من أين تحصل أمريكا على البترول الخاص بها؟

يعتقد معظمنا أنّ الولايات المتّحدة الأمريكية بحاجة جدًا إلى النفط الخليجي، وأنّها يمكن أن تواجه مصيرًا أشبه بـ”الفناء النهائي” في حال انقطاعها عنه. إلّا أنّ هذه المعلومة ليست صحيحة تمامًا، حيث أنّ الولايات المتّحدة لها أهداف استراتيجية أخرى تحاول تحقيقها من خلال قواعدها المنتشرة في الشرق الأوسط، ولكنّها ليست هناك لمسألة البترول فقط، وسنتعرّف على مزيد من التفاصيل في تقريرنا التالي.

أظهر استطلاع صادرٌ مؤخرًا من UT Energy Poll أنّ الأمريكيين لديهم فضول بسيط للاطلاع على مصادر البترول التي تزودهم دولتهم بالبترول عبرها. وفقًا للاستطلاع ذاته، 3 من بين كلّ 4 أمريكيين يعتقد أنّ أمريكا تحصل على البترول الخاصّ بها من مكانٍ ما في الشرق الأوسط.

us-oil-imports-poll-809x1024

إلّا أنّه وفي الواقع، لا تستورد الولايات المتّحدة سوى 20% فقط من بترولها من الشرق الأوسط، حيث أنّه وفي الواقع، معظم البترول المستورد إلى أمريكا يأتيها من دول في قارّتيّ أمريكا الشمالية والجنوبية:

us-oil-imports-pct-breakdown-2015-1024x832

إذا نظرنا إلى أكثر 10 مصدّرين للبترول إلى الولايات المتّحدة الأمريكية، فإننا سنلاحظ أنّ الدول القابعة في الشمال الأمريكي هي الدول الأكثر تصديرًا للبترول والغاز إليها، والمفارقة العجيبة في الوقت ذاته هي أن 87% من الأمريكيين لا يعرفون ذلك! استوردت الولايات المتّحدة حوالي 700 مليون برميل من النفط من كندا فقط في غضون 6 شهور فقط:

us-oil-imports-top10-2015-1024x614

إذا كنت من الأشخاص القليلين المطّلعين على هذا الموضوع، فستلاحظ أنّ نسبة الواردات البترولية من النفط إلى الولايات المتّحدة لا تغطّي بتاتًا استهلاكها منه، وهنا النقطة الصادمة: 60% من استهلاك الولايات المتّحدة للبترول يتم تغطيته من البترول الموجود داخلها! حيث أنّ الولايات المتّحدة تستورد 40% من احتياجاتها البترولية من الخارج فقط:

oil_imports_share_pie

في الواقع، فإنّ واردات الولايات المتّحدة الأمريكية من النفط لم ترتفع فوق إنتاجها سوى ما بين فترة 1997-2010، قبل ذلك الوقت لم تكن الولايات المتّحدة تحتاج بتاتًا استيراد أيّ قطرة نفط من الخارج حيث أنّ إنتاجها الداخلي كان يكفيها تمامًا (إلّا أنها كانت تستورد)، كما أنّ هذا المعدّل في تناقص منذ العام 2010، حيث أنّ الولايات المتّحدة تتجه حاليًا نحو الاستقلال النفطي والاعتماد على إنتاجها له دون الحاجة إلى استيراده من الخارج:

petro_other_liquids_line

وفقًا للإحصائيات السابقة فإنّه علينا أن نواجه الواقع قريبًا، الولايات المتّحدة الأمريكية ليست بحاجة ماسّة إلى النفط العربي، ويمكنها أن تستغني عنه وتبحث عن البديل متى شاءت، في النهاية فإنّ ما تستورده أمريكا من دول الخليج لا يتجاوز 16% فقط من احتياجها.

مع ذلك، تجد معظم زعماء الخليج فرحين بما لديهم من نفط، متناسين أنّ هذه الثروة القابعة تحتهم توشك على النفاذ قريبًا، وأنّ العالم يمكنه الاستغناء عنها إن أراد ذلك، ولا يبدو أنّ أحدهم يريد البحث عن مصادر طاقةٍ بديلة لتتمكن الأجيال القادمة من استخدامها بعد انتهاء النفط، بل كلّ حزبٍ بما لديهم فرحون.

المصادر

تبيان

تبيان، مجلة رقمية تتناول ما يُهم أمّتنا ومشاكلها وقضاياها الحقيقية

مقالات ذات صلة

‫5 تعليقات

  1. تجد معظم زعماء الخليج فرحين بما لديهم من نفط، متناسين أنّ هذه الثروة القابعة تحتهم توشك على النفاذ قريبًا، وأنّ العالم يمكنه الاستغناء عنها إن أراد ذلك، ولا يبدو أنّ أحدهم يريد البحث عن مصادر طاقةٍ بديلة لتتمكن الأجيال القادمة من استخدامها بعد انتهاء النفط، بل كلّ حزبٍ بما لديهم فرحون.

    لماذا الحسد ياكلب

  2. طيب سؤال؟،إذا كان الأمر هكذا وأمريكا ليست بحاجة للنفط العربي تستطيع الاستغناء عنه في اي وقت،لماذا تصر وبشدة على جعل المنطقة تحت سيطرتها والتدخل في كل شؤونها وقامت بغزو العراق واحتلاله خصيصا للسيطرة على منابع النفط في المنطقة،هل هناك شئ أهم من النفط يجعلها تصر على وضع يدها على المنطقة.

    1. تستطيع الاستغناء عنه تدريجيًا وعبر البحث عن مصادر أخرى له وليس بشكل فوري، 16%
      بالنهاية ليست نسبة قليلة فهي تعني ملايين البراميل النفطية يوميًا، أمريكا
      احتلت العراق للنفط ولإسقاط حكومة صدام وتغيير هيكلة الشرق الأوسط والسماح
      لإيران بالتغلغل ضمن العراق وجعل أهل السنّة مضطهدين هناك، بالإضافة إلى
      كونها خطوة أراد بوش “إضافتها إلى إنجازاته” مثل محاربة الإرهاب و”الثأر
      لأحداث سبتمبر”.. إلخ وأسباب كثيرة أخرى، وليس مجرّد النفط.

      ولا تنسى إسرائيل.

      1. تقصد أن السيطرة على النفط هو أحد أسباب غزو العراق وليس السبب الرئيسي،وأن الهدف الرئيسي هو تغيير خريطة المنطقة وإعادة رسمها على أساس طائفي،وطبعا لا ننسى حرصها على طفلها المدلل في المنطقة إسرائيل،وبالفعل كلامك صحيح أمريكا أخبث بكثير من أن يكون هدفها النفط فقط،أنها تنوي تقسيم المنطقة كما قسمتها بريطانيا قبلا بعد الحرب العالمية الأولى.شكرا جزيلا لك أخي الكريم على ردك القيم ومعلوماتك القيمة،سعدت كثيرا بهذا الرد .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى