اليورانيوم المنضب في العراق

اليورانيوم السبب الأول في الانتصار الساحق للولايات المتحدة الأمريكية في حرب العراق، أحد أسلحة الدمار الشامل؛ فإذا استخدمت قذيفة اليورانيوم المنضب في دبابة، فإنها تحولها لكتلة من اللهب، وتطلق كمية كبيرة من أكسيد اليورانيوم الذي يسبب السرطان وتشوهات كثيرة؛ وذلك لأنه عند إصابته للهدف، يحترق بدرجات حرارة عالية جداً، ويتعلق في تراب الغلاف الجوي. وله قدرة أيضاً على إذابة المواد الخرسانية.
ويتم تبرير استخدام اليورانيوم المنضب عادة من قبل مستخدميه في الأسلحة الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية والروسية منذ حوالي 15 عاماً، بأنه يقتصر على استهداف الدروع الثقيلة، ويعتبر ذو ضرورة عسكرية لهزيمة الدروع الحديثة، وأنه دقيق جداً بإستهداف الهدف.

اليورانيوم في العراق

unnamed

اليورانيوم المنضب استخدم في حرب الخليج 1991م، والبلقان 1994 و1995م، وأفغانستان عقب أحداث 11سبتمبر 2001م. من قبل الجيش الأميركي والقوات العسكرية المتحالفة معه في حربي الخليج الأولى والثانية، وأثناء حصار الفلوجة عام2004م. استخدم ما لا يقل عن 440 ألف كغم من اليورانيوم، وقد خلف أكثر من 2200 طناً متراً من اليورانيوم، حيث تحول جزء منه إلى شظايا متروكة في أماكن لا يعرف عددها، وجزء آخر تحول لغبار اختلط بالتربة أو تطاير في الجو. وهذا بما يعادل 250 قنبلة ذرية.
وقد ذكرت المجلة البريطانية “الغارديان” أن العراق تعرض لتلوث إشعاعات خطيرة تزيد عدة مرات على التي نتجت من النوع الذي استخدم ضد هيروشيما ونجازاكي في اليابان.
كيف لا! وقد استخدمت الأسلحة والذخائر والمتفجرات بمختلف أنواعها، وأيضاً التي استهدفت أنابيب النفط لثلاثة عقود تلوث البلاد بمواد خطيرة، سبب كوارث إنسانية وصحية وبيئية. وقد تم مسح أكثر من 80% من العراق في المناطق التي شهدت أعمالاً حربية. فكلما يتم تفجير دبابة، يتم سحبها وفحص الموقع، ليجد العلماء آثاراً واضحة للإشعاع.
وقالت وزيرة البيئة “ناريمان عثمان”: أن الأراضي الزراعية واقعة تحت تأثير المواد الملوثة ذات درجة عالية من السموم خاصة في البصرة جنوبي العراق. وتعاني مناطق مثل: النجف والفلوجة والبصرة من مستويات عالية من لتلوث الإشعاعي، وأكثر من أربعين منطقة أخرى. مما أدى إلى ارتفاع نسب الإصابة بالسرطان والتسبب بالإعاقات الخلقية لدى حديثي الولادة.

مآسي اليورانيوم

images

حدد مركز الوقاية من الإشعاع أنه يوجد 300 -360 موقعاً ملوثاً باليورانيوم في عام 2006م. وقد ساهم في انتشار التلوث الإشعاعي استخدام الأطفال لمخلفات الحروب واللعب بها. وأيضاً تجارة السكارب/ الخردة من تفكيك الدبابات والمدرعات وبيعها؛ لصهرها وإعادة استخدامها، ونقلها لأماكن أخرى.
ولذلك أطفال العراق هم الضحية الأولى لليورانيوم بإصابتهم بالسرطان؛ فهو يمثل 8% من حالات السرطان في العراق، وأكدت الدراسات أن أعلى معدل لوفيات الأطفال هو العراق. وقد ارتفعت نسبة الإصابة به أضعاف ما كانت عليه قبل عام 1989م. وتضاعفته نسبته في البصرة ثلاث مرات خلال الخمسة عشر سنة الأخيرة. وانتشرت أمراض سرطانية معاكسة للأعمار المعروفة طبياً، مثل سرطان الثدي لفتيات أعمارهن 10 و12 سنة. وأكثر السرطانات شيوعاً هو سرطان الدم، ثم سرطان الجهاز الليمفاوي وأورام الجهاز العصبي. وقد لاحظ الدكتور “جواد العلي” إصابة المريض الواحد بأكثر من حالة سرطانية في وقت واحد. وهناك حالات أخرى بالإضافة للسرطان، مثل:
– حالات الإجهاض المتكرر.
– ظهور التشوهات غير المعروفة من قبل.
– حالات العقم عند الرجال والنساء، حيث انخفضت نسبة الخصوبة الكلية للنساء.
– ازدياد تشوهات وأمراض القلب الولادية بـ13 مرة مقارنة بالنسب الأوروبية.
– كما ظهرت تشوهات الهيكل العظمي وحالات ولادية أخرى.

طمس الحقائق والأدلة

وما عهدناه من الولايات المتحدة الأمريكية من طمس الأدلة وتغييرها، وتزوير الحقائق والتاريخ؛ حتى لا يقول قائل أنها تقتل وتسفك بدون وجه حق. وفي موضوعنا هذا، قد سعت وزارة الدفاع الأمريكي لتزييف وطمس الأدلة على استخدامها اليورانيوم في حرب العراق، وفي قصف الفلوجة. وها هو “دوج روكي” قد كلفه الجيش الأمريكي بمهام تنظيف المخلفات الحربية من اليورانيوم المنضب، ولكنه قد أُبعِد واعتدوا عليه؛ لأنه أدلى بشهادته على استخدام أمريكا لليورانيوم وخطورة ما رآه.
ولكن “ويمكُرونَ ويَمكُرُ اللهُ”..
فقد افتضحهم الله عندما ارتفع أعداد الجنود الأمريكيين والمشاركين في الحرب على العراق بأعراض الإشعاعات، وقال علماء فيزيائيين وأطباء أن غبار اليورانيوم الذي استنشقه الجنود هو السبب في ذلك، وذلك فيما يُسمى بأعراض “مرض الخليج”، التي يشكو منها أكثر من 130 ألف جندي. واشتكى هؤلاء من مشاكل صحية تتراوح بين مشاكل في الجهاز التنفسي إلى مشاكل صحية في الكبد والكلية وفقدان الذاكرة والصداع والتعب المستمر والحمى وانخفاض ضغط الدم.
وأجرى “كرس بزبي” دراسة على عائلات من الفلوجة، أثبتت هذه الدراسة إصابتهم بالسرطان واللوكيميا، والتشوهات الخلقية بسبب اليورانيوم المنضب الذي استخدمه الجيش الأمريكي. وأيضاُ عثر على اليورانيوم في شعر سيدة عراقية بالفلوجة.
وقد قالت المديرة العامة لمنظمة المجتمع العلمي أن علماء البيئة استطاعوا قياس مستويات عالية من اليورانيوم في التربة في عدة مناطق عراقية، وربطوا تلك القياسات بأعداد المصابين بالسرطان، مثل سرطان الدم عند الأطفال، وسرطان الثدي عند الفتيات.
وذكر الكاتب الكندي “هاري شارما”: أنه سيموت بالسرطان في العراق نحو 5-12% من الذين تعرضوا لليورانيوم، وأكد أن 100 ألف في البصرة أصيبوا بالسرطان من عام1991 إلى 1998م، 75% منهم أطفال. وسجل حالات من التشوهات الجنينية أكثر مما كان معتاداً.
وهذه حلقة واحدة من ضمن حلقات الموت الصامت الذي تمارسه أمريكا ضد الشعوب.. وما زالوا يرسمونها الإله الأعظم الذي ينقذهم من ويلات الحروب، واليد الجانية التي تعطف عليهم، وتهون ما فعلته اليد الأخرى من بطش وقتل وتخريب ونهب للشعوب.. يا ليتهم يعلمون! يفهمون!

دعاء عمر

أسعى لأرتقي دينياً، أخلاقياً، وفكرياً "مقدسية العقيدة، شامية الأندلس".

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى