كتاب المختصر في الملاحم والفتن
لقد تسابق أهل العلم في سبر أغوار أحاديث آخر الزمان وما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنباء، وتجلى هذا الحرص والاهتمام في احتواء المكتبة الإسلامية للعديد من الكتابات هذا الشأن بتفصيل واستفاضة.
ومع حجم الكتابة في هذا الباب، لا تزال شريحة كبيرة من كبيرة من الأمة المسلمة مغيبة عن حقائق الفتن والملاحم التي تنتظرها بل والتي تعايشها اليوم.
لأن الأمر متصل اتصالاً متينًا بيقين الإيمان، وبالبشريات وما يحفز الهمم، ارتأيت في تلخيص زبدة ما كتبه أهم العلم في هذه الورقات، فرصة لجذب الانتباه لأمور عظام، ستزيح معرفتها غمامات الكآبة والإحباط واليأس، ويشخذ التبصر فيها الأنفس لتشمّر وتنطلق مسابقة، ذلك أن الحياة الدنيا إنما هي امتحان قصير لن نطيل معه المكوث أكيد.
عن كتاب المختصر في الملاحم والفتن
د. ليلى حمدان كاتبة فلسطينية، نشأت وترعرعت في ديار الهجرة بين بلاد العرب والغرب، حاصلة على درجة الماجستير في الطب، لكن هذا لم يمنعها من الانشغال بطلب العلم الشرعي والدعوة والأدب والإعلام والكتابة في قضايا الأمة المسلمة.
عملت في مجال الدعوة في الغرب، وكان لها نشاط في إلقاء المحاضرات في المساجد وتعليم أبناء الجالية المسلمة أصول دينهم وعقيدتهم، وكذا لغتهم العربية.
عملت في مجال الدعوة على الانترنت للإشراف والعضوية في منتديات لطلب العلم والدعوة. وحاصلة على دورات في التسويق والتحرير الصحفي، وكذا التصميم الدعائي… وهي كانت كاتبة من 2016 في موقع تبيان وحتى 2022.
الكتاب عبارة عن مقالات للكاتبة وعدد 6 مقالات نشرت على موقع تبيان بين عامي 2017 و 2018، نعرض هنا فهرس المقالات كما ذكرت في الكتاب:
1- هل نحن حقًا على أعتاب النهاية؟ وفي أي مرحلة نكون؟
2- اقترب للناس حسابهم وهم في غفلةٍ معرضون!
3- ثمانٍ من علامات الساعة الصغرى نعيشها في حاضرنا اليوم
4- مع اشتعال أرض الشام «موطن الملاحم» هذه هي العلامات الصغرى التي توشك أن تتحقق!
5- الملحمة الكبرى وخروج المهدي: قصة أحداثٍ عظامٍ تنتظر الأرض ويضطرب لها البشر
6- الملحمة الكبرى: صفحة موثقة من أحداث الغد
إن من أهم المعارف التي لابد أن يلم بها المسلم لفهم واقعه والتبصر في مستقبله هي النبوءات التي جاء بها الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأشراط الساعة التي نبّهنا لها، ولهذا فقد انشغل المسلمون منذ صدر الإسلام الأول بأحاديث آخر الزمان والفتن وعلامات يوم القيامة، والتي تناولت أخبار الغيب والحديث عما سيكون فأشبعت فضول المسلمين خاصة وهم يشهدونها تتحقق تباعًا في كل وقت يحين زمانها، بل ترسخ معها إيمانهم ويقينهم، إنها من دلائل النبوة، ومما تميّزت به أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- من معرفة بالقادم، مع العلم أن النبي لا يعلم الغيب إلا ما أطلعه الله عليه.
ولا شك أن الإيمان بما في اليوم الآخر وعلاماته من الإيمان بالغيب الذي لا يدركه العقل، ولا سبيل لمعرفته إلا بالنص عن طريق الوحي. قال تعالى: (الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
وفي هذا الزمان استقرت بيننا علامات الساعة ونحن في شغل شاغلون، أدركها البعض ونبّهوا لها وهم في خشية وخوف متلازمين، لأنهم يعلمون يقينًا أنها الوعد الحق الذي لا مناص لبشر ولا مخلوق منه، بينما غفل عنها آخرون وتجاهلوها، فكان التخاذل والغبن. قال الله تعالى: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ).
وشتان بين سلوك المصدق بيوم الدين الذي يعمل وهو ناظر لميزان السماء لا لميزان الأرض، ولحساب الآخرة لا لحساب الدُّنيا وبين سلوك المكذب أو الغافل عنه، فالأول له سلوك فريد يتميّز بالاستقامة وقوة الإيمان والبصيرة بالواقع والمستقبل، والثبات والصبر على المصائب والشدائد، أما الثاني فأي ريح تقتلع جذور قناعاته وترمي به في صحاري الهوى والخوف والتيه والحسرة.
إن تلخيص الفتن والملاحم، ليس الهدف منه تلبية فضول قارئ وتقديم معلومة تضاف لرصيد معلوماته وكفى، بل هو ترياق يغذي اليقين ويدفع بعجلة العطاء للمسابقة والاستدراك، يحوّل انسياب المعاني والكلمات إلى قوة في سبيل نصرة الحق والثبات عليه، تظهر آثارها على الجوارح وأفعال العباد مبهرة متألقة عند من صدق.
إنه وقود من نوع آخر يحتاجه كل مسلم ومسلمة لمواصلة المسير على نور من الله يحدوه الشوق لموعد لن يختلف عنه أحد، كيف لا وهو موعد الظفر المبين وخاتمة الصراع بين الحق والباطل، طوبى لمن حصّل سهمًا من سهام صناعته.
وإن انتصار الحق على الباطل أمرٌ قدّره الله سبحانه منذ خلق السماوات والأرض، إلا أن الانتماء لفريق الحق والتشبث بحبل الله المتين، هو المطلوب منا خاصة في وقت تمر به الأمة المسلمة بمرحلة استضعاف واحتلال بكل أصنافه وأوجهه.
ولعل أخطر احتلال علينا مواجته هو احتلال الأذهان الذي يسعى لوأد الفكرة الإسلامية في قلب كل مسلم ومسلمة.
ومن هذا المنطلق علينا أن نبقى على وصالٍ دائمٍ مع كل ما يتصل بأصالة هذا الدين وقيمه ومفاهيمه ومبادئه وتاريخه ومستقبله وقبل ذلك كله أسس عقيدته، لكي نتمكن من مواجهة قوى الشر والظلم التي تحاصرنا منذ أمد وتحاول أن تثني عزمنا في النهوض بإعدادٍ يليق بأمةٍ كُتب لها النصر.
نعم فنحن أمة كتب لها النصر المؤزر، وعلينا أن نقدم في كل يوم في محور الزمن القدوة والمثل لخير أمة أخرجت للناس.
ولسنا إلا حلقة من سلسلة متصلة من الأجيال التي تتوارث العهد لبناء قبة النصر النهائية، ولن يكون ذلك إلا بالرجوع لديننا والتمسك بسنة نبينا صلى الله عليه وسلم وما كان عليه السلف الصالح، كي لا نضل ولا نشقى.
أما ما دونه من تخاريف البشر فلا تغني ولا تسمن من جوع، ندوسها بأقدامنا، ليكون استعلاؤنا بالإيمان عبرة للبشر!