مراجعة كتاب: السرطان الأحمر للشيخ عبد الله عزام
السرطان الأحمر، هكذا اختار الشيخ عبد الله عزام – تقبله الله- أن يعنون كتابه الذي سبر أغوار الشيوعية الملحدة في تسعة فصول مرتبة، وهي الفكرة الخبيثة التي يعتبرها الشيخ عبد الله أضخم معول غرس في أعماق البشرية في العصر الحديث. كيف لا ويعود أصل صناعتها إلى الأصابع اليهودية اللئيمة، وتزداد أهمية هذا الطرح مع تواجد الأحزاب الشيوعية العربية الناعقة، وقد فصل الشيخ قصة انهيار الشيوعية نظريا وعمليا وأسباب انهيارها ببراعة ملفتة.
الإهداء
واستهل الشيخ هذا الكتاب بإهدائه إلى الذين يريدون معرفة الحق، وفتح أبصارهم على النور وينشدون إنقاذ أنفسهم من أن يكونوا فرائس سهلة مستساغة بين أنياب الذئاب ومخالب الوحوش. حسب تعبيره.
الجو العام الذي نبتت فيه الماركسية
تناول الشيخ في الفصل الأول، الجو العام الذي نبتت فيه الماركسية. حين كان العقل الأوروبي يتقبل في القرن التاسع عشر كل ما فيه عداء للدين أو للتفكير الغيبي، لأنه خاض معركة مريرة شرسة لتحطيم قيد الكنيسة الجبار، ويقول ماركس في أطروحته التي كتبها سنة (1841م): (إن الفلسفة تتبنى شعار (بروميثوس)، أنا ضد كل الآلهة، فعمم هذا الشعار على كل أرباب الأرض والسماء الذين ينكرون على الوعي البشري أن يكون الإله الأعلى، فهي تأبى أن يكون له منافس)، هذه العقلية الأوروبية كانت تبحث عن بديل لإله الكنيسة الذي تركته وهربت منه لتسد الفراغ الكبير في حياتها، فماذا صنعت؟ لقد طرحت العقل إلها بديلا عن إله الكنيسة عن طريق المدرسة العقلية المثالية بشقيها: الشق الذي يؤمن بإله مع اضطراب في التصور ويقود هذا الجناح (هيجل)، فهيجل يعتقد بوجود إله لكنه يرى أن الإله هو العقل الكبير أو المطلق، والشق الإلحادي الذي ينكر الإله بالمرة وزعيمه (فشتة).
لقد كان الجو الذي نشأت فيه الماركسية مشحونا بالعداوة للغيب، مطبوعا بطابع الكراهة للدين، ومن هنا ندرك أن الماركسية فرع لشجرة المادية التي غرست في أوروبا لخنق شجرة الكنيسة ثم اقتلاعها، أو أحد المسامير الكبيرة التي دقت في نعش الكنيسة.
ماركس والماركسية
وفي الفصل الثاني تحدث الشيخ عن ماركس والماركسية، وماركس الذي عاش 65 سنة هو حفيد الحاخام (مردخاي ماركس) اليهودي، ولذا فان بعض علماء التاريخ يرى أن الماركسية هي تفسير يهودي للتاريخ، ورؤيا توراتية تلمودية للحياة والناس، وقد كان أبوه في بداية حياته يهوديا اسمه (هرشل)، ثم تنصر وغير اسمه الى (هنريخ)، وقد أشار بعض المؤرخين أن تبديله لدينه كان حيلة اقتصادية ليستطيع كسب قوته في مجتمع نصراني، وقد أرجع بعضهم نظرة ماركس الى الدين (من أنه حيلة ووسيلة للعيش من خلال خداع الناس) إلى هذه الحادثة بالإضافة إلى الجو العام الأوروبي.
كما كان ماركس تلميذا (لموسى هيس) اليهودي صاحب كتاب “من روما إلى القدس” ولقد تأثر به ماركس وقال: “لقد اتخذت هذا العبقري (هيس) لي مثالا وقدوة، لما يتحلى به من دقة التفكير، واتفاق آرائه مع عقيدتي وما أؤمن به أنه رجل نضالي ومفكر وسلوك”.
ووصف الماركسي (أوتورهل) صاحب كتاب (كارل ماركس) وصف ماركس بأنه كان على الدوام متقلبا مبتئسا حقودا، لا يزال في تصرفه عرضة لتأثير سوء الهضم وهياج الصفراء، وكان موسوسا يغلو كجميع الموسوسين في متاعه الجسدي.
ومن المعروف أن ابنتي ماركس ماتتا منتحرتين.
ثم إن الأصول الفكرية للنظرية الماركسية مستمدة من المدارس الفكرية التي مر ذكرها في الجو العام الذي مهد للماركسية، وخاصة مدرستي هيجل (العقلية المثالية) وكومت (الحسية الوضعية).
ويرى ماركس أن العباقرة السياسيين والمفكرين تنتجهم الظروف الإقتصادية وأن أي تغير في المادة والإقتصاد بالذات، يتبعه تغير في عالم النفس، لأنه ينعكس على العقل خلقا وسلوكا ودينا وسياسة، ومن خلال الصراع ينتقل المال من البرجوازيين إلى العمال ثم إلى الدولة التي هي (جامع القضية ومقابل القضية)، وهذا هو المجتمع الشيوعي.
ويمكن تلخيص نظرية ماركس هذه بالتالي: (كل مجتمع يحتوي نقيضه الذي يسقطه ويقوم مقامه، وهذا المجتمع الجديد يحوي في طياته نقيضه الذي سيسقطه ويحل محله، وهكذا دواليك إلى أن يقوم المجتمع الشيوعي الذي لا يحوي نقيضا، ولذلك فهو دائم مستمر أبدي).
وهناك قانون آخر يعتمد عليه ماركس للثورة العمالية وهو (قانون الفائض: ربح الرأسمالي) فماركس يرى أن الفائض هو نتيجة عرق العمال ودمهم.
كما يرى ماركس أيضا أن صراع الطبقات حتمية تاريخية وجبرية لا مفر منها وهذا سيؤدي حتما إلى قيام دولة العمال في العالم ثم الوصول إلى الشيوعية حيث يملك الشعب كل شيء، وكل شيء في المجتمع يصبح شائعا مباحا كالجماعات البدائية الأولى.
ويرى ماركس أنه من أجل انتصار البروليتاريا لا بد من تأجيج نار الحقد وإثارة روح الإنتقام في قلوب العمال ضد الرأسماليين في كل مكان على وجه الأرض، وعليه فان الرحمة والبر والشفقة لا تناسب الثوري، ولا تتفق مع الشيوعي عند ماركس وتلاميذه.
الثورة البلشفية
وفي الفصل الثالث، كشف الشيخ خبايا الثورة البلشفية، حيث اختارت اليهودية العالمية لينين اليهودي ليكون المنفذ للثورة البلشفية، وقد تسلل اليهود إلى المناصب الكبرى في بريطانيا، وحدث حادث جلل بالنسبة لليهود، فقد اغتالوا الإمبراطور الأسكندر الثاني سنة (1881م) فاندفع الشعب الروسي يعمل في اليهود تقتيلا وتشريدا، وأقاموا لهم مجازر كثيرة فصمم اليهود على الإنتقام من الشعب الروسي، هذه نقطة مهمة في تحويل أنظار اليهود نحو روسيا لتكون محطة للإنقلاب الثوري البلشفي، بالإضافة إلى نقاط أخرى.
وبعد أن حطم اليهود الكاثوليكية بالثورة الفرنسية اليهودية سنة (1789م) أرادوا تحطيم الأرثوذكسية في روسيا.
مع العلم أن اليهود يمثلون كثرة في روسيا، إذ أن عددهم عند الثورة كان حوالي سبعة ملايين وخاصة في مدينة بطرسبيرغ (لينين جراد) التي كانت فوهة بركان الثورة.
وساعدهم في ثورتهم مساحة روسيا الواسعة وثروتها المعدنية والزراعية، وفقر الشعب الروسي، مما يمكن شراء ضميره بالمال، وظلم القيصرية وتحيرها، وتسلط الأرثوذكسية وانحرافها ووقوفها تبرر ظلم القياصرة.
وقد رصد اليهود الأغنياء الخمسة وهم: ( شبسو وليفي وشيف ورون ومونيمر) ألف مليون دولار للثورة، وأعدوا مليون يهودي وقودا للثورة.
فالثورة البلشفية يهودية التفكير والتخطيط والتمويل والتنفيذ، وقد صدر في الأسبوع الأول للثورة قرار ذو شقين بحق اليهود :
1- يعتبر عداء اليهود عداء للجنس السامي يعاقب عليه قانونيا.
2- الإعتراف بحق اليهود في أنشاء وطن قومي في فلسطين.
ولم يقف اليهود خلف الثورة البلشفية فقط بل كانوا وراء كل الثورات في المناطق الأخرى في ذلك الوقت.
الشيوعية في العالم العربي
وفي الفصل الرابع كان الحديث عن الشيوعية في العالم العربي أين أشرف اليهود على تنظيم وتكوين الأحزاب الشيوعية فهم قادتها ومخططوها، يقول الشيوعي اليهودي الفرنسي (رودنسون): “لم تتأسس أحزاب شيوعية ومنظمات متعاطفة إلا في الحلقات الأجنبية في البلدان العربية في مصر وفلسطين، ولم تجد إلا القليل من الأتباع وكانت مقطوعة عن واقع تلك البلاد، وانتهت دون أن تثير اهتماما كبيرا.”
وذكر الشيخ بتفصيل وافي الأسماء اليهودية في البلدان العربية: كالحزب الشيوعي في مصر وفي العراق والحزب الشيوعي السوري اللبناني والفلسطيني الأردني، ولفت الشيخ الانتباه إلى أن محمود درويش وسميح القاسم الشاعران الفلسطينيان الشيوعيان -الممثلان للأرض المحتلة -كان يحملان علم إسرائيل في مؤتمر صوفيا الدولي.
موقف الشيوعية من الإسلام والمسلمين
وفي الفصل الخامس كان موقف الشيوعية من الإسلام والمسلمين، فالشيوعية حرب على كل الأديان، وفي مقدمتها الإسلام، وأما الديانة اليهودية فلم تتعرض لها الثورة البلشفية، وكانت حجة لينين أن اليهود شعب مظلوم يحتاج إلى دينه ليستعيد حقوقه المغتصبة!، وقد عرض الشيخ أقوالهم الصادمة في الأديان مثل قول ماركس: “الدين أفيون الشعوب”، و”إن الله لم يخلق الجنس البشري بل الإنسان هو الذي خلق الله”.
ثم بناء على ما تقدم من مبادىء الشيوعية، فكل شيوعي كافر خارج من الإسلام هكذا خلصت فتوى جميع العلماء في العصر الحديث.
وهذا العداء للإسلام لم يكن باللسان فقط بل لم يشهد التاريخ في أحقابه مثيلا للمجازر التي أقامها الشيوعيون للمسلمين، ووقع حوالي (60-65) مليونا من المسلمين تحت وطأة الثورة البلشفية، في تركستان الشرقية وفي يوغسلافيا وفي القرم وفي القفقاس (بلاد الشيشان والشركس) وفي تركستان الغربية، حيث أثبت الإحصائيات الروسية أن ستالين قتل11مليونا من المسلمين واعتقل وجوّع الملايين وهدمت مساجدهم ومنعوا من أداء شعائرهم أو تعليم دينهم، وبينما كان عدد العلماء سنة (1917م) (فيما عدا بخارى وخيوه) لا يقل عن (45339). أصبح عددهم في سنة (1955م) (8052) إذ أن معظم العلماء سحق في الثلاثينات.
قضية الشيوعيين وفلسطين
الفصل السادس تناول قضية الشيوعيين وفلسطين أين تحدث الشيخ عن تخطيط البلاشفة واليهود لإسقاط الخلافة العثمانية وسلط الضوء على أبرز النقاط في المرحلة التي سبقت التقسيم وهي تكوين وحدات عسكرية يهودية، معظم أفرادها من الروس واليوغسلافيين، والرومانيين، والبولنديين، والذين استقروا في فلسطين، ومن الفيلق اليهودي الذي حارب في صفوف الجيش البريطاني ضد الألمان والطليان في العلمين وصحراء ليبيا، ومن بين ضباطهم موشي دايان وإسحق رابين، وكانت الأسلحة تتدفق على اليهود من تشيكوسلوفاكيا بموافقة ستالين. وعلى البواخر اليوغسلافية والرومانية كانت الأسلحة تشحن بأمر موسكو تحت إشراف موشي شاريت.
وجمع الشيخ أقوال الشيوعيين في الأمم المتحدة، مثل قول غروميكو (2/5/1947م) “إن علينا أن نذكر دائما أن قضية فلسطين ليست سوى قضية اليهود، ولذا فلا مجال للبحث في هذه القضية بغير مراعاة مصالح اليهود والأخذ بعين الإعتبار قلقهم، ليس يهود فلسطين وحدهم بل اليهود في كل مكان”.
وكان مثل هذا الكلام المنقول حرفيا من ملفات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، يصفع كل شيوعي أحمر يتشدق بمقاومة اليهود أو يتاجر باسم فلسطين، ويخدع الجاهلين الذين لا يعرفون من أمر الشيوعية سوى أنها مقاومة الاستعمار والإمبريالية والمساواة بين الناس وإقامة العدالة الاجتماعية وهدم الفوارق الطبقية!.
الشيوعيين العرب وفلسطين
أما الفصل السابع فركز على الشيوعيين العرب وفلسطين ففي سنة (1948م) كان الشيوعيون العرب -من أبناء فلسطين- يكتبون إلى موسكو: “إن جعل فلسطين وطنا قوميا لليهود هو الطريق الوحيد والوسيلة الناجحة لبلشفة العالم العربي”، وعندما كان قرار التقسيم في أروقة الأمم المتحدة ولم تفصح روسيا بعد عن قرارها كان الشيوعيون العرب يهاجمون قرار التقسيم. وبعد أن أعلنت روسيا عن تأييدها الصارخ للقرار، عاد الشيوعيون العرب يؤيدون التقسيم.
وبعد قيام إسرائيل أخذ الشيوعيون ينادون بالصلح معها، فقد كان الشيوعيون يوزعون باستمرار مقالات (صموئيل ميكونيس) سكرتير الحزب الشيوعي الإسرائيلي التي كان ينشرها في جريدة “الكومنفورم” تحت عنوان “في سبيل سلم دائم”.
وبعد قيام الثورة الفلسطينية واشتداد عودها اندس الشيوعيون في أوساطها وصاروا ينادون بمقالتهم (التفريق بين يهودي وصهيوني) وذلك لتمييع القضية الفلسطينية، قالوا “نحن لا نقاتل اليهود الشرفاء إنما نقاتل الصهيونية “.
ويقول الشيخ معلقا “لا ندري كيف نفرق في الميدان العام بين يهودي شريف؟! على حد زعمهم وبين صهيوني، بينما يرى قادة المنظمات الصهيونية أن كل صهيوني يهودي، بل صهيون يطلق على الجزء الجنوبي من القدس “جبل اليبوسيين”، ثم أصبح اليهود يطلقونه على القدس ويسمونها “ابنة صهيون” وفي التوراة “ترنمي يا ابنة صهيون، اهتفي يا ابنة أورشليم”.
ويقول هرتزل “الصهيونية هي العودة الى حظيرة اليهودية قبل أن تصبح العودة إلى أرض الميعاد”.
ومع ذلك أخذوا يثقفون الشباب الثقافة الثورية، ثقافة ماو وجيفارا، وثورية لينين وستالين، وآراء ماركس وحياة كاستروا، لقنوا الشباب عشرين اصطلاحا يلفون ويدورون حولها مثل إمبريالية، برجوازية، ديماغوجية، بروليتاريا وظن الشباب أنهم قد ملكوا شيئا جديدا استبدلوه بدين الله -عزوجل- واشتروا بآيات الله ثمنا قليلا، وضاع الشباب بين متاهات الفكر ومعميات المادية وتحولت المعركة من جهاد ضد اليهود، ومن كفاح في سبيل الله لاسترجاع الأرض والمقدسات إلى حرب ضد الرجعية (دين الإسلام)، إلى صراع داخلي نقل إلى كل بيت بين الأخ وأخيه، وبين الابن وأبيه، وبين الفتاة وأمها.
وعندما كان الشباب المسلم المجاهد الذي يحمل السلاح يرفع الآذان في التجمعات الفدائية، كان أبناء لينين وماوتسي تونغ يصطفون يلغون ويرفعون أصواتهم قائلين “إن تسل عني فهذي قيمي أنا ماركسي لينيني أممي”، وصدق الله العظيم القائل (وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا ذلك بأنهم قوم لا يعقلون).
أما القيم والأخلاق فليس لها أي اعتبار عند الثوريين الاشتراكيين، ففي مظاهرة في الجامعة الأردنية سنة (1979م) كانت أصوات هؤلاء ترتفع فتقول مطالبنا شرعية “خبز وأمن وحرية والشاب بجنب الصبية”.
سقوط الماركسية نظريا وتطبيقيا
وفي الفصل الثامن، نقلنا الشيخ إلى سقوط الماركسية نظريا وتطبيقيا أين قدم نقد النظرية الماركسية، والناظر في جدل ماركس يرى أنه أقامه على أساس (نظرية النقيض عند هيجل)، والنقيض والأنا والعقل والمطلق التي استعملها هيجل كلها عبارة عن قضايا تجريدية مثالية منطقية لا أساس لها في عالم الواقع، ويرى ماركس أن العقل الإنساني ليس له قيمة أمام أهمية المادة وأسلوب الإنتاج ونوع الآلة، ولكن ناقدوه يقولون إن العقل هو الذي فجر الطاقة واكتشف الكهرباء وطور الإنتاج واخترع الآلة البخارية.
ويقول ماركس إن عملية التفكير عند هيجل هي خالقة العالم الخارجي، وأما ناقدوه فيقولون إن الفكرة ما هي إلا العالم المادي بعد أن يعكسه ذهن الإنسان ليس شعور الناس هو الذي يحدد وجودهم ولكن وجودهم هو الذي يعين مشاعرهم، وهذا تجاهل كبير لحقيقة الإنسان.
ويرى ماركس أن أي تغير في العالم إنما هو نتيجة حتمية لتغيير وسيلة الإنتاج، ولكن ناقدوه يقولون أي تغير في آلة الإنتاج حصل عندما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا التغيير الكبير الذي أحدثه في تاريخ العالم!، وهل الاقتصاد هو الذي أظهر أمثال شكسبير، ودانتي ولوثر، وكلفن، ومونتسكيو؟ وكيف نفسر أحداث الجهاد الأفغاني تحت قيادة أبناء الحركة الإسلامية والعلماء، إذ أن منطق التحليل الماركسي يقتضي أن تكون يسارية شيوعية فكيف رفعت راية الإسلام؟ الذي هو رجعية عند ماركس؟!.
ويرى ماركس أن الدين خادم للرأسمالية والإمبريالية، فكيف قام الدين في أفغانستان ضد الملك ظاهر شاه ثم ضد داود العلماني ثم ضد تراقي وحفيظ الله أمين وبابرك وروسيا ثم هزم روسيا.
ويقول ماركس إن تغير آلة الإنتاج يؤدي إلى تغير النظام، ولكن واقع أمريكا وأوربا يكذب هذا الإدعاء، فخلال قرنين من الزمان وصلت أمريكا في التكنيك إلى ما يشبه الخيال مع ثبات نظامها.
ثم إن هنالك لحظات حاسمة في التاريخ يتخذ فيها رجال مواقف تنقذ أمة بكاملها أو تدمرها، فلحظة قرار أبي بكر لتسيير الجيوش في حرب الردة، أنقذت الأمة المسلمة من خطر محدق وفناء قد يكون محققا.
وحول سقوط التطبيق الماركسي وفشل الثورة العمالية يقول الشيخ “لقد استفادت الثورة البلشفية من عوامل كثيرة حتى قامت على أقدامها، فقد استفادت من خروج روسيا منتصرة من الحرب العالمية الأولى بعد الذي عاناه الناس من ظلم القياصرة ورجال الدين واستفادت الماركسية من الجشع الغربي لامتصاص دماء البشر، ومن أجل إبقاء الأسعار مرتفعة كانت آلاف الأطنان من الثمار والحبوب وعشرات الألوف من الخنازير تلقى في البحر، بينما الجوع ينشب أظفاره في خناق الناس كما يقول آرثر كستلر، واستفادت الماركسية من انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية فابتلعت دول أوربا الشرقية”.
كل هذه العوامل -وأخرى غيرها- أدت إلى إرتماء الشباب الأوربي في أحضان الشيوعية، ثم اكتشفوا زيفها فخرجوا يائسين ساخطين، يقول (سيلوني) مازحا لرفيقه (توكلياني) معبرا عن نفسية هؤلاء الشيوعيين الساخطين “إن المعركة الفاصلة ستكون بين الشيوعيين وبين من خرجوا على الشيوعيين”.
والنتيجة الأخيرة الأكيدة لقد سقطت الشيوعية من جميع النواحي من ناحية المساواة والحرية والديمقراطية والإنتاج ومن الناحية الإنسانية والشعورية والفكرية والفنية ومن ناحية وحدة الأمل والهدف والفكر .
أسباب انتشار الشيوعية في العالم الإسلامي
وفي الفصل التاسع، فصل الشيخ الأسباب التي مهدت لانتشار الشيوعية في العالم الإسلامي وقسمها كالتالي:
1- الإستعمار الغربي للعالم الإسلامي.
2- أجهزة التعليم والتوجية التي ركز عليها الغرب في العالم الإسلامي.
3- الإنفتاح على اليهود وموالاتهم .
4- المظالم الاجتماعية والتفاوت الكبير في مستوى العيش.
5- انتشار العقيدة الفاسدة والأساطير الخرافية باسم الإسلام.
6- خيانة علماء الإسلام .
7- تقاعس المسلمين عن الجهاد.
8- تبني الحركات القومية للخط العلماني .
9- تهاون الدول في بلاد المسلمين بالبعثات إلى العالم الشرقي.
الخلاصة
لقد سقطت الشيوعية لأنها منهاج بشري وهذه عاقبة كل منهاج بشري يصطدم مع منهاج الله، لأنه يتحطم على فطرة الإنسان. قال تعالى “ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار” .
فلابد للإنسان أن يرجع الى الله إذا أراد أن يسعد.
ولابد للإنسان أن يلتزم الجماعة المسلمة المجاهدة لإقامة منهج الله.
لابد للإنسان أن يثوب إلى منهاج الله إذا شاء أن يجد إنسانيته.
لابد للإنسان أن يئوب إلى خالقه إذا أحب أن يستقر في ضميره ويهدأ في وجدانه ويجد حلاوة الحياة في أعماقه، “فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها، لا تبديل لخلق الله، ذلك الدين القيم، ولكن أكثر الناس لا يعلمون” “الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب”.
ويختم الشيخ العارف كتابه الزاخر السرطان الأحمر ببسط لقانون العودة إلى الله والذي يتمثل في:
1- العمل مع جماعة إسلامية متوازنة الفكر تعنى بالتوحيد، وتعرف المخططات العالمية ضدها، وتربي أبناءها على التوحيد، والعبادة، وتهتم بالنوافل.
2- تبدأ الجماعة الإسلامية الجهاد، فتكون كالصاعق الذي يفجر طاقات الأمة.
3- تستمر المعركة التي تقودها الحركة الإسلامية.
4- تنتهي المعركة بإذن الله بانتصار الشعب المسلم الذي تقوده الحركة وتقوم الدولة الإسلامية.