موقعة ملاذ كرد الشهيرة التي تُبكي من قراءة تاريخها
إن النصر يكون عجيبًا في أعين الناس إذا كان غير منطقيًا، كأن ينتصر القلة على الكثرة، وأن ينتصر ذو العدة البسيطة على ذو العدة الضخمة، وأن ينتصر الأضعف على الأقوى بشكل عام، ولكن لتذهب منطقيتهم إلى الجحيم عندما نتحدث عن نصر دين وعد الله بنصره، هُنا الأمر يختلف.
وها هو شيخ مسلم فَهِمَ معنى أن يعد الله بالنصر يشد على يد السلطان المسلم ويطمئنه فيقول له: ” إنَّك تقاتل عن دينٍ وعد الله بنصرِه وإظهاره على سائر الأديان، وأرجو أن يكون الله قد كتبَ باسمك هذا الفتحَ، فالْقَهُم يوم الجمعة في السَّاعة التي يكون الخطباء على المنابر؛ فإنَّهم يدْعون للمجاهدين وقتها”.
طمئنه أولًا بوعد الله، ثم أخذ بالأسباب المتعلقة -أيضًا- بالله. متى كان هذا ياتُرى؟ في أي غزوة أو حدثٍ حدثَ هذا؟ ولماذا كان السلطان قلق من مواجهة الأعداء؟
تجد الجواب في الآتي ذكره بإذن الله جلّ وعلا وتقدّس.
الدولة السلجوقية
تولّى السلطان “ألب أرسلان” الحكم في عام ٤٥٥ ه ،وكان يُعرف بالخير والصلاح والطموح، وبدأ ينشر روح الجهاد بين جنوده، فبدأ بمحاولة التوسع على حساب الإمبراطورية البيزنطية التي كانت غافلة في ذلك الوقت، فقام بحملة كبيرة في الأقاليم النصرانية على حدود دولته، وراح يفتح بلاد الكرج والمناطق القريبة والمطلة على البلاد البيزنطية في الغرب، وقاد الجيوش نحو الجنوب في أذربيجان.
وظل يفتح البلاد في الأراضي الأرمينية، وقد هادن ملك الكرج ألب أرسلان وصالحه على دفع الجزية، وحينها كانوا قد سيطروا على قلب أرمينية فكان الطريق أمامهم مفتوح لكي يعبروا إلى الأناضول، وبالفعل اتجهوا نحو الأناضول، فتم الإستيلاء على نيكسار وعموريَّة وقُونيَّة.
ولكن قد فاق الإمبراطور البيزنطي وقرر أن يخرج ليواجه ويؤدب ألب أرسلان بنفسه وينتقم من المسلمين وينهي دولة السلاجقة بشكل تام. وبالفعل جهز جيشًا ضخمًا واتجه نحو “ملاذ كرد” حيث يعسكِر الجيشُ السلجوقي.
معركة ملاذ كرد تبدأ
قال ابن كثير مُتحدثًا عن هذه الوقعة: “وفيها أقبل ملك الروم أرمانوس في جحافل أمثال الجبال من الروم والرخ والفرنج، وعدد عظيم وعُدد، ومعه خمسة وثلاثون ألفاً من البطارقة، ومعه مائتا ألف فارس، ومعه من الفرنج خمسة وثلاثون ألفاً، ومن الغزاة الذين يسكنون القسطنطينية خمسة عشر ألفاً، ومعه مائة ألف نقّاب وخفار، وألف روزجاري، ومعه أربعمائة عجلة تحمل النعال والمسامير، وألف عجلة تحمل السلاح والسروج والغرادات والمناجيق، منها منجنيق عدة ألف ومائتا رجل”.
وكيف كان جيش المسلمين في هذا الوقت؟
يقف عقلك عندما تعلم أن السلطان “ألب أرسلان” ألتقاه وجيشه وعددهم يقترب من عشرين ألف! التقاه السلطان بعد أن سلَّم أمره إلى ربه ودعاه وأخذ بالأسباب فأخذ بقول الفقيه “أبو نصر محمد بن عبد الملك البخاري” فكان وقت الوقعة يوم الجمعة حيث يكون الخطباء على المنابر في المساجد يدعون للمجاهدين، فلما حان هذا الوقت التقى الفريقان، فريق يقاتل لأجل أن تكون كلمة الله هي العليا، وفريق يقاتل دين الله ويحاربه أن يحكم في أرضه والمسلمين، التقت الفئتان في مكان يُسمّى الزهوة بشهر ذي القعدة.
كان عدد جيش المسلمين في هذا الحين قليل جدًا وخاصةً أمام هذا الكم الهائل من الجنود والعُدّة التي أعدها أرمانوس، ولم يكن هناك وقت كافي لطلب وإستدعاء ألب أرسلان لمدد من المناطق التابعة له، فأخذ قرار المباغتة -أي أن يحقق أي إنتصار خاطف يجعله قادرًا على المفاوضة وطلب الهُدنة من الإمبراطور البيزنطي-، وبدأ بتنفيذ هذا فهجم على مقدمة جيش الروم وحقق النصر الخاطف عليهم ثم ارتدّ سريعًا وبعث رسولًا يطلب الهُدنة، ولكن أرمانوس -الإمبراطور البيزنطي- رفض ذلك وقال: هيهات! لا هدنةَ ولا رجوع إلاَّ بعد أن أفعل ببلاد الإسلام مثل ما فُعل ببلاد الروم، وجاء في رواية أخرى: الصلح لن يتمَّ إلاَّ في مدينة الري عاصمة السلاجقة. ويقصد بذلك أن يكون تم إنهاء دولة السلاجقة ومقتل السلطان ألب أرسلان نفسه. وهُنا أدرك ألب أرسلان أنه لا مفر من القتال والمواجهة، فتوجه إلى الله واحتسب نفسه عنده، فبثّ في جنوده روح الجهاد في سبيل الله، ولكنه مازال قلقًا من مواجهة جيش الروم الهائل بهذا الجيش القليل، فأخذ مشورة أبو نصر محمد بن عبد الملك البخاري، وعمل بها.
كم خسر المسلمون يا تُرى؟
يشير عليك عقلك أنه حتمًا تكون الهزيمة على المسلمين ساحقة، فهؤلاء قوم أعدوا للمسلمين العُدّة لكي ينتقموا منهم، من قوم يقولون لا إله إلا الله فلن نعبد أحدًا سواه، ولن نتحاكم لغيره، ولسوف ننشر دينه في كل الأنحاء. ولكن هلّا تدبّرت معنى أن يكون الله ناصر عبده؟ قال الله -سبحانه وتعالى-: (ولينصرن الله من ينصره)، وقال -سبحانه وتعالى-: (إن تنصروا الله ينصركم)، بوعد الله يتعلّق قلب المسلم المجاهد، وبه فقط حين تنقطع من أمامه أسباب الدنيا.
نتائج الحرب كانت خسارة الروم أمام المسلمين، بل وأُسِرَ ملكهم -قبّح الله وجهه- “أرمانوس”، هذا وعد الله، ومن أصدق من الله قيلا!
عفو وفِداء
عندما وقِف “أرمانوس” العدو الأبرز للسلطان “ألب أرسلان” بين يديه دار بينهم حوار، حيث قال ألب أرسلان: ويلك ألَم أبعث أطلب مِنك الهدنة؟ قال أرمانوس: دعني من التوبيخ، قال: ما كان عزمُك لو ظفرتَ بي؟ قال: كل قبيح، قال: فما تؤمِّل وتظنُّ بي؟ قال أرمانوس: القَتْل أو تشهِّرني في بلادك، والثالثة بعيدة: العفو وقبول الفداء، قال السلطان: ما عزمتُ على غيرها.
واشترى أرمانوس نفسه بألف ألف دينار وخمسمائة ألف دينار، وإطلاق كلِّ أسيرٍ في بلاده. لم يقف عفو السلطان “ألب أرسلان” عند حد الفداء، ولكنه أيضًا بعثَ معه عدَّة وأعطاه نفقةً توصله إلى مكانه.
مصير أرمانوس
بادر الروم وملّكوا ملكًا آخر غير هذا الملك المهزوم، فما كان من “أرمانوس” عندما شعر بزوال ملكه إلا أن لبس الصوف، وترهّب، ثم جمع ما وصلت يده إليه، وكان نحو ثلاثمائة ألف دينار، فبعث بها، واعتذر، وقيل: إنه غلب على ثغور الأرمن.
وأما عن القسطنطينية فعندما وصلت أخبار الهزيمة إليها قال رعاياه: إنه سقط من عداد الملوك. حتى أنهم أزالوا اسمه من سجلات الملك، وعُيِّن ميخائيل السابع إمبراطورًا. وفي رواية أخرى أنهم ألقوا عليه القبض، وسملوا عينيه لتلك الهزيمة الساحقة المنكرة.
توسُّع الدولة السلجوقية
بعد نصر الله للمسلمين في معركة ملاذ كرد توسعت الدولة السلجوقية في الفتوحات وواصلت حتى وصلت إلى قلب آسيا الصغرى وبهذا فتحوا بعض المناطق مثل: قونيَّة وآق وكوتاهية، بل وأسسوا فرعًا لدولتهم هُناك أسموه سلاجقة الروم وظل الحكم تحت يديهم حتى قرنين بعد معركة ملاذ كرد، وأصبحت هذه المناطق جزءًا من البلاد الإسلامية.
هذه هي معركة “ملاذ كرد” التي كانت في عام ٤٦٣ ه والتي تُعدّ بداية طريق الصعود للدولة السلجوقية الوليدة التي كانت تحت ولاية السلطان “طغرل بك” ثم تخلّفه ابن أخيه السلطان “ألب أرسلان”، وكانت تقع هذه الدولة في منطقة بلاد ماوراء النهر وبلاد فارس وأيضًا تُعدّ بداية طريق إنتهاء الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة الشرقية والتي كانت سيدة العالم في هذا الوقت.
لو تكرمتم يرجى ذكر المصادر و المراجع المستخدمة و شكرا
التاريخ الاسلاميه عضيمه لاكن الان قد خرجت عن اهدافها ولاكن يجب توحيد الامه الاسلاميه فكلما زاد اتحادنا كلما قلت الفتن في بلادنا ويجب التوعيه لابنانا القادمه ولحاضره وتعليمهم م̷ـــِْن اجل بنا نضام اسلامي قوي لايمكن اختراقه وشكرا” الله هما احفض المسلمين ولمسلمات وجعل كلمتهم ان تكون لاايلاه •اللّـہ̣̥ محمد رسول •اللّـہ̣̥.
اللهم عليك بالخونه الذين اضعفوا الدوله الاسلاميه… وأتم نصر دينك ..وأجعلنا ممن يقوم الاسلام على اكتافهم ..واجعل اولادنا زخرا للاسلام
اللهم ارفع عن أمة محمد الوهن. اللهم ارفع عنا الملك الجبري