الجمال الإسلامي في مقابل براقة الحداثة الخداع

هذا المقال ترجمة بتصرف لمقال: Natural Muslim Beauty vs. Modern Fakeness لكاتبته: Umm Khalid في موقع: muslimskeptic.com. الآراء الواردة أدناه تعبّر عن كاتب المقال الأصلي ولا تعبّر بالضرورة عن تبيان.

كنت واقفة عند الصراف الآلي داخل بقالة، حين اقتربت شابة مني على نحوٍ عفوي لتطلب مني قائلة: “هاي عفوًا، ممكن مساعدة؟ أظافري طويلة جدًا، وبطاقتي الائتمانية عالقة في آلة الصراف ولا أستطيع سحبها”.

مدت كلتا يديها لتريَني كم هي طويلة وحادة أظافرها الصناعية. لقد بدت وكأنها مخالب براقة مُشذَّبة تشذيبًا. فلا عجب أن هذه الفتاة المسكينة ما قدرت على إخراج بطاقتها الائتمانية من فتحة الصراف بعد أن أدخلتها. سحبت البطاقة من الآلة وسلمتها إياها، فابتسمت وشكرتني وغادرت. لكن بعد رحيلها فكرت في هذا الظاهرة.

النساء عمومًا، لها غريزة طبيعية وفطرية للحفاظ على مظهرها وزيادة جمالها الطبيعي. وعالميًا تمضي النساء الأوقات، وتضع الجهود في الحفاظ على مظهرهن والعناية بشعورهن وأظافرهن وبشرتهن وملابسهن وهيئاتهن الخارجية.

لكن في عالمنا الحديث، بعض النساء أخذن الأمر إلى حد مبالغ فيه بالمرة. وهنا مربط الفرس بكلامنا، فالعالم الرأسمالي الحداثي استغل استغلالًا ناجحًا هذا الميل في النساء لمكاسبه التجارية الضخمة.

فصناعة الجمال العالمية هي سوق مليارية في قيمتها. وستبقى مطالب الأنثى لمستحضرات التجميل دائمًا عالية، بل يمكن تأجيجها أكثر بأساليب التسويق الماكرة. وصناعة الجمال تزدهر بأقسامها من العناية بالبشرة والشعر والمكياج والعطور ومستلزمات النظافة ومزيلات العرق وتجميل الأسنان.

الجمال

وفي رحلة البحث عن الجمال وما يرافقه من مكانة اجتماعية؛ فإن العديد من النساء يخضعن أنفسهن لعادات وحميات جمالية ليلية ونهارية، وينفقن القسط الأكبر من أموالهن -التي اكتسبنها بشق الأنفس- على منتجات التجميل. فينتعلن -وبكل سرور- أحذية بكعوب عالية جدًا، عسر السير بها. ويرتدين ملابس ضيقة جدًا وغير مريحة، مع وضع رموش اصطناعية تحجب أحيانًا نظرهن، وأظافر صناعية تعيق قدرتهن على التقاط الأشياء بأصابعهن.

وبالطبع فهناك اختلافات ثقافية أيضًا. ففي بعض الثقافات؛ البشرة السمراء هي الجذابة، فترتاد النساء صالونات التسمير وتضع دهانات التسمير. وينتهي بهن الحال لتجعدات خطيرة في جلودهن. كل هذا في سبيل اكتساب البشرة البرونزية. أما في ثقافات أخرى، فالهدف هو “الشقار”؛ فتجرب النساء دهانات التبييض وخلطاتها؛ لتنتهي بإضرارِ جلودهن في سبيل اكتساب البشرة البيضاء.

لكن الاستقتال على الجمال لا يقف عند هذا الحد. فهناك فئة من النساء تشعر أنها مُجبرة لاتخاذ إجراءات أقسى لمواكبة صيحات الموضة، وتقليدًا للممثلات والعارضات؛ وهي الجراحات التجميلية المتوغلة.

وإن كنت لا تعلم، فهناك لائحة ضخمة من الإجراءات الجراحية، والتي يمكن أن تخضع لها لزيادة جمال وجهك:

  • زرع خدود: وهو الزرع الجراحي للأجسام الصلبة على عظام الخدين لتكبيرها.
  • حشو خد: هي حقن بمواد مختلفة في منطقة الخد لنفخها.
  • عملية تجميل الأنف: وتتضمن عمليات جراحية لجسر الأنف، وذورة الأنف، وعرض المنخار، وإلخ.
  • رفع الحاجب بالمنظار: عمل جراحي لرفع الحواجب على الجبهة لإعطائك منظرًا أكثر تعجبًا!
  • رأب الجفن: عمل جراحي لجفني العينين السفلية والعلوية، لفتح عينيك أكثر وزيادة جمالهما.
  • جراحة عين القط: وتسمى كذلك لأنها تتضمن رفع زوايا العين لتعطي مظهرًا مائلًا للعين، مثل عين القط.
  • رفع الشفة: وهو إجراء جراحي لقطع جزء من الجلد بين الشفة العليا وأسفل الأنف، بغرض تقليل المسافة بينهما.
  • حشو الشفة: حقن مواد مختلفة في الشفاه لنفخها.
  • زراعة حنك: وهو عمل جراحي للصق الزرع في الحنك لإظهار مظهر حنك قوي.
  • زرع جناح خد: وهو عمل جراحي يتضمن زرع قطع على جانبي الفك لجعل الفك ضليعًا.
  • إزالة شحوم الخد: وهو عمل جراحي بغرض إزالة كتل الدهن أسفل الخد على جانبي الوجه لغرض إعطاء مظهر وجه مربوع ومقسم للعارضات.
  • شد الوجه: هناك أنواع مختلفة من هذه الجراحة بغرض إزالة علامات تقدم السن.
  • شد العنق: عمل جراحي لإزالة علامات تقدم السن من الرقبة.

هذا غيض من فيض ما يمكن القيام به، وهذا للوجه فقط! أما باقي الجسد فتتضمن الكثير جدًا من الإجراءات الجراحية سواء للصدر أو الظهر أو الورك أو السرة أو الرجل، أو أي جزء من الجسد.

وللعلم، فإن هذه اللائحة يحصل عليها الغالب الأعم من مشاهير هوليوود وبوليوود؛ بما يخلق وهم كمال جسدي وجمالي تحاول الجماهير تقليدها.

من نافلة القول أن نبين كم هذه الجراحات فاحشة الغلاء ومؤلمة للغاية.

مع ذلك يجريها بعض الأشخاص، لماذا؟

إن رغبة الأنثى في اكتساب الجمال الجسدي أمر طبيعي، لكن حين تقترن بالليبرالية والمُتعة (مذهب اللذة) والرأسمالية والإلحادية والعلمانية والنسبية الأخلاقية، وانخفاض السيطرة على الدافعية، والتعلق الجنوني بالدنيا؛ فأمامك وصفة للكوارث.

وحين ينصب الاهتمام كله على المظاهر والصور، فلن يهتم أحد بالذات (من دين وإيمان وشخصية). وحين يكون همّ الواحد كله في جسد؛ لن يهتم بقلبه. قال تعالى: (خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضَ بِٱلْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ۖ وَإِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ) -سورة التغابن: 3-.

وهذه الآية يجب أن تكون الأساس الموجِّه لكل سلوكياتنا بشأن المظهر الخارجي؛ فالله خلقنا وصوَّرنا أحسن تصوير، مثلما خلق السماوات والأرض، فلا حاجة لنا بجراحات تجميلية. فالله خلقنا جميلين وأصحاء، وله الحمد على ذلك.

ونصيحتي للزوجات، أنه من الرائع أن تتجملي لزوجكِ في بيتكِ! فالرجال مخلوقات بصرية؛ فعليكِ بالتجمل لزوجكِ. لكن أفضل مظهر دائمًا هو الأكثر طبيعية. ومن الأحسن دائمًا زيادة محاسنك الطبيعية بأقل قدر من الكحل على سبيل المثال. ومن المثير للسخرية، أن الدراسات أظهرت بأن معظم الرجال لا يرون الجاذبية في وجوه النساء المغطاة بطبقات المكياج. فبسِّطن الأمر يا أخوات!

إن السمات الجمالية الأكثر جاذبية هي الأقل كلفة، وتكون بالحفاظ على وزن ضمن المدى الصحي بالنسبة لطولك، والرائحة الطيبة، والنظافة والطهارة.

ولا داعي على الإطلاق لأن تهدر الأموال والأوقات على الإسراف في منتجات التجميل المجهولة المكونات الكيميائية. ولا داعي لأن تضعي نفسك تحت رحمة سكين الجراح بغية الجمال. ولا داعي لأن تضعي أظافر صناعية من الطول ما يجبركِ أن تطلبي من الغرباء مساعدتك في التقاط الأشياء الصغيرة.

والأهم هو أن التقوى في القلب هي ما تنير الوجه جمالًا إن شاء الله.

عبد الوهاب البغدادي

مترجم وصيدلاني

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى