دراسة عن حل مقترح لإنقاذ الوضع الحالي الذي آلت إليه ثورة الشام

بالتأمل في وضع ساحة الشام الحالي وما آلت إليه من انحصار للمناطق المحررة عموما وتهجير وتغيير ديموغرافي للمناطق المفصلية في تلك الثورة خصوصا وعلى رأسها مراكز الثقل والقوى بها كحلب ودمشق والساحل، وبالنظر للاتفاقات الدولية الحالية-كالاتفاق الروسي الأمريكي بالجنوب-وما ترتب عليها من تبعات وما يترتب عليها كل لحظه من تغيرات بالساحة، كان لابد من تقديم المعذرة لله بذلك الاقتراح الإسعافي لتلك الثورة ولساحة الشام عموما، يتم توضيحه في السطور التالية.

الحل المقترح

هذا الواقع الحالي للساحة ينحي العمل الفصائلي ليكون ثانويًا ويجعل من فتح الجبهات أمرا فرعيا، ويحتم العودة وبقوة للعمليات الخاصة وحرب العصابات كعصب أساسي وملاذ أخير لهذه الثورة.

 اختيار نوع العمل الحركي المرشح لتنفيذ هذا المقترح

تتعدد صور العمل الحركي وتختلف حسب واقع كل ساحة، ويتميز العمل الحركي العنقودي بعدم وجود أي اتصال أو أقل معرفة بين كل مجموعة وأخرى، حيث تقوم كل مجموعة بمهامها بشكل منفصل ومستقل وكأنها حركة بذاتها، وبالتالي إن تم التوصل لمجموعة ما أو التأثير عليها بأي مؤثر فهذا لا ينعكس بأي شكل من الأشكال على المجموعات الأخرى واستمرار عملهم.

في ظل واقع الساحة الشامية وتعرض جميع الفصائل والكيانات العاملة بالساحة لضغوطات خارجية وإن كانت بنسب متفاوتة إلا أن تلك الضغوطات انعكست بشكل كبير جدا على الساحة وإيصالها لهذه المرحلة المؤسفة الحالية، فكثير من المرات وصلت الثورة إلى مراكز قوى حقيقية وضاربة للنظام النصيري ومن خلفه النظام الدولي بالكامل كالقرداحة وقلب دمشق وحلب، ثم توقفت فجأة وتراجعت عن تلك الضربة القاضية، والوقت لا يسعفنا لذكر كل تلك المرات فضلا عن تناول دراستها ودراسة أسبابها وتبريراتها.

قذائف المعارضة تستهدف القرداحة مسقط رأس الأسد

لكن الذي نخرج به هنا كتوصية تترتب على كل هذا، هو ضرورة أن تكون تلك العمليات الخاصة في إطار عمل حركي ” عنقودي “: مستمر ولا يوجد ترابط بين مجموعاته، وغير متوقع مكان ضربه، تماما كحبات العقد المتناثرة.

لذا فالمخاطب بهذا العمل هنا ليس الفصائل ولا الكيانات، بل المخاطب به هو كل من يحمل بداخله قضية تلك الثورة وجهادها، فليعمل كل شخص مع رفقائه بما يستطيعوا لتحقيق ذلك، حتى تؤرق معاقل النظام ولا يأمن فيها على نفسه.

مع التوصية بضرورة توفر البعد الإيماني والتربوي وبيع النفس لله في القائمين بتلك العمليات.

مخطط ذهني للاحتياجات وتصور لفكرة المقترح

العنصر الماليالعنصر البشري
الفرعيات عن الفكرة الرئيسيةالفكرة الرئيسية

التصور المبدئي لتلك العناصر وما يواجهها من عقبات كالآتي

1-العنصر البشري

يعتبر هذا العنصر من أهم العناصر وأصعبها توفيرا، وفي حال اعتماد العنصر البشري كعنصر رئيسي في عمل المجموعة تكون العقبة الأهم هي توفير عناصر مجاهدة بائعة نفسها لله، على درجة عالية من الإيمان والثقة والحس الأمني، يتم تدريبها بعد ذلك تدريبا شديدا لتعد لطبيعة العمل الذي تؤهل له.

وفي تلك الحالة يمكن اقتراح (أ) عناصر المجاهدين من الفصائل والذي يعاني اكثرهم من برود الجبهات وتوقف الأعمال العسكرية الهامة، كما يمكن اقتراح غيرهم من (ب) كل من يحمل هم تلك الثورة من عموم الثوار وإن لم يكن ينتمي لأي من فصائلها العسكرية.

  • ولكن يبقى سؤال: هل من الممكن الاعتماد على شراء عناصر العدو؟ وجواب هذا السؤال ينقلنا للعنصر الثاني.

2 -العنصر المالي

تعرف غالب عناصر العدو بسهولة شراء ذممهم بالمال، لأن سوادهم الاعظم يقاتل إما من أجل المال وإما مجبرا على القتال، وهناك الكثير من العمليات التي ساهم في نجاحها شراء ذمم عناصر العدو بدئا من الحواجز وليس انتهاء عند أكبر مسؤولي الأمن، وفي حال اعتماد مجموعة عمل لهذا التصور يتحول العنصر المالي لديها كعنصر رئيسي عوضا عن العنصر البشري لما يتطلبه تجنيد تلك العناصر، وقد يحتاج ذلك التجنيد والتثبت منه مده زمنيه ليست بالقليلة غير أنه يثبت نجاحه دائما خصوصا ولا يخلو عنصر لدى العدو من وجود أهالي له بالأراضي المحررة.

3-الفكرة الرئيسية

العمليات النوعية تشكل روح هذه الثورة، فلم يعاني العدو خلال سنين الثورة من خسارة كالتي عاناها في عملية كعملية ضرب خلية الأزمة بدمشق أو عملية ضرب مراكز الأمن بحمص، بل حتى لدى الثوار انفسهم يعد بذل كل سنين الثورة في كفه وبذل تلك العمليتين في كفة أخرى، وهذا يجعلنا نعتمد تلك العمليات النوعية الخاصة بأهدافها الهامة كفكرة رئيسية لأي مجموعة عمل، غير أن هذا النوع من العمليات يحتاج تنفيذه لإعداد طويل قبله، مما يجعل تتابع تلك العمليات على مسافات زمنية متباعدة، قد تؤدي إلى استراحة العدو فتره تمنحه شيء من تجميع قواه مرة أخرى، وهذه المسألة تنقلنا لأهمية العنصر الرابع.

4-الفرعيات عن الفكرة الرئيسية

من الضروري وجود عمليات مستمرة على فترات زمنية متقاربه بمعدل شبه شهري أو أقل إن أمكن، تجعل العدو في حالة فزع وترقب دائمين، مما يستنزف قواه ومعنوياته، ويفض غالب مؤيديه عنه، لكن ذلك الاستمرار سيفقد تلك العمليات قدرتها النوعية المطلوبة في الفكرة الرئيسية، ولا بأس بذلك الفقد هنا لأن الغاية من تلك الفرعيات ليست درجة العمل نفسه بقدر استمراره، لتحقيق الهدف من هذا الاستمرار وهو خلق جو من الفزع والترقب الدائم، فتلك الفرعيات ستكون على هيئة عمليات صغيرة تقوم بها المجموعة في أوقات إعدادها للعمليات النوعية الكبيرة.

الإمكانات

عند استحضار تجربة يحيى عياش في الكيان الصهيوني وقدرته على استخدام المواد الكيميائية الأولية لإنتاج العبوات الناسفة واستخدامها لتنفيذ عمليات نوعية في الكيان الصهيوني، وعند استحضار تجارب الجهاد القوقازي ضد السوفيت وعلى رأسها تجربة خطَّاب نجد النموذجين تميزوا في حرب العصابات بأقل الإمكانات المتاحة تارة وبالغنائم تارة أخرى.

وبالنظر لواقع ثورة الشام الحالي مقارنة بتلك التجربتين فإن الإمكانات المتاحة تعد وفيرة وكثيرة على مستوى عمل العصابات والمجموعات، لسهولة تأمين السلاح والذخيرة، ولضعف الوضع الأمني لدى العدو سواء على حواجزه أو داخل الأراضي المحتلة وسهولة شراء ذمم جنوده بالمال مما يسهل عمليات المرور لداخله.

التكلفة المادية

ستختلف التكلفة المادية لكل عمل عن الآخر، لكن من الضروري أن تكون تلك الأعمال قائمة على التمويل الذاتي والتبرعات الخاصة والصدقات وحملات تجميع الأموال من عموم الأمة المسلمة، ويجب ألا يعلم أحد بمصرف هذا المال غير القائمين على العمل ذاته بكل مجموعة عمل مستقلة، كما يجب أن تكون تلك الأعمال بعيدة كل البعد عن أي دعم للجهات الداعمة حتى تحافظ على سريتها واستمرارها.

وستكون التكلفة المادية الكبيرة عقبة في حالة اعتماد العنصر المالي كعنصر رئيسي في العمل عوضا عن العنصر البشري، كما ستكون عقبة أيضا في حالة تنفيذ أي عمل من أعمال الفكرة الرئيسية لما يتطلبه تنفيذ العمليات النوعية من إعداد ومعدات، وتلك العقبة يمكن تجاوزها بما تم اقتراحه من أفكار لتأمين التكلفة المادية، والاعتماد على أفراد الأمة المسلمة في إزالة تلك العقبة اثبت نجاحه خلال السنين الماضية في الثورة لمن اعتمده، لما يبقى من خيرية في هذه الأمة إلى قيام الساعة.

اقرأ أيضًا: تجفيف منابع النفقة: كيف ساهمت الشعوب في حصار حركات الجهاد والمقاومة؟

لكن يجب التنويه هنا إلى مسألة شرعية هامة: وهي أنه في حالة احتياج الجهاد للمال عموما واحتياج أي عمل عسكري يثخن بالعدو للمال خصوصا، فمن الواجب حينها أن تصرف الأموال في الجهاد حتى وإن تم تجميعها تحت عنوان أي غاية إغاثية أو إنسانية أخرى.

أما على مستوى تنفيذ أي عمل من أعمال الفرعيات عن الفكرة الرئيسية، فلن تكون هناك تلك العقبة المادية بإذن الله، فالوضع العام لكل عمل فرعي لن يكلف أكثر من تجهيزات تنكر للقائمين بالعمل مضافا إليها تكلفة العبوات الناسفة اللازمة لنسف الهدف أو تكلفة المواد اللازمة لاغتيال الهدف، تلك التكلفة المادية ستكون بسيطة ويمكن لكل مجموعة عمل تأمينها بسهولة في واقع الساحة الآن.

الأماكن والأهداف

يجب أن تكون العمليات النوعية الخاصة في الفكرة الرئيسية ذات أهداف عسكرية وأمنية من الطراز الأول، على أن تكون تلك الأهداف في أماكن مختلفة، مما ينهك العدو ويصعب عليه عملية تأمين نفسه ويستنزف في ذلك.

وعلى مستوى الفكرة الرئيسية وفرعياتها، من الممكن أن تبدأ الأهداف اعتبارا من أفراد الشبيحة والأمن، ولا تنتهي عند الأبنية والتجمعات الأمنية للعدو، مرورا بالاغتيالات لكبار المسؤولين بأماكنهم الخاصة، فضلا عن الأهداف الاستراتيجية والدبلوماسية والعسكرية الهامة والكبيرة لدى العدو والتي تشكل عصب رئيسي في إدارة إجرامه، ومن الممكن أن يتم ذلك عن طريق ثوار مجاهدين لديهم قدرة عالية على التنكر وخداع العدو أنهم منه، كالتنكر في هيئة الشبيحة والعساكر والعاهرات ومعممين الشيعة والقساوسة والجنود الروس والأجانب عموما إلى غير ذلك من هيئات.

والأفكار لذلك أكثر من ان تحصى ورخص الشرع فيها كبيرة جدا لعلة الجهاد، حتى أنه يباح لهم ما يحرم قطعا على غيرهم في الملبس والكذب والهيئة العامة وغيرها من أمور تلزم للعمل ولن يتم إلا بها.

 أما الأماكن التي ترشح على الترتيب والأهمية فهي كالآتي

1-الجنوب السوري

فربما شاءت الأقدار ألا تكون درعا مبتدأ الثورة فقط ولكن منقذها ايضا

وأهمية استهداف الجنوب حاليا تنبع من الاتفاق الروسي الأمريكي الذي أبرم حوله، فاستهداف الجنوب سوف يترتب عليه عدة أمور:

أ-اضطراب روسي أمريكي بسبب إفشال هذا الاتفاق بجعل الجنوب ساكنا، مما قد يترتب عليه انشغال -أمريكي روسي بوضع الجنوب -عن باقي المحرر ومحاولة الاستيلاء عليه وإعداد المخططات لذلك والشروع في تنفيذها خصوصا بعد سقوط الدير والرقة وتفرغهم لسائر المحرر.

ب -طبيعة الجنوب تساعد على تحقيق عملية الكر والفر خصوصا مع عدم تمركز السكان فيه فحتى مع استهداف طيران العدو له كردة فعل فلن تكون الخسارات فيه عائقا أمام استمرار تلك العمليات، خصوصا مع تجلي الجولان كهدف صهيوني يمكن استهدافه من الجنوب المحرر من غير عمليات خاصة، هدف هام يعتبر هو الأساس خلف ذلك الاتفاق الروسي الأمريكي لما في استهدافه من إسقاط للكيان الصهيوني في مستنقع حرب يتحاشاها.

ج- في حال نجحت تلك العمليات النوعية في الجنوب في تعطيل الاتفاق الروسي الأمريكي وانشغالهم بالجنوب، سيترتب على ذلك تغير الموقف التركي تجاه الثورة حاليا من تحالف مع الروس في محاولة لحماية حدودها من ملاحدة الكرد، إلى سعي للتحالف مرة أخرى مع الثورة في فرصة لابد من اقتناصها ان توفرت، فيتم العمل حينها بالتوازي مع تلك العمليات النوعية بالجنوب على استهداف ملاحدة الكرد والأحزاب الانفصالية بعمليات مشابهة في الشمال السوري بالتماس مع الحدود التركية، ويأتي هنا دور الفصائل المتفاوضة مع تركيا لاستغلال ذلك الأمر لتشترط على تركيا فتح الحدود مرة أخرى بشكل أيسر أمام أي إمدادات تحتاجها الثورة، وعدم التواجد بالمحرر كغطاء صوري لأي احتلال سواء كان روسي أو غيره.

ويقع حمل ذلك التفاوض حينها على الفصائل لا على من يقومون بتلك العمليات النوعية لضرورة أن يبقى القائمين بتلك الأعمال مجهولون تماما ويحتفظون بسرية تامة في أعمالهم ولا يوجد أي تواصل بين مجموعاتهم فضلا عن التواصل مع الفصائل أو غيرها، وعليهم أن يكونوا من أصحاب النفوس المؤمنة المخلصة لله فلا ينظروا للتفاوض تلك الفصائل على أنه قطف لثمرة عملهم أبدا هذا إن أرادوا استمراره وإن كانت نفوسهم تعمل لله ثم لهذه الأمة لا لكسب سمعة ما، ويبقى ميزان ذلك التفاوض في أيديهم هم في حال عدم التزام الطرف التركي بواجبه فيه، فتتوقف حينها عملياتهم النوعية في الشمال السوري ضد ملاحدة الكرد نظرا لعدم تحقق الغاية الأساسية من استهدافه، أما إيقاف مشروع ملاحدة الكرد الانفصالي فهو هدف لغيرنا كإيران وتركيا نفسها لذلك لا داعي نهائي لتتحمل الثورة أعبائه.

2-الساحل السوري

أهمية الساحل كمركز قوى للثورة غنية عن التعريف فهو حصن من حصون تلك الثورة يقلب معادلة الصراع رأسا على عقب لصالح من يسيطر عليه، فإن عجزنا عن السيطرة عليه فلن نعجز عن جعله محل أرق للعدو، وقد يترتب على ذلك نزوح العائلات العلوية منه لأنها لن تأمن على نفسها، وأهمية تلك العمليات الخاصة النوعية بالساحل مصدرها عدة أسباب:

أ-الطبيعة الجغرافية للساحل من جبال تكسوها الأشجار مما يجعلها أنسب طبيعة لحروب العصابات والعمليات الخاصة، وصعوبة نجاح طيران العدو في تحقيق أو إصابة أي أهداف فيها أو شبه استحالته، مما يجعلها حصن آمن للثورة.

غابات كسبعلى الساحل السوري

ب-وجود خط إمداد طبيعي بالساحل وهو البحر، هذا في حالة تمكن الوصول إليه، لكن عدم تحقق تحريره لا يعني عدم الاستفادة من خط الإمداد الطبيعي هذا، فوصول العمليات الخاصة تلك إلى قلب الساحل سيسهل على القائمين بها فيما بعد الوصول لشريط البحر في عمليات نوعية أخرى لا تهدف لاستهداف العدو ولكن لجلب إمدادات ضرورية للثوار والمجاهدين كالسلاح، لكن دون أن يتحول ذلك لهدف مستمر لتلك المجموعات بل يجب أن يبقى هدف استثنائي، حتى لا تنشغل به عن الهدف الأساسي لها وهو استهداف العدو نفسه.

ج- تمركز الطائفة العلوية بالساحل وكبار قادة النظام بالإضافة للتواجد الروسي، يجعل من الساحل تجمع لتلك الأهداف الأساسية لهذه العمليات الخاصة، بالإضافة لأن رعب عامة الطائفة العلوية وشعورهم بانتقال الحرب لعقر دارهم نتيجة تلك العمليات سيترتب عليه سخط وضغط منهم على النظام وحلفائه سيصب في صالح الثورة، ولا يمكن تجاهل ذلك الأثر الذي ترتب على وصول الثوار والمجاهدين لحدود القرداحة عام 2013 في عملية ” أبناء أم المؤمنين عائشة ” وكيف انعكس ذلك على العدو حتى خرج المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض حينها في بث مباشر وعاجل محذرا من التقدم باتجاه القرداحة فتوقفت بعض تلك الفصائل للأسف واجبر البعض الآخر على التوقف بتوقفهم، وهذا يظهر أهمية أن تستمر تلك العمليات الخاصة النوعية بسرية تامة وعدم ظهور لأي من مجموعاتها بل وعدم تواصلهم فيما بينهم .

د-التمركز العسكري الروسي بالساحل عموما ووجود أهم القواعد العسكرية للعدو الروسي بالساحل كقاعدة حميميم وغيرها من القواعد العسكرية التي تجعل من الساحل ككل قاعدة تخزين وانطلاق للكثير من الأسلحة الهامة ضد الساحة بأسرها، ويعد استهدافها مكسبا في جميع الحالات إما بتخريبها أو غنمها بإذن الله.

3-دمشق

لا تتجلى أهمية دمشق في كونها عاصمة النظام فقط، بل في طبيعتها الجغرافية عموما وجبل قاسيون خصوصا كقلعة تشرف على دمشق بأكملها، وأهمية استهداف دمشق تنبع من:

أ-مركز وتجمع للأماكن والأشخاص الدبلوماسية والاستراتيجية للنظام كمطار دمشق الدولي وسفارات العدو كروسيا ودول التحالف وغيرها من الأماكن التي يعتبر استهدافها بتلك العمليات شلل كبير للعدو وخسارة فادحة له، ويمكن هنا استحضار عملية تفجير “خلية الأزمة بدمشق” عام 2012 ومقتل أكابر رؤوس النظام كآصف شوكت وغيره.

ب-نقل الحرب لقلب دمشق يهدد الرضا الشعبي للنظام لدى مؤيديه، ويشكل عامل ضغط من هؤلاء المؤيدين على النظام لحمايتهم وحماية أبنائهم من شبيحة النظام وتوفير الأمان لهم بدمشق، وقد يترتب عليه تجنب وبعد هؤلاء المؤيدين عن مناصرة النظام عسكريا كمتطوعين شبيحة عندما يجدون أنفسهم قد يصبحون هدفا لتلك العمليات النوعية المستمرة التي تطال كبار قادتهم ولن تكون بعيدة عنهم دون الانشغال بهم عن أكابر مجرمي العدو ورؤوسه.

ج-عاصمة للنظام النصيري ومركز هام لإيران، مع ضرورة عدم الانشغال باستهداف التجمعات والأماكن التعبدية للاحتلال الايراني والرافضة عموما، والتركيز على استهداف الأماكن والتجمعات العسكرية للعدو النصيري وحلفائه.

4-حمص

الطبيعة الجغرافية لحمص ووجود لبنان كجوار لها يحتم تحويلها لنقطة استنزاف للعدو عموما وللأحزاب الرافضية المقاتلة خصوصا، ويجعل اي محاولة لتحريرها بالكامل قبل تحرر لبنان محاولة عبثية أو خطأ عسكري فادح يستنزف الثورة.

لذلك يمكن اعتبار حمص مركزا مناسبا لعمليات استنزاف العدو عسكريا وأمنيا، ويمكن هنا استحضار العملية التي نفذتها إحدى مجموعات حروب العصابات المستقلة والتي تم فيها استهداف فرعي الأمن العسكري وأمن الدولة بحمص عام 2017 وقتل فيها أكابر مجرمي النظام النصيري وكان من بينهم رئيس فرع الأمن العسكري العميد حسن دعبول.

تكاليف الحرية وضرائب الاستعباد

من المتوقع البديهي أن تكون هناك ردة فعل للأعداء على أي عمل، ومن المُسلّم به أن الصراخ سيكون على قدر الألم، لكن ردة الفعل تلك يجب ألا تؤثر بأي شكل من الأشكال على استمرار تلك العمليات الرئيسية منها والفرعيات عنها، ويجب توعية عموم الناس إن لم توعهم تلك السنين والعمليات، بأن هناك ضريبة لابد أن تدفعها الشعوب ثمنا للحرية فإن بخلت بها دفعت أضعافها في استعباد الطغاة لها، وما أنباء ما حدث لأهالي المناطق التي سقطت بعد تحريرها وهجر منها غالب أهلها عنا ببعيد.

ويستحضر هنا قول الأديب الأستاذ سيد قطب رحمه الله في مقاله “ضريبة الذل” واصفًا تلك الحقيقة: [لقد شاهدت شعوباً بأسرها تشفق من تكاليف الحرية مرة فتظل تؤدي ضرائب العبودية مرات، ضرائب لا تقاس إليها تكاليف الحرية ولا تبلغ عشر معشارها وقديماً قالت اليهود لنبيها { يَا مُوسَىٰ إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِين }َ و{ إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا ۖ فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُون }َ، فأدت ثمن هذا النكول عن تكاليف العزة أربعين سنة تتيه في الصحراء تأكلها الرمال وتذلها الغربة وتشردها المخاوف… وما كانت لتؤدي معشار هذا كله ثمناً للعزة والنصر في عالم الرجال! إنه لابد من ضريبة يؤديها الأفراد، وتؤديها الجماعات وتؤديها الشعوب فإما أن تؤدَّى هذه الضريبة للعزة والكرامة والحرية، وإما أن تؤدَّى للذلة والمهانة والعبودية! والتجارب كلها تنطق بهذه الحقيقة التي لا مفر منها ولا فكاك.]

كما يستحضر أيضا قول الأستاذ عبد الرحمن الكواكبي رحمه الله في كتابه “طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد”: [ إﻥ ﻓﻨﺎﺀ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﻻ ﻳﺼﻴﺐ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺪﻳﻦ ﻭﺣﺪﻫﻢ ﺑﻞ ﻳﺸﻤﻞ ﺍﻟﺪﻣﺎﺭُ ﺍﻷﺭﺽَ ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺍﻟﺪﻳﺎﺭ، ﻷﻥ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﻓﻲ ﻣﺮﺍﺣﻠﻬﺎ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﺗﻀﺮﺏ ﺿﺮﺏ ﻋﺸﻮﺍﺀ ﻛﺜﻮﺭ ﻫﺎﺋﺞ ﺃﻭ ﻣﺜﻞ ﻓﻴﻞ ﺛﺎﺋﺮ ﻓﻲ ﻣﺼﻨﻊ ﻓﺨﺎﺭ، ﻭﺗﺤﻄﻢ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻭﺃﻫﻠﻬﺎ ﻭﺑﻠﺪﻫﺎ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﺴﺘﺴﻠﻢ ﻟﻠﺰﻭﺍﻝ، ﻭﻛﺄﻧﻤﺎ ﻳُﺴﺘَﺤَﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻥ ﻳﺪﻓﻌﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺛﻤﻦ ﺳﻜﻮﺗﻬﻢ ﺍﻟﻄﻮﻳﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻭﻗﺒﻮﻟﻬﻢ ﺍﻟﻘﻬﺮ ﻭﺍﻟﺬﻝ ﻭﺍﻻﺳﺘﻌﺒﺎﺩ، ﻭﻋﺪﻡ ﺗﺄﻣﻠﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ: ‏{ ﻭَﺍﺗَّﻘُﻮﺍ ﻓِﺘْﻨَﺔً ﻻ ﺗُﺼِﻴﺒَﻦَّ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻇَﻠَﻤُﻮﺍ ﻣِﻨْﻜُﻢْ ﺧَﺎﺻَّﺔً ﻭَﺍﻋْﻠَﻤُﻮﺍ ﺃَﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺷَﺪِﻳﺪُ ﺍﻟْﻌِﻘَﺎﺏِ.”}]

فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ

حياة خطاب

طالبة علم مهتمه بالوعي بقضايا الأمة وجهادها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى