ماذا أفعل لنصرة المسلمين في حلب؟ إليك أبرز 10 وسائل

من منا لم تهزه مجازر حلب، من منا لم تزلزله نازلة حلب، من منا لم يبكي،  أو يصرخ أو تتلعثم الكلمات لتأبى الخروج إلا آهات وصل صداها إلى أيام الغزو التتاري الدموي لحلب!

تشعر بمرارة الأسى، بفظاعة الألم، ببشاعة الظلم… ! وأنت تعيش بأم عينيك مشاهد الدمار والقتل والإبادة المتعمدة للمسلمين في حلب تحت مسمع ومرأى جميع الأمم والبشر! تخنقك العبرات،  وتتحشرج الأنفاس، وتتسارع ضربات القلب! إنه الغضب! إنه لمكر كبار وكيد سعار وتكالب للكفرة والفجار على أهل السنة بلا رادع أو مانع! فما أنا فاعل لنصرة حلب، ما أنا فاعل لرد هذا الغزو التتاري الجديد ومحو هذا العار الثقيل من صفحة حاضر المسلمين!

كل هذا شعور طبيعي وفطري في قلب المؤمن، لا شك أننا جميعا نشترك في النازلة وفي الشعور بالفاجعة ولكن يختلف بعضنا عن بعض في طريقة التعامل مع هذه العاصفة، لا يمكن البتة أن نقبل التنازل والسقوط في منحدر اليأس والعجز، لن نرضى أبدا أن نكون منهزمين أمام قوة البطش و التآمر والقتل ذلك لأننا قوم مسلمون مؤمنون لدينا عقيدتنا السماوية النيّرة ودستورنا الإلهي العظيم من استمسك به نجى ومن تخلى عنه هلك! فكيف نسلم أنفسنا لمن كفر بالإله ومن غره الاستعلاء والكبر في هذه الحياة، وما هو إلا مخلوق لن يعدو قدره وإن استقوى وتجبر وظلم!


لنقف وقفة حازمة جادة ونحكم العقل بإيمان ويقين حتى ندرك أين نحن وما فحوى هذه الرسائل الإلاهية، ما علينا فعله وما علينا تفاديه وما علينا الحرص بقوة عليه!

نعم قد توالت السنن منذ خلق الله الأقوام البشرية على هذه الأرض ومع كل سنة رسالة وموعظة، قال تعالى : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ) هي سنة الابتلاء إذن التي ابتلانا الله بها في هذا الوقت تحديدًا ليحطم معها كل الغفلة التي عانينا منها وكل الاستهانة التي دأبنا عليها وكل القسوة التي تعودنا عليها، إنها النازلة التي تحيي القلب المؤمن وتدفعه دفعا للفرار إلى ربه! للعودة إلى خالقه وقرآن بارئه ووصيا نبيه المؤتمن على رسالته! إن أول سؤال يخطر بقلبك حين يحاصرك الخطر من كل حدب وصوب، فلينجدني ربي!!! (جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَـذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) فلنفر إلى الله وحده لا شريك له أولا وقبل كل شيء!

  • البحث عن الحل في ضوء شريعتنا ووصيا نبيّنا الكريم

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم)  إذن الحل الأول بلا جدال هو الالتزام بأمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم إنه الاستجابة لما يحييك وقد وصفته سورة التوبة بتفصيل، إنه الجهاد في سبيل الله، أقبل  بإيمان لا يشوبه شك أن الحرية ورد المظالم لن تكون إلا بالجهاد!  الذي لولاه لما انتصر المسلمون على الفرس والروم، ولولاه لما استرجع صلاح الدين الأيوبي الأقصى، والذي لولاه لما هزم قطز وبيبرس التتار وما أدراك ما التتار في وقت ضعف وقلة حيلة وتفرق للمسلمين تمامًا كما هو حالنا اليوم! عليك أن تدرك أن الجهاد فرض عين في حالتنا اليوم بإجماع علماء المسلمين منذ صدر الإسلام الأول إلى يومنا هذا وإلى آخر الزمان.

  • لا تكلف إلا نفسك!

قد يهولك عظيم المشهد وضعفك كفرد في الأمة أمام أخطبوط الأعداء المتجبر، لا تهن ولا تحزن فالجواب في كتاب ربك، الذي خلقك ويعلم طاقتك ولم يكلفك بأكثر ما تستطيع عليه نفسك، قال تعالى: (فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَاللّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً)   وقال أيضا : (وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ) فابحث بنفسك عن طرق النصرة ولا شك أن أولها هو الإنكار بالقلب واللسان وإن أمكنك فبالإعداد والقتال! ولا تنس أن الجهاد أبواب وفصول، يدخل فيها الدعاء والإنفاق والتحريض والدعوة والإعداد والقتال بالنفس! فابحث عن باب تطرقه وإياك والقعود.. قال تعالى: (الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) .

  • استقم كما أمرت واحذر المعاصي


كيف تأمل أن يرفع الله عنا هذا البلاء وأنت لا تدعو ربك وتعبده كما أمر، لا تنهى عن منكر ولا تأمر بمعروف ولا تدعو لخير! كيف ترضى أن يكون بيتك عشا للمنكرات وعائلتك في غفلة مع الغافلين! قم وأصلح حالك وبيتك وإياك والاستهانة بالذنب، إياك والاستهانة  بالغفلة وكذا التسويف، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (… وجعل الذل والصغار على من خالف أمري)  إن الذنوب كالقيود .. كالأغلال تمنعك تحقيق التغيير وإحراز النصر ـ ذكر ابن النحاس الدمشقي في كتابه الماتع “مشارع الأشواق إلى مصارع العشاق” قصة جيش للمسلمين أراد أن يفتح حصنا للعدو فاستعصى عليه، فجمع الأمير جنده وسألهم عن ذنوب يخفونها منعتهم النصر! فتذاكروا  جميعا حالهم وخلصوا إلى أن الذنب الوحيد هو تخليهم عن سنة السواك!! فتأمل معي سنة واحدة تركوها لم ينصروا بسببهها، فكيف بمن يذنب الليل والنهار ثم يرفع يديه مبتهلا يطلب العون والمدد! ما أن استاك القوم وعادوا لسنة نبيهم فتح الله عليهم ونصرهم نصرا عزيزا! أما نحن فأضحينا في وقت أضعنا معه الفرض قبل السنة! فأيها الناس عودوا لدينكم استقيموا كما أمركم الله ورسوله ثم ارفعوا أكفكم ويقينا لن يرد الله دعاءكم وليهزمن عدوكم قال تعالى: ( ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ).

  • لا تستهن بقدراتك وتأثيرك لرفع هذا الظلم عن إخوانك

كل نجاح مقرون بالإيمان، ولا شك أن المؤمنون هم الفائزون في الأخير، فقد نصروا إيمانهم بيقين أن الله لن يخذلهم فأحسنوا ظنهم بربهم فأحسن إليهم وأكرمهم! أيها المسلم أيتها المسلمة لا تستهن بما تقدمه للمسلمين اليوم في حلب بل وفي كل مكان يسامون فيه سوء العذاب، بل ليكن شعارك معذرة إلى ربكم سأستنفذ جهدي كله في سبيل أن أنجح في كفّ هذا الظلم ونصرة المستضعفين. لقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الوزغ وقال: (كان ينفخ  على إبراهيم عليه السلام) هذه صورة رائعة على المسلم أن يقتدي بها وهي معاداة كل من يؤذي المسلمين ولو بأقل إسهام ممكن! ويدخل في هذه كل أنواع الإيذاء لأهلنا في الشام بما فيه الإرجاف وتزوير الإعلام ونشر التخذيل والوهن والضعف بين صفوف المسلمين فلتتصدى لها جميعا بالهمة والعزيمة واليقين ورد كيد الخائنين في نحرهم.

  • الصدق في كل الأمر

لا يمكن أن يثمر إقبالك إن افتقد الصدق، لابد أن تكون صادقا في نصرتك واستقامتك وفي طلبك رفع البلاء، فالصدق في نية الجهاد يعني الإعداد كما أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم قال تعالى: (وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَـكِن كَرِهَ اللّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ ) والصدق في الدعاء أن تذكره في كل حين ومكان لا تغفل وأنت حريص على آدابه  وأوقات استجابته، والصدق في النصرة أن تتابع الأحداث وتتفاعل معها لترفع الهمم وتسقي اليقين وتمد الناس بالنصح الثمين منتزعا اليأس من قلوبهم ومحطما الإحباط في نفوسهم … تذكرهم بالله فتحييهم وتحيي معهم أمة كادت أن تباد. والصدق في الرجاء يعني أن تنتظر العون من الله وحده لا أحدا غيره، أن تتوكل عليه هو وحده لا شريك له، فلا يمكن أن تربط رجاءك بالله وبعبد من عباده، فقد أثبتت لنا فاجعة الشام كما غيرها من الفاجعات أن الاعتماد على المجتمع الدولي وكل ما يسمى نظام دولي فاشل تماما وأصل العبث بقضية المسلمين، لابد أن نقبل أخيرا أن العدو لا يمكن أن يقدم لك عونا وأن الإستعانة بالله مع حسن عبادته هي طريق الفلاح والنجاة.

  • لا تنتظر أحدا بل سابق بلا تسويف

بعض الناس يدرك الخلل ويعرف الحل ولكنه ينتظر أن يتقدم أحد قبله كي يتحرك! والله تعالى يقول : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُون).

فالله لن يسألك عن الدولة الفلانية أو الحاكم الفلاني أو الجماعة الفلانية! إنما هو فرض عين، ستسأل عنه لوحدك! فلا تنظر في من حولك بل فيمن سبقك.. ثم تذكر قول ابن السماك: الدنيا كلها قليل، والذي بقي منها قليل، والذي لك من الباقي قليل، ولم يبق من قليلك إلا قليل. فما أنت فاعل بهذا القليل من القليل! إنما هي حياة واحدة فهبها لخالقها.

  • حتى لا تحرم التوفيق

قال ابن عثيمين رحمه الله :” حتى تعرف أن المسألة مسألة توفيق، انظر إلى الذكر من أسهل الطاعات ولا يوفق له إلا القليل”. فإن أردت التوفيق فيما ترجوه وتسعى إليه فعليك إذن  أن تقف على الباب ولا تحيد عنه حتى تنال مبتغاك ذلك أن الله يمتحن صدقك قبل أن يوفقك، ينظر في إصرارك على التغيير والتأثير قبل أن يعطيك ما تريد، فإن أنت فقدت الصبر وسرعان ما مللت وتأففت! فكيف تطمع في توفيق من الله هو لمن حازه  ظفر بخيري الدنيا والآخرة! تفكر فيها، إن الصبر مع الأجر خير من السخط مع الخسارة ثم إن التغيير يحتاج لوقت وبذل وجهد متواصل فلا تكل ولا تمل.

  • توحيد الصفوف

إن أول أسباب مأساتنا هو الفرقة التي فتكت فينا وتفشت بيننا في عقر ديارنا، نعم الجميع  متفقون على أسباب ضعفنا ويشخصونها بما فيه كفاية وافية ولكن قليلون هم الذين ينبرون لتغيير حالنا وواقعنا.. قليل هم من يقدم العلاج ويضمد الجراح ويسارع في تطبيب الجسد المريض! إذن فلنكن جميعا مصلحين داعيين لوحدة الصفوف، لا مفرقين ومتعصبين في وقت كثرت فيه الرايات والجماعات والدعوات! لنجمع الجميع في صف المسلمين الواحد تحت ظل الشريعة الغراء لندعو الجميع للتراص كالبنيان المرصوص حول كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم! لنحرص على الجمع على تقريب المسافات وتذليل العقبات حين يكون هناك هدف نبيل عظيم هو نصرة هذه  الأمة والسبب كبير هو مصاب هذه الأمة الذي لن يستثني أحدا من أبنائها، إن لم نتحد اليوم ونتناسى جميع خلافاتنا فكيف سنهزم جموع الأعداء التي (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى) و (يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ).

  • ابحث عن المفاتيح لتجاوز المحنة

لا شك أن هناك تفاوت في التأثير بين الناس بحسب المكانة التي جعلها الله لكل واحد من خلقه، (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ)، فضع نصب عينيك العلماء والأغنياء وأصحاب التأُثير  وأهل الحل والعقد في هذه الأمة، كن محرضا لهم مذكرا لهم ، أعلمهم أنك لن تسامحهم إن قصروا في أداء واجبهم ، حرضهم على توحيد الجهود والقيام بالواجب المنشود منهم، ذكرهم بابن المبارك وابن تيمية ثم احتسب هذا كله وتذكر ﴿إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا﴾ .

هذه كانت عشر وسائل احفظها واعمل بها وانشرها بين المسلمين لعل الله يصلح حالنا ويعفو عن ذنوبنا ولا يستبدلنا بقوم خير منا يحبهم ويحبونه!

د. ليلى حمدان

كاتبة وباحثة في قضايا الفكر الإسلامي، شغوفة بالإعلام وصناعة الوعي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى