقاع المعمورة.
ترامب المجنون منع مواطني سبع دول إسلامية من دخول الولايات المتحدة، في إطار جهوده لمحاربة التطرف الإسلامي حسب توصيفه العنصري، بعد أسبوع واحد فقط على تسلمه منصب الرئاسة، قبل أن يتدخل القضاء الأمريكي لإبطال مفعول القرار بصورة مؤقتة، في انتظار قرار قضائي يفصل المسألة بصفة نهائية، وافتتح ترامب أيضاً فترة رئاسته بمذبحة رهيبة طالت المدنيين في محافظة البيضاء وسط اليمن، في حادثة أثارت غضب الكثير وأطلقت العنان لتطرح تساؤلاً واقعياً ومقارنة ظالمة عن قرار متهور بمنع المسلمين من دخول أميركا، واستحلال قتل المسلمين في عقر ديارهم تحت ذريعة مكافحة الإرهاب.
ارتقت روح الطفلة نوار العولقي ذو التسعة أعوام، شاكية إلى الله صمت الحكام، وتخاذل العالم السفلي، بعد أن أفرغ عناصر المارينز طلقات بنادقهم في جسدها المتهالك النحيل، في جريمة بشعة تضاف إلى السجل الإجرامي للولايات المتحدة، الذي يحوي الكثير من المشاهد المشابهة، والتي تصنّف عادة في إطار مكافحة الإرهاب.
وبينما لم تنتهي معركة الإرهاب المزعومة، يصر ترامب على ربط الإرهاب بالإسلام في أكثر من مناسبة، وهذا الربط تورطت فيه أيضاً المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل في مؤتمر صحافي، قبل أن يقاطعها الرئيس التركي معترضاً على هذا الربط غير المنطقي.
ومن باب الإنصاف ينبغي ألا نتجاهل أن عهد بوش الابن كان أسوأ على الإطلاق من عهد ترامب بكثير على ما يبدو حسب المعطيات الراهنة، ولن نذهب أبعد من الجرائم الوحشية التي تلت الغزو الأميركي المباشر للعراق، وأفغانستان، وما خلفه من مآس لاتزال آثارها موجودة حتى اللحظة، وهي جرائم جرت تحت مسمى الحرب على الإرهاب.
الولايات المتحدة كدولة في عهد ترامب تسير بخطوات واثقة نحو منزلتها التي تليق بها، منزلة الانحطاط الأخلاقي، والتمييز العنصري، والاستعلاء الحضاري، بسبب صراحة ترامب المفرطة والعدوانية تجاه عدة قضايا، بعضها تتعارض مع المصلحة الأمريكية، كما أن هناك نقطة في غاية الأهمية، وهي أن من يدير الولايات المتحدة فعلياً قوى تسير وفق سياسة محددة تنطلق من المصلحة الأمريكية في توجهاتها، وقرارتها، وليس الرئيس الذي يبدو كواجهة، وكمثال بسيط على ذلك فقد فشل أوباما في الوفاء بوعده في إغلاق معتقل غوانتنامو، وفشل ترامب أيضاً ولو بصورة مؤقتة، في تنفيذ قراره بمنع مواطني دول إسلامية من دخول البلاد.
ترامب الذي يدير البلد بعقلية برامج المصارعة التلفزيونية التي كان يشارك فيها، وعقلية رجل الأعمال الذي أعماه الجشع، سيُضطر إلى أن يراجع سياساته التي لا تتفق مع المصالح الأمريكية، أو إتباع سياسة تضليل ذكية لتنفيذ أهدافه العدائية ضد المسلمين، كما كان يفعل أسلافه.
ولعل الفضيحة التي أطاحت بمستشاره للأمن القومي مايكل فلين من منصبه “بسبب تواصله مع الروس” لم تكن سوى رسالة إنذار من الحكام الفعليين للولايات المتحدة لترامب بضرورة عدم التهور، والالتزام بمزيد من الذكاء، والسرية في مرحلة حكمه، خصوصاً ما يتعلق بالقضايا الحساسة للولايات المتحدة، فهل سيدرك ترامب فحوى هذه الرسالة، ويتخلى عن صراحة مواقفه العدائية ضد المسلمين، وينتهج سياسة التضليل التي تغطي الوجه القبيح لأمريكا؟!