
حول التمسّك بمصطلح الخلافة
إن الحال التي تعيشها الأمة الإسلامية من تشرذم وتناحر تنافي وتخالف ما فرضه الشارع سبحانه وتعالى الذي أمر في القرآن والسنة بالوحدة، ونهى عن الفرقة. قال تعالى:
﴿إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾ (الأنبياء 92)، وقال سبحانه: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ (آل عمران 103)، وقال عز وجل: ﴿وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا﴾ (الأنفال 46).
وغيرها من الآيات.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “إِنَّ اللهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلَاثًا، رَضِيَ لَكُمْ: أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا، وَأَنْ تُنَاصِحُوا مَنْ وَلَّاهُ اللهُ أَمْرَكُمْ. وَيَكْرَهُ لَكُمْ: قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ” رواه مسلم (1715).
وهذه نصوص عامة تشمل جميع أنواع الوحدة من دينية، وسياسية، واقتصادية، وغيرها. والوحدة الدينية قائمة بفضل الله عز وجل، فالمسلمون في مشارق الأرض ومغاربها دينهم واحد، وإلههم واحد، ونبيهم واحد، وكتابهم واحد، وقبلتهم واحدة، وتربط بين قلوبهم أخوة الإيمان.
لكن الوحدة السياسية غائبة عن واقع المسلمين اليوم، فلا توجد دولة عظمى تجمع شتاتهم كما كان الحال في زمن الخلافة، فهم موزعون بين دول كثيرة تحت مسميات مختلفة من جمهوريات وممالك وإمارات، تختلف أهواء قادتها، وقد يصل بها الحال إلى الاقتتال فيما بينها.
وهذه التركة إرث أعداء الأمة الذين قوضوا وحدتها، وهدموا خلافتها، ونهبوا ثروتها، وأعملوا فيها سكين التمزيق، وغادروها بعد تقسيمها إلى كيانات هزيلة لا تجرؤ أن ترفع رأسها أمامهم، وزرعوا فيها نبتة خبيثة، وأذنابًا لهم هم من بني جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا، لكن ولاءهم لأعدائنا، وسوَّدوا إليه الأمور، فتسلطوا على رقاب العباد، وتحكموا في مصائر البلاد.
وإمعانًا في النكاية بالأمة، وحرصًا على ألا تقوم لها قائمة، تعمد أعداؤها أن يصطنعوا مشكلات حدودية بين تلك الدول قبل رحيلهم حتى يستطيعوا التحريش بينها متى شاؤوا، فتثور حروب طاحنة تُفني الشعوب وتستنزف الموارد.
وأحيوا دعوات جاهلية، إما أنها وثنيات بادت واندثرت كالفرعونية والفينيقية والآرامية والكلدانية والآشورية وغيرها، أو عصبيات منتنة للترك أو العرب أو الكرد أو البربر.
وشب الناس وشابوا ووُلدوا وماتوا في ظل تلك الدول، وألفوا تلك النظم، يسمعون ليل نهار إعلامًا يكاد يقدس حدود تلك الدول التي خطتها معاهدة سايكس بيكو، ويجعل الوطنية هي الانتماء إلى تلك الحدود، والشهادة هي الموت في سبيل الحفاظ عليها، لا يكادون يسمعون اسم الخلافة إلا في بطون الكتب.
مع حملة تشويه ممنهجة للخلافة حتى تنفر منها الأسماع وتشمئز منها القلوب، وينعتون من يدعو إليها بأنه ليس وطنيًا، وإنما هو أممي، كأن الدعوة إلى أمة واحدة سبة أو وصمة عار في جبين المرء، أو منكر من القول وزور، ورمى الطغاة من يسعى إلى إحياء الخلافة عن قوس واحدة لأنه يهدد عروشهم التي قامت على أنقاض الخلافة، وكروشهم التي اتخمت بأموال المسلمين.
والنصوص السابقة دلت على وجوب الوحدة، ويدخل فيها الوحدة السياسية، والمسلم الذي فهم دينه حق الفهم وتشرب تعاليمه يجد في أعماقه نزعة إلى تلك الوحدة، وحنينًا إلى تلك الخلافة التي تجمع شمل المسلمين جميعًا.
والإنسان الذي عنده مسكة من عقل يعلم أن القوة في الوحدة، والضعف في الفرقة. والدولتان العظيمتان في عصرنا هما الاتحاد السوفياتي قبل انهياره، والولايات المتحدة الأمريكية، يظهر من اسميهما أنهما قامتا على الوحدة بين عدة بلاد.
التأصيل الموجز للخلافة من القرآن والسنة

وقد وردت كلمة خليفة في موضعين من القرآن الكريم، أما الأول فهو قوله تعالى:
﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ (البقرة ٣٠).
ويشمل معنى “الخلافة” في الآية الخلافة من جهته سبحانه في إجراء أحكامِه وتنفيذِ أوامره بين الناس وسياسةِ الخلقِ[1].
قال القرطبي:
هذِهِ الْآيَةُ أَصْلٌ فِي نَصْبِ إِمَامٍ وَخَلِيفَةٍ يُسْمَعُ لَهُ وَيُطَاعُ، لِتَجْتَمِعَ بِهِ الْكَلِمَةُ، وَتَنْفُذَ بِهِ الأَحْكَامُ، وَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ ذَلِكَ بَيْنَ الْأُمَّةِ وَلَا بَيْنَ الْأَئِمَّةِ إِلَّا مَا رُوِيَ عَنِ الْأَصَمِّ من المعتزلة، حَيْثُ كَانَ عَنِ الشَّرِيعَةِ أَصَمَّ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ وَاتَّبَعَهُ عَلَى رَأْيِهِ وَمَذْهَبِهِ، قَالَ: إِنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ فِي الدِّينِ بَلْ يَسُوغُ ذَلِكَ، وَأَنَّ الْأُمَّةَ متى أقاموا حجهم وَجِهَادَهُمْ، وَتَنَاصَفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَبَذَلُوا الْحَقَّ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَقَسَمُوا الْغَنَائِمَ وَالْفَيْءَ وَالصَّدَقَاتِ عَلَى أَهْلِهَا، وَأَقَامُوا الْحُدُودَ عَلَى مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ، أَجْزَأَهُمْ ذَلِكَ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يُنَصِّبُوا إِمَامًا يَتَوَلَّى ذَلِكَ[2]“.
أما الموضع الثاني فهو قوله تعالى:
﴿يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ﴾ (ص ٢٦).
(يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأرض) أي: تُدَبِّر أَمْر النَّاس[3].
قال ابن كثير:
هَذِهِ وَصِيَّةٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِوُلَاةِ الْأُمُورِ أَنْ يَحْكُمُوا بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ الْمُنَزَّلِ مِنْ عِنْدِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ولا يعدلوا عنه فيضلوا عن سبيل الله، وقد توعد تبارك وتعالى مَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَتَنَاسَى يَوْمَ الْحِسَابِ بِالْوَعِيدِ الْأَكِيدِ وَالْعَذَابِ الشَّدِيدِ[4].
فالقرآن استعمل كلمة خليفة بمعنى الحاكم الذي يسوس الناس.
وقد وردت كلمة خليفة وخلافة أيضًا في السنة، فعن جابر بن سمرة، قال:
سمعتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول:” لا يزال هذا الدين قائمًا حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفةً، كلهم تجتمع عليه الأمَّة” فسمعت كلامًا من النبي -صلَّى الله عليه وسلم- لم أفهمه، قلت لأبي: ما يقول؟ قال: كلُّهم من قُريش[5].
وهذا الحديث يعارض في ظاهره حديث سفينة مولى رسول الله صلَّى الله عليه وسلم: “خلافة النبوة ثلاثون سنة” الذي سيأتي عند المصنف برقم (4646) و (4647). وذهب القاضي عيّاض فيما حكاه عنه النووي في “شرح مسلم” إلى أنه لا تعارض؛ لأن المراد في حديث: “الخلافة ثلاثون سنة” خلافة النبوة، وأن هذا لم يُشترط في الإثني عشر وبنحو قول القاضي، هذا ما قاله ابن قيم الجوزية في “تهذيب السنن” 6/ 156 – 157.
واستُشكل أيضًا أنه ولي أكثر من اثني عشر خليفة، وأجيب بأن السبيل في ذلك أن يُحمل على المقسطين منهم، فإنهم هم المستحقون لاسم الخليفة على الحقيقة. وهو ما نصّ عليه القاضي عيّاض فيما نقله عنه النووي والتُّورِبِشتي فيما نقله مُلا علي القاري في “المرقاة”، وأجيب أيضًا بأنه لا يلزم من هذا تواليهم وتتابع أيامهم كما يذهب إليه الرافضة. نص عليه ابن كثير في “تفسيره”، عند تفسير قوله تعالى:
{وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا} [المائدة:12].
وبيّن أن أربعة منهم قد جاؤوا على الولاء، وهم الخلفاء الأربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، ومنهم عمر بن عبد العزيز بلا شك عند الأئمة وبعض بني العباس. وذكر نحو ذلك في كتابه “النهاية” في الفتن والملاحم” 1/ 23 – 24.
وعَنْ سَفِينَةَ، قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ:
الْخِلَافَةُ بَعْدِي ثَلَاثُونَ سَنَةً، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا”، قَالَ: أَمْسِكْ خِلَافَةَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَنَتَيْنِ، وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَشْرًا، وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سِتًّا. قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ: قُلْتُ لِحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ: سَفِينَةُ الْقَائِلُ: أَمْسِكْ؟ قال: نعم[6]
وَعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ -رضي الله عنه- قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: “تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا (أي: يُصِيبُ الرَّعيَّةَ فيه عَسْفٌ وظُلْمٌ، كأنَّهُمْ يُعَضُّونَ فَيهِ عَضًّا: النهاية في غريب الأثر 3/494) فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً (الجَبر: القَهْر، والحَمْل على الفعل، والظُّلْم الشديد) فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ”، ثُمَّ سَكَتَ[7].
دلت الأحاديث السابقة أن السنة أيضًا استعملت كلمة الخلافة في وصف نظام الحكم في الإسلام، وأنها النظام المرتضى، لأن حديث حذيفة، وإن كان يخبر عن مغيبات تكون في المستقبل وهذه من المعجزات النبوية، لكنه وصف الخلافة بما يشعر بالمدح والثناء والقبول، وهي أنها على منهاج النبوة، بخلاف الملك العاض والجبرية الذي يشعر بالذم لما فيه من بطش وظلم.
فتقرر أن القرآن استعمل لفظ الخليفة بمعنى يشمل الحاكم، وأن كلمة الخلافة أطلقت في السنة على نظام الحكم في الإسلام.
وهنا يطرح سؤال: هل تعبُّدنا لله –عز وجل– بلفظ الخلافة والخليفة، فلا يجوز العدول والانصراف عنه؟ أم أن الأمر فيه سعة؟ والمقصود تحقيق وحدة المسلمين السياسية تحت أي تسمية، ويمكن اللجوء إلى اسم آخر لمصلحة معتبرة شرعًا تقتضي ذلك، مثل عدم تأليب الأعداء علينا في وقت استضعاف الأمة، فإذا تمكنا من توحيد الأمة ونصب حاكم عادل لها فلن ينازعنا حينئذ أحد في اسم الخلافة.
والجواب هو أن الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب الفاروق –رضي الله عنه– لم يجد حرجًا في استعمال اسم آخر.
أخرج ابن عساكر عن معاوية بن قرة قال:
كان يُكتَب: من أبي بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما كان عمر بن الخطاب أرادوا أن يقولوا: خليفة خليفة رسول الله، قال عمر: هذا يطول، قالوا: لا، ولكنا أمرناك علينا، فأنت أميرنا، قال: نعم، أنتم المؤمنون وأنا أميركم فكتب: أمير المؤمنين[8].
والفقهاء الذين صنفوا في السياسة الشرعية استعملوا الإمامة والخلافة بمعنى واحد.
حكم الخلافة شرعًا

نقل غير واحد من العلماء الإجماع على وجوب الخلافة ونصب إمام تجتمع به الكلمة. قال الماوردي:
الْإِمَامَة مَوْضُوعَةٌ لِخِلَافَةِ النُّبُوَّةِ فِي حِرَاسَةِ الدِّينِ وَسِيَاسَةِ الدُّنْيَا، وَعَقْدُهَا لِمَنْ يَقُومُ بِهَا فِي الْأُمَّةِ وَاجِبٌ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ شَذَّ عَنْهُمْ الْأَصَمُّ[9].
والإمامة والخلافة مصطلحان مترادفان، وإن كان مصطلح الخلاقة أسبق، ومصطلح الإمامة أكثر ما يتردَّد عند الشيعة، والإمامية منهم خاصة، لكنَّ المعنى يكاد يكون واحدًا، وهو: رئاسة عامَّة في أمر الدين والدنيا، كما قال التفتازاني.
أو: هي خلافة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في إقامة الدِّين وحفظ حوزة الملَّة، يجب اتباعه على كافَّة الأمة، كما قال عضد الدين الإيجي في شرح المواقف، أو: هي خلافةٌ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كما قال الشيخ رشيد رضا في كتابه الخلافة.
وقال إمام الحرمين:
نَصْبُ الْإِمَامِ عِنْدَ الْإِمْكَانِ وَاجِبٌ، وَذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَيْسَانَ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ، وَهُوَ مَسْبُوقٌ بِإِجْمَاعِ مَنْ أَشْرَقَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ شَارِقَةً وَغَارِبَةً، وَاتِّفَاقِ مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ قَاطِبَةً[10].
والقائلون بوجوب نصب الرئيس الأعلى للدولة هم الجمهور الأكثر من علماء الأمة؛ إذ هو رأي أهل السنة جميعًا، ورأي المرجئة جميعًا، وأكثر المعتزلة والخوارج عدا النجدات منهم، ورأي الشيعة جميعًا[11].
ومما سبق يتضح أن الحكم هو الوجوب، وأن النصوص، وإن كانت ظنية الدلالة على هذا الحكم، إلا أن انعقاد إجماع علماء أهل السنة عليه جعله قطعيًا، ولا عبرة برأي المخالفين لخروجهم من أهل السنة، وهذا الوجوب على الكفاية.
يقول الماوردي:
فَإِذَا ثَبَتَ وُجُوبُ الْإِمَامَةِ فَفَرْضُهَا عَلَى الْكِفَايَةِ كَالْجِهَادِ وَطَلَبِ الْعِلْمِ، فَإِذَا قَامَ بِهَا مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِهَا سَقَطَ فَرْضُهَا عَلَى الْكِفَايَةِ[12].
المصادر
- 1.تفسير أبى السعود 1/81 بتصرف يسير.
- 2.تفسير القرطبى 1/264 بتصرف يسير.
- 3.تفسير الجلالين ص601.
- 4.تفسير ابن كثير ط العلمية 7/53.
- 5.سنن أبى داود ت الأرنؤوط 6/335.
- 6.صحيح ابن حبان ت شعيب الأرنؤوط رقم (6943).
- 7.مسند أحمد ط الرسالة ت شعيب الأرنؤوط وآخرين.
- 8.تاريخ الخلفاء للسيوطى ص 111.
- 9.الأحكام السلطانية ص 15.
- 10.الغياثى ص 22،23 باختصار.
- 11.السياسة الشرعية – جامعة المدينة ص 470.
- 12.الأحكام السلطانية ص 17.