
الحركات الثورية الراديكالية.. الثورة الناضجة
تنشأ الثورات عادةً عن عوامل سلوكية للنظام كقضاء على ظلم فادح أو استبداد وفساد، وقد تكون من أجل التصدي لاحتلال غاشم أو الحفاظ على معتقدات وقيم مجتمعية. ودور الشعوب في تلك الثورات مهم وليس عاملاً ثانوياً بل هو عاملٌ أساسي في قيام الثورة. فالشعوب قد تكون مدركة لقيم ومبادىء الثورة لكنها بالتأكيد لا تستطيع تدبير أمرها و السير في طريق استكمالها فقلما تجد ثورة ناجحة قام بها الشعب بمفرده دون وجود حركة ثورية ناضجة تقود تلك الجماهير، ولا يُعتبر ذلك تقليل من شأن الجماهير حيث لا تقوم ثورة حقيقية إلا بعد دخولها النفوس والقلوب واستعداد الشعب ووصوله لمرحلة التضحيات الكبيرة والباهظة من أجل إسقاط النظام القائم.
فى هذا المقال نعرض لمفهوم و دور الحركات الثورية الراديكالية فى الحراك الثوري.
أولاً:المفهوم:
الحركة الثورية يُمكن أن نقول أنها جهود منظمة من مجموعة من الأفراد المشاركين والساخطين على النظام القائم، تجمعهم أهداف وسياسات متشابهة ومكونات فكرية محركة ووسائل تعبئة للجماهير تستهدف تغيير الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية القائمة “بنية النظام القائم” وإحلال القيم والمباديء العليا التي تحملها الحركة وتريد إقامتها مع تحدى سلطة النظام القائم.
وإن أهم ما تتصف به الحركات الثورية:
الأصولية”الراديكالية”:
وتعني الرجوع إلى الأصول وجذور المعتقدات والأفكار فهي هادفة لتغيير منظومة القيم الحاكمة للنظام فهى توجه صلب وهادف للتغيير الشامل.
العمل خارج منظومة وبنية النظام القائم:
فهي رافضة تماماً العمل داخل شرعية النظام لأنها ترى أن دخولها تلك المنظومة يعني قبول شروطها وقبول قيمها الرافضة لها من الأصل.
العمل على إقناع الجماهير واستمالتهم إلى الثورة ووصول رسالة الثورة الواضحة لتلك الجماهير التي تعتبر حاضنة وكنز استراتيجي؛ فالحركات الثورية بدون جماهير لا تُسمى ثورية كما يَسُهل على النظام القضاء عليها.
اقرأ أيضا: الجماهير كنز استراتيجي فلا تهمله!
ثانياً:الدور:
قلنا فى بداية المقال أن الثورة بدون طليعة ثورية محركة للجماهير وهم كبير فالحركات الثورية هي التي تقود الثورة وتُسير عجلتها إلى الأمام وتعمل على كشف عيوب النظام ومساوئه لدى الشعب وتجعل الجمهور يعتقد أن عصر السعادة سيأتي بعد القضاء على النظام القائم وإقامة النظام و القيم الداعين لها. كذلك تستطيع الحركة الثورية إنجاز مالا تقدر الجماهير على إنجازه.
ثالثاً:الأساليب:
من المعلوم أن الثورة يجب أن تصل للشعب ووصول فكرة الثورة للشعب ودعوته للدخول مع تلك الحركة إلى المعركة مع النظام المستبد لا تتم إلا بأساليب يجب أن تكون سلسة ويسيرة حيث يستطيع الشعب فهمها على شكلها الصحيح لا على شكلها الخاطىء لتنفيذ هدفك بإسقاط النظام ونستطيع تقسيم تلك الأساليب إلى:
أ-الحملات: باستخدام الجرائد والكتب والمحاضرات والمقالات ونشر البيانات الثورية الفاضحة للنظام.
ب-العنف: إن العمل المسلح ضد النظام يردع خصوم الثورة ويحميها ويدفع عجلتها إلى الأمام ويُسرع عملية انهيار النظام القائم؛ فالدعوة بدون عمل عنيف لا تصلح ولا تقيم ثورة حقيقية، فلابد من سيفٍ حادٍ يقف بجانب الدعوة إذا أردنا فاعليتها ومن هنا تنتشر عدوى الثورة بين الناس.
الدعوة+السيف=سلاح فعال
رابعاً:السيكلوجية:
يتصف الأفراد المشاركون في الحركات الثورية بعدة صفات مشتركة منها:
1-وجود أقصى إستعداد للموت فى سبيل تحقيق قيمهم العليا.
2-انحياز للعمل الجماعي والحماسة.
3- الولاء التام لمبادئهم وقيمهم العليا مع الرغبة في إحداث تغيير.
4- احتقار الواقع وكراهية النظام القائم.
5- شعور باعتناق العقيدة الصحيحة مع الإرادة الحديدية.
اقرأ لأيضا: الثورة بين القيمة والسلوك
خامساً:الهيكل:
يُمكن أن نقسم أفراد الحركات الثورية إلى نوعين:
أ-رجال الدعوة:
و هم الذين يهيئون المناخ العام لتقبل الجماهير فكر الحركة وإثارة مشاعر الجماهير ضد النظام بالبيانات والخطاب الحماسي ويعملون على انتقاص المؤسسات القائمة وهدم شرعيتها وقداستها فى قلوب الناس وصياغة القيم والمبادىء بشكل أكثر جاذبية للجماهير.
ب-الرجال المحركون العاملون:
وهؤلاء عليهم إظهار الحركة بأعمالها الثورية ضد النظام التي تهز أركانه ومرتكزاته فهم القيادات الكاريزمية التي تقود الجماهير وبدونهم يظل الاستياء الذى صنعه رجال الدعوة بلا أى تحرك أو إصلاحات جذرية.
سادساً:الحركات الثورية والجيش:
إن المتأمل للحركات الثورية و الجيوش سيجد أن هناك أوجه تشابه و إختلاف بينهم منها:
و هنا قد أنهيت مقالى و أرجو أن ينفع القارىء الكريم فى فهم الحركات الثورية الساعية للتغيير الجذري وقد فضلت التحدث عن الحركات الراديكالية ولم أتكلم عن الحركات الإصلاحية حيث أنها لا ترتقي لأن نقول عنها ثورية.
المراجع:
روح الثورات و الثورة الفرنسية.
المؤمن الصادق.
الحركات الإجتماعية.