أم عمارة.. من يطيق ما تطيقه؟

هل تعرف من هي أم عمارة ؟!

أم عمارة الصحابية الجليلة التي كانت منبر للجهاد في سبيل الله، وشهد عليها التاريخ وعزتها وقوتها وثابتها على الإيمان.
هي أم عمارة نسيبة بنت كعب بن عمرو بن النجار، وهي أم حبيب وعبد الله ابني زيد بن عاصم. شهدت نسيبة بنت كعب أم عمارة وزوجها زيد بن عاصم بن كعب وابناها: حبيب وعبد الله العقبة, وشهدت هي وزوجها وابناها أُحدًا.
قال عنها النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم أحد: (لمقامها اليوم خير من مقام فلان وفلان). وهبت روحها للجهاد وكانت تحمل في قلبها قوة لا مثيل لها، فهذه الروح خُلقت لتنير نور الإسلام وتشرق بروح الجهاد في سبيله، فهذه أم عمارة التي جعلت النبي يقول: “ومن يطيق ما تطيقين يا أم عمارة! “.
فمن هذه الصحابية التي شهد عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم – في قوة عزيمتها وصبرها وقوة صلابتها في شدة الابتلاء وشدة الجهاد. فدعونا نروي لكم عن بعض ملامح شخصيتها التي أبرزت التاريخ وجهادها ..
قالت أم عمارة: (لقد رأيتني، وانكشف الناس عن رسول الله، فما بقي معه إلا نفر ما يُتمون عشرة، وأنا وابناي وزوجي بين يديه، نذب عنه، والناس يمرون منهزمين وراء النبي ولا ترس معي، فرأى رجلاً مولياً ومعه ترس، فقال له: “ألق ترسك إلى من يقاتل”، فألقاه، فأخذته، فجعلت أترّس به عن رسول الله، وإنما فعل بنا الأفاعيل أصحاب الخيل، لو كانوا رجّالة مثلنا أصبناهم إن شاء الله، فيقبل رجل على فرس فيضربني، وتترست له، فلم يصنع شيئاً، وولّى، فأضرب عرقوب فرسه فوقع على ظهره، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصيح: “يا ابن أم عمارة! أمك أمك”، قالت: فعاونني عليه حتى أوردته شعوب -أي قتلته-). وكانت -رضي الله عنها- لا ترى الخطر يدنو من رسول الله حتى تكون سداده وملأ لهوته، حتى قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ما التفت يميناً ولا شمالاً إلا وأنا أراها تقاتل دوني).
تميزت أم عمارة بالإخلاص لدينها، وشجاعتها في الزود عنه، وهو ما تجلّى من قتالها في غزوتي أحد وحنين ومعركة اليمامة. كما عُرف عنها صبرها، فعندما جاءها الخبر بمقتل ابنها حبيب على يدي مسيلمة، قالت: “لمثل هذا أعددته وعند الله احتسبته”. ومن حرصها على ابتغاء ثواب عبادتها، أتت أم عمارة النبي يومًا، فقالت: ما أرى كل شيء إلا للرجال، وما أرى النساء يذكرن بشيء؟، فنزلت آية: )إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا).

من مواقف أم عمارة مع النبي

شهدت أم عمارة بنت كعب أُحدًا مع زوجها غزية بن عمرو وابنيها، وخرجت معهم بشن لها في أول النهار تريد أن تسقي الجرحى، فقاتلت يومئذ وأبلت بلاء حسنًا, وجرحت اثني عشر جرحًا بين طعنة برمح أو ضربة بسيف, فكانت أم سعيد بنت سعد بن ربيع تقول: دخلت عليها فقلت: حدثيني خبرك يوم أحد, قالت: خرجت أول النهار إلى أحد وأنا أنظر ما يصنع الناس ومعي سقاء فيه ماء, فانتهيت إلى رسول الله وهو في أصحابه والدولة والريح للمسلمين. فلما انهزم المسلمون انحزت إلى رسول الله، فجعلت أباشر القتال وأذب عن رسول الله بالسيف وأرمي بالقوس حتى خلصت إلي الجراح قالت: فرأيت على عاتقها جرحًا له غور أجوف، فقلت: يا أم عمارة من أصابك هذا؟ قالت: أقبل ابن قميئة وقد ولى الناس عن رسول الله يصيح دلوني على محمد فلا نجوت إن نجا, فاعترض له مصعب بن عمير وناس معه فكنت فيهم فضربني هذه الضربة, ولقد ضربته على ذلك ضربات ولكن عدو الله كان عليه درعان..
فكان ضمرة بن سعيد المازني يحدث عن جدته وكانت قد شهدت أحدًا تسقي الماء قالت: سمعت رسول الله يقول: “لمقام نسيبة بنت كعب اليوم خير من مقام فلان وفلان”, وكان يراها يومئذ تقاتل أشد القتال, وإنها لحاجزة ثوبها على وسطها حتى جرحت ثلاثة عشر جرحًا, وكانت تقول: إني لأنظر إلى ابن قميئة وهو يضربها على عاتقها وكان أعظم جراحها، فداوته سنة ثم نادى منادي رسول الله إلى حمراء الأسد, فشدت عليها ثيابها, فما استطاعت من نزف الدم, ولقد مكثنا ليلتنا نكمد الجراح حتى أصبحنا, فلما رجع رسول الله من الحمراء ما وصل رسول الله إلى بيته حتى أرسل إليها عبد الله بن كعب المازني يسأل عنها فرجع إليه يخبره بسلامتها فسر بذلك النبي.
فأين نحن من هذه المرأة القوية، والعزائم التي عُقدت في القلب وعزمت للطريق الجهاد التي نال شرف التمني..
أين أنتن! وماذا قدمتن لهذه الأمة؟ ألا تتقين الله في أنفسكن! الله الله في أنفسكن!
لقد كانت المرأة من المشركين في يوم أحد -وهن على الباطل- تحمل معها المكاحل والمراود، فكلما ولّى رجل أو تكعكع ناولته إحداهن مروداً ومكحلة، وقلن له: “إنما أنت امرأة”، فما بالكن وأنتن على الحق!

رسالة لكِ يابنت الاسلام:
إن المرأة المجاهدة هي التي تربي وليدها؛ لا ليعيش، بل ليُقاتل، ثم ليُقتل، ثم ليعيش فيكون حراً. ما أعظمها من همة، وما أسماها من نية.

بقلم: نور صفي الدين

نور صفي الدين

الذين تسد بهم الثغور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى