حرب 5 يونيو 1967… مختصر القصة

هذا المقال ترجمة بتصرف لمقال: Six-Day War لكاتبه موقع: HISTORY.COM. الآراء الواردة أدناه تعبّر عن كاتب المقال الأصلي ولا تعبّر بالضرورة عن تبيان.

حرب 5 يونيو 1967 كانت (الأيام الستة بالمسمى الإسرائيلي) صراعًا قصيرًا لكنه دموي. وقعت في 5 يونيو 1967 بين الكيان الصهيوني والدول العربية مصر، سوريا والأردن. بعد سنواتٍ من الخلافات الدبلوماسية والمناوشات السياسية بين الكيان الصهيوني وجيرانها، شن الجيش الإسرائيلي ضربات جوية استباقية دمرت القوات الجوية المصرية وشلت قوات حلفائها. ثم انطلقت إسرائيل في هجومٍ بريٍّ ناجحٍ واستولت على شبه جزيرة سيناء، قطاع غزة من مصر، والضفة الغربية والقدس الشرقية من الأردن ومرتفعات الجولان من سوريا. انتهت الحرب القصيرة بوقف إطلاق النار بوساطة الأمم المتحدة، لكنها غيرت خريطة الشرق الأوسط بشكل كبير. 

الصراع العربي الإسرائيلي

صور من حرب 5 يونيو 1967
صورة من حرب 5 يونيو 1967.

جاءت حرب 5 يونيو 1967 على أعقاب عدة عقودٍ من التوتر السياسي والصراع العسكري بين دولة الكيان الصهيوني والدول العربية. ففي عام 1948، شن تحالفٌ من الدول العربية غزوًا للكيان الصهيوني الناشئ كجزء من الحرب العربية الإسرائيلية الأولى. 

واندلع صراعٌ رئيسيٌّ ثانٍ يُعرف باسم العدوان الثلاثي في عام 1956، عندما شنت إسرائيل والمملكة المتحدة وفرنسا هجومًا مشتركًا على مصر ردًا على قرار جمال عبد الناصر في تأميم قناة السويس. 

شهد الشرق الأوسط بعدها حقبة من الهدوء النسبي خلال أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات، لكن الوضع السياسي ظل يُنذر بقُرب العاصفة. فقد شعر القادة العرب بالضيق من خسائرهم العسكرية ومئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين الذين خلّفهم انهزام الدول العربية في حرب 1948. بينما كان الإسرائيليون يواجهون تهديدًا وجوديًا من مصر ودول عربية أخرى. 

جذور حرب 5 يونيو 1967

كانت سلسلة من النزاعات الحدودية الشرارة الرئيسية لحرب 5 يونيو 1967. فبِحلول منتصف الستينيات، بدأ المجاهدون الفلسطينيون المدعومون من سوريا في شن هجماتٍ عبر الحدود الإسرائيلية، مما أدى إلى غاراتٍ انتقامية من جيش الكيان الصهيوني. 

وفي أبريل 1967، تفاقمت المناوشات بعد أن خاضت إسرائيل وسوريا اشتباكًا جويًا ومدفعيًا شرسًا تم فيه تدمير ست طائرات مقاتلة سورية. وفي أعقاب المعركة الجوية في أبريل، قدم الاتحاد السوفيتي لمصر معلوماتٍ استخباراتية تُفيد بأن إسرائيل تقوم بنشر قواتها في حدودها الشمالية مع سوريا استعدادًا لغزوٍ شامل. كانت المعلومات غير دقيقة، لكنها، مع ذلك، دفعت الرئيس المصري جمال عبد الناصر إلى العمل. وفي استعراضٍ لدعم حلفائه السوريين، أمر القوات المصرية بالتقدم إلى شبه جزيرة سيناء، وقام بطرد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة التي كانت تحرس الحدود جنبًا إلى جنبٍ مع القوات الإسرائيلية لأكثر من عقد.

التصعيد

صورة فضائية لجزيرتي تيران وصنافر والمضيق البحري بين الجزيرة العريبة وسيناء.

وخلال الأيام التي أعقبت ذلك، استمر جمال عبد الناصر في التلويح بالسيف، ففي 22 مايو، أوقف عمليات الشحن الإسرائيلية من مضيق تيران، وهو الممر البحري الذي يربط بين البحر الأحمر وخليج العقبة. وبعد أسبوع، أبرم اتفاقية دفاعٍ مشتركٍ مع الملك حسين ملك الأردن. 

ومع تدهور الوضع في الشرق الأوسط، حذّر الرئيس الأمريكي ليندون جونسون الجانبين من إطلاق الطلقة الأولى، كما حاول حشد الدعم لعملية بحرية دولية لإعادة فتح مضيق تيران. لكن الخطة لم تتحقق أبدًا، وبحلول أوائل يونيو 1967، صوّت القادة الإسرائيليون لصالح مواجهة التصعيد العسكري العربي بشن ضربةٍ استباقية. 

واندلعت حرب 5 يونيو 1967

في الخامس من شهر يونيو 1967، بدأ الجيش الإسرائيلي عمليته العسكرية، وهي هجومٌ جويٌ منسق على مصر. أقلعتِ، في ذلك الصباح، حوالي 200 طائرة من إسرائيل. حلقت غربًا فوق البحر الأبيض المتوسط قبل أن تتجه نحو مصر من الشمال. 

بعد أن باغتوا بالمصريين، هاجموا 18 مطارًا مختلفًا ودمروا ما يقرب من 90 بالمائة من القوات الجوية المصرية أثناء مُكوثها في الأرض. ثم وسعت إسرائيل نطاق هجومها ليشمل القوات الجوية الأردنية والسورية والعراقية فدمرتها جميعًا. وبحلول نهاية يوم الخامس من يونيو، كان الطيّارون الإسرائيليون قد سيطروا بشكلٍ كاملٍ على سماء الشرق الأوسط. 

من خلال تفوقها الجوي، تمكنت إسرائيل من تحقيق النصر تقريبًا. لكن القتال الضاري استمر لعدة أيام أخرى، بدأت الحرب البرية في الخامس من يونيو، وبالتزامن مع الضربات الجوية، اقتحمت الدبابات والمشاة الإسرائيلية الحدود إلى شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة. 

كان للقوات المصرية مقاومة حماسية وشرسة، لكنها سقطت فيما بعد في حالة من الفوضى بعد أن أمر المشير عبد الحكيم عامر القوات المصرية بالانسحاب العام. وعلى مدى الأيام القليلة التالية، طاردت القوات الإسرائيلية المصريين المهزومين عبر سيناء وأوقعت إصابات جسيمة. 

فتحت إسرائيل جبهة ثانية عندما بدأ الأردن، بعد أن وصلته تقارير كاذبة تُفيد أن مصر انتصرت في الحرب، بقصف المواقع الإسرائيلية في القدس. ردت إسرائيل بهجوم مضاد مدمر على القدس الشرقية والضفة الغربية. وفي السابع من شهر يونيو، احتلت القوات الإسرائيلية البلدة القديمة في القدس، واحتفلت بالصلاة عند حائط المبكى. 

إسرائيل تحتفل بالنصر

ووقعت المرحلة الأخيرة من القتال على طول الحدود الشمالية الشرقية لإسرائيل مع سوريا. في التاسع من يونيو، بعد قصفٍ جويٍّ مكثف، تقدمت الدبابات والمشاة الإسرائيلية في منطقة شديدة التحصين في سوريا تمسى مرتفعات الجولان، ونجحوا في الاستيلاء عليها في اليوم التالي.

وفي العاشر من يونيو 1967، تم وقف إطلاق النار بين المعسكرين بوساطة الأمم المتحدة، وانتهت حرب 5 يونيو 1967 بشكلٍ مفاجئ. وتشير التقدير إلى أنه قد قُتل، خلال الحرب، نحو 20 ألف عربي، مقابل 800 إسرائيلي فقط.

أصيب قادة الدول العربية بالصدمة جراء هذه الهزيمة المُذلِّة، حتى أن جمال عبد الناصر قدم استقالته، لكن المصريين سيّروا مظاهرات حاشدةٍ داعمة له في الشوراع ليعود بعدها إلى منصبه على الفور. وفي إسرائيل، كان المزاج القومي بهيجًا، ففي أقل من أسبوع استولت الدولة الفتيّة على شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة من مصر والضفة الغربية والقدس الشرقية من الأردن ومرتفعات الجولان من سوريا.

إرث حرب 5 يونيو 1967

موشيه دايان وزير الدفاع الإسرائيلي أثناء الحرب، يتمشى في شوارع القدس الشرقية بعد انتصاره في الحرب.

كان لحرب 5 يونيو 1967 أو نكسة 67 مآلات جيوسياسية عميقة في الشرق الأوسط، لقد أدى الانتصار في الحرب إلى تصاعد الفخر القومي في إسرائيل، وأدى أيضًا إلى تأجيج الصراع العربي الإسرائيلي. 

وفي ظل خيبتهم ومعاناتهم من الهزيمة فيها، اجتمع القادة العرب في الخرطوم في أغسطس 1967 لتوقيع قرارٍ مفاده أن لا سلام ولا اعتراف ولا مفاوضات مع إسرائيل. وقد شنت الدول العربية في وقت لاحق، بقيادة مصر وسوريا، هجومًا رابعًا على إسرائيل خلال حرب يوم الغفران عام 1973. 

ومنذ عام 1967، كانت الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب 5 يونيو 1967 محور الجهود المبذولة لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي. أعادت إسرائيل شبه جزيرة سيناء إلى مصر في عام 1982 كجزء من معاهدة السلام، ثم انسحبت من قطاع غزة في عام 2005، لكنها استمرت في احتلال واستيطان أراضٍ أخرى، أبرزها مرتفعات الجولان، والضفة الغربية.

كودري محمد رفيق

من الجزائر، أكتب في الدين والفكر والتاريخ، أرجو أن أكون مِن الذين تُسدُّ بهم الثغور.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى