تعرّف على بداية الوجود الصهيوني في فلسطين

ما هي بداية الوجود اليهودي في فلسطين؟! في الحقيقة إن أول إجابة نتوقعها هي 1948. ماذا لو أخبرتك أن تلك الإجابة البديهية ليست صحيحة! بعد إعادة التفكير ستخبرني أنها في 1926 مع إعلان وعد “بلفور” أو في 1917 عندما بعث “بلفور” رسالة إلى “روتشيلد” مفادها أن بريطانيا وافقت على بناء وطن قومي لليهود.

آسفة سيدي هذه أيضًا ليست بالصحيحة، فما هذه الوقائع سوى محاولات لإضفاء بعض الشرعية الدولية على الوضع الذي كان قائمًا بالفعل. ماذا لو تتبعت هذه الكلمات لتعرف ما قصدت؟

أي نظام لكي يوجد ويستمر لا بد له من ثلاثة عوامل وهم: الفكر والمال والسلاح. ومن الطبيعي أن أهم تلك العوامل وأعلاها أولوية هو الفكر؛ لأنه يحدد لك هويتك والتي من أجلها ستنفق المال وتدافع عنها بالسلاح. وكذلك تمامًا اعتمد الكيان اليهودي في تكوينه واستيطانه في فلسطين حيث مر بالثلاثة عوامل.

التكوين الفكري

الفكر هو صاحب الأولوية الأعلى بين العوامل الثلاث لأنه أساس التكوين، والصورة الخارجية التي من خلالها سنتعامل مع الأحداث، كما أنه الجذور العميقة التي نركن إليها وقت الاختلاف، وهو المرجع الذي نلجأ إليه حين يستعصي علينا تفسير السلوك.

وبالنسبة لنا كان السلوك اليهودي غريبًا في سطوته على أرضٍ ليست له، كما أنها أرض ملك لشعب يقطنها، ومقدسة لأمة كانت تحت خلافة واحدة حين سطوته. فما تلك العوامل التكوينية التي دفعت شعبًا مضطهدًا في أوروبا للتفكير في مثل تلك القفزة؟!

القومية اليهودية “كل يهود العالم شعب واحد”

قومية اليهود ونظرتهم أن اليهود في كل العالم شعب واحد دفعتهم إلى ضرورة التشبث بأي فرصة تتيح لهم وطنًا يجمعهم أو جماعة تضمهم، وهو ما حدث عندما بدأوا الحديث عن الحركة الصهيونية والتي ظهرت على يد “ناثان بين باوم” واشتقوا هذا الاسم من أحد تلال القدس والتي يطلق عليها “صهيون”.

ولكن طرح فكرة كيان يضم اليهود في فلسطين ظهر لأول مرة عام 1798 بدعوة “نابليون” اليهود للعودة إلى فلسطين باعتبارها وطن قومي لهم مقابل تمويل الحملة الفرنسية على مصر، كما ذكر:

1- الدكتور أمين عيد محمود: “أن الوعد الفرنسي بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين كان مقابل تقديم الممولين اليهود قروضًا مالية للحكومة الفرنسية التي كانت تمر آنذاك بضائقة مالية خانقة، والمساهمة في تمويل الحملة الفرنسية المتجهة صوب الشرق بقيادة بونابرت”.

2- ايلي ليفي أبو عسل: بقوله: “كانت فكرة إعادة اليهود إلى فلسطين في طليعة المرامي والمشاريع الاجتماعية السامية التي كانت تجول في مخيلة نابليون الوقادة ويطمع في تحقيقها حيال المسألة الشرقية عندما شرع في تجهيز حملته لغزو مصر والشام”.

وبعد أربعين عامًا أعادت بريطانيا الفكرة للوجود من جديد ولكن هذه المرة على لسان “أنتوني أشلي كوبر-لورد شافتسبري السابع-“. الغريب هنا ليس عودة نفس الفكرة بعد أربعين عامًا بقدر عودة الفكرة من بريطانيا، فكيف لتلك المملكة المسيحية التي يثبت عندها في معتقدها الديني -كذبًا- أن اليهود هم من صلبوا المسيح عليه السلام أن ينادوا بحق لهؤلاء اليهود فضلًا عن وطن على أرض هي مقصد الحجاج المسيحيين؟

الأمر حقًا غريب، لكن إذا تتبعناه بنظرة فاحصة سيظهر لنا أثر العامل الثاني في التكوين الفكري لليهود والذي دفعهم لاستغلال أشباه الفرص لتحقيق غايتهم الكبرى، ألا وهو:

اعتقادهم الثابت بأن فلسطين أرض الميعاد

مارتن لوثر راهب ألماني، وقسيس، وأستاذ للاهوت، ومُطلق عصر الإصلاح في أوروبا، بعد اعتراضه على صكوك الغفران.

استغل اليهود وجود مذهب جديد داخل بريطانيا ينازع السيطرة الكاثوليكية ولكن هذه المرة ليس من أجل المناداة بوطن فقط ولكن بالمناداة بوطن على أرض فلسطين.

فبعد إرسال “مارتن لوثر” رسالة إلى البابا “ليو العاشر” في روما سنة 1520 باعتبار الكنيسة الكاثوليكية تُستخدم لأغراض شخصية. اتهمت الكنيسة لوثر بالهرطقة والتي كانت عقوبتها الحرق أمام الملأ، فما كان من لوثر إلا الاعتماد على ذوي النفوذ من اليهود في أوروبا لمساعدته على نشر مذهبه الجديد والذي أضاف له كتابه “عيسى ولد يهودي” والذي استدر به عطف اليهود حيث كتب فيه:

أن اليهود هم أبناء الله وإن المسيحيين هم الغرباء الذين عليهم أن يرضوا بأن يكونوا كالكلاب التي تأكل ما يسقط من فتات من مائدة الأسياد.

كان لوثر يريد فقط تأييدًا لمذهبه الجديد، لكن اليهود لن يقدموا المساعدات فقط من أجل الحقد على الكاثوليك، فاستغلوا ذلك المذهب للمناداة بتعيين وطن قومي لليهود على الأراضي الفلسطينية، وتنفيذًا لذلك العهد قام “بلاك ستون” بجمع 413 توقيعًا من شخصيات مسيحية ويهودية مرموقة لمنح فلسطين لليهود. ولقد أدرك لوثر خطأ استعانته باليهود في آخر أيامه فكتب “اليهود وأكاذيبهم”.

تابعت بريطانيا مسانداتها لليهود، ففي عام 1840 كتب وزير خارجية بريطانيا إلى سفيره في إسطنبول لإقناع السلطان أن الوقت قد حان لهجرة اليهود إلى فلسطين ولكن السلطان لم يوافق.

ومع إحساس الجميع بقرب قيام حرب عالمية اتجه تفكير الدول الإمبريالية الكبرى في حماية نفسها أو الاستعداد للحرب، فبدأ نجم فكرة المستعمرة اليهودية يخفت، فقام “هيربرت صموئيل” -أول يهودي يصل إلى منصب وزير بريطاني- بتقديم وثيقة إلى مجلس الوزراء البريطاني بعنوان “مستقبل فلسطين” كتب فيها:

الوقت الحاضر ليس مناسبًا لإنشاء دولة يهودية مستقلة، لذا يجب أن توضع فلسطين بعد الحرب تحت السيطرة البريطانية؛ لتعطي تسهيلات للمنظمات اليهودية لشراء الأراضي وإقامة المستعمرات وتنظيم الهجرة، وعلينا أن نزرع بين المحمديين ثلاث إلى أربعة ملايين يهودي أوروبي.

وأخذًا بتلك التوصية وضعت فلسطين تحت السيادة البريطانية عند تقسيم سوريا الكبرى بين فرنسا وبريطانيا تبعًا لاتفاقية تقسيم العار المسماة “سايكس بيكو“. وتكملة لتلك اللعبة بعث بلفور -وزير خارجية بريطانيا- رسالة في منتهى الاحتقار إلى “اللورد ليونيل ولتر روتشيلد” يخبره فيها أن بريطانيا تكرمت عليهم ومنحتهم وعدًا بدولة يهودية على الأراضي الفلسطينية.

صيغة تلك الرسالة لم تكن تتماشى مع مبدأ الاصطفاء الذي سيطر على عقول اليهود، ولكنهم قبلوها لأنها تحقق لهم غاية ظلوا طويلًا يحلمون بها ويعملون عليها.

شعب الله المختار

تربى اليهود على أنهم شعب الله المختار، وادعوا كذبًا أنهم أبناء الله وأحباؤه؛ فخرجوا يعلنون أنهم صفوة الخلق، وأن هويتهم يجب أن تسود أيًا كان ما يمثلها، فرفعوا أعلامهم على المستوطنات في فلسطين منذ عام 1885 أيام كانت فلسطين تحت الحكم العثماني، وفي عام 1911 تظاهر اليهود للمطالبة بالاعتراف باللغة العبرية في ظل الدولة العثمانية.

إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل

دولة اسرائيل الكبرى.

داعب هذا الحلم طويلًا مخيلة بني صهيون فأخذوا يعدون العدة له منذ بداية تفكيرهم في إنشاء وطن خاص بهم؛ ويعتبر كتاب “تيودور هيرتزل” والذي نشره تحت اسم “الدولة اليهودية” هو أولى الخطوات في طريق التخطيط الواضح لليهود وظهورهم من خلف الستار، حيث عقدوا مؤتمر “بال” في سويسرا عام 1897 وأعلنوا في خطاب افتتاحه أنهم يضعون حجر الأساس في بناء البيت الذي سوف يأوي الأمة اليهودية.

تابع اليهود تنفيذ خطواتهم بنجاح، فبعثوا أول وفد لاستكشاف طبيعة الأرض الفلسطينية، ولكن ذلك الوفد لم يكن من علماء الجغرافيا مثلًا أو الجيولوجيا، فلقد كان يتكون من اثنين من علماء الدين اليهودي في صحبة عالم النفس “ماكس نوردو” وكان رد الوفد بعد زيارة فلسطين: “العروس جميلة جدًا ومستوفية لجميع الشروط ولكنها متزوجة فعلًا”. أي أنها ليست أرض بلا شعب كما ذكر هيرتزل.

أراد اليهود إفساد هذه العلاقة بين الأرض الفلسطينية والشعب فأخذوا في شراء الأراضي التي لم تكن بالطبع ملكًا لعامة الشعب؛ ففي الحقيقة كانت الأرض ملكًا لكبار العائلات، فلقد بلغ مجموع ما تملكه 144 عائلة 3.1 مليون دونم -الدونم ربع فدان-، ومجموع ما تملكه 250 عائلة مساويًا لما يملكه جميع الفلاحين.

ففي عام 1910 كانت الصفعة الكبرى للفلسطينيين شراء اليهود أرض “مرج ابن عامر” والتي تبلغ مساحتها “351 كم”، وكانت الأرض ملكًا لعائلة “سُرسق” اللبنانية والمقيمة في أوروبا والتي قد اشترت الأرض من الضباط العثمانيين. لم يقف الأمر عند هذا الحد، فلقد تضمن الاتفاق إخراج الفلاحين من الأرض.

وبهذه الخطة حقق اليهود ثلاثة مكاسب:

  • شراء قطعة كبيرة من الأرض الفلسطينية “تهويد الأرض”.
  • تحجيم المساحات التي يقطنها الفلسطينيون.
  • أصبحت هناك حجة لتهجير اليهود إلى فلسطين للعمل بالأرض هناك “العمل العبري”.

وتعليقًا على هذا الحدث علق المحامي “واكيم واكيم”: “إذا كانت النكبة تعني ترحيل الإنسان الفلسطيني من أرضه والاستيلاء على أرضه.. فحقيقة النكبة بدأت قبل عشرات السنين قبل 48”.

الحماية الاقتصادية

عائلة روتشيلد: ‏، عائلة يهودية ألمانية غنية جداً، لدرجة أنها تُقرِض الدول الأموال والذهب مما يجعل لها هيمنة على تلك الدول وعلى سياساتها وقراراتها.

الغطاء الاقتصادي لأي دولة ناشئة هو ضمان لعدم وجود سيطرة خارجية على شعبها؛ لذلك لم يعتمد الاقتصاد اليهودي على عامل واحد فقط بل على عوامل عدة، كما أن أحد تلك العوامل لا يخضع إلا لسيطرة اليهود فقط:

1- اعتمد اليهود في بداية ظهور فكرتهم على التمويل الذاتي المتمثل في كبار الأثرياء الصهاينة وخاصة عائلة “روتشيلد”.

2- بعد ذلك عمدوا إلى قيام نظام اقتصادي كامل يعتمد بالأساس على اليهود وليس لأحد حق التحكم فيه، فقاموا بصهينة العمل بإنشاء “الهستدروت” لتلافي إضراب العمال الفلسطينيين كما حدث في 1936، وكان شعارهم “أرض يهودية -عمل يهودي- منتج يهودي” وبالتالي لم تحدث انتفاضة سبتمبر 1987 أي تأثير على العمل في إسرائيل.

3-المعونة الأمريكية: فاليهود هم الخيار الأفضل لدى أمريكا في الشرق الأوسط؛ لأنهم الدولة الوحيدة التي لا يمانع شعبها السياسات الأمريكية، كما أنها الذراع الأمريكي الذي ينفذ ما تعجز أمريكا عن تنفيذه أمام الملأ. وهذا الدور يعلمه اليهود جيدًا كما ذكرت “هآرتس” الإسرائيلية في عام 1951:

“إسرائيل معنية بأن تصبح كلب حراسة. ما من خوف من أن إسرائيل سوف تنتهج أي سياسة عدوانية تجاه الدول العربية عندما تعارض رغبات الولايات المتحدة وبريطانيا بشكل صريح. ولكن إذا فضل الغرب لسبب أو آخر أن يغلق عينيه، فيمكنه الاطمئنان إلى أن إسرائيل سوف تعاقب بقسوة الدول المجاورة التي تتجاوز الحدود المسموح بها في التعامل مع الغرب”.

4- اعتمد الصهاينة في استيطان فلسطين على إنشاء قرى زراعية كاملة بمساكن للفلاحين، واعتمد تمويل هذه القرى على تبرعات الأثرياء -كما ذكرنا- إلى أن تم تأسيس الصندوق اليهودي لاستيطان فلسطين لشراء الأراضي أو وضع اليد عليها، وبهذا تحقق لليهود أول منظومة اقتصادية كاملة.

السلاح (القوة)

عصابة الهاجاناه السرية اليهودية.

القوة بالنسبة للنظم تشتمل على جانبين: قوة داخلية، وأخرى خارجية. في البداية لم يكن الكيان اليهودي يحكم سوى اليهود، لذلك لم يكن بحاجة إلى القوة الداخلية؛ فاليهود داخل الكيان يُعتبروا أكثر الشعوب اتساقًا مع حكومتهم.

أما بالنسبة للقوة الخارجية فيوجد العديد من المحاور:

  • اليهود متواجدون بأرض ليست لهم.
  • طردوا أصحاب الأرض الأصليين.
  • ليس لهم أي حاضنة شعبية.
  • الفلسطينييون ليسوا ممن يتركون أرضهم بدون مقاومة.

ولذلك دأب اليهود على تكوين منظمات مسلحة لحماية القرى الزراعية التي أقاموها ومن هذه المنظمات:

1- مقاتلو مستعمرة داجانيا. 2- منظمة الهاشومير. 3- الكتائب (38-39-40) حملة بنادق ملكية. 4- هارشون ليهودا. 5- منظمة الهاجاناه. 6- الشرطة الإضافية اليهودية الخاصة “نوتريم”. 7- المفارز الليلية الخاصة. 8- الهاجاناه السرية. 9- البالماخ. 10- الأرجون. 11- شتيرن. 12- البيتار.

هذه المنظمات لم تكن مسالمة وفقط تقوم برد العدوان، بل كانت منظمات إرهابية هدفها جمع الأرض بالمال أو بوضع اليد وتهجير أصحاب الأراضي. ثم أصبحت بعض هذه المنظمات -التي لم تحل- نواة للجيش الإسرائيلي.

ذلك الجيش الذي يسقي أهلنا في فلسطين الويلات، ويزعم أن الأرض له وأنه صاحب حق، وفي الحقيقة ما هو إلا مستعمر أراد بناء كيان وفق قواعد تكوين النظم “الفكر -المال- السلاح” لكنه لم يكن يملك إلا فكرًا خبيثًا متعاليًا، ومالًا اشترى به ما لا يحق بيعه ولا يحق له شراءه، وسلاحًا حقق به مقصده وصوَّبه تجاه العزل.

خطوات اليهود في استعمار الأرض وفقًا لتاريخها الزمني

  • 1798 دعوة نابليون اليهود للعودة إلى فلسطين.
  • 1838 أعادت بريطانيا الفكرة على يد أنتوني أشلي كوبر -لورد شافتسبري السابع-.
  • 1840 السفير البريطاني يحاول إقناع الخليفة في إسطنبول بالفكرة.
  • 1885 رفع العلم فوق المستعمرات.
  • 1892 ظهور الحركة الصهيونية لأول مرة.
  • 1896 نشر كتاب “الدولة اليهودية”.
  • 1897 أول مؤتمر صهيوني وكان في “بازل”.
  • 1897 تأسيس المنظمة الصهيونية العالمية.
  • 1907 فكرة إنشاء لتطوير الأراضي في فلسطين.
  • 1911 شراء أرض “مرج ابن عامر”.
  • 1911 مطالبتهم للدولة العثمانية بالاعتراف باللغة العبرية.
  • 1917 رسالة بلفور إلى روتشيلد.
  • 1920 إعلان الانتداب البريطاني على فلسطين.
  • 1926 إعلان وعد بلفور.

دينا راغب

مهندسة حاسبات ونظم تحكم، كاتبة لمقالات رأي، ومحررة للأخبار، أهتم بقضايا المسلمين والمستضعفين، وأهوى القراءة… More »

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. هذا المقال إستقراء للتاريخ السياسى لليهود وفلسطين لكن لماذا لم تستشهدى بالقرآن الكريم وماذكره الله سبحانه وتعالى فى حق نبيه وخليله إبراهيم عليه السلام وأن اليهود والفلسطينين هم أبناءه من ولديه إسماعيل وإسحاق وخروجه من أرض كنعان وذهابه الى ارض الميعاد على حسب ما اوحى اليه ربه ولكن وافته المنيه وما قصة الحجر المدهون الذي هو اساس بيت المقدس.لذلك اقول لكى الرجوع الى القران الكريم وكتب التفاسير مهم للغاية فى مثل هذه المواضيع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى