نيويوك تايمز: في كشمير تصاعد الغضب والشقاء

هذا المقال ترجمة لمقال: “In Kashmir, Growing Anger and Misery ” لكاتبه: جيفري جتلمان. الآراء الواردة أدناه تعبّر عن كاتب المقال الأصلي ولا تعبّر عن تبيان.

«منذ حوالي شهرين، أُعلن حظر التجول في منطقة كشمير المشتعلة، وأغرقت الحكومة الهندية المنطقة بقوات الجيش، وقُطع الإنترنت، وباتت الهواتف النقالة خارج الخدمة»، والآن «أصبح الصراع أكثر فوضوية، وأضحت المعاناة جزءًا من الحياة اليومية. حول هذا الوضع أعدّ جيفري جيتيلمان، مدير مكتب صحيفة نيويورك تايمز في جنوب آسيا، تقريرًا مصورًا، استعان فيه بالمشاهد التي التقطتها كاميرا المصور الصحفي المستقل، أتول لوك، الذي يستقر في مومباي الهندية. 

يعكس التقرير المصوَّر «تصاعد الغضب والشقاء»، في المنطقة، حيث «يأمر الجنود الناس بالبقاء في بيوتهم وإلا سيطلقون عليهم الرصاص. وتقتل المليشيات المناهضة للحكومة المدنيين وتهددهم. ولم يعد بمقدور الناس الذهاب إلى المستشفى، ولا الذهاب للمدارس أو الأعمال، ولا التواصل مع أحبائهم، وأصيبت الحياة اليومية للمواطنين بشلل كامل».

بدأ الأمر في الخامس من أغسطس (آب) عندما أعلنت الهند خبرًا صادمًا بإلغاء الحكم الذاتي للجزء التي تُسيطر عليه من جامو وكشمير- الولاية الوحيدة في الهند ذات الأغلبية المسلمة- والتي كانت تتمتع بالحكم الذاتي منذ 1940. وسرعان ما سيقسم الإقليم إلى جزأين، كل منها سيكون منطقة فيدرالية.

يتابع جيفري: تقول الحكومة الهندية- التي يسيطر عليها الحزب القومي الهندوسي- بأن هذه التحركات ضرورية لتحقيق السلام في كشمير. لعقود والمنطقة تعاني من الاضطرابات والاحتجاجات والحروب وإراقة الدماء. وباكستان- غريمة الهند- تدّعي أيضًا أحقيتها بأجزاء من كشمير، وتلاحقها اتهامات بإثارة تمرد ضد الهند.

لقد أدرك المسؤولون في الهند أن إلغاء الحكم الذاتي لكشمير لن يكون موضع ترحيب. ولا يزال وادي كشمير- المكان الأكثر اضطرابًا في الولاية والذي يسكنه أكثر من ثمانية ملايين شخص- يخضع للحصار.

قضى المصور أتول لوك أربعة أسابيع في كشمير خلال رحلتين لنيويورك تايمز في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وهذا ما رآه:

(طفل في الرابعة عشرة من عمره أصيب برصاصة أطلقتها القوات الحكومية خلال احتجاجات الجمعة في سريناجار، يوم 13 سبتمبر/أيلول)
(طفل في الرابعة عشرة من عمره أصيب برصاصة أطلقتها القوات الحكومية خلال احتجاجات الجمعة في سريناجار، يوم 13 سبتمبر/أيلول)

ويتابع التقرير: الاحتجاجات المتفرقة لا زالت تشتعل بين الحين والآخر، وقوات الأمن تفتح النار باتجاه المتظاهرين، وتمطر الحشود بقنابل الغاز المسيل للدموع. ما أسفر عن إصابة العشرات من المتظاهرين بإصابات خطيرة، ولم يتمكن العديد منهم من الذهاب إلى المستشفى خوفُا من الاعتقال. بدلًا من ذلك، يلجأون إلى المساجد القريبة، بوجوههم التي تسيل دمًا وأجسامهم التي ترتجف؛ لتُضمد جراحهم على يد متطوعين متعاطفين.

يستمر جيفري في وصف المشهد بالقول: اعتقلت قوات الأمن الهندية آلاف الأشخاص، معظمهم معتقلون دون تهم تحت ما يسمى بالحبس الاحتياطي. وكل الطبقة القيادية في كشمير- الممثلون المنتخبون ديمقراطيا والمدرسين والطلاب والمثقفين والتجار البارزين- جميعهم الآن خلف القضبان. وبثت الاعتقالات والحصار مشاعر الاضطرابات والإحباط والغضب في نفوس الكشميريين.

(احتجاج خارج سريناجار تحول إلى العنف بعد أن أطلقت الشرطة قنابل الغاز عليهم)
(احتجاج خارج سريناجار تحول إلى العنف بعد أن أطلقت الشرطة قنابل الغاز عليهم)

يحكي مدير مكتب نيويورك تايمز عن زاهدة جان- الطالبة في الثانوية- التي انهارت حزنًا وهي تتحدث عن أخيها الأكبر فايز أحمد مير الذي اعتقلته السلطات أمام عينيها في أوائل أغسطس (آب). تقول عائلته إنه بريء، وكان يعمل سائق جرار زراعي في بساتين التفاح. بيد أن السلطات تقول إنها اعتقلته لمشاركته في الاحتجاجات قبل تسع سنوات. وليس لدى عائلته أي فكرة عن مكانه.

الشوارع تعج بالأطفال من عمر ثمانية سنوات، الذين أُغلقت مدارسهم ولم يعد لديهم الكثير ليفعلوه. الكثير منهم يتمشى حول المساجد. ومن ضمن الشعارات التي يصرخون بها: «هناك حل واحد، السلاح هو الحل، السلاح هو الحل».

(المحتجون يرمون الحجارة في سريناجار يوم 8 أغسطس - آب)
(المحتجون يرمون الحجارة في سريناجار يوم 8 أغسطس – آب)

يضيف جيفري: ادعى كثير من الشباب بأنهم عُذِّبوا على يد قوات الأمن، الأمر الذي أنكرته الحكومة الهندية. وقال أحد الشباب- الذي اعتُقل للاشتباه بمساعدته للمليشيات- إن الجنود علقوه رأسًا على عقب وضربوه بعصي الخيزران وصعقوه بالكهرباء وأجبروه على شرب كميات كبيرة من السوائل الضارة. وبعد شهر من تعذيبه حسب قوله، عرض عابد خان- صاحب متجر- خطوطًا سوداء عميقة على أردافه. وقال إن أربعة جنود جردوه من ملابسه وثبتوه أرضًا وضربوه بعصي خشبية المرة تلو الأخرى.

(آثار احتفالات يوم الاستقلال في سريناجار يوم 15 أغسطس - آب)
(آثار احتفالات يوم الاستقلال في سريناجار يوم 15 أغسطس – آب)

يلفت جيفري إلى أن التوترات لم تعد بسيطة، وتقتصر على المحتجين الذين يواجهون قوات الأمن، بل يشن الانفصاليون الكشميريون أيضًا حملاتهم الخاصة، ويهددون أو حتى يهاجمون المدنيين، مدمرين بذلك أي مظهر من مظاهر الحياة الطبيعية قد يحاول الإطلال برأسه من جديد.

ويكمل الكاتب: أطلقت المليشيات المناهضة للحكومة النار على أفراد عائلة أحد تجار التفاح الأثرياء، يريدون بذلك وقف تجارة التفاح- حبل النجاة للعديد من الكشميريين- كمظهر من مظاهر الاحتجاج ضد الحكومة الهندية. ويقول مسؤول إن المليشيات قتلوا طفلة بعمر خمس سنوات. ولم يوضح المسؤولون الهنود الوقت الذين سيرفعون فيه القيود الأمنية عن المنطقة أو يطلقون سراح المعتقلين.

(صلاة العيد في سريناجار،أغسطس - آب)
(صلاة العيد في سريناجار،أغسطس – آب)

يلقي أجيت دوفال- مستشار الأمن القومي الهندي- اللوم على باكستان في مشكلة كشمير. ويقول: «إذا أعيد الإنترنت إلى كشمير، ستغرقه باكستان بالمعلومات المضللة وتؤجج الكراهية. وإذا تراخى الجنود في الهند، ستستغل باكستان الموقف وترسل المزيد من المقاتلين». ويضيف أن «رفع القيود الأمنية يعتمد على سلوك باكستان».

ويختم جيفري بإنكار باكستان التهم الموجهة إليها، فيما تحدث رئيس وزرائها عمران خان- أمام الأمم المتحدة- متهمًا الهند بتنفيذ أعمال وحشية في كشمير، وطالب بتدخل دولي لمنع تصعيد الأزمة إلى حرب بين الهند وباكستان المسلحتين نوويًا.

(متظاهرون يغلقون الطريق في سريناجار الشهر الماضي)
(متظاهرون يغلقون الطريق في سريناجار الشهر الماضي)

تبيان

تبيان، مجلة رقمية تتناول ما يُهم أمّتنا ومشاكلها وقضاياها الحقيقية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى