بيان واستنكار لما صدر من رئيس الجمهورية التّونسية من تطاول على الشريعة الإسلامية
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
قال الله تعالى: (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا) [الأحزاب: 39]، وقال تعالى: (وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) [البقرة: 42]، وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُون) [البقرة: 159].
تكلم رئيس الجمهورية التونسية “الباجي قائد السّبسي” بكلام سيء جدا في خطاب له بمناسبة ما يسمى “العيد الوطني للمرأة”، فتجرأ على الشريعة الإسلامية الطّاهرة وأساء كثيرا في كلامه حيث دعا إلى المساواة بين الرجل والمرأة في كل شيء، خاصة في الميراث واعتبر أن مسألة الميراث لا يقيدها كتاب ولا سنة بل الأمر متروك للبشر، كما دعا إلى مراجعة المنشور عدد 73 الذي يمنع زواج التونسية من أجني (كافر) إذا لم يشهر إسلامه لدى المفتي.
أولًا: سُنّة الاختلاف بين الرجال والنساء
إن الله تبارك وتعالى خلق آدم فشرفه وكرمه وأسجد له الملائكة، وأنعم عليه فخلق له زوجا ليسكن إليها ويأنس بها، فتناسلا فكان منهما ولد آدم، فكرم الله تبارك وتعالى نسلهما ذكرا كان أم أنثى وفضلهما على كثير ممن خلق تفضيلا، قال الله تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) [الإسراء: 70].
ومن حكمة الله تعالى أن جعل الذكر مخالفا للأنثى بحكمته تبارك وتعالى، (فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) [آل عمران: 36]، فجعل الله تبارك لهما أحكاما مشتركة بينهما فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما النساء شقائق الرجال) [رواه أبو داوود]، وأخرى مختلفة ثابتة بكتاب الله تبارك وتعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كالاختلاف في الإرث والشهادة وغيرها من الأحكام.
هذا وقد فضل الله تبارك وتعالى الرجال على النساء في الجملة، فالمرأة لا يجب عليها جهاد ولا جماعة ولا النّفقة على زوجها، وهذا ليس انتقاصا من شأن المرأة، فالله تبارك وتعالى فضل بعض النبيين على بعض وليس معنى ذلك أنه انتقاص للمفضول، فالرسل هم أفضل البشر على الإطلاق، قال الله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) [النساء: 34]، وقال الله تعالى: (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَـكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ) [البقرة: 253].
ليس كل رجل أفضل من كل امرأة كما يعتقد بعض الناس، بل هناك نساء أفضل من بعض الرجال، فالتفاضل الحقيقي يكون بالإيمان كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [الحجرات: 13]، ولكن الغالب أن الرّجال أفضل في العبادة وأعلم بالشريعة. إن المرأة المسلمة أفضل من كل الرجال الكفار، والمرأة المسلمة المؤمنة العالمة العادلة أفضل من الرجل المسلم الفاسق الغارق في المعاصي، ولكن ليست المرأة العالمة العاملة أفضل من الرجل العامل العالم لما ذكرناه سابقا، فالتّفاضل الحقيقي إذًا يكون بالإيمان.
يجب على المسلم أن يعلم أن الله تبارك وتعالى قد كرم المرأة والرجل وجعل بينهما فروقا وهو أعلم بما يصلح لكل منهما قال الله تعالى: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) [الملك: 14]، فما علينا إلا الرضا والتسليم وتطبيق ما أمر الله به، بإعطاء حق المرأة لها كما أمر الله بدون إفراط ولا تفريط، وإعطاء الرجل حقه كما أمر الله بدون إفراط ولا تفريط، فالخير كل الخير في اتباع أمر الله وشريعته، والشر كل الشر في اتباع أهل الأهواء الشيطانية والقوانين الطاغوتية.
ثانيا: الشريعة وأحكام الميراث
إن مسألة الميراث ثابتة بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد بينه الله ورسوله إجمالا وتفصيلا ولم يترك ذلك للبشر كما يزعم بعض الناس، وعلماء الإسلام على مر العصور تكلموا في مؤلفاتهم عن الإرث وأحكامه في كتاب الفرائض والميراث، فجعل الله لكل وارث نصيبا معلوما يجب أن يقدم له قال الله تعالى: (لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا) [النساء: 07]، نصيبا مفروضا أي مقدرا أو معلوما أو مقطوعا.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اقسموا المال بين أهل الفرائض على كتاب الله، فما تركت الفرائض فلأولى رجل ذكر) [رواه مسلم]، جاء في الحاوي الكبير للإمام الماوردي رحمه الله: (ثم إن الله تعالى فرض المواريث وقدرها وبين المستحقين لها في ثلاث آي من سورة النساء…. فبين الله تعالى في هذه الآي الثلاث ما كان مرسلا، وفسر فبين ما كان مجملا، وقدَّرت الفروض ما كان مبهما، ثم بين بسنته صلى الله عليه وسلم ما احتيج إلى بيانه).
قال الله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيمًا) [النساء: 11]، وقال تعالى: (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ) [النساء: 12].
وقال تعالى: (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [النساء: 176]، فكيف يفكر مسلم في أن العدل في غير ما أنزل الله، قال الله تعالى: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [المائدة: 50].
ثالثا: أحكام الزواج من الأجنبي (الكافر)
لا يجوز للمسلم الزواج من مشركة إلا أن تكون من أهل الكتاب، ولا يجوز زواج مسلمة برجل كافر مطلقا، سواء كان ملحدا أو وثنيا كالهندوس عبدة البقر أو البوذيين وعباد القبور والروافض و النصيرية عبدة البشر، أو كان من أهل الكتاب (اليهود والنصارى)، لقول الله تبارك وتعالى: (وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) [البقرة: 221].
وقال الله تعالى: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [المائدة: 05].
وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [الممتحنة: 10].
قال الإمام السعدي رحمه الله في تفسيره: (وكما أن المسلمة لا تحل للكافر، فكذلك الكافرة لا تحل للمسلم أن يمسكها ما دامت على كفرها، غير أهل الكتاب، ولهذا قال تعالى: (وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ) وإذا نهى عن الإمساك بعصمتها، فالنهي عن ابتداء تزويجها أولى)، وقال الإمام ابن حزم رحمه الله في المحلى: (ولا يحل لمسلمة نكاح غير مسلم أصلا)، وقد أجمع علماء المسلمين على ذلك.
رابعا: علماء السوء ومواقفهم المخزية
نشر ديوان الإفتاء بالجمهورية التونسية منشورا في صفحته على مواقع التواصل الإجتماعي “فيسبوك”، أكد فيه كاتبه “عثمان بطيخ” مفتي الجمهورية التونسية دعمه للباجي قائد السبسي في دعوته إلى المساواة بين الرجل والمرأة في كل شيء، واستدل بقول الله تعالى: (وَلَهنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ)، وقد قام بحذف جزء من هذه الآية، وهذه الآية تحمل سياقا معينا، وهي الآية 228 من سورة البقرة حيث قال تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ) [البقرة: 228]، فللنساء حقوق معينة يجب أن تقدم لهنّ، كما للرجال حقوق يجب أن تقدم لهم كما أمر الله تعالى وبيّنها، ثم قال تعالى وللرجال عليهن درجة، فالرجل هو المنفق عليها وهو الذي يحميها ويدافع عن عرضها وهو مَن يقومها إذا اعوجت وهو بعلها المحب لها والحنون العطوف عليها.
فكيف أمكن لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر وينسب إلى العلم والعلماء أن يفتري على الله الكذب ويحرف معنى كلام رب الأرباب لينصر كلاما فاسدا وقانونا وضعيا وضيعا، فالويل كل الويل لمن كذب على الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم ودافع عن مفسد في الأرض وناصره، قال الله تعالى: (وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلاَلٌ وَهَـذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ) [النحل: 116]، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن كذبا علي ليس ككذب على أحد من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) [رواه البخاري]، وقال النّبي صلى الله عليه وسلم: (لعن الله من آوى محدثا) [رواه مسلم].
ختامًا
قال الله تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) [الرعد: 41]، قال الإمام السعدي رحمه الله في تفسيره: (فهذه الأحكام التي يحكم الله فيها، توجد في غاية الحكمة والإتقان، لا خلل فيها ولا نقص، بل هي مبنية على القسط والعدل والحمد، فلا يتعقبها أحد ولا سبيل إلى القدح فيها، بخلاف حكم غيره، فإنه قد يوافق الصواب، وقد لا يوافقه)، ولا يكون صوابا أبدا إذا خالف كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فرحم الله عبدا عرف قدر نفسه وآمن بما أنزل الله وطبقه، والويل كل الويل لعبد اعترض عن حكم الله وأعرض عنه.
اللهم إنّا قد بلغنا اللهم فاشهد. وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه.
بارك الله فيكم…اللهم ارنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.