هل تحررت بنغلادش من قبضة الهند؟!
على يمين قلب العالم الإسلامي، وعلى مسافة 6209 كيلو مترًا من سوريا التي تحررت مؤخرًا بعد خمسة عقود مِن حكم آل الأسد، تقع بنغلادش التي كانت تقبع تحت سيطرة الهند منذ خمسة عقود أيضًا، منذ أن ساعدتها على الانفصال عن باكستان عام 1972م.
وبعد أن حكمت بنغلادش بالحديد والنار لخمس مأموريَّات متفرقة، فرت (حسينة واجد) من البلاد في 5 أغسطس 2024م بعد مظاهرات طلابية وشبابية طالبت برحيلها، فلجأت إلى الهند التي طالما احتضنتها ودعمتها.
رحيل (الشيخة حسينة) أكبر بنات (مجيب الرحمن) مؤسسِ وأول رئيس لجمهورية بنغلادش الشعبية، كان بمثابة كابوس للهند التي تمثل بنغلادش حديقتها الخلفية الآمنة، فالهند التي تطوق جارتها بنغلادش جغرافيًّا مِن جميع النواحي تقريبًا، يشمل هذا التطويق أيضا العلاقات السياسية مع عائلة (حسينة واجد)؛ إذ تعود تلك العلاقات إلى انفصال بنغلادش (أرض البنغال) عن باكستان بدعم قوي من الهند التي مكَّنت (مجيب الرحمن) من تولى السلطة، ليقيم أول نظام علماني مُوالٍ للهند في وجه خصمها باكستان.
حسب تقديرات يوليو 2024م يبلغ عدد سكان بنغلادش 171 مليونًا و118 ألفًا، وتبلغ نسبة العرق البنغالي 98% والقوميات الأخرى نسبة 2%، أما توزيع المكوِّنات الدينية فالمسلمون يبلغون نسبة 89.5% والهندوس 9.6% وديانات أخرى 0.9%.
القلق والخوف والانزعاج الهندي بسبب تداعيات ما يجري في بنغلادش نرصده من خلال ثلاثة مقالات، أولها تحقيق مطول للمجلة الأشهر في الهند (الهند اليوم – India Today) بعنوان: (بنغلادش: التطرف المتصاعد.. النفوذ الإسلامي المتصاعد يثير القلق في الهند وسط ازدياد اضطهاد الهندوس).
والثاني بعنوان: (التحدي الذي تواجهه الهند في بنغلادش ما بعد حسينة)، وهو مقال تحليلي في مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية.
والأخير تحقيق في صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية بعنوان: (فرز الحقيقة من الخيال حول اضطهاد الهندوس في بنغلادش).
الهند تشكو التصعيد ضدها!
تحقيق مجلة (الهند اليوم – India Today) بعنوان: (بنغلادش: التطرف المتصاعد.. النفوذ الإسلامي المتصاعد يثير القلق في الهند وسط ازدياد اضطهاد الهندوس) عكَس بشكل لافت حجم القلق الذي سمح للمجلة أن تُكثر من التوابل الهندية الحارة غير اللازمة التي أفسدت القضية التي أُريد إشعالها.
ومما جاء فيه: «اندلعت حوادث الترهيب والعنف ضد الأقليات في بنغلادش بسبب الإطاحة المذهلة بالشيخة حسينة في انتفاضة طلابية في 5 أغسطس 2024، وفي أعقاب ذلك الحدث الفوضوي، تم الإبلاغ عن مئات الهجمات ضد الأفراد والممتلكات الهندوسية، ووفقًا لمجلس الوحدة (الهندوسي البوذي المسيحي) وهي مجموعة مناصرة لحقوق الأقليات، فقد وقع ألفان وعشرة حوادث من هذا النوع بين 4 و20 أغسطس، بما في ذلك 9 جرائم قتل و69 هجومًا على أماكن العبادة و4 حوادث عنف ضد النساء.
بالنسبة للهند، فإن الإطاحة بحسينة، والهجمات ضد الأقليات الهندوسية، والمشاعر المناهضة للهند والتطرف المتزايد الذي يهدد بابتلاع بنغلادش، كلها أمور تثير قلقًا كبيرًا، حيث تقع بنغلادش عند مَصَبِّ خليج البنغال وتمتدُّ على مساحة جغرافية حيوية متاخمة للولايات الشمالية الشرقية الحسَّاسة في الهند.
منذ أن دعمت الهند حركة المقاومة (موكتي باهيني) في حرب الاستقلال عام 1971م وساعدت بنغلادش على الانفصال عن باكستان، كانت العلاقات بين البلدين في حالة من التقلب الشديد، حيث كانت ترْتفع كلما كانت السلطةُ بيدِ حسينةَ ابنةِ الأبِ مؤسسِ البلاد، الشيخِ مجيب الرحمن، الذي اغتيل في انقلاب عسكري في أغسطس 1975م، وتتدهور خلال الأنظمة الانتقالية.
خلال فترتي حكم حسينة، الأولى بين عامي 1996 و2001، ثم لمدة 15 عامًا من عام 2009 فصاعدًا حتى الإطاحة بها، كانت علاقات الهند مع بنغلادش ودية بشكل عام.
ما أثار قلق الهند، أن من بين أولى الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المؤقتة الجديدة في بنغلادش كان رفع الحظر المفروض على الجماعة الإسلامية، ومنذ ذلك الحين، يبدو أن القوى المعادية للهند اكتسبت أرضًا حيث يشتبه في أن العديد من قادة الطلاب لديهم صلات بمنظمات إسلامية متطرفة، بما في ذلك الجماعة الإسلامية.
ويؤكد (بيناك رانجان تشاكرافارتي) المفوض السامي الهندي السابق في بنغلادش أن هناك تحولًا نحو التطرف الإسلامي، ومن المؤكد أنه في تزايد، وكذلك التعصب الديني، وهذا سبب للقلق بالنسبة للهند. كما تشعر الهند بالقلق من أن النظام الجديد سيدفع نحو علاقات أوثق مع باكستان ويكون معاديًا لمصالحنا، وقد تتمكن باكستان من الحصول على قاعدة لإثارة المشاكل في ولاياتنا الشمالية الشرقية كما فعلت في وقت سابق، ويرى الخبراء علامات واضحة على حرص النظام الجديد على إقامة علاقات وثيقة مع باكستان».
الهند المذعورة
يتابع تحقيق المجلة الهندية: «أثارت كل هذه التطورات الذُّعر بين صانعي السياسة الخارجية الهنود الذين يؤكدون أن الهند لديها مصالح كبيرة في بقاء بنغلادش مستقرة ومستقلة وعلمانية، ففي العقد ونصف العقد الماضيين من ولاية حسينة، تمكنت (نيودلهي) من صياغة علاقة ثنائية دائمة امتدت إلى سلسلة كاملة من القطاعات، حيث نمت تجارة الهند مع بنغلادش في هذه الفترة ثلاثة أضعاف، وارتفعت الصادرات إلى بنغلادش من 3.34 مليار دولار في 2011م في المرحلة الأولى من فترة ولايتها الأخيرة، إلى 12 مليار دولار في 2023م، ونمت الواردات من بنغلادش بمعدل أكثر تواضعًا، من 0.45 مليار دولار إلى 2.03 مليار دولار.
تصدر الهند مجموعة متنوعة من المنتجات إلى بنغلادش، بما في ذلك خيوط القطن والمنتجات البترولية والزيوت والتوابل والخضروات وقطع غيار السيارات، أما بنغلادش فترسل لنا الملابس القطنية الجاهزة والجوت/الخيش، والأحذية الجلدية والمنتجات البحرية.
تشعر الهند بالقلق أيضًا من أن القوى الكبرى الأخرى كانت تدخل إلى الباحة الخلفية لفنائها، ففي عام 2016م، وخلال زيارة الرئيس الصيني (شي جين بينغ) إلى (دكا)، وقّع البلدان عددًا من الاتفاقيات التي من شأنها أن تشهد حصول بنغلادش على استثمارات بقيمة 26 مليار دولار لمشاريع مبادرة الحزام والطريق الصيني و 14 مليار دولار للمشاريع الأخرى المشتركة.
في العام الماضي، قدرت وزارة الخارجية الصينية أنها أفرجت عن 4.45 مليار دولار لـ35 مشروعًا في إطار مبادرة الحزام والطريق، خاصة في قطاعي الطاقة والنقل، بما في ذلك مشروع جسر بادما المثير للإعجاب عبر نهر (الجانج) الذي سيربط جنوب غرب البلاد بالمناطق الشمالية والشرقية، وتعد الصين الآن أكبر شريك تجاري لبنغلادش، حيث يبلغ حجم التبادل التجاري بينهما حوالي 25 مليار دولار.
كما أنها توظِّف دبلوماسية الغواصات، حيث باعت بنغلادش غواصتين هجوميتين بأسعار منافسة في عام 2016م، وبعد عام، وقعت عقدًا لبناء قاعدة غواصات جديدة على الساحل الجنوبي الشرقي للبلاد مقابل 1.2 مليار دولار، بالإضافة إلى صيانة هذه الغواصات، سيقوم الصينيون بتدريب بحرية بنغلادش على تشغيلها.
في غضون ذلك، ومع شعورها بالقلق من توغلات الصين في بنغلادش وخليج البنغال المهم، بدأت الولايات المتحدة على ما يبدو في الضغط على (دكا) للسماح لها باستخدام جزيرة (سانت مارتن) الصغيرة، الواقعة على بعد 8 كيلومترات فقط من ميانمار، كقاعدة عسكرية، ويعتقد الخبراء أنهم أرادوا الحفاظ عليه كمركز مراقبة لأنشطة الصين وميانمار ومضيق (ملقا) الاستراتيجي.
كما يعتقد الخبراء الهنود أن الدولة العميقة في الولايات المتحدة ربما كانت لها يد في الإطاحة بالشيخة حسينة، حيث الدوافع العسكرية والتجارية جذابة بما فيه الكفاية، وقد ساعدتهم (حسينة واجد)؛ كثيرا بانتهاكها جميع مبادئ الديمقراطية!
وبالتالي، تحتاج الهند إلى التفاوض بمهارة وسط حقل ألغام المصالح المتنافسة هذا لضمان بقاء علاقاتها مع بنغلادش قوية، وحماية مصالحها الأساسية وعدم اضطهاد مجتمع الهندوس هناك».
التأثير الهندي.. يتلاشى
أما المقال التحليلي في “فورين بوليسي” الأمريكية: (التحدي الذي تواجهه الهند في بنغلادش ما بعد حسينة)، فيرى أن الهند تواجه تحديًا مزدوجًا يتمثل في فقدان حليف استراتيجي، وصعود قوى إقليمية مناوئة، وبدون تغيير سريع في نهجها الدبلوماسي، قد تجد (نيودلهي) نفسها في موقف ضعيف، مع تبِعات أمنية وسياسية واقتصادية خطيرة.
يقول (سوميت جانجولي) وهو كاتب عمود في “فورين بوليسي” وزميل أقدم في معهد هوفر بجامعة ستانفورد: «بعد توقف دام خمسة عقود، رست سفينة شحن باكستانية في مدينة (شيتاغونغ) الساحلية ببنغلادش الشهر الماضي، كان وصول السفينة مؤشرًا على تحول كبير في تعاملات بنغلادش مع باكستان، التي انفصلت عنها في عام 1971م، كما عززت (دكا) حيازتها للأسلحة والذخيرة من (إسلام أباد)، واستغنت عن إجراء التفتيش الجمركي الكامل على الواردات الباكستانية.
جاءت هذه التطورات في تتابع سريع منذ تولي حكومة بنغلادش المؤقتة السلطة قبل بضعة أشهر، وأدى رحيل (حسينة واجد) في مواجهة الاحتجاجات الجماهيرية إلى إذهال الهند، التي كانت لها علاقات فاترة مع المعارضة السياسية الرئيسية لحسينة، وهي حزب بنغلادش القومي (BNP) ونتيجة لذلك، تجد (نيودلهي) نفسها الآن مع عدد قليل من الحلفاء في بنغلادش.
في بنغلادش، تواجه الهند الآن ما يسميه علماء العلاقات الدولية إعادة تنظيم السياسة الخارجية، تنبع هذه التحولات في الغالب من مصدرين: التغيرات في البيئة الخارجية التي تجبر الدولة على إعادة تقييم أولوياتها واستراتيجياتها، أو التغييرات في السياسة الداخلية، ويبدو أن الأحداث الأخيرة تساهم في تغيير جذري في توجه السياسة الخارجية لـ(دكا)، مع عواقب وخيمة على (نيودلهي).
في عهد حسينة، التي تولت السلطة في بنغلادش لأكثر من 15 عامًا، تمتع البلدان بعلاقة تكافلية، حيث أبقت حسينة القوى الإسلامية في بنغلادش تحت السيطرة، ولم تمنح ملاذًا للمنظمات الانفصالية الهندية، ورحبت بالاستثمار الهندي، أما الهند فتغاضت عن “العجز الديمقراطي” في (دكا) في عهد حسينة، وأتاحتْ وصول بنغلادش إلى السوق الهندية، وعزَّزتْ خطوط السكك الحديدية والطرق عبر الحدود.
التوترات تتصاعد الآن: بعد اعتقال راهب هندوسي في بنغلادش في نوفمبر 2024م والاحتجاجات التي أعقبت ذلك، تبادل البلدان الاتهامات بالفشل في حماية حقوق الأقليات الدينية داخل حدودهما، لا شك في أن (دكا) ستهاجم (نيودلهي) بسبب معاملتها للمسلمين الهنود، وسيزداد هذا العداء سوءًا بسبب المعلومات المضللة وسوء تقدير بعض التقارير الهندية التي وصفت الوضع على الأرض في بنغلادش، بأنه “إبادة جماعية” للهندوس.
وفي الوقت نفسه، لطالما أثارت بعض فروع السياسة الداخلية في بنغلادش قلق الهند، بغض النظر عن الحزب الحاكم في (نيودلهي)، أحدهما هو صعود التشدد الإسلامي في بنغلادش وآثاره السلبية على الأقلية الهندوسية في البلاد، وقد كان من بين أولئك الذين ساعدوا في الإطاحة بحسينة إسلاميون وجماعات مناهضة للهند تشعر الآن بالبهجة، كما تخشى الهند أيضًا من احتمال حدوث عدوى داخل مجتمعاتها المسلمة، وخاصة تلك الواقعة على طول الحدود مع بنغلادش.
وقد فقد حزب (رابطة عوامي) الذي تتزعمه (حسينة) مصداقيته في المستقبل المنظور في بنغلادش، وسيكون (حزب بنغلادش الوطني) قوة سياسية لا يستهان بها في حكومة جديدة بمجرد إجراء الانتخابات في النهاية، وبالنظر إلى تاريخ الهند المضطرب مع الحزب، قد يكون نفوذ الهند في بنغلادش في أدنى مستوى له منذ عقود، وتظهر خيارات السياسة الخارجية الأخيرة للحكومة المؤقتة أن الهند قد تجد قدرتها على تشكيل النظرة المستقبلية لبنغلادش محدودة أكثر من أي وقت مضى.
وإذا تحالف الحزب الإسلامي الرئيسي في بنغلادش، الجماعة الإسلامية، مع الحزب الوطني البنغلادشي كما فعل في الماضي، فمن المرجح أن يتم إعادة تنظيم السياسة الخارجية للدولة بصورة كاملة، وعندها سوف تتحقق مخاوف الهند بشأن جارة متزايِدَةِ العداء.
(نيودلهي) لديها القليل من الأدوات تحت قيادتها لدرء هذه النتيجة المحتملة، وإن اعتمادها المفرط على (حسينة) و(رابطة عوامي) لاستبعاد الأحزاب الأخرى والمجتمع المدني البنغلادشي وضعها في هذا الموقف الذي لا يمكنها الآن الدفاع عنه».
التصعيد بالتزييف
أما التحقيق الذي كتبه (مجيب مشال) مدير مكتب صحيفة “نيويورك تايمز” في جنوب آسيا: (فرز الحقيقة من الخيال حول اضطهاد الهندوس في بنغلادش)، فسلط الضوء على الوضع المتوتر في بنغلادش، ومدى تعرض الأقلية الهندوسية لهجمات ومضايقات، وركز على كيفية استخدام الأكاذيب والمعلومات المضللة لتأجيج الوضع وزعزعة استقرار الحكومة المؤقتة في بنغلادش.
واعتبر التحقيق أن “الأقلية الهندوسية” في بنغلادش تواجه توترات شديدة بسبب بعض أحداث العنف التي تستهدف ممتلكاتهم ومعابدهم، إلا أن العديد من هذه الأحداث تبين أنها مفبركة ويجري استغلالها من قبل الهند من أجل مصالح داخلية.
وفقًا للتقرير، فإن هناك مجموعة من الحوادث الحقيقية التي شهدتها بنغلادش، أبرزها الهجوم على معابد هندوسية، حيث تم إضرام النار في بعضها، وتعرض أفراد من الأقلية الهندوسية للقتل، ورغم ذلك، أشارت الصحيفة إلى أن بعض المنشورات عبر وسائل الإعلام كانت غير واضحة أو تكررت بشكل مفرط، مما يثير الشكوك حول مصداقيتها.
ومن بين أبرز الأحداث التي نشطت في الفترة الأخيرة، كان اعتقال الكاهن الهندوسي (تشينموي كريشنا داس) في نوفمبر 2024، حيث اتُهم بإهانة علم بنغلادش أثناء احتجاجه ضد ما وصفه بـ”التهديدات الموجهة للهندوس” وعقب هذا الاعتقال، نشبت اشتباكات عنيفة بين أنصار الكاهن والشرطة في مدينة (شاتوغرام) الساحلية، مما أسفر عن مقتل محامٍ مسلم في ظروف غامضة. وكما يقول التقرير، فإن هذه الحادثة أسفرت عن تصاعد العنف ضد الأقلية الهندوسية بالهجوم على منازل الهندوس والمعابد في مختلف المناطق، في مدينة (شاتوغرام) التي كانت بؤرة هذه التوترات.
وتناولت الصحيفة أيضًا التقارير الإعلامية التي غالبًا ما تكون مبالغًا فيها أو مزيفة، وساهمت في تضخيم الوضع وخلق حالة من الرعب بين أفراد الأقلية الهندوسية، وأشار إلى أن بعض الحوادث التي تم الترويج لها على أنها هجمات ضد الهندوس قد تكون في الواقع مجرد تلفيقات أو معلومات مغلوطة.
وأوضحت الصحيفة أن السكان الهندوس أكدوا وقوع بعض الحوادث الحقيقية، لكنهم أيضًا أشاروا إلى أن هناك معلومات مزيفة أو مبالغا فيها تسببت في تضليل الرأي العام بشأن الخطر الذي يتهددهم.
ويذكر التحقيق أنه يجري تضخيم هذه الأحداث في الهند من قِبل بعض الجماعات الهندوسية المتطرفة التي تحاول استخدام الوضع في بنغلادش لتحقيق مكاسب سياسية داخل الهند، وتحاول هذه الجماعات استغلال هذه الأحداث في سياق سياسي داخلي من أجل تعزيز النفوذ الهندوسي، وزيادة الضغوط على حكومة بنغلادش.
وذكر التقرير أن العنف السياسي الذي شهدته بنغلادش عقب الإطاحة برئيسة الوزراء السابقة (حسينة واجد) الصيف الماضي، ارتبط بشكل أساسي بالانتماءات السياسية للأفراد وليس دينهم، وأنه في هذا الصراع السياسي، تم استهداف الهندوس لأسباب سياسية وليس بسبب دينهم بشكل مباشر، حيث كان هندوس بنغلادش من أكثر الداعمين للشيخة حسينة وحزب رابطة عوامي.
وأورد التحقيق نماذج من الأكاذيب التي انتشرت في وسائل الإعلام الهندية، منها: مشهد يُظهر إحراق معبد هندوسي، وأصدرت (الشيخة حسينة) بيانًا قالت فيه إن «معبدا أحرق في تشاتوغرام»!
لكن قادة الجالية الهندوسية في (تشاتوغرام) رفضوا هذه الروايات، وقال كاهن المعبد إن حشدًا من الغوغاء خربوا تمثالين خارج بوابة المعبد فقط!
وظهرت علامة مبكرة على تسييس محنة الهندوس في الأيام التي أعقبت سقوط (الشيخة حسينة)، فعندما أُحرق مكتب حزبها، رابطة عوامي، كان هناك معبد يعرف باسم (نافاغراها باري) في مكان قريب من مقر الحزب، فانتشرت مقاطع فيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي الهندية تؤكد زورًا أن المعبد قد تعرض للهجوم.
وتنقل الصحيفة عن (أوجال بيشواش) أحد سكان المنطقة الهندوس: «سجل بعض الأفراد مقطع فيديو لهذا الحريق ونشروه، زاعمين أن معبد (نافاغراها باري) كان قد أحرق، لكن لم تقع أي حادثة حريق في معبدنا حتى الآن».
الإطاحة بالشيخة حسينة جعل منطقة شبه القارة الهندية وما حولها تشهد تحولات جذرية، مما عزز المخاوف الهندية من انعتاق بنغلادش من النفوذ الهندي وارتباطها المتزايد بباكستان، كما أن تصاعد النفوذ الإسلامي في بنغلادش يثير القلق في (نيودلهي)، حيث تخشى أن يؤدي هذا الصعود إلى توثيق العلاقات بين (دكا) و(إسلام أباد)، مما يشكل تهديدًا مباشرًا لمصالح الهند الاستراتيجية.
وتعتمد الهند على استقرار بنغلادش كحليف أساسي في المنطقة، ومع تغيّر المشهد السياسي، تجد (نيودلهي) نفسها مجبرة على إعادة النظر في سياساتها الخارجية لضمان الحفاظ على نفوذها في وجه التغيرات الإقليمية المتسارعة، ولكن هل تستطيع الهند إيقاف حركة التغيير التي جرت في بنغلادش؟
المراجع
The growing Islamist influence raises concern in India even as the persecution of Hindus continues
India’s Fortunes Shift in Bangladesh
Sorting Fact From Fiction as Fear Engulfs Bangladesh’s Hindus