المعرفة القرآنية النور الذي يغنيك عن آلاف الكتب والمطولات الفكرية

لطالما أبهرني معرض الكتاب وما يحظى به من حفاوة تزداد عامًا بعد عام. وأتساءل: ما الذي يدفع كل هؤلاء بمختلف شرائحهم العمرية والاجتماعية والثقافية للإقبال على القراءة؟! ما السِرّ الذي تحويه الكتب لجذبهم؟!

ثم ما لبثت إلا وتيقنت أنها سطوة المعرفة، وما تشبعه من حاجة الإنسان لحب الاستطلاع ومعرفة ما غاب عنه. ولكن كثيرًا ما تتملكني الدهشة حينما تظهر موجة تشكيكية أو شبهة فكرية؛ وتظهر عشرات الكتب والكتابات التي تردّ عليها؛ فأقرأ المراجعات التي يضعها قرّاء هذه الكتب؛ فلا تُخطئ العين عمق اطلاعهم وتأثّرهم بكل فصل بل وكل عبارة. وعند تلمّس آثار التغيير الواقعي الذي صنعته هذه الكُتُب؛ فلا تجد غير معرفة منثورة مُتَفَرِّقة مُتَشَتِّتة وفق نهج هذا الكاتب مرّة ووفق نهج ذاك الكاتب مرّة أخرى.

وفي المقابل أقف مع نفسي طويلًا لأتأمّل آثار المعرفة القرآنية على أفرادٍ جعلوا القرآن قضية مركزية وحجر أساس في قضاياهم الفكرية والسجالية، فأنبهر بثباتهم الفكري ورصانتهم العلمية وصحة نظرهم في المستجدات، وبمنتجهم العلمي والفكري ذي البناء الرصين الذي يستحيل أن تعصف به رياح التغريب، أو تناله معاول الشبهات ولا التشكيكات.

ولإن كنا نتحدث عن المعرفة القرآنية وأثرها في صياغة الشخصية الإسلامية فإنه من العدل أن نُلقي نظرة على المنتج الذي أفرزته هذه المعرفة وعلى أوّل مَن تلقَّاها وعمِل بها. ولقد كانت باكورة إنتاج المعرفة القرآنية هو جيل الصحابة الفريد، ذاك الجيل الذي صنع خير حضارة دون أن تؤثِّر فيه سطوة انبهار بثقافة غالبة كفارس والروم، ولم تقعده العبادة عن العمل، ولم ينسى الآخرة ولم يُقصِّر في الأسباب الدنيوية.

سمات المعرفة القرآنية

ثمّ عند البحث عن أسباب تفرد جيل الصحابة ذوي الشخصية القرآنية فلا بدّ وأن نعلم أن هذه الشخصية منتجٌ صاغته المعرفة القرآنية، فجاء تابعًا لسمات هذه المعرفة. إذْ أنها معرفة شمولية تخاطب كل ما في الإنسان، تخاطب العقل والفكر وتلين لها القلوب وتقشعر منها الجلود ثم تلين، وتفيض منها العيون بالدمع، بل خرّ منها الأنبياء سُجَّدًا وبُكيًّا. ثم إذا ذهبت إلى غير القرآنية فستجدها منثورة مشتِّتة كثيرة السبل، وتخاطب جزءًا فيك لا غير، لا تملك تلك السطوة التي تجعل من المعرفة منتجًا تغييريًا يتملك النفس والبدن والفكر فلا ينفك الإنسان عنها ولا يحيد.

ولننظر إلى بليغ وصف الخالق سبحانه حين قارن بين أثر المعرفة القرآنية والمعرفة الفوضوية المنثورة فقال تعالى: «وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا» وقال تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا» فما تزيدك المعرفة القرآنية إلا انقيادًا لله وارتباطًا بها وتفاعلًا معها. أما غير القرآنية تغنيك وتنسيك ضعفك، فالإنسان إذا رأى أنه علم ما يغنيه، ولم يرتبط علمه بوازع ديني؛ استغنى وطغى. يقول تعالى: «كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ (6) أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ».

إن كثيرًا من المعارف الفكرية والسجالية لا تتعدى كونها مجرد ترف ذهني، وضياع وقت وجهد في كلام وصراعات وسجالات بدون منتج تغييري على مستوى القلب والروح والعقل، بل بعضها يضعك داخل حالة من شتات المفاهيم. أما تلك المعرفة القرآنية التي تلتزم بمنهج الشريعة في “تعظيم اليقين” تزيدك عِزّة، واستعلاءً بمنهجك، فربما تكون في أكثر مواقف ضعفك، ورغم هذا لا تنبهر ولا تأخذك سطوة انبهار بثقافة ولا أفكار تؤول لاحقًا إلى هدم بنيانك المعرفي وتعظيمك الشرعي. فتغرس فيك عِزّة الاستغناء بالله.

فهناك «معرفة مُقيِّدة» مشوهة ناقصة، لا ترشدك إلى طريق، بل تزدك عجزًا عن التحرّك. ألم ترى إلى كثير ممن خاض غمار السجالات آل به المآل إلى اعتزال التحرك بزعم أنّ الأمور تحتاج لمعجزة تغييرية، والناس لن يتغيروا؟!

يقول ابن تيمية مستحضرًا لوازم النقص البشري مقابل الكمال الإلهي الذي حفظ أنبياءه وشريعته من الزلل والخطأ: «وقد ثبت أن التناقض واقع من كل عالم غير النبيين»

فالمعرفة القرآنية شفاء لما في الصدور وهدى ورحمة، تطمئن بها القلوب، فتسلم نفسك للقرآن وأنت مطمئن أنك تسير على طريق موصِل وليس مقطوعًا مبتورًا، معرفة وحقائق يقينية بدون ارتياب أو اضطراب، فماذا يبقى لنضطرب منه أو نرتاب فيه ونحن نتحدث عن منهج وضعه خالقنا وخطاب تكلّم به ربنا؟ فكانت أكبر ميزات المعرفة القرآنية أنها وضعت لنا أساسًا مهيمِنًا، نحكم إليه ما انتهى إليه بصرنا من المنتجات الفكرية، كما أسَّست لبُنيان يستحيل نقضه.

المعرفة القرآنية تشمل الدنيا والآخِرة

يقول الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود «إذا أردتم العلم فأثيروا القرآن؛ فإن فيه علم الأولين والآخرين».

ففي القرآن من بيان العلم والهدي والحق ما لا يوجد في غيره من المطولات الفكرية وكثير المقدمات العقلية التي تُطيل طريق معرفة الحق، في حين أنّه واضح جلي. لذا فقد صاغ الإسلام العقلية المسلمة منذ البداية، فانظر إلى قوله تعالى «فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ» فلقد أرشد الله منذ البداية أنّ هذا الذي أتى به القرآن هو معرفة فطرية قصيرة الطرق موصلة إلى الحق يُدركها الناس على مختلف أفهامهم وعقولهم.

يقول ابن تيمية: «هذا الذي قالوه إما أن يكون باطلا، وإما أن يكون تطويلا يبعد الطريق على الطالب المستدل، فلا يخلو عن خطأ يصد عن الحق، أو طريق طويل يتعب صاحبه حتى يصل إلى الحق، مع إمكان وصوله بطريق قريب، وما أشبه هؤلاء بقول القائل:

أقام يعمل أياما رويته * * * وشبه الماء بعد الجهد بالماء»

فحينما حدّث اللهُ الناسَ مُحذِّرًا إياهم من التهافت على الأفكار الخارجة عن الدين، وإعلاء المصالح الدنيوية على الشرعية قال «وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ» فأعلمهم أنّ هذه الدنيا لا يمكن أن تُفصّل أو تدار بغير القواعد الشرعية، فانظر إلى البلاغة والمفاهيم التي تستقيها من تلك الآية، وقارنها بما نكتب من المقالات والكتب والسجلات من أجل إثبات بطلان الأصل العلماني، وأن الدين الإسلامي لا يقبل أن تكون المصالح الدنيوية منفلتة عن الشرع أو حتى مُؤوِّلة لأحكامه.

ينبّه الشيخ إبراهيم السكران لمحاولة كثير من غلاة الدولة المدنية جعْل المأمورات والمنهيات الشرعية مرتبطة بالجنة والسلامة من النار فقط، ولا علاقة لها بسعادتنا وظفرنا وسلامتنا الدنيوية، فيقول: «هذا جهل مؤلم بمضامين الوحي ودلالاته على الآثار الدنيوية للالتزام الديني، فقد دلت محكمات الوحي على خمسة آثار دنيوية للاستقامة الدينية وهي: التمكين السياسي في الأرض، واستقرار الأمن في البلاد، والرخاء الاقتصادي، والطمأنينة النفسية، والسلامة من كوارث الغضب الإلهي. فكيف يقال بعد ذلك إن الدين لبناء الآخرة فقط والمدنية لبناء الدنيا، أو أن المجتمع الغربي لا يحتاج الإسلام لإصلاح دنياه؟!»

هل معنى هذا ألا نقرأ غير القرآن؟

وأنّى لنا هذا؟! المقصود أن تكون المرجعية هي القرآن فيكون دور العلماء هو إبراز مركزية القرآن في قضايا الدنيا والآخرة، وإبراز أهمية الرجوع إلى المعرفة القرآنية. ويكون دورنا الاهتداء والتمسك بهذا الهدي القرآني، وسبله التي شُرِعت لتعلُّمه. فقراءة كتاب مختصر للتفسير بتدبر وصدق وإقبال على الله، يُغني عن آلاف الكتب والمقالات، هذا غير ما ناقشنا من بركات المعرفة القرآنية وسماتها. «وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ»

فالعلم على ثلاثة دروب:

  • علم ضروري يعرفه كل أحد: وهذا يحصل بمجرد البلاغ ولا يحتاج غير معرفة باللغة معرفة عامة، بل قد يستقر في الفطر السوية ابتداءً من غير بلاغ.
  • وعلم يحتاج لتوسط نظر: وهذا نحتاج فيه لإعمال عقل، ومعرفة ببعض أصول اللغة.
  • وعلم لا يعرفه إلا الراسخون، فيجب العودة إليهم فيه.

تأمّل كيف حدّثنا الله بقضايانا

قال عثمان-رضي الله عنه-: «لو طهرت قلوبكم ما شبعتم من كلام الله عز وجل».

أخبرني ماذا تفعل آلاف المُطوّلات الفكرية والمقدمات المُعقّدة أمام كلام الله حينما خاطبنا بقضايانا، فلننظر لهذه القضايا التي ما زال الكُتّاب والمفكِّرون تتناولها أقلامهم إلى يومنا هذا، وقد بيّن الله سبحانه منتهى هذه القضايا وحقيقتها.

لماذا نحن موجودون؟ ولِمَ الشرّ موجود؟

يُلخِّص الله تعالى مهمة وجود الإنسان في الأرض في كلمات معدودات، فيقول تعالى: «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ» فيحسم القرآن هذه القضية بشكل يقيني واضح صريح يُغني عن كثير كلمات ونقاشات وسجالات، بل بعد كشف الغاية من خلق الإنسان، يؤكِّد على أنها ما سيُحاسَب الإنسان عليه، فقال سبحانه: «إِنَّهُ يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ» وأنّ هذه الحياة لا بُدّ فيها من ابتلاءات لاختبار مدى تحقق هذه الغاية، فيقول سبحانه: «الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً». اقرأ هذا ثم ابحث عن عدد الكتب التي ناقشت هاتين المسألتين لتعلم الفرق.

معضلة الانبهار بعقول الكفار مع عجزهم عن الوصول لأولى وأبسط وأعظم الحقائق

وكم منع الإسلامُ المسلمَ أن يشعر بمركب نقص، فيُعلِّمه أن نظرة الله للعباد تختلف عن موازيننا، وأن عقول الكفار مهما ظهر من ذكائها إلا أنّ ذلك لا يُغني شيئًا ما دامت هذه العقول قاصرة عن معرفة حقيقة الوجود، وكفرت بخالقه؛ فيقول تعالى «وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ» ويقول تعالى: «أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا»

الضعف أمام المنتج الغربي، والانسلاخ من بعض الآيات بدعوى تغير الزمان

فينهى الخالقُ العبادَ عن التفريق بين أحكام الله، أو التنازل عنها بسبب سطوة أو حرج، فينسف الأساس الذي أقاموا عليه فلسفتهم المدعية أنّ هناك علمانية مؤسلمة، فيقول: «أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ۚ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ الْعَذَابِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85) أُولَٰئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ ۖ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ» كما يقول تعالى: «أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَىٰ أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُم»

هل الناس أحرار؟

وهل الناس أحرار في فعل أي شيء ما لم يضروا أحدًا كما يدعون؟ فيوجز اللهُ لنا مفهوم الحرّية وأنّه غير مرتبط فقط بحقوق العباد، بل حقّ الله أولى، يقول تعالى: «وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا» ويقول تعالى: «فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا» بل ويبين سبحانه أنّ إنكار المنكر على من تعدى حدود الله واجب شرعي، يستوجب الهلاك إن لم تقم به طائفة من الناس، فيصف لنا الله سبب لعن بني إسرائيل فيقول: «لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ* كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ»

آيات الله في النصر والهزيمة

مع توالي الأحداث والاستضعاف قفزت قضية النصر والهزيمة على رأس هرم أولويات الناس، فراحوا يروون ظمأهم بمعرفة بشرية تحاول رسم وإظهار الأسباب، في حين أنّ الله خاطبنا بها في آيات الوحي، فقال تعالى: «إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ» كما قال: «ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ۙ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» وأن هذه الابتلاءات سنّة وهي من معالم الطريق: «إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ»

وأن النصر له سبيل واحد: «إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ» «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ». وأنّ الهزائم نسبتها إلينا وإلى أعمالنا: «وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ»

اقرأ أيضًا:كيف تواجه الإحباطات والمحن التي تواجه طريق الدعوة؟

ختامًا

إن مشاهد سطوة المعرفة القرآنية التي تُذهَل أمام حقائقها وكأنك تُعيد تشييد بنيانك المعرفي من جديد، تستوجب عليك التفكر كيف يمكن الاستغناء عن هذه المعرفة بأي شيء آخر، بل كيف يمكن لعظمة هذه المضامين القرآنية أن تُقارَن بنتاجٍ عقلي بشري ناقص، ما أوتي من العلم إلا القليل، ويحار الفكر كيف بمحامد الوحي وبركاته وسكينته وتغييره للنفوس وعمارتها بالله، وما يُنتجه من عقلية ونفسية منظومة وفق ما أراد خالقها، كيف بكل هذا أن يُوضع حتى في ميزان واحد مع المعارف المنثورة المُشتِّتة؟!

لا بد وألا يمرّ علينا هذا كله مرور الكرام، فتضيع أوقاتنا في النقص، ولدينا الكمال، فلا بد وأن تكون للمعرفة المُنزَّلة علينا من الله حضورٌ في حياتنا يوازي هذه العظمة والتشريف حينما خاطبنا ربنا بقضايانا، وأوضح لنا السبل لنتبعها ونستبين سبيل المجرمين. فالقرآن علاج إيماني وزاد في رحلة الحياة وهو الحبل الواصل بين الله والناس، وكذلك علاج منهجي وعلمي لا يُستغنى بغيره عنه.

المصادر

مي محمد

طالبة علم، أرجو أن أكون مِن الذين تُسدُّ بهم الثغور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى