كيف احتلت الشيطانية أمريكا.. ما عادت الفردانية خطيئة

هذا المقال ترجمة بتصرف لمقال: How Satanism conquered America لكاتبته: MARY HARRINGTON في موقع: unherd.com. الآراء الواردة أدناه تعبّر عن كاتب المقال الأصلي ولا تعبّر بالضرورة عن تبيان.

هناك مثلٌ سائد يُضرب بأن الشيطان لديه أفضل الألحان.[1] لكن يا ترى، هل لديه أفضل الكتب أيضًا؟ يبدو ذلك، على الأقل فيما يخص الإباحية الناعمة. فقبل أسبوع، ورد تقرير بأن الأسقف الكاثوليكي الشهير وطارد الأرواح كزافييه نوبل قد قدّم استقالته من الكنيسة ليعيش مع عشيقته، كاتبة في مجال الخيال “الشبقي-الشيطاني”.[2]

إثر الحادثة، تداعت في ذهني قصة فيلم طارد الأرواح (The Exorcist) والتي صدرت قبل عدة سنوات من ولادتي، وقد عُدّ الفيلم صادمًا بمحتواه حتى سنوات مراهقتي في التسعينات. ولكن بعيدًا عن أن الطرف الآخر قد يبدو وقد انتصر؛ إلا أن قصة نوبل أثارت فيّ صدمة أقل من الحنين إلى الماضي.

في 2021، فإن كون الكاهن بطل الفيلم في المعركة بين الحق والباطل، تبدو قديمة تمامًا تعود إلى 1973 (سنة صدور فيلم طارد الأرواح). وأما هذه الأيام -ومع وجود الكثير من الصور الشيطانية في المحيط- فإن الرموز المعادية للمسيحية صراحةً تبدو مبتذلة (كما في بيع ليلناس للحذاء الرياضي الشيطاني)[3] أو تبدو رديئة (كما في مجتمع ويتش توك في تيك توك).[4]

لكن إن كانت الصور الشيطانية تعطي الناظر شعورًا بالقرف، فمع ذلك أصبح الشيطان نفسه اتجاهًا سائدًا في الثقافة. وإذا كانت فكرة معاداة المسيحية على نحو ممنهج “لفضح البرجوازيين”[5] أصبحت فكرة مستهلكة، فإن البرجوازية ما بعد المسيحية الآن ترى في الشيطان شخصًا طيبًا.[6] [7] وفي عيون هذه الفئة، فإن المثل الشيطاني في الفخر والاعتزاز بالنفس ورفضه للاستسلام لا يتم الاحتفال به فحسب، بل هو في طريقه ليصبح الدين الراسخ في الولايات المتحدة.

ما يزال المعبد الشيطاني الأمريكي المؤسس عام 2012 صغيرًا على صعيد الانتشار، لكنه برز على عناوين الصحف الأسبوع الماضي حين أعلن عن خطط لمقاضاة حكومة ولاية تكساس لتقييدها قدرة النساء على الإجهاض.[8] وفي معرض هذا الرد على التقييد، جاءت مجلة صالون (Salon) لتسمي تلك الخطط بـ” الأمل الأخير”[9] لحماية حقوق الإجهاض في الولاية. ولهذا المعبد سجل حافل من الترويج الذاتي عبر الإساءات، مثل تأسيس نادي شيطاني بعد المدرسة.[10] ولا يمكننا أن نغفل، بأن مناخنا السياسي المحموم على الإنترنت، والذي أدى للتقارب فيما بين “الإجهاض” و”الطقوس” و”الدعاوى” و”الشيطانية” ساعد على ترويج هذه المجموعة.

الشيطانية في أمريكا

لكن كيف وصل بنا الحال، بأن تصف مجلة إلكترونية عدد قرائها يبلغ العشرة ملايين شهريًّا مشيدة بالشيطانيين على أنهم الأبطال المنقذون؟ الحقيقة هي أن تعاطفنا الحداثي مع الشيطان له جذور قديمة، والأمريكان بالتحديد لهم قابلية للتأثر بشدة.

ولعل الملوم على ذلك هو جون ميلتون، كبير الإعلاميين الدعائيين للقائد العسكري الإنجليزي الشهير أويفر كرومويل. فقد اشتهر ميلتون هذا بملحمته التوراتية الشهيرة “الفردوس المفقود” التي صدرت 1663، فخلق صورة هي الأكثر تعاطفًا مع إبليس عبر تاريخ الأدب، ويصور توقه للجنة التي تركها، إلا أنه عاند وبكل قوة قائلًا: “أن تحكم في جهنم خير من أن تخدم في الفردوس”.

وهذا الكلام مهم؛ لأن ميلتون طرح مجادلًا أسئلة محورية في القانون والسلطة والحرية الشخصية، والتي عصفت في قلب الإصلاح البروتستانتي. وهذا الإصلاح كان جوهريًا بالنسبة للغرب الحداثي (وبالأخص أمريكا). وإن تتبع تاريخ هذا التمرد يقودنا إلى الاستنتاج المذهل بأن أمريكا ما بعد المسيحية هو نظام شيطاني أكثر فأكثر مع الوقت.

لقد تمت كتابة “الفردوس المفقود” على خلفية الاضطرابات الدينية. فبعد رفض مارتن لوثر 1517 للقوة القانونية للقانون الكاثوليكي،[11] جرت الحرب الأهلية الإنجليزية بين الطوائف المتصارعة. وفي سعي البروتستانتيين الإصلاحيين لتحرير المسيحيين من الكنيسة التي زعموا بأنها جامدة وفاسدة، فقد انفتحوا على إمكانية استبدال جميع القوانين والقواعد والقيود بالإيمان. والقدر الكبير من الاضطرابات البروتستانتية الأولى كانت مدفوعة بأناس يجادلون حول ما ينبغي أن تكون حدود التمرد ضد العقيدة، هذا إذا ما كانت تلك الحدود مُعترفة من قبلهم أصلًا.

بل وصل الأمر إلى الغلو عند البعض. فأحد زملاء لوثر وهو جوهان أجريكولا، أصبح يدعو 1525 بأن الوصايا العشرة “مكانها المحكمة لا منابر الوعظ”، بل ويصرح بأنها “إلى المشانق مع موسى”!![12] وما طاق لوثر منه ذلك، ووصف هذا الرفض الشديد للقانونية بالهرطقة “المناهضة للناموسية”[13] أو القانون.[14]

حتى أن لورانس كلاركسون، وهو مناهض للناموس معاصر لميلتون، أصدر منشورًا عام 1640 يصرح فيه بأن الخطيئة مجرد أخبار كاذبة: “فالخطية لها مفهومها في الخيال فقط، ولذا، فما دام الفعل في الله، أو صدر بوضوح من الله، فإنه مقدس مثل الله”.[15]

وكما يقولون اليوم: ثق بنفسك، ويمكنك فعل أي شيء. وعلى الرغم من أن ميلتون عبّر عن هذه المعارضة القصوى للسلطة والقواعد تعبيرًا شيطانيًا تمامًا؛ فإن الطبيعة الجذابة للشخصية المناهضة للبطولة لشيطانه أوحت بأن مشاعره مختلطة تجاه هذا الأمر. ولم يكن كاتب آخر لديه مثل هذا التناقض. ومن بعدها بقرن فإن الاحتفاء المناهض للناموسي بالتعبير عن الذات ازدادت وتيرته عبر العصر الرومانسية.

وقد أعلن النحات والشاعر وليام بليك 1790 في كتابه “زواج النعيم والجحيم” بأنه “لا فضيلة توجد من دون كسر هذه الوصايا العشرة…وأن عيسى كله كان فضيلة، وعمله من دافعه، لا من القواعد”. وفي تلك الأثناء وعبر المحيط الأطلنطي، كانت فكرة الجمهورية لميلتون لها تأثير محوري في تشكيل الثورة الأمريكية ضد حكومة العالم القديم.

وإذا مضينا مسرعين قرنًا آخر، وهي ليست خطوة كبيرة من مرحلة التفكير بأن رحمة الله تمنحك الحرية لفعل ما تريد إلى فكرة الاستغناء بقدر ما عن الله. اتبَعَ عالم السحر والتنجيم (1875-1947) أليستر كرولاي عقيدة الإرادة الفردية المتحررة من القانون أو الأخلاقية الفاسدة، وسما نفسه بالوحش 666، وأجرى تجاربه بالجنس والمخدرات. وتعرض للطرد عام 1923 من صقلية بعد موت مساعده في ظروف غامضة، بعد زعم حول شربه دماء قطة قُدِمت كأضحية.

نميل نحن في مثل هذه السلوكيات الصادمة عن عمد بأنها جوهر “الشيطانية”. لكن جوهر ميراث كرولاي هو في نزع آخر بقايا المسيحية من التمرد على الحركة المضادة للناموسية. وأشهر مقولاته المكتوبة في كتاب القانون (1909): “افعل ما تريد وسيكون قانونا”.[16]

ولم يكن هو الوحيد في ذلك. بل من قبل في عام 1882، أعلن فردريك نيتشه موت الإله[17] وأن مصدر الخير الوحيد الحقيقي هو إرادة الإنسان نحو القوة. وفي تلك الأثناء بأمريكا، أصبح تقديم الجنس البشري أقل تعلقًا بالمسيحية. فالكاتبة الأمريكية أين راند (1905-1982) سمت نيتشه بفيلسوفها المفضل في الثلاثينات من القرن الماضي،[18] وإن كانت تنصَّلت من ذلك لاحقًا. وعقيدة راند هذه (الموضوعية) تجادل بأن الأنانية نبيلة وخيّرة وتقول: “إنه من أصعب الأشياء في العالم أن تفعل ما تريد” و”تتطلب أقصى أنواع الشجاعة” في روايتها “المنبع” 1943.

لقد سعى كل من كرولي وراند لتحرير إرادة الفرد من القيود والأعراف والقوانين وحتى من الحقيقة نفسها (كما كان يأمل ذلك مُمارسو الطقوس السحرية). وهذه التأثيرات تجتمع مرة أخرى في كاليفورنيا 1966، في كنيسة الشيطان لأنتون لافي.[19] وسار لافي على درب راند وكراولاي في رفضه لجميع القيود الجماعية على السلوك الفردي مع التأكيد على علو رغبة (شهوة) الفرد. وصرح قائلًا: “هناك وحش داخل الإنسان لا ينبغي أن يُمنع، بل إلى الأمام يُدفَع”.

اتخذ لافي (وهو عامل مهرجانات سابق) أسلوبًا مسرحيًا مغاليًا للدفع بهذا الوحش، ليدمج فيها طقوسًا ظلامية وجميع الأسس التي تتوقع أن تراها في أفلام الرعب التي تصور الشيطانية (أو الكثير من موسيقى الميتال[20] [كما تظهر في مسرحياته]). وفي الوقت الذي يستمر في التمرد ضد المسيحية؛ فإن جوهر الفلسفة الشيطانية المتمثلة بالحرية الإلحادية الراديكالية اتخذت شكلًا أقل استفزازًا في مكان آخر بكاليفورنيا 1966، على سبيل المثال مفهوم “تحقيق الذات” الذي روجه إبراهام ماسلو في معهد إيسالن.[21]

وعليه فلا ينبغي أن نتفاجأ بأن الهدف المحوري من طقوس الإجهاض لدى المعبد الشيطاني هو الترويج للفردانية والتمكين الذاتي، “فتأكيد الطقوس على القيمة الذاتية والحرية الجسدية” هي في قلب الدعوى القضائية المرفوعة حاليًا للمجموعة في تكساس.

لكن هذا لا يعني أن عليك أن تصبح شيطانيًا مخلصًا لتعتنق فكرة أن الغاية الحقيقية من الحياة هي التمكين الذاتي، وأن إشعار الآخرين بقضية الذنوب هو انتهاك سافر غير مبرر. وقد كتب أليستر كرولاي في كتاب القانون بأن “كل رجل وامرأة نجم”. ومن راند إلى ماسلو وصولًا إلى ميمات موقع (Pinterest) التمكينية اليوم، فإن إحدى أشكال هذه المقولة هي جوهر رسالة صناعة مجال تطوير الذات (Self-help).

فعلى سبيل المثال، فإن إحدى كاتبات هذا المجال جوليا كاميرون تشابه كثيرًا أيان راند في كتابها الأفضل مبيعًا 1992 “طريق الفنان” حيث تعلن قائلة: “ما نريد فعله حقيقة هو ما كان من المفترض حقًا أن نفعله”. عدا ذلك، فإذا كنت تحب طقوسية أكثر في فردانيتك الخاصة، لكن أجواء الكنيسة الشيطانية وما فيها من موسيقى الميتال لا تستهويك، فهناك جمالية تحظى فيها في السحر والتنجيم مع التدليل في كتاب أرين ميرفي هيسكوك “دليل الساحر لتطوير الذات” 2019.

يخبرنا مورفي-هيسكوك مرددًا نفس كلام كرولي:

إن العيش بذاتك الحقيقية يعني أن تسلك نهجًا فردانيًا تمامًا.

فلو ابتليت يومًا من الأيام على سبيل المثال، بشعور بالذنب حارق كنتيجة لفعلك ما تريده بالضبط؛ فإن مورفي هيسكوك يقترح عليك طقوسًا لـ “لتحرير” تلك المشاعر.

فلا عجب أن يصعب عليك التمييز اليوم بين معبد شيطاني حديث وبين ليبرالي من “الطيبين” (كما رأت ذلك صحيفة الغارديان 2019)[22]. فجوهر العقيدة الشيطانية هي الفردانية المطلقة، مقطوعة عن أي صلة بالإله. وبكلام آخر، الشيطانيون مجرد ليبراليين أقحاح جدًا.

الشيطنة

يرى ميلتون بأن رفض إبليس بأن يخضع لأي قانون (حتى لو بدا ذلك متناقضًا) خطيئة الكبرياء. واليوم وفي عالم ما بعد المسيحية في تحقيق الذات، فإن الكبرياء لم تعد خطيئة. وبدلًا من ذلك فإنه من الجوهري أن تكون على طبيعتك. وكما تقول “فاراه فلاوليس” إحدى مشاهير الإنترنت التي غيرت خلقتها:

لا أؤمن بإله، ولا أعبد الشيطان، ولكن نعم أنا شيطانية، وهو أنني أُؤلِّه وأعبد نفسي.[23]

في الواقع، فقد أصبحت عبادة الذات المقدسة اليوم أبعد ما تكون عن الخطيئة، بحيث أصبح لها عيد ديني سنوي. وهذا الاحتفال الصيفي الجديد شبه الديني والذي يُعرف بشهر الفخر، كان قد بدأ كحملة القرن العشرين للمساواة بين اللوطيين والسحاقيات. وما بدأ كحملة مُبررة (وفي جذرها مسيحية بالمرة) للمساواة بينهما، تحول منذ فترة طويلة إلى احتفال ترعاه الشركات بالفردانية[24]، يرتعب منه اليوم الكثير من اللوطيين والسحاقيات.[25]  

وفي منشور رسمي لموقع (Pinterest) هذا العام (وهو منجم الفضاء الافتراضي لشعارات تطوير الذات) لخصوا هذه العقيدة الجديدة.[26] كعيد ديني، فإن الكبرياء لا يتعلق بحقوق الشواذ فقط، بل هو المكان الذي “نحتفل نحن فيه بالهوية والتعبير عن الذات بجميع أشكاله”. وبقدر ما تستمر فكرة ميلتون عن التمرد بما فيها من التناقضات، فقد أصبح الجدل التقليدي الآن عن وجود أي أشكال من الرغبات الفردانية[27] ممنوعة من الدخول لاحتفال الفخر.[28][مثل مجموعة اشتهاء الأطفال ومطالبهم في الدخول لمجتمع LGBQT كما هو وارد في رابط المصدر]

وعلى الأقل، في الأغلبية (الآن) لما بعد المسيحيين في الساحلين الشرقي والغربي الأمريكيين؛ فإن تقديس الحرية الفردية والرغبات تتجه نحو الحزم أكثر في جهودها لشطب المسيحية من كونها الديانة الرسمية لأمريكا.[29]

وهناك تحدٍ أقل صراحة مما طرحه أليستر كرولاي أو أنتو لافي، وإن كان استمرارًا لنفس الجدال، ولكن هذه المرة الموازين قد انقلبت. فالجانب الذي يتمتع بالدعم الحكومي المؤسسي[30] والعسكري[31] هو الإيمان بالتعبير عن الذات والإرادة الفردية والفخر الذي لا يقهر.

المصادر

  1. شاع هذا المثل في عصر التنوير بأوروبا، تحت إطار علمنة الموسيقى بعد أن كانت حصرًا في الكنائس بغرض العبادة. (المترجم)
  2. Spanish bishop Xavier Novell quits for life with erotic-satanic fiction writer Silvia Caballol
  3. Inside Lil Nas X’s Satan Shoe, the sneaker that sold out in under a minute: is the limited-edition, US$1,000 MSCHF shoe really a Nike Air Max 97 knock-off?
  4. WitchTok: how the occult became big online
  5. تبيان: أصل هذا التعبير الفرنسي في نهاية القرن التاسع عشر جاء من حركة الانحلال الثقافية الفرنسية وشعرائها في هجاء الطبقة البرجوازية.
  6. Devil’s advocate: are satanists now the good guys in the fight against the evangelical right?
  7. مجتمع ما بعد المسيحية/ هو مجتمع لم تعد فيه المسيحية هي الديانة المدنية المهيمنة، ولكنها تتبنى تدريجيًا قيمًا وثقافة ووجهات نظر عالمية ليست بالضرورة مسيحية (وقد لا تعكس بالضرورة وجهة نظر أي دين عالمي أو قد تمثل مزيجًا من عدة ديانات أو لا شيء). [مقتبسة من الموسوعة الحرة](المترجم)
  8. THE SATANIC TEMPLE V. TEXAS
  9. Why Satanists may be the last, best hope to save abortion rights in Texas
  10. Against the Antinomians (Martin Luther)
  11. Martin Luther’s 95 Theses Are 500 Years Old. Here’s Why They’re Still Causing Controversy
  12. Law – Civic, Ceremonial, and Moral
  13. A Single Eye: Laurence Clarkson
  14. The Book of the Law
  15. هذا توضيح للفرق بين المفهوم اللوثري للدين ولرفيقه أجريكولا مقتبس من موقع كلمة الحياة مع بعض التصرف، ففي القرن السادس عشر، أعلن لوثر أن التبرير أمام الله هو فقط بالإيمان الحقيقي بالمسيح، كما أعلن أنه ليست هناك شريعة تفرض على المؤمنين الحقيقيين أن يقوموا بأعمال صالحة معينة، لأنهم يقومون بكل الأعمال الصالحة بتأثير الروح القدس الساكن فيهم، وجاء هذا الإعلان رفضًا لأسلوب الكنيسة في روما بزعامة البابا من توزيع الجنة والإيمان عبر صكوك الغفران. لكن خشية أن يستغل سامعوه قوله هذا في إهمال شيء من هذه الأعمال (بدعوى عدم إرشاد الروح القدس لهم في القيام بها)، كان يحثهم على السلوك بالتقوى والقداسة لكي يمجدوا الله بسبب تبريره لهم بدم المسيح. فضلًا عن ذلك فقد سن قانونًا للوعاظ والرعاة يحتم عليهم تنفيذ وصايا الله بكل دقة في حياتهم السرية والعلنية. وحينئذ نهض رجل يدعى أجريكولا، ورمى لوثر بالخروج عن تعليم التبرير بالإيمان، وأعلن أن المؤمنين جميعًا ليسوا تحت التزام أن يحفظوا أية وصايا، كما أعلن أنهم حتى إذا عاشوا كل حياتهم في الشر والدنس لا يمكن أن يهلك واحد منهم على الإطلاق، ويعرف رأيه هذا بـ “الانتينومانية” Antinomianism أي “المقاومة للناموس”. فتجاهل أجريكولا بذلك قول الرسول “وليتجنب الإثم كل من يسمى اسم المسيح” (2 تيموثاوس 2: 19)، وقوله “نحن الذين متنا عن الخطية، كيف نعيش بعد فيها” (رومية 6: 2)، وقوله “لأننا نحن عمله (أي عمل الله) مخلوقين في المسيح يسوع لأعمال صالحة، قد سبق الله فأعدها لكي نسلك فيها” (أفسس 2: 10)، وقوله عن المسيح “الذي بذل نفسه لأجلنا لكي يفدينا من كل إثم ويطهر لنفسه شعبًا خاصًا غيورًا في أعمال حسنة” (تيطس 2: 4). كما تجاهل أن الإيمان قد يكون بالحق وقد يكون بالاسم، وأن النوع الأول من الإيمان هو الذي يخلص بواسطته المؤمنون من دينونة الخطية، وينالون طبيعة روحية جديدة تؤهلهم للتوافق مع الله في صفاته السامية. أما النوع الثاني من الإيمان فلا قيمة له على الإطلاق، لأنه لا يخلص من الدينونة ولا يحرر من الخطية، ومن ثم يظل أصحابه معرضين للدينونة ومستعبدين للخطية. (المترجم)
  16. The Gay Science
  17. An After School Satan Club could be coming to your kid’s elementary school
  18. Ayn Rand Contra Nietzsche
  19. Welcome to the official website of the Church of Satan.
  20. 12 of the most uplifting songs about Satan
  21. MOTIVATIONS OF SELF-ACTUALIZED PEOPLE
  22. Devil’s advocate: are satanists now the good guys in the fight against the evangelical right?
  23. The tyranny of queer theory
  24. the rainbow wars get religious at manchester pride
  25. Show Your True Colors
  26. Keep your kinks to yourself
  27. PAEDOPHILES WANT TO BE ACCEPTED BY THE LGBT COMMUNITY CLAIMING THEY ARE MINORITIES
  28. List of U.S. states and territories by religiosity
  29. UN Human Rights Council Side Event: Defending the Lives of Transgender Peopl
  30. Biden signs foreign policy memo putting U.S. at ‘forefront’ of global LGBTQ rights

عبد الوهاب البغدادي

مترجم وصيدلاني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى