نحو تطوير العمل في الثورة السورية

مما لا شك فيه أن الثورة السورية هي أهم ساحة صراع حاليًا بين النظام الدولي والشعوب الإسلامية ولذا تضافرت جهود جميع الفرقاء الدوليين من أجل تدمير وخنق الثورة ولكن لابد من النظر للنفس أولا ومحاولة تطويرها وتصحيح أخطائها لأن سلوك العدو تجاهنا هو سلوك طبيعي فهل يمكن أن نتصور من أعدائنا سوى السعي الحثيث لهزيمتنا والقضاء علينا! وهذا من البديهيات التي تغيب عن البعض للأسف بسبب التشوش الفكري والتميع العقدي وتغليب المصالح المادية الشخصية الفاسدة على العقيدة والدم.

ومن المعلوم أن هناك مشكلات كبيرة في الساحة عموما وفي المستويات القيادية بشكل أخص ولأن المشكلات القيادية تأثيرها كبير وضخم دائما ما يتم التركيز عليها وفي نفس الوقت لابد من عدم إغفال الأوضاع الصعبة والمواقف الحساسة والدقيقة التي يواجهها أفراد القيادة في الساحة ومن بيدهم المسئولية ونقصد المخلصين منهم وليس المرتزقة أو العملاء الذين يتبعون خلف كل ممول وكل دولة تريد تنفيذ مصالحها الخاصة على حساب دم ومعاناة الشعب السوري المسلم.

ولذا نحاول هنا التذكرة ببعض الأمور التي نرى أنها قد تساعد في تطوير العمل والاستعداد لمرحلة المواجهة القادمة قريبا في سلسلة المحاولات للقضاء على كل معاقل الثورة وسنحاول الاختصار والتركيز في طرح الأفكار وربما نقوم بالتفصيل فيها في مرات قادمة إن دعت الحاجة لذلك. 

 العمل على إنشاء قيادة موحده للثورة

لابد من الوحدة ولن نفصل في أهميتها لأنها من البديهيات ولكن نذكر انه إن لم تتم وحده كاملة على جميع المستويات فلابد من وحدة الجهاز العسكري أو اقل شيء توحيد أكبر عدد من القوات الفاعلة لان عدم وجود الوحدة أدى إلى: –

  • عدم وجود مرجعية شاملة للثورة على جميع المستويات
  • ندرة وجود خطة أو مناورة على المستويات السياسية والاستراتيجية العليا والاستراتيجية العسكرية
  • عدم وجود هيكلية صالحة وسلسلة قيادة محكمة لمواجهة التحديات على المستوى لعسكري والأمني والسياسي

العمل على إجهاض إحياء النظام السياسي للأسد

من الضروري أن يتماشى العمل العسكري تبعا للرؤية السياسية وبالتالي لابد حاليا من العمل على إجهاض المخططات السياسية الموجهة لوأد الثورة عبر استهداف الشخصيات المؤثرة التي يريد النظام الدولي إعادة نظام الأسد عبرها وليس فقط بشار الأسد وكبار مساعديه وأيضا ضرورة بناء خطة شاملة لمنع تجميع الجهود سواء من المحسوبين زروا على المعارضة أو من الشخصيات المحلية بين المدنيين والتعاون مع جميع الأطراف الممكنة داخليا وخارجيا من أجل منع استقرار أي حل تفرضه القوى المحتلة على الشعب السوري بكل الوسائل الممكنة.

إعادة هيكلة قوات الثوار

لابد من أن ندرك أننا بحاجة إلى إعادة تنظيم وترتيب وهيكلة القوات العسكرية الخاصة بنا لتتناسب مع تحديات المرحلة وهنا لابد من أن نعلم أن شكل وترتيب القوات بما يناسب مهامها ويسهل تحقيق الأهداف من أهم الأشياء وسنذكر الآن بعض معالم ذلك من دون الإغراق في التفاصيل

  • أولًا: قيادة عسكرية محترفة تتمتع بقدر عالي من الاتصال والسيطرة والتأمين
  • ثانيًا: جهاز مخابرات بقسميه العسكري والعام
  • ثالثًا: قوات مقاتلة خاصة أو قوات نخبة
  • رابعًا: ألوية مدرعة أو مشاة محمولة تتمتع باستقلالية العمل كوحدة منفصلة
  • خامسًا: إدارة للتدريب العسكري وإعداد القادة

جهاز المخابرات

يتكون من قسم الأمن العسكري مهمته الاستطلاع والرصد للأهداف العسكرية وإمداد القادة العسكريين بما يلزمهم من معلومات تتعلق بساحة العمليات وقوات العدو العسكرية.

  • قسم الأمن الوقائي أو الداخلي: يعمل على أمن التنظيم وحماية القادة والحماية من الاختراق وتسرب المعلومات
  • وقسم جمع المعلومات: يعمل على جمع المعلومات من مختلف المصادر العلنية والتقنية والبشرية
  • قسم تحليل المعلومات: ويقوم بعمل تحليل للمعلومات المجموعة وأرشفتها وتصنيفها واستخلاص النتائج منها في صورة تقديرات موقف ومقترحات للعمل وتقارير وضع تقدم للقيادة
  • وقسم العمل الخارجي: يتولى ما يتعلق بالعمل الأمني خارج حدود سوريا مثل تأمين تنقلات الأفراد في الخارج أو تأمين وإدخال الإمدادات بكافة أنواعها إلى الداخل السوري أو غير ذلك من الوظائف خارج الحدود.

القوات الخاصة

قوات تتميز بصفات بدنية وتكتيكية عالية تختار من أفضل الأعضاء ثم تخضع لتدريب بدني خاص وتدريب على القتال القريب وعلى جميع أنواع أسلحة الاشتباك وعلى المتفجرات وعلى القنص ثم على تكتيكات العمل من الكمائن والإغارات بمختلف أنواعها وعلى اقتحام المباني والمنشآت وعلى الاغتيالات ولابد من تدريبها أو قسم منها على أعمال القوات الخاصة البحرية. وتكون النسبة المقترحة لعدد القوات الخاصة 100 فرد قوات خاصة في مقابل كل لواء مدرع يتم تشكيله أو على حسب المتاح من الأفراد أو التدريب.

من الجدير بالذكر أن الساحة الآن تكاد تخلو من أعمال القوات الخاصة من العمل في مؤخرات العدو وخطوط إمداده وملاجئه الآمنة وهذا شيء يُستغرب لأن من المفترض أن يكون جزء كبير من العمل العسكري موجه في هذا الجهد لأنه بإمكانات قليلة تحقق نتائج كبيرة.      

القوات المدرعة

من أول واجبات القائد والمخطط العسكري أن يسعى إلى ترتيب وتنظيم قواته بالشكل الذي يؤهلها لخوض المعركة وكسبها ويساعده على المناورة بها بشكل جيد سواء على المستوى الاستراتيجي أو التكتيكي والمناورة العسكرية ببساطة ما هي إلا تنظيم وتحريك القوات. وحين ندرس شكل الساحة السورية وطبيعة الحرب نجد إننا بحاجة إلى شكل تنظيمي يجمع ما بين مميزات القوات النظامية من حيث السيطرة والقيادة ومميزات قوات العصابات من حيث خفة الحركة وسهولة المناورة هذا من ناحية الشكل.

ومن ناحية المضمون فنحن بحاجة إلى قوات قادرة على العمل باستقلالية وفي نفس الوقت بفاعلية فلذلك نقترح الآتي أن يتم تقسيم جميع القوات في ألوية مدرعة أي على حسب عدد الدبابات والعربات المصفحة والرباعية الدفع سنعيد تنظيم القوات كالآتي : سيكون اكبر تشكيل مُعتَمد هو اللواء ويتكون من:

  • 3 كتائب عاملة
  • وكتيبة احتياط
  • وسرية مدفعية
  • وسرية هندسة
  • وسرية دفاع جوي

ويكون تشكيل الكتيبة: عبارة عن خمس دبابات وعشر عربات مصفحة أو على الأقل رباعية الدفع محملة برشاشات ثقيلة وصواريخ موجهة مضادة للدروع لحماية الدبابات. وحوالي 100 من المشاة يُحملون على المركبات غير أطقم الدبابات والعربات. وبذلك لا تزيد الكتيبة عن 150 فرد إلى 200 في أقصى تقدير. ولكنها تتمتع بقوة نارية كبيرة جدًا وقدرة حركة ومناورة عالية وإذا دُعِمت بمفارز من السرايا المعاونة على مستوى اللواء تكون قادرة على العمل باستقلالية تامة أو التعاون مع باقي الكتائب على حسب المعركة ويكون تعداد اللواء من 700 إلى 900 فرد على ـقصى تقدير.

إدارة التدريب العسكري

تنقسم إلى قسمين قسم يتعلق بالدورات العادية من دبابات ومدفعية وأسلحة اشتباك… الخ كل فرد على حسب تخصصه. وقسم يتعلق بالقادة وهو المتعلق بإعدادهم على مستوى التكتيك والاستراتيجية ليكونوا قادرين على قيادة القوات ويكون من أولوياتها نشر الحرفية العسكرية من أول استعمال أبسط سلاح إلى تخطيط الاشتباكات واستراتيجيات الحرب .

القيادة العسكرية

وتتكون من قادة الألوية والكتائب وقائد القوات الخاصة ونائبه وقائد المخابرات ونائبه ومدير إدارة التدريب ويتم اختيار قائد عام واحد و2 نواب له. ويتم توفير منظومة قيادة وسيطرة بين القيادة والقوات وتأمينها بشكل يسمح بسهولة القيادة والمناورة مع السرية.

ملاحظات

لابد من فرز أعضاء التنظيم الثوري وتحديد من هو القادر على المشاركة في العمل العسكري أو الأمني وتفريغه لذلك ولابد من تحويل الأفراد إلى جنود يتمتعون بالانضباط العسكري. ومن لا يصلح للعمل العسكري يشارك في أعمال التنظيم المدني أو الإعلامي أو الأعمال الدعوية والشرعية ولابد أيضًا من فصل أفراد العمل العسكري والأمني عن المدني ضمانا للسِرِّية، وأمن العمل، ولعدم حدوث الفوضى التي نراها. يُنصح أيضا بفصل الإعلام العسكري عن إعلام التنظيم الثوري وجعله تابعا لمخابرات التنظيم.

تطوير أساليب العمل العسكري

لابد من بناء استراتيجية عسكرية مناسبة ومتماسكة استنادا للتجربة السابقة ومتماشية مع التحديات الحالية وتتضمن أهداف العمل العسكري وكيفية تحقيقها، وتفاصيل ذلك، والاحتمالات المختلفة، وكيفية التعامل معها. ثم بعد ذلك تطوير الأساليب التكتيكية على كل المستويات بِدءًا من تطوير مستوى الجندي من حيث الانضباط والحرفية، وتطوير التكتيك الدفاعي والهجومي، والتعامل مع أساليب العدو المختلفة، والمشكلات التكتيكية والميدانية المختلفة. وبالطبع فإن هذا العنصر يحتوي على الكثير من التفاصيل التي يصعب ذكرها في هذا المقال ولكن أردنا الإشارة إلى أن استمرار العمل بنفس الأساليب وعدم تقييمها وتصحيحها وتطويرها بما يتناسب مع المرحلة سيقود بالحتم للفشل ولا يمكن أن تتوقع تغيير النتائج بدون تغيير المقدمات.

 فتح منفذ بحري للثورة

وهذا جانب استراتيجي لابد أن يكون له الأولوية المطلقة لعِدة أسباب منها:

  • فتح طريق إمداد وتموين صعب التحكم فيه وغلقه عكس الحدود البرية.
  • بعثرة مخططات القوى الكبرى في التقسيم والترتيب المناطقي.
  • منطلق هام لتحرير الساحل وتهديد مناطق العدو الآمنة
  • يعدل ميزان القوى الاستراتيجية للثورة لمنحها قوى تأثير إقليمي

وبذلك يكون البحر الرئة التي تتنفس منها الثورة حتى لا يمكن خنقها من قبل القوى الكبرى الداعمة للنظام.

زيادة معدل العمليات الخاصة والعمليات الأمنية

العمليات الخاصة المتمثلة في الإغارة والكمائن على خطوط مواصلات وإمداد العدو وقواعده الخلفية والآمنة هي الحل الأنسب للمواجهة وحتى يتم ظهور ثمرتها لابد من أن تكون ذات وتيرة مستمرة وبمعدل كبير من العمليات وعلى أكبر مساحة ممكنة ولابد أيضا من الاهتمام بالعمليات عن طريق البحر بشكل خاص لاستهداف مدن الساحل السوري مركز تجمع النظام والقوات الروسية وهذه العمليات بإمكانها تغيير معادلة الصراع بشكل واضح لو تم تبنيها كاستراتيجية وتنفيذها بالشروط السابقة وليس مجرد عمل عشوائي أو فردي على فترات زمنية بعيدة.

 الاهتمام بإنشاء دفاع جوي سلبي

من المفترض تبني استراتيجية شاملة لمواجهة التفوق الجوي ولكن أول وأيسر خطوة والتي لابد منها هي بناء دفاع جوي سلبي لتقليل آثار القصف على الساحة ويرتكز على 4 محاور هي:

  • منظومة رصد وإنذار وهي تشبه عمل مراصد الثورة السورية
  • شبكة من الملاجئ الخراسانية للمدنيين وإنفاق الحماية للعسكريين
  • منظومة قيادة واتصال لتمرير الإنذار وتدريب المدنيين
  • جعل استهداف المطارات وتدميرها أولوية عسكرية

فتح جبهة في لبنان

من أهم الحركات الاستراتيجية التي يمكن القيام بها لضرب حزب الله في مقتل وارباك العدو الإيراني وقطع طريق إمداد العدو ولابد من التركيز على طرابلس كمنطقة دعم شعبي، وهي لها أهمية كبرى كساحة خلفية وكدعم وكمنطلق لمهاجمة الساحل السوري. ولابد من البداية على الأقل بعمليات تستهدف بيروت ومناطق تواجد الحزب فيها والطرق التي تمر عليها قوات الحزب والإمدادات إلى دمشق (طريق دمشق بيروت بصفه خاصة). مع العمل الدعوي والجماهيري لتحفيز أهل السنة في لبنان وأهم مكوناتهم وهم الفلسطينيين المقيمين في لبنان أو فصائلهم إذا أمكن التعاون ولو مرحليا أو التحالف مع بعضهم .

 عمل شبكة دعم لوجيستي للثورة

في الدول المجاورة على الأقل تتولى أعمال الإمداد والتموين والتهريب وتكون تابعة لمخابرات التنظيم الثوري قسم العمل الخارجي وتتولى توفير النواقص والاحتياجات المختلفة لعمل الثورة وتكون بشكل منظم يضمن الاستمرارية والفعالية في التنفيذ.

في النهاية لابد من الإشارة إلى أن هناك الكثير من الأفكار الأخرى والمقترحات الجادة التي لابد من القيادات من النظر إليها والعمل على تجميعها ودراستها ومناقشة صلاحيتها وقابليتها للتطبيق. وتكون الأولوية حاليا لتطوير العمل بأقصى سرعة لمواجهة التحديات القادمة ويمكن للقيادة أن تقوم بنفسها بتولي عملية التطوير أو الاستعانة بعمل لجنة متفرغة لجمع الاقتراحات وترتيبها وتنقيحها وعرضها في صورة ناضجة على القيادة مع مخططات عمل وجداول زمنية للمساعدة على سرعة اتخاذ القرار والتنفيذ المناسب.

وندعو جميع الأطراف قيادات وأفراد ومدنيين على أن يتخذ كل فرد من موقعه الذي وضعه الله فيه سبيلًا لرضى الله سبحانه وتعالى وأن يخلص نيته من أجل العمل، ويتجرد من الأهواء الشخصية وأن يكون قدوة لغيره في تحمل المسؤولية والجدية في العمل، والانضباط والالتزام حتى تتمكن الثورة من مواجهة التحديات القادمة.

وننتبه جميعًا أن النتيجة هي مجموع الجهود الفردية لكل الأفراد وليس النجاح والفشل مسئولية القائد أو شخص واحد أو فصيل واحد بل مسئولية الجميع لذا فليتضلع كلٌّ منا بمسئوليته أمام الله سبحانه وتعالى أولا وأخيرا.

خالد موسى

كاتب متخصص في الشئون الاستراتيجية والعسكرية.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. عندما نكتب كلمه ثوره.. نتذكر قصص الابطال وحكايتهم، ندمع للاناشيد والموسيقى التي تمجدهم، نحكي القصص لاطفالنا، كيف استشهد يحيى عياش، ماذا قال عمر المختار،اطفال فلسطين كيف كانت ضحكاتهم ممزوجه باصوات الطائرات،نتحدث عن ثوره المليون شهيد، عن اليمن السعيد… تلك امه خلت من قبلها الامم..
    اما اليوم نتحدث عن جرذان سوريه كيف باعو وكيف اشترو وكيف نفوسهم الذليله باسم الدين قتلت وباسم الثوره رحبت بالمارينز.
    الرحمه لشهداء الامه العربيه
    والعار للاعراب.
    وكان الاعراب اشد كفرا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى