العمل الخيري بين الرسالية والوظيفيّة (02)

نكمل مع الجزء الثاني من مقال “العمل الخيري بين الرسالية والوظيفيّة” للاطلاع على المقال الأول من هنا.

إن العمل الخيري لا يقضي على الفقر ولا يجتثّه من المجتمع، ولا الدولة نفسها بكل مؤسساتها ومواردها تستطيع أن تفعل ذلك، وإنما حقيقة ما تفعله الجمعيات الخيرية هو أنها تحاول علاج آثار الفقر الذي صنعته الدولة بسوء تسييرها والفساد المستشري فيها والنهب المستمرّ لخيرات الشعوب وثرواتها من طرف الساسة ورجال الأعمال الفاسدين.

ومن هذا المنطلق فإنه من مصلحة الدولة أن تكثر الجمعيات الخيرية وأن تمنح لها الاعتمادات القانونية لأنها ترفع عنها حرج ومؤنة كفالة ورعاية هذه العائلات ولا تكلّف الميزانية الحكومية شيئًا، ولن تكون الدولة في موقع المحاسبة ولا المساءلة عن أي تقصير وحيف لو كانت هي من يتولى ذلك، بل سوف تكون هذه الجمعيات بمثابة الفتيل Fuse التي تستبدلها السلطة وتسلب الاعتماد منها وتتابع أعضائها قضائيًا لتظهر في صورة المنافح عن الفقراء والحريص على مصلحتهم، بينما لا يجرؤ أحد من الفقراء ولا من الجمعيات أن يرفع صوته مطالبًا بمحاسبة السلطة ومساءلتها عن صرف المال العام وتسييره وعن تضييعها لحقوق الفقراء وتفريطها في رعايتهم.

وقد حدث في الجزائر أن اتّهم الفقراء والمحتاجون أعضاء بعض الجمعيات باختلاس المعونات، لأنهم عاشوا في كنف سلطة تمارس عليهم الأبوية والتسلط في كل تفاصيل حياتهم، حتى صاروا يرون ما تقدّمه الجمعيات إنما هو مما تمنحه السلطة إياهم، بينما يكدّ أعضاء هذه الجمعيات ويجهدون ويريقون ماء وجوههم في تحصيل الأموال والمؤونة والمعونات من الأثرياء والتجار وعامّة النّاس.

ولقد كانت المؤونة والمساعدات والألبسة والأدوية والرعاية الطبية والتعليمية والمناشط الترفيهية التي تشرف عليها هذه الجمعيات تسدّ ثغرة كبيرة ويستفيد منها عشرات بل مئات الآلاف من العائلات الفقيرة والأرامل والأيتام والمرضى، لكنّ الحقيقة المرّة والتي يأبى كثير من الناشطين اجتماعيًا وخيريًا الاعتراف بها -وقد صارحني بعضهم بها وعاينتُ من تجارب شخصية طرفًا منها- أن تلك الآلاف المؤلفة من الأُسَر لا تستفيد شيئًا في دينها ولا أخلاقها ولا مشاركتها في رفع الغبن عن نفسها ولا رفع وعيها لتدرك من كان سبب فقرها ولا قربًا من مشروع الإسلاميين ونصرة له، باعتبار شبابهم وجمعياتهم هم من يحملون العبء الأكبر في العمل الخيري بكل أشكاله.

إن هذه الأسر تأكل وتكتسي وتتداوى ويتعلم أبناؤها ثم تنصرف لحال سبيلها، لا يجمعها بهذه الجمعيات رابط ولا مشروع ولا حتى مشاعر وعواطف متميّزة. وإذا توقفت جمعية أو ارتأت أن تقطع صلتها بهذه الأسرة أو تلك، فإنّ الجمعيات كثيرة ولن يعجزها أن تجد من يعولها ومن نفس الطيف الإسلاميّ، في غياب أي تنسيق أو آليات تثمّن الجهود وتجعلها روافد تصبّ في نهر مشروع أكبر.

العشرية والتوجه الجديد للملتزمين

من أرشيف عشرية الجزائر.

واضح أن القمع والاستئصال والترهيب والسجون والقتل الذي تعرض له الإسلاميون والمتعاطفون معهم خلال عشرية التسعينيات، قد بقيت آثاره حاضرة في مشاعر وتفكير من نجا منهم من المحرقة، والذين اختار كثير منهم العمل الخيري بعد عام 2000.

كما أن الجمعيات الأخرى ذات المرجعية الإخوانية أو السلفية تفضّل أن تنأى بنفسها عن أيّ سلوك أو برنامج عمل يضعها موضع الرافض للسلطة أو المعارض لها. كيف والاعتمادات القانونية بيد هذه السلطة نفسها التي تمتلك في أي لحظة حلّ أي جمعية ومتابعة أعضائها بأي تهمة تافهة تنغّص معايشهم وتدخلهم في دوامة من الإجراءات والتضييق، يعرف كلّ مواطن في الدول العربية أنه لن يربحه مهما كانت قضيته عادلة أو كان بريئًا من أي تهمة.

عندما أستحضر التجربة الجزائرية في العمل الخيري بعد 2000، فإنّ الأمر انتقل إلى مستوى آخر من العلاقة بين الجمعيات الخيرية الإسلامية والسلطة، أكثر ألفة وحميمية وتعاونًا، من خلال اللقاءات والملتقيات والتنسيق والثناء على مجهودات الحكومة والإشادة بها، بحيث لا يكاد يخلو نشاط خيري من حضور رسمي مبالغ فيه وحفاوة وترحيب وشهادات تكريمية لن ترى مثله أبدًا في أوروبا والولايات المتحدة وكندا، ولا حتى في دولة الكيان الصهيوني.

ولا أعلم سببًا لهذه التصرفات سوى الخشية من التضييق الأمني والإداري والمحافظة على خيط صلة يحمي هذه الجمعيات من التعسف، وإلا فما جدوى أن يحضر هذه المناشط الخيرية رئيس بلدية ورئيس دائرة شرطة وضابط في الجيش أو الدرك وممثل عن الولاية (المحافظة) وآخر عن الحماية المدنية؟ بينما هم لم ينفقوا دينارًا واحدًا ولا وفّروا أي دعم لوجيستي إلا في النادر الذي لا يقاس عليه، والذي كان من أجل مصلحة النظام على المستوى المحلي أو الوطني.

تغفل هذه الجمعيات الخيرية -على فضل واستقامة وتديّن ونزاهة وإخلاص أعضائها في الغالب- وتسيء التقدير والتصرّف حين تحسب أن النظام يتعاطف فعلًا مع أنشطتها ويدعمها لأنه يريد الخير لشعبه ويعطف على الفقراء والمحرومين. وتخطئ وتسيء التقدير حين تظنّ أنها بهذا الأسلوب من الحفاوة والتعاون والتنسيق سوف تكسب السلطات أو مؤسسات النظام، أو حتى أشخاصًا منهم لصالح قضيتها ومشروعها إن كان لها قضية ومشروع.

والمشكلة الأكبر أن هذه الجمعيات تكوّن أعضاءها وتربّيهم على قدر كبير من السيولة في المفاهيم والتصورات، تجاه الواقع والنظام السياسي والاقتصادي الذي يصنع هذا الواقع البئيس المتخلف. وتجعل منهم أشخاصًا يشعرون بالإشباع العاطفي والنفسي لمجرد توفير الطعام واللباس والدواء، وأن هذا في حدّ ذاته إنجاز ونجاح يستحق أن تُبذل فيه الأوقات والأموال والمُهج، ويؤسّسون بوعي أو بدونه لشرعية النظام ويرسّخون هذه الشرعية بخدماتهم أولًا بتعاملهم مع السلطة ثانيًا.

بينما مئات الآلاف ممن يستفيدون من هذه الخدمات في المقابل يؤيدون هذا النظام وينتخبون أحزابه التي لا تنفق دينارًا واحدًا في العمل الخيريّ، ولا تلتفت أصلًا للفقراء والمحرومين إلا في المناسبات الانتخابية وبطريقة فجّة وانتهازية واضحة.

نعم؛ هناك رجال مال وأعمال وأثرياء وتجار ومحسنون لا يثقون إلا في أبناء المساجد وشباب الحركة الإسلامية في الجمعيات، ويسلمونهم الأموال والغذاء والدواء واللباس ويأتمنونهم عليه ممّا يجعلهم تحت ضغط بلوغه للمستفيدين منه وتحقيق رغبة المنفقين أداء للأمانة، لكنني لا أرى في هذا سببًا وجيهًا ولا مبررًا مقنعًا في هذه السلبية والتعامل البارد مع قضايا الأمة وشعوبها والضعف أمام الأنظمة والانسحاب الكلي من مقاومة الظلم والاستبداد والفساد الذي هو السبب الرئيس في صناعة الفقر والفاقة والمرض والجهل والتخلف الذي ما نشأت هذه الجمعيات إلا لتصحيحه وتجاوزه، فإذا بها تصبح كأنها ملحقات لوزارات الداخلية أو الشؤون الاجتماعية أو وزارة الشؤون الدينية والأوقاف!

ما المطلوب إذن؟

لا يطالب عاقل بتحوّل هذه الجمعيات إلى أحزاب سياسيّة أو مشاريع مقاومة بالمعنى السياسيّ. ولا يطالب عاقل بوقف الخير والإحسان لفقراء المسلمين. لكن ما يجب تصحيحه وإعادة النظر في منطلقاته هو هذا الربط والتلازم بين العمل الخيري الحرّ المستقلّ وبين الإقرار بشرعية النظام السياسي وأحقيته بالحكم والهيمنة والتسلط بلسان الحال وأحيانًا بلسان المقال، والحرص المبالغ فيه في استرضاء مؤسساته الأمنية والإدارية والسياسية والانسحاب من كلّ أشكال الرفض والمقاومة والتحدي لأنظمة وظيفية فاسدة مستبدّة تجعل من بين خططها أن تحوّل كلّ الفضاء السياسي و(الخيريّ) والثقافي والإعلامي إلى ملحقات وأذرع وظيفيّة. وقد نجحت إلى حدّ بعيد في ذلك مهما تمحّلت وتكلّفت قيادات وأعضاء العمل الخيري في نفيه أو تبريره أو تسويق صورة مختلفة عن علاقتها بالنظام السياسي ومؤسساته.

إن أول ما يجب أن تشتغل عليه هذه الجمعيات الخيرية هو التأسيس لمفهوم المفاصلة (أو في أدنى المستويات: التمايز) مع النظام السياسيّ ومؤسساته. وأن طلب الاعتماد القانوني ليس عقبة أمام ذلك حين يكون وراء هذه الجمعيات مشروع ورؤية محددة ورسالة واضحة وقيادات ليس أكبر أهدافها هو تحقيق النجاح بالمعيار الرقمي والعددي.

ثم يجب عليها أن تشتغل وبعمق وإصرار على تأهيل الثقات والأمناء من شبابها وتكوينهم بعيدًا عن السيولة العاطفية والنفسية والفكرية التي تعتبر التدافع والمزاحمة للباطل تشددًا وربما إرهابًا ونقصًا في الحكمة والتدبير. وهذا يتطلب رعاية خاصة وبرامج تأهيل وتكوين ووعيًا بضرورة ذلك واعتباره مرتكزًا أساسيًا لا مجرد نافلة أو ترف.

ثم لا بدّ من إعادة نظر في تصور هذه الجمعيات للشريحة الشعبية المستهدفة بأنشطتها، والتي يغلب عليها الفقر والحاجة والأمية والتخلف والهامشية في الحياة العامة. هل المطلوب هو إبقاؤها في هذا المستوى والسعي فقط من أجل إشباع حاجاتها الأساسية من غذاء ولباس ودواء ومأوى؟ أم هناك إمكانية للارتقاء بها لتصبح فاعلة في تقويض أساسات النظام السياسي المتسبب في إفقارها وتجهيلها وتهميشها؟

لقد بقي الفقراء فقراء، ولم تسهم هذه الجمعيات بكلّ الأموال التي تنفقها في نقلهم من حالة الفقر إلى حال الكفاف فضلًا عن الغنى، ولن تستطيع ذلك أبدًا لأنه يتطلب موارد ومؤسسات وصلاحيات دولة، لا جمعيات وجودها مرتهن بقرار إداري أو قضائي أو نزوة أمنية.

ولا بدّ كذلك من سقف مرتفع من التحدّي والاستعداد للمقاومة والمناكفة للأنظمة والتشغيب عليها وفضح سياساتها، ومناورتها في المساحات التي تسمح بها طبيعة هذه الجمعيات، وباستغلال كل الثغرات القانونية والسياسية الممكنة، وعدم الركون إلى المناطق الآمنة والبحث عن التوافقات والخضوع للابتزاز بالاعتماد القانوني ودون تهوّر ولا مسارعة إلى الصدام، وهي معادلة دقيقة لا أزعم أبدًا أنها سهلة ميسورة ولكن لا بدّ ممّا ليس منه بدّ.

إنّه ليس عيبًا ولا انتهازيّة أن يسعى العاملون في الجمعيات الخيريّة إلى استثمار جهودهم والأموال والأوقات التي ينفقونها في توعية الناس وتأليبهم على من كان سبب فقرهم وربطهم بمشروع التغيير الذي تؤمن به هذه الجمعيات لكنّها تخفيه ظنًا منها أنها عاجزة أو طمعًا في استيعاب واختراق مؤسسات الدولة وهو الإنجاز الذي فشلت فيه جماعات سياسية وجهادية تتبنى خط المقاومة والصراع بوضوح فضلًا عن غيرها.

لا شكّ أن الأمر يتطلب شجاعة في تشخيص وضع هذه الجمعيات الخيريّة وأهدافها وغاياتها وتقييمًا لجهودها ومشاريعها في العقدين الأخيرين إذا كان موضوع مقالنا هو الحالة الجزائرية. كما يتطلب تفكيرًا وفق نمط غير تقليدي ولا منهزم أمام سطوة الأنظمة السياسية ومؤسساتها الأمنية والإدارية، واستفادة من الدروس الكثيرة التي يمكن استخلاصها من التجارب المحلية والعربية والإسلامية. وقد يقتضي الأمر سنوات من التفكير الفردي والجماعي والاستفادة من الذكاء الجماعي وتأصيلات شرعية، وتأسيسًا لأنماط جديدة ومختلفة من الخطاب والممارسة.

لكن ما لا ينبغي الركون إليه هو الرضا بالوضع الذي تعيشه الجمعيات الخيرية، وانسحابها من معركة التحرير والوعي والنهضة الشاملة وتدرّجها لتصبح جمعيات وظيفية تشيد بها الجرائد وتستضيفها الفضائيات ويثني عليها الملأ المستكبرون في السلطة، وتملأ أخبارها وصورها مواقع التواصل الاجتماعي بينما يفوز بالثمرة غيرها من العلمانيين والمستبدين والمفسدين.

وقد لاحظت أن حضور العلمانيين في العمل الخيري محدود جدًا، ولا يمكن مقارنته أبدًا بالحضور الإسلامي، ومع ذلك فإن غياب العلمانيين لم يجعلهم يخسرون معاركهم السياسية ومواقع نفوذهم وقدرتهم على التأثير في الرأي العام وصناعة القرار داخل المؤسسات الرسمية.

وأنا أفهم جيدًا أن صِلاتِهم ووشائجهم مقطوعة مع شعبهم لهذا لا يهتمون بشأنه ولا يجهدون أنفسهم في خدمته، وإنما تصب جميع خططهم واستراتيجياتهم في الهيمنة والتسلّط عليه وحكمه. وبرغم ذلك فإن هذه المقارنة ضرورية لتثير نقاشًا حول الجدوى من العمل الخيريّ ومدى خدمته للأمة في قضاياها الكبرى ابتداءً من حقها في أن تحكمها شريعة ربها ومنهاجه، وانتهاء بتحقيق النهضة والتنمية الشاملة.

ختامًا

وفي الختام فإنني لا أعمّم الحكم على كل جمعية ولا على قياداتها بأعيانهم، فهناك استثناءات حتمًا، لكنها استثناءات قليلة وغير مؤثرة ولا تنقض الظاهرة العامّة أو تلغيها، فالحكم للغالب الأعمّ.

وأخيرًا يحقّ لنا أن نسأل: ألا يمكن ممارسة العمل الخيري إلا وفق هذا النمط التقليديّ السائد؟ والذي يستفيد منه النظام أولًا وأخيرًا بينما يبقى الفقراء يمدّون أيديهم ينتظرون إحسان جمعيات يعدها النظام خطرًا عليه وتهديدًا له ويرصد كل تصرفاتها ومواردها ويجعلها تحت مجهر أجهزة الأمن بينما يطلق العنان لنوادي الروتاري والليونز والماسونية وعشرات الجمعيات ذات التمويل والعلاقات المشبوهة؟

شخصيًا أعد العمل الخيري الذي تمارسها أكثر الجمعيات قد سقط في أبشع أشكال الوظيفية، وتلميع صورة النظام وترسيخ سلطته وترقيع أخطائه الكارثية وستر عوراته في الشق الاقتصادي والاجتماعيّ. وأرى أن هناك إمكانية لاستثمار أمثل وأكثر عمقًا وفعالية وامتدادًا من هذا النمط، الذي يصبح فيه الاعتماد القانوني سيفًا مصلتًا فوق أعناق هذه الجمعيات. وأنه قد آن الأوان لفتح نقاش يبدأ في دائرة كلّ جمعيّة ليتوسّع ويشمل دوائر أوسع.

بطبيعة الحال فإن المؤمنين بنموذج الدولة القطرية، والذين ترسّخت فيهم صنميتها فأصبحوا لا يتصورون شكلًا آخر يستطيع الإنسان المسلم من خلاله أن يمارس دوره ويعيش عقيدته وينفذ شريعة ربّه في نفسه وأسرته ومجتمعه، والذين يخشون من مجرّد التفكير في الموضوع وفتح نقاش جريء حوله كمقدمة ضرورية قبل الشروع في أي عمل؛ هؤلاء سيبدو لهم المقال لغوًا لا فائدة فيه ودعوة للتمرد على الدولة ومؤسساتها وتحريضًا على الفتنة والوقيعة بين النظام والشعب وتهديدًا لكل المكاسب التي حققتها هذه الجمعيات، مع أنني أشكّك في أنها قد حققت مكاسب أصلًا!

(قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ ۖ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ….)

الكاتب: الصغير منير.

كلمة حق

تقارير ومقالات يتم إعادة نشرها من مجلة كلمة حق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى