معركة نورماندي

هذا المقال ترجمة لمقال: D-Day لكاتبه موقع: HISTORY . الآراء الواردة أدناه تعبّر عن كاتب المقال الأصلي ولا تعبّر بالضرورة عن تبيان.

في 6 يونيو 1944، في ظل ركوع أوروبا الغربية تحت هيمنة الجيش الألماني النازي، بدأت معركة نورماندي، التي حملت اسم عملية أوفرلورد. استمرت المعركة من يونيو 1944 إلى أغسطس 1944، وأدت إلى تحرير الحلفاء لأوروبا الغربية من سيطرة ألمانيا النازية. بدأت المعركة المعروفة أيضا بــ D-Day “يوم النصر” عندما تم إنزال حوالي 156 ألف جندي من القوات الأمريكية والبريطانية والكندية على امتداد 50 ميلا من الساحل المحصن لِمنطقة نورماندي بفرنسا.

يُعتبر هذا الغزو أحد أكبر الهجمات العسكرية البرمائية في التاريخ، وتطلب -بطبيعة الحال- تخطيطًا واسِعًا. قبل D-Day، شرع الحلفاء في عمليات تمويه واسعة النطاق، تهدف إلى تضليل الألمان عن منطقة الغزو المقصودة. وبحلول أواخر أغسطس 1944 استطاع الحلفاء تحرير كل شمال فرنسا، وبحلول فصل الربيع التالي كان الألمان قد هُزِموا. وتُعتبر معركة نورماندي بداية نهاية الحرب في أوروبا.  

التحضير ليوم النصر “D-Day”

بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية استطاعت ألمانيا غزو واحتلال شمال غرب فرنسا بكامله. دخل الأمريكيون الحرب في ديسمبر 1941، وبحلول عام 1942 بدأوا مع القوات البريطانية عقب إجلائهم من شواطئ دانكيرك في مايو 1940 جراء انهزامهم ضد القوات الألمانية في معركة فرنسا في التفكير في إمكانية غزوٍ مشتركٍ عبر القناة الإنجليزية، وفي العام التالي بدأ الحلفاء في التخطيط الجِدي لعملية الغزو. وفي نوفمبر 1943 قام أدولف هتلر الذي كان مُحيطًا بخطر الغزو من الساحل الشمالي لفرنسا، بتعيين إروين رومل مسؤولًا عن قيادة عمليات الدفاع في المنطقة. لم يعرف الألمان من أين سيضرب الحلفاء بالضبط، لكنهم اجتهدوا في تحصين الساحل الشمالي ببناء الجدار الأطلسي، الذي كان عبارة عن حصنٍ طوله 2400 ميل من المخابئ والألغام والعقبات. 

في يناير 1944، تم تعيين الجنرال دوايت أيزنهاور قائدًا لِعملية أوفرلورد. وفي الأشهر والأسابيع التي سبقت يوم النصر، قام الحلفاء بحملة تمويه ضخمة هدفها جعل الألمان يعتقدون أن منطقة الغزو الرئيسية هي با دو كاليه (أضيق نقطة بين بريطانيا وفرنسا) بدلًا من نورماندي. كما ساقوا الألمان إلى الاعتقاد بأن النرويج ومواقع أخرى كانت أيضًا أهدافًا محتملة في عملية الغزو، وتم استخدام العديد من التكتيكات لتنفيذ حملات التضليل هذه، بما في ذلك المعدات المزيفة، الجيوش الوهمية والعملاء المزدوجين. 

تأخرٌ بسبب الطقس (5 يونيو 1944)

اختار أيزنهاور يوم 5 يونيو 1944 كموعد لبداية الغزو، ولكن تسببت الأحوال الجوية السيئة في تأخير الغزو لــ 24 ساعة أخرى. في صباح 5 يونيو، بعد أن توقع خبير الأرصاد الجوية تحسن الطقس في اليوم التالي، أعطى أيزنهاور الضوء الأخضر لعملية أوفرلورد. وقال مُخاطبا قوات الحلفاء:

أنتم على وشك الشروع في الحملة الصليبية العُظمى، الحملة التي ناضلنا من أجلها شهورًا عديدة، عُيون العالم مسلطةٌ عليكم!

وفي وقتٍ لاحق من ذلك اليوم، غادرت أكثر من 5 آلاف سفينة وزورق إنزال شواطئ إنجلترا، كما تم تعبئة أكثر من 11 ألف طائرة لتوفير الدعم الجوي لعملية الغزو. 

الإنزال (6 يونيو 1944)

بحلول فجر 6 يونيو، كان الآلاف من المظليين على الأرض خلف خطوط العدو، ونجحوا في تأمين الجسور وطُرق العبور. بدأت الغزوات البرمائية في الساعة 6:30 صباحًا، تغلبت القوات البريطانية والكندية على المقاومة الخفيفة في شواطئ: Gold، Juno، Sword، كما فعل الأمريكيون في شاطئ يوتا. لكن القوات الأمريكية واجهت مقاومة عنيفة في شاطئ أوماها، حيث سقط أكثر من 2000 أمريكي. ومع ذلك، بحلول نهاية اليوم، اقتحم ما يقرب من 156 ألف جندي من قوات الحلفاء شواطئ نورماندي بنجاح. 

وفقًا للتقديرات، قُتِل أكثر من 4000 جندي من قوات الحلفاء، بالإضافة إلى الآلاف من الجرحى والمفقودين. بعد أقل من أسبوع في 11 يونيو كانت الشواطئ بكاملها مؤَمَّنة، وتم إنزال أكثر من 326 ألف جندي، وأكثر من 50 ألف مركبة، وحوالي مئة ألف طن من المعدات في منطقة نورماندي.

وعلى الجهة الأخرى كان الألمان في معاناة لا حصر لها، أولها غياب القائد الشهير رومل الذي كان في إجازة، كما اعتقد هتلر أن عملية الغزو هذه ما هي إلا تمويه هدفه تشتيت الألماني عن الهجوم الحقيقي القادم من شمال نهر السين، فرفض إطلاق الكتائب القريبة من موقعة الغزو للانضمام إلى الهجوم المضادة، فكان لا بد من استدعاء التعزيزات البعيدة مما تسبب في تأخر الهجوم المضاد، علاوة على ذلك، كان الدعم الجوي الفعال للحلفاء قد نجح في إعاقة الألمان وتأمين العديد من الجسور كما أجبر قوات النازية على التراجع، بالإضافة إلى الدعم البحري الذي قدم تغطية ممتازة لتقدم قوات الحلفاء.

وفي الأسابيع التي تلت ذلك، شق الحلفاء طريقهم عبر ريف نورماندي حيث واجهوا مقاومةً شديدة من الألمان. وبحلول نهاية يونيو، استولى الحلفاء على ميناء شيربورغ الحيوي، وتم إنزال حوالي 850 ألف مقاتل، و150 ألف مركبة، فكان الحلفاء مستعدين لمواصلة تقدمهم عبر فرنسا. 

النصر في نورماندي

التوقيع على وثيقة الاستسلام من قبل ألمانيا.

بحلول نهاية أغسطس 1944، وصلت قوات الحلفاء نهر السين، وتم تحرير باريس وإخراج الألمان من شمال غرب فرنسا، وانتهت معركة نورماندي. ثم استعدت قوات الحلفاء لدخول ألمانيا، حيث ستلتقي مع القوات السوفييتي القادمة من الشرق. 

حوّل غزو نورماندي أمارات الحرب جذريًا، وكان ضربة نفسية كبيرة للقوات النازية، كما منع هتلر من إرسال قواته إلى الجبهة الشرقية لصد المد السّوفييتي. وفي الربيع التالي، في 8 مايو 1945، قبِل الحلفاء رسميا استسلام ألمانيا غير المشروط، وكان هتلر قد انتحر قبل أسبوع. 

كودري محمد رفيق

من الجزائر، أكتب في الدين والفكر والتاريخ، أرجو أن أكون مِن الذين تُسدُّ بهم الثغور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى