من هي عافية التي استنزفت جهد الإرهاب الأمريكي؟

عافية في سطور

عافية صديقي امرأة مسلمة من أصل باكستاني ولدت في عام 1972 وأم لثلاثة أولاد، تميّزت منذ صغرها بالنباغة ولا زالت كذلك حتى برعت في مجال الأعصاب وفي تحسين نظم التعليم للأطفال المعاقين تحديدًا، نالت لهذا التميز 144 شهادة فخرية وكانت المرأة الوحيدة التي حصلت على الدكتوراه الفخرية من جامعة هارفرد الأمريكية.

أمضت عافية طفولتها ما بين باكستان وزامبيا، وعندما بلغت 18 عامًا توجهت إلى تكساس حيث يعيش شقيقها قبل أن تلتحق للدراسة في جامعة أم إي تي المرموقة وحصلت على شهادة الدكتوراه في علم الأعصاب من جامعة برانديز. اشتهرت بجهودها في المجال الدعوي. وفوق إنجازاتها الأكاديمية كانت حافظة لكتاب الله.

الرواية الأمريكية السخيفة

الرواية الأمريكية تتهم عافية بأنها حاولت نسف مكتب الحاكم الإقليمي في غزنة وحاولت قتل ضباط أمريكيين في أفغانستان.

وطبقًا لوثائق المحكمة فقد كانت عافية تحمل كيلوغرامين من سيانيد الصوديوم مخبأة في زجاجات كريم مرطب، ولنا أن نتخيل كيلوغرامين كاملين، كيف يمكن تعبأتها في زجاجات كريم مرطب التي عادة ما يكون حجمها صغيرًا! فكم زجاجة كريم مرطب وسعت هذه الكمية لتحملها عافية معها؟

  • تمثيلية هوليودية سخيفة الحبكة

بل يزعم الأمريكيون وبكل وقاحة أن عافية، كانت تنوي القيام بـ “هجوم شامل” في الولايات المتحدة وعلى أهداف من بينها تمثال الحرية لأن بحوزتها هذه الزجاجات التي تحتوي على “مواد كيميائية”.

وطبقا لنفس المحكمة كانت عافية تحمل خططًا لحرب كيميائية وخططًا هندسية لجسر بروكلين ومبنى إمباير ستيت في نيويورك. وخلال التحقيق أمسكت ببندقية وأطلقت منها النار، بحسب شهود عيان الذين هم أنفسهم جنود وعملاء أمريكيين. وأطلقت النار على الأميركيين بينما كانت تصرخ “الموت لأميركا” و”أريد أن أقتل جميع الأميركيين”. ورغم هذا الموقف الذي يحمل كل الفرصة في الإثخان في هؤلاء الجنود، لم يصب أي من الجنود الأمريكيين بل على العكس هي التي أصيبت برصاصات.

وحقيقة من ينصت للرواية الأمريكية يشعر وكأنه يشاهد تمثيلية هوليودية سخيفة الحبكة. تجعل من الضحية التي تلقت رصاصات في بطنها: القاتل، بينما لم يصب جندي “مستهدف” واحد بخدش!

لقد قُدمَ وصف إطلاق النار هذا في يوليو 2008 من قبل الادعاء العام. ومما لا شك فيه أن هناك حادثة وقعت وتعرضت عافية لإطلاق النار، وبعد ذلك أخذتها مروحية إلى قاعدة باغرام الجوية حيث قام المسعفون بجراحة للبحث عن الرصاصات التي استقرت في بطنها.

الرواية الحقيقية والواقعية:

الحقيقة أنه وبعد 5 سنوات من التعذيب والأسر أخرجت عافية فجأة إلى شوارع أفغانستان وسلمت ابنها أحمد وحقيبة لمصير مجهول، خرجت عافية تائهة لا تدري أين تذهب ليتم توقيفها وتفتيشها من قبل القوات الأفغانية لتتفاجأ أن الحقيبة التي سلمت لها كانت تحتوي مخططات للتفجيرات. فاعتقلت من جديد وهي لا تدري ماذا يحدث! وبينما عافية في قسم الشرطة الأفغانية يزعم الأمريكيون أنها غافلت الجندي وأخذت سلاحه وخرجت من خلف الستار تطلق النار على الجنود الأفغان والأمريكان لكنها لم تصب أحدًا. ثم صارعت الجنود فأطلقوا النار جميعهم عليها دفاعا عن أنفسهم!

  • شهادات متضاربة

لكن شهادة الجنود الأمريكيين تضاربت إذ أن منهم من قال إنها كانت تطلق النار وهي جالسة ومنهم من قال إنها كانت واقفة. أما الحقيقة فعافية كانت خلف الستار، ولما سمعت أصوات الأمريكيين تذكرت سنوات العذاب والقهر التي عاشتها في باغرام فأطلت من خلف الستار تبحث مكانا للهرب، فرآها أحد الجنود وصاح إنها طليقة، قبل أن يطلق عليها النار عدة مرات في بطنها، حتى كادت تموت، ولم تستعمل عافية سلاحًا، بل إن زعم الادعاء في القضية أن الثقوب التي وجدت في حائط قسم الشرطة كانت بسبب إطلاق عافية النار، كشف كذبه فيديو قديم لقسم الشرطة أوضح أن هذه الثقوب قديمة من قبل أن تطأ عافية قدمها في القسم.

  • هكذا وبدون أدلة

الفترة التي بقيت فيها عافية تتعالج من إصابتها في سرير في باغرام، منعت من أي زيارة إلا من عملاء الاستخبارات الأمريكية وبما أنه لم يوجد أي دليل جنائي على أن عافية أطلقت النار على أحد! تم نقلها إلى نيويورك بعد 7 أيام فقط من الحادثة دون إجراءات رسمية لتسليمها كمجرمة لتواجه تهمة محاولة القتل ولم توجه تهمة الإرهاب قط!

وهكذا بهذه المحاكمة الصورية، حكم على عافية التي اختطفت بحجة أنها سيدة الإرهاب حكم عليها بتهمة الشروع في القتل لا الإرهاب الذي لم يتمكنوا من إثباته رغم كل ما بذلوه من مكر وكيد ورغم حملات التشويه الإعلامية المسعورة التي حاولوا أن يبرروا بها إرهابهم الوحشي!

ضحية صمتنا وخنوعنا!

منذ صدور الحكم على صديقي عام 2010، واحتجاج باكستان الرسمي عليه تحت ضغط الشعب الباكستاني، تشكلت عدد من الحملات التضامنية معها على مواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى عريضة وقعها أكثر من 109 آلاف شخص حول العالم إلى الرئيس الأمريكي باراك أوباما، للعفو عنها ولكنه لم يلتفت.

والسؤال الذي يؤرق الضمائر المنصفة! هل هذا يكفي لنصرة مستضعفة مسلمة وقعت فريسة إرهاب أمريكي مفترس لا يرقب في مؤمن إلًا ولا ذمة! تواقيع واستنكارات عابثة! أم أن للمسلمين القدرة على أن يضغطوا على حكوماتهم لتجبر ساسة البيت الأبيض بالكفّ عن هذا لإرهاب القبيح المستقوي على امرأة ضعيفة…!

لابد أن هناك أمثال لعافية في مكان ما في زاوية ما في هذه الأرض، هم وهن ضحية الإرهاب الأمريكي وضحية صمتنا وخنوعنا.

فيا عافية. إن كنت من الأحياء فقد بقيت رمز العار في زمن المليار ونصف المليار مسلم تذمنا له الأمم، وإن كنت رحلت بروحك المعذبة فاعلمي أنك تركت جرحًا نازفًا وعارًا لا يمكن أبدًا أن يُمحى تتبرأ منا له الأجيال!

د. ليلى حمدان

كاتبة وباحثة في قضايا الفكر الإسلامي، شغوفة بالإعلام وصناعة الوعي.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. حسبنا الله ونعم الوكيل
    قريبا سيتغير العالم كلة
    وسيدفع المجرمين ثمن افعالهم بالدنيا قبل الاخرة
    واول من سيدفع دويلة اليهود
    اما امريكا والله اعلم ستتفتت بحروب اهلية وداخلية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى