5 دروس نتعلمها من صراع الحق والباطل على مدى التاريخ

حينما نتكلم عن النظام العالمي البعض يتجه تفكيره نحو أمريكا و حملتها الصليبية علي بلاد المسلمين ولكن التاريخ  مليء بالصراعات بين قوي الخير والشر والتي بدأت منذ تقاتل ولدا آدم “عليه السلام”.
وقد نشأ ذلك الصراع طويل بقول “لأقتلنك” ! و هذا هو سبيل الباطل في خوض الصراع ضد الحق.

بداية الصراعات:

لقد ذكر لنا القرآن الكريم قصة أول صراع بشري بين ولدا آدم عليه السلام

“وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ* إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ* فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ*”

و بنظرة سطحية لتلك الحادثة التي اشتعلت فيها نار الحقد في صدر الشرير الذي توعد أخوه بالقتل رغم نُصح أخيه له ورده بالوعظ واللين وذكر الله له، وذكر عذاب الله إلا إن نار الشر لا يمكن أن يطفئها نصح الخير لها.

وقدم على قتل أخيه لتصبح أول جريمة على ظهر كوكب الأرض ولتبدأ بعدها سلسلة جرائم لا حصر لها حتي يومنا هذا.
و قد سارت راية الشر تحمل سفك الدماء وانتهاك الأعراض من أجيال الشر حتي وصلت اليوم إلى أمريكا و حلفاءها. التي اقتنعت بأن العالم لا يمكن أن يعيش في سلام طالما هناك راية تناقض عقيدتها الشيطانية . و لما أعلن بوش من قبل أنه يكمل الحملات الصليبية علي بلادنا المسلمة وأعلن إننا أعداؤه في الحاضر والمستقبل. ومن ذلك الحين فرضت أمريكا نظامها العالمي بعد قضائها علي “الاتحاد السوفيتي”

تاريخ الصراع من أنبياء الله:

انتشر بنو آدم في الأرض و عبدوا الله حتي أبعدهم إبليس و أبنائه عن الصراط السوي، حتي أرسل الله رُسله، فكانت خلاصة دعوة كل نبي إلي قومه:

” وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ”

ولقد كانت ردود الكافرين والطواغيت وكهّانهم رد واحدا وهو .. لنخرجنك، لنقتلكم، لنرجمنكم، لنسجننكم

ملاحظات و دروس من تاريخ الصراعات:

١- لا يمكن لقوي الشر أن تتعايش مع قوي الخير:

و اكبر دليل علي ذلك هو أن أسرة آدم كانت صغيرة جداً و مع ذلك لم يترك قابيل أخاه ليعيش فيها أو حتي يعيش على الأرض كلها ! على الرغم من كونه يستطيع أن يقول لهابيل اذهب إلي جبل أو واد أو أي أرض أخري بعيداً عني! ولكن الشر لا يتحمل وجود الخير في الأرض كلها، و هذه هي احدي السُنن الكونية التي فطر الله الناس عليها.

٢- النـصح و تحريك الضمير لا ينفع في مواجهه الشر:

على الرغم من أن جميع الأنبياء حذروا الناس و ذكروهم بالخوف من الله إلا أن ذلك لا يجدي من قوي الشر
فعندما نصح هابيل أخاه انه مسالم لم يغير شيئا في تفكير قابيل! ومن هنا نقول أن قوي الشر لا ينفع معها سوي المقاومة  والردع الكامل لها وإنها لا تلين للخير أبدا!

٣- صراع الحق و الباطل أزلي، و أعداء الحق دائما من الأعوان:

طالما تكونت السلطة من الفئة الضالة ترتبط مصالحها بأهل الدنيا والأموال من الكُهان والأعوان والملأ والمستكبرين، فمنذ أن نشأ هذا الصراع بين قابيل وهابيل واستمر مع قوم نوح وإبراهيم وشعيب وصالح وموسي “عليهم السلام “واستمر بين دول الإسلام وأعدائها وبين قوى الحق والإصلاح وبين قوي الباطل والجور “منذ أن افترق السلطان و القرآن”
فقال تعالي:

“لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ”
“وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ “

و من ثم إلى قصة سيدنا موسي مع فرعون وحاشيته وجنوده.

٤- المؤمنين قلة:

هكذا اخبرنا الله في القرآن الكريم عن أهل الحق وأنهم ثلة قليلة عبر كل تاريخ وتحت أي سماء، فنبي الله نوح ظل يدعو قومه الف سنة إلا خمسين وما أمن معه إلا القليل. و كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:

“عليك بطريق الحق ولا تستوحش قلة سالكيه، و إياك وطريق الباطل ولا يغرنك كثرة هالكيه”

٥- الصراع لا يتسع للحق والباطل معاً:

طريق الصراع اتجاه واحد إما حق و إما باطل، لا يجوز أن يتخذ أصحاب الحق أصحاب الباطل أولياء لها فقال تعالي” وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ” ، “إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ”
ولأن الله يهدي من يشاء ويضل من يشاء فقد انقطعت الرابطة بين أهل الحق والباطل في هذا الطريق فقال تعالي:

” وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِّلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ”

فهنا انقطعت رابطة الأبوة بين نبي الله إبراهيم و أبوه حينما اختار أبوه طريق الضلالة و ترك طريق الحق.
ما أودّ قوله إن الطريق لا يسع قوي الخير والشر معاً، وإن قوي الشر لا ينفع معاها النصح واللين وطريق الصراع اتجاه واحد إما حق وإما باطل إلا ما كانت وصلت إلى طريق الضلالة أصلاً، و ماينفع معها إلا المقاومة حتي تنتهي أو ينتهي جزء منها لأن المعركة كما ذكرت هي معركة أزلية بين الحق والباطل.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى