أين أنتِ في قلب هذه المعركة وفي واقع هذا الصراع؟!

أين أنت

أين أنت يا ترى في خضم هذا المعترك، أين أنت في قلب هذه المعركة وفي واقع هذا الصراع! أين أنت كمسلمة ومؤمنة، كزوجة أو أم أو ابنة أوأخت..؟ لا شك أنك معنية بكل ما يجري من أحداث تخص أمتنا المسلمة، وربما تحملين من الهمّ والإحساس بالمسؤولية أكثر مما يحمله بعض من حمل السلاح، ذلك أن للمرأة قلب مرهف، عميق الإحساس يبصر الألم من بعيد ويشعر بأنين المستضعفين، كما خلقها الله سبحانه سكنا، وجعلها  سندا، هكذا تسابق شقائق الرجال في مضمار العطاء والبذل والتضحية في سبيل أن ينتصر الإسلام.

ما هو دورك

تتساءلين ربما عن دورك ماذا يكون..؟ من أين وكيف يمكنك أن تتركي أثرا وبصمة بينما يتسابق العاملون بجد واجتهاد، لا تقلقي لن تكوني أقل تأثيرا من كل أولئك المتسابقين أتدرين لما؟  لأن التفاتة واحدة لتاريخنا الماجد تلخص لك قصة مكانة تلك المرأة المسلمة، التي خلقها الله زوجا وسكنا لآدم عليه السلام، واختارها سندا وعونا لأيوب عليه السلام واصطفاها  أما صابرة وزوجة عارفة لموسى عليه السلام وميّزها  والدة صديقة لعيسى عليه السلام، وأعلى مقامها زوجة بصيرة لإبراهيم عليه السلام ثم ختمها بخير نساء العالمين في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كزوجة وكابنة فكانت المرأة عظيمة الشأن في  هذا المقام، مقام دعوة الأنبياء والرسل منذ خلق الله الإنسان. ثم اطلعي بعدها لبيوت الصحابة من مهاجرات وأنصاريات، حملن هم الإسلام فحفظن البيوت وأحسنّ تربية الأجيال ونقلن ميراث أعوام من العلم والجهاد لتبلغنا الرسالة اليوم مطمئنين بوعد من الله حق، فقد كانت نسخة القرآن في حفظ أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها، وكانت المعارك والمغازي في سيرة أم عمارة رضي الله عنها وكانت التربية المستقيمة في قلب أسماء بنت الصديق رضي الله عنها، وكانت التضحية والاستشهاد في خاتمة سمية أم عمار رضي الله عنها، وكذا ألوان الصدقات والقربات ومواقف الثبات والبطولات وسجلات المسابقة والعطاءات مع كل نساء الصحابة رضي الله عنهن وأرضاهن.. وعلى خطاهن اقتدت التابعيات والصالحات.

تحملي مسؤولياتك ولا تضعفي

صحيح أن تلك القرون الخالية هي خير قرون  مرت على ثرى هذه الأرض، ولكن ما من عصر إلا وتوالت فيه النوازل على المسلمين والنكبات، وما من نازلة أو نكبة إلا كان للمسلمة الحظ الأوفى في الثبات والصمود والتأثير لصلابة بنيان هذه الأمة ، فالزوجة تحرض زوجها وتذكره بالله دائما وأبدا والأم تؤسس جيلا لا يخنع لظالم ولا يستقي إلا من معين الكتاب والسنة ومناهل العلماء الأفذاذ، وأختا لا تبخل بعون ولا دعاء ولا همسة في لحظة وهن أو قوة! وابنة وفية لدينها ولأهلها ولأمتها، لم تزل تتفقد مواطن العطاء فتسدها بمثابرتها وهمتها، هكذا هي المسلمة، كالنحلة مجتهدة ترأب أي صدع وتقيم أي ميلان وتسقي كل زرع، فتكون نعم المرأة الموقنة بفضل الله وحكمته، المبصرة لمصير أمة كانت فيها النساء الأكثر وعيا والأكثر حفظا للمسؤولية. من هنا انطلقي من هذا الدور في تحمل مسؤوليتك تجاه نفسك وبيتك ومن حولك، لا تضعفي أنت فإن ضعفك ضعف جيل كامل سيحقق لنا التمكين والنصر، لا تتراجعي أنت فتراجعك تراجع أمة مهما بلغت ذروتها من القوة، ألم تسمعي قول الشاعر حين يقول:

الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق.

أطرقي أبواب الخير وسابقي لبذره في كل مكان، في بيتك وبين جيرانك وفي حديقة العمل، حتى يقال هذا زرع مسلمة آمنة بربها فسجدت وركعت وقالت “ربي ابن لي عندك بيتا في الجنة”.

وإن راودك شك واحد حول أهمية مكانتك في هذه الأمة تطلعي لاستماتة الغرب في حرفك عن دينك وشغلك عن وظيفتك وإبعادك عن ثغرك، بتغريبك وتحقيرك وتسفيه اهتماماتك، فتضيع أسرة ويضيع جيل وتضيع بضياعك أمة!  فاستعيني بمولاك وإياك أن تعجزي، فقد بتنا نبصر إطلالة فجر الإنتصار المؤزر.

د. ليلى حمدان

كاتبة وباحثة في قضايا الفكر الإسلامي، شغوفة بالإعلام وصناعة الوعي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى