تداعت علينا الأمم… فماذا نفعل؟

شاء الله وكتب في قَدَرِه أن نعيش هذا الواقع وهذه الحقبة من تاريخ أمتنا، حيث احتُلّت ديارنا، وما عدنا نقدر فرض احترام مقدساتنا، وتشرذمت أمّتنا وما عادت أمّة؛ فتداعت علينا الأمم واستباحت قصعتنا؛ فما تركوا فيها أخضرًا ولا يابسًا إلا وأتوا عليه بأيديهم، وبأيدي بني جلدتنا الذين خلَّفوهم فينا.

وشاء الله كذلك، أن يكون ديننا دين يغرس في حامليه كيف يكونوا أصحاب هِمَمٍ، لا يتمكن منهم وَهَنٌ ولا ضعف ولا استكانة، أيًّا كان ما أصابهم في سبيل الله. فيُقيم اعوجاج الأنفس، ويطرح عن كواهلهم نير سطوة التعلق بالدنيا، وخشية الخروج في سبيل الله خوف أداء ضريبته.

وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ

وهكذا سار الإسلام في درب تحصيننا ضد الإحباط، لنُوقِن أن هذا الذي ينزلونه بنا إلى زوال، ونؤمن بنصر من الله وفتح قريب… لكنا مع هذا نألم ونتوجع، ونتطلع ليوم فنائه بأيدينا، ويوم أن ندخل مُدُنَنا مُطهِّرينها من دناستهم، ولكن أنّى لنا هذا، وما السبيل؟!

أين بدأت مشكلة هذا الجيل من المسلمين؟

«فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن. فقال قائل يا رسول الله وما الوهن؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت»

ولما كان الواجب إغاظة المشركين بتعطيل مناهجهم، وإقامة دين الله في أرضه، ورفع ما وقع بأبناء أمتنا من نوازل تنوء بها نساؤهم وصغارهم وكهولهم، فاتجهنا صوب أمتنا نستنفرها؛ فما بين عالم مدرك الطريق ولديه من المهارات ما يلزم لتحركه، ولكنه ما كان ليترك متاع الدنيا ويعمل للدين خوفًا على نصيبه من الدنيا.

وآخر عالم بالسبيل لكنه لا يستطيع العمل لعدم توافر الإمكانات، أو هذا الذي اكتفى بالتعاطف والتأوه لحال أمته، وهؤلاء أسرى ممنوعون من الحديث -فضلًا عن العمل-، وآخرون لا يدركون أن عليهم واجبًا للنهوض بواجبات الإسلام فاكتفوا بالصلاة والزكاة والأذكار والأوراد.

وآخرون علموا الطريق لكنهم جهلوا أن فيهم من القدرات ما يُمكِّنهم من هذا الأمر، واكتمل سوء المشهد عندما عمل من عرف الطريق وجاهد نفسه وهواه ودنياه، ثم ما لبث أن انتكس وتملكه الإحباط، لما استبطأ النصر واستطال الطريق.

مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الْأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُوا عَن رَّسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ

وما العمل؟

توالت اللطمات التي تلقَّاها هذا الجيل من الأمّة، وما كان هذا إلا إثر تركنا لواجباتنا تجاه هذا الدين، وتفرق الأمّة وندرة العاملين المؤهَّلِين لحمل أمانة النهوض بالأمة، فكان واجب الوقت تصنيع أمة مستعدة للتضحية والبذل، وصناعة الصف المسلم القوي المتمكن الذي يستطيع أن يقول ويُنفِذ.

ولا يكون هذا إلا بالعمل على الدعوة، ولكنها ليست تلك الدعوة التي تدعو للاستكانة وتمنع الخروج على كل حاكم وتتوارى من التصدي للفتن وتعتزلها، وتخشى أن تنبرم في صناعة صف إسلامي يكون له كلمة وشأنًا، وتهاب كل سلطان جائر وتطوع له الناس عامتهم وخاصتهم، وأقصى ما تستطيع تقديمه هو نقل الفرد المسلم إلى الالتزام الفردي.

ولكن دعوتنا هي دعوة لتحريك رُكاد الأمة وإفهام المسلمين أن عليهم دورًا واجب النفاذ، لتحمل تلك الدعوة على عاتقها مسئولية إخراج المسلمين من استهلاك عدوهم لهم، وكذلك نقل الأمة من مرحلة الاستضعاف إلى مرحلة الدفع ومن الدفع إلى الطلب وإقامة دولة للإسلام تعود بها هيبة الأمة، ويُقتص فيها لكل أبٍ توجع وكل أمٍّ ثكلى، ولكل طفل رُوِّع. وفي سياق هذا ينتقل الفرد المسلم إلى الإيمان، والالتزام الفردي.

ما هو المنهج الذي يجب أن يُربى عليه الصف المسلم؟

قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا ۖ فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ ۖ إِنَّمَا تَقْضِي هَٰذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا

والحقيقة أن المنهج الذي ينقصنا هو هذا المنهج الذي وَقَر في قلب سحرة فرعون فور إيمانهم، «فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ» منهج الاستهانة بما يُصيبنا في سبيل الله، فليس هناك طريقة سحرية لرد هذه الآلام وهذه الجروح والقروح، ولإيقاف هذه المصائب في الحال، حتى تلك النصرة الهامشية من جمع التبرعات وإرسال المعونات ما هي إلا مُسكِّنات للجرح النابض، لا تُعالَج بها الأمّة، ولا يُشفى بها صدر الثكالى.

ويعلمنا القرآن أن هذه الجروح والقروح والعثرات، ليست قضيتنا ولا يجب أن تكون هي ما يشغلنا، فقضيتنا هي رسالة الدين، ويُعاتبنا الله لهذا الهبوط بالهِمم من رسالة الدين إلى الجروح والقروح، فيقول:«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ ۚ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ ۚ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ»… 

نعم، فما هذه هي رسالتنا ولا موضوعنا، فهذه الجروح تصيبهم كما تصيبنا، وتلك القروح لهم منها نصيب كما لنا، إلا أن جروحنا وقروحنا وعدٌ بالتنعم، وضريبة للجنة، فما هي إلا إحدى الحسنيين، أما هم فعذاب من الله أو بأيدينا.

إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ

فهذه هي صفات الصف المسلم، ومَن تقوم على أكتافهم رسالة الدين وشرف تبليغه لإخراج العباد من الضيق والجور إلى سعة الإسلام ورحبه: « وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ»، فهؤلاء أحقّ الله على نفسه نصرتهم «وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ»؛ ذلك بأنهم لا يشغلهم على أي وجه كان مآلهم، ما دامت حياتهم وموتهم في سبيل الله.

وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ

فليس هَمُّ الإسلام أن تتحول الهِمم إلى توجُّعات ولطميات على ما أصابنا، فأصحاب هذا المنهج يقاتلون في سبيل الله بعد أن اشتروا الآخرة ببيعهم الدنيا، ونتيجة لهذا المنهج ولدت عقيدة هي من أضخم عزمات الإسلام وعزائمه.

عقيدة الاستهانة

فلست أبالي حين أُقتَل مسلمًا      على أيّ جنبٍ كان في الله مصرعي
ولست بمبدٍ للعدو تخشّعًا      ولا جزِعًا، إنّي إلى الله مَرجعي

«لست أبالي حين أُقتَل مسلمًا»، «فَاقْضِ مَا أَنتَقَاضٍ»، «ماذا يفعل أعدائي بي؟ جنتي وبستاني في صدري»، «قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ»، فما لهذه الجروح والقروح وما يُخوِّفنا به أعداؤنا موطأ قدم في تفكيرنا إلا حذرًا مأمورون به شرعًا، وعدم إلقاء إلى التَهْلُكة. أما إن أخذنا حِذرنا وتمكنوا منا فهذا دور عقيدة الصبر على البلاء، والاستهانة بما ينزلوه بنا، فآخِر مكرهم أن ينفذوا فينا قَدَر الله وأن ننال إحدى الحسنيين.

ونتيجة هذه النفسية والعقيدة تحول المسلمون من مرحلة الاستضعاف المكي إلى إقامة دولة في المدنية المنورة، ثم فتح مكة والتي كانت موطن الكفر والتعذيب والتنكيل بالمسلمين في مرحلة الاستضعاف وبناء الصف، ثم بعدها أخذت حضارة المسلمين في الانتشار في سائر أقطار الأرض.

ولكنها لنفوس تربّت على حب الإيمان

قبل الاستهانة وقبل العبادة، لا بد من أن يوجد ذاك المُحرِّك القلبي؛ الذي يحمل صاحبه على تحمل عقبات الطريق، ليصل إلى الاستهانة بكل ظمأ ونصب ومخمصة، وليصبر على كل نقص في الأموال والأنفس والثمرات.

فهذا عمرو بن الجموح رجل أعرج قد أسقط الله عنه الجهاد، لكنه يسمع النداء: يا خيل الله اركبي، حي على الجهاد، ويريد أن ينطلق للجهاد في سبيل الله -جل وعلا-، فيمنعه أبناؤه بأنه سقط عنه الجهاد، وهم يكفوه، فيشكو إلى رسول الله! بأنه يريد أن يطأ بعرجته هذه في الجنة؛ فيرزقه الله الشهادة في سبيله. ويمر عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- بعدما قتل فيقول:” والله لكأني أنظر إليك تمشي برجلك في الجنة وهي صحيحة”.

وهذا عمير بن الحمام، يسمع النبي -صلى الله عليه وسلم- في غزوة بدر يقول:” قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض”، فقال عمير بن الحمام: جنة عرضها السماوات والأرض! بخٍ، بخٍ!

فقال النبي -صلى الله عليه وسلم:” ما يحملك على قولك بخ بخ يا عمير؟، فيقول عمير: لا والله يا رسول الله إلا أني أرجو الله أن أكون من أهلها، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: أنت من أهلها” فأخرج عمير بن الحمام تمرات ليتقوى بهن على القتال، فأكل تمرة، ثم قال لنفسه: والله لئن حييت حتى آكل هذه التمرات إنها لحياة طويلة، ويلقي بالتمرات ويندفع في صفوف القتال فيُقتل.

فلم يأتِ هؤلاء الكرام على ذكر الاستضعاف والعجز والخوف من الإصابات ولا أن “يكونوا مثل سوريا والعراق-بارك الله في أهلهما” وكأن تلك القروح وذاك الأذى لم يكن ليرتقي لدرجة التفكير فيه. فكان خوفهم على دينهم فقط، هذه العاطفة التي عمرت القلوب، فجعلتها تدافع عن إيمانها، وتصبر على ما ينزل عليها، وإذا رأت الويل وعظائم الأمور؛ قالت عما قليل ليتغيرن هذا الأمر الأهم أن أعمل في دعوتي وألا أتركها وألا أدعها وألا أغادرها.

فلِمَ لم تفز الدعوة بالنصر منذ بداية الابتلاء؟

نعم المصيبة في صفنا نحن، ونعم لم ننتصر بعد، ولكن ما هذا لأن المنهج قد تخلف، ولكن لأننا لم نتحقق بمواصفات العمل والدعوة الحق والإعداد،فلم تتمايز الصفوف، ولم تُنقّى نفوسنا بعد، فما زالت القلوب متعلقة بمتاع الدنيا، تخافه وتهاب الموت، إنما هي مرحلة إعداد وتمحيص، يعقبها مواجهة قادمة لا محالة، فما هي إلا فترة استضعاف وإعداد وستمر؛ وينتصر الإسلام بعدها.

هل نكتفي بالاستهانة والصبر؟

ولِمَ فُرِض الجهاد إذًا؟ ولِمَ حاصر المسلمون بني النضير على حداثة عهد المسلمين بالمدينة، أَمَا كان للانتقام لشرف مسلمة والانتفاض لقتل مسلم؟! ولكنّا نستعجل ونريد النصر بعد ألمِ ساعة، وكأنّا لم يأتنا مثل الذين من قبلنا حين مستهم البأساء والضراء وزلزلوا.

فعقيدة الاستهانة هي التي دفعت مسلمًا لقتل يهودي بين أهله نتيجة فعلته النكرة، فما ركن المسلمون إلى التعازي التي أوهنت النفوس، ولكنهم صبروا على ما أوذوا، وأعدّوا، وما تركوا سبيلًا للانتقاص من عزائمهم في الإقبال على التضحية في سبيل الله.

حتى قال المنافقون والذين في قلوبهم مرض:«غر هؤلاء دينهم» حتى قدموا على ما قدموا عليه، مع قلة عددهم وكثرة عدوهم؛ فهذا مقتضى التوكل على الله، وهذه هي حال أصحاب الدعوات؛ رجل منهم يعدل أمّة.

أريد نصرة ديني وليس لدي من الإمكانات ما يؤهلني للقيادة والتصدّر؛ فما هو دوري؟

لا نريد من الأشخاص أفعالًا ليست في يدهم ولا يملكونها، فإن استطعت الدعوة فالدعوة، وإن كان الإعداد البدني والعسكري والحربي فنعمّا هي، فإن لم يكن؛ فالثغر الذي تُتقِن، فإن لم ترى في نفسك ما يلزم من هذه العزائم؛ فأعِدّ نفسك لأي منها.

فإن لم تستطع، فكن حلقة الوصل بين الدعاة الربانيين وبين عموم الأمّة؛ حدِّثهم بما سمعت، شارك في نشر ما وصل إليك. فإن لم تستطع أيًا من هذا، فيكفك تكثير سواد المسلمين والتخذيل عنهم.

ختامًا

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ

وستمر هذه الفترة من الاستضعاف على أية حال، وبعد انقضائها ستتمايز الأحوال، بين فوز الأشخاص بالأجر وفوز الدعوة بالنصر، وبين ندم على عدم اللحاق بالصف… فاللهم استعمالًا يعقبه ثباتًا وأجرًا.


المصادر

في مواجهة التنكيل بالمؤمنين.

الواجبات التي يجب أن يقوم بها المسلم تجاه دينه.

مي محمد

طالبة علم، أرجو أن أكون مِن الذين تُسدُّ بهم الثغور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى