تصحيح مفاهيم: الدولة في الإسلام دولة دينية بامتياز

يبدو المسلم منهزما وحالته مزرية حين يتخذ أسلوب الدفاع عن الإسلام، فيحاول ترغيب الخصم في الإسلام بصياغته في قوالب يؤمن بها ومألوفة لديه (أي لدى الخصم). يتبنى الخصم الدولة المدنية، فيرد المسلم: ودولة الإسلام مدنية يحكمها مدنيون وليس عسكريون. والخصم يدعو للديمقراطية، فيقول المسلم: والإسلام يوافق الديمقراطية في غالب مميزاتها، فالإسلام ضد الديكتاتورية ويأمر بالشورى، ويأمر باختيار الرئيس عن طريق انتخابات حرة… الخ. يحارب الخصم بشدة الدولة الدينية، فيرد المسلم: والإسلام ليس كهنوتيا وليست في الإسلام دولة دينية، بل دولة مدنية الخ.

فالمسلم يظن أنه بإقرار الخصم على مصطلحاته سيكسبه للإسلام، وهذا ظن باطل وخاطئ ومضلل، فالمسألة ليست تزيين الإسلام بما يوافق هوى الناس ليؤمنوا به، بل يجب تغيير هوى الناس ليؤمنوا بالإسلام ولا يجدوا في أنفسهم حرجا في حكم الله ويسلموا له تسليما

{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)} (النساء).

تفكيك المفاهيم قبل طرحها

ثم إن كل الادعاءات بأن الإسلام يدعو لدولة مدنية وديمقراطية وأن دولة الإسلام ليست دينية… كل هذه ادعاءات باطلة، لأن مصطلح الدولة المدنية يعني عند من صنعوه ووضعوه الدولة العلمانية التي تفصل الدين عن التشريع والسياسة والحكم. والديمقراطية تعني عند من صنعها ووضعها أن التشريع من حق البشر وليس الله، والدولة اللادينية تعني عند من اصطنع المصطلح والفكرة نفس معنى الدولة المدنية، أي لا حق للدين في التشريع والسياسة والحكم.

فالمسلمون الذين دخلهم الضعف والوهن يجدون حرجا وخوفا في استعمال مصطلح “الدولة الإسلامية” و”الخلافة”، كما يستنكرون، من شدة خوفهم وضعفهم وانهزامهم، توصيف دولة الإسلام بأنها دولة دينية. كل ذلك لأنهم طغى على تفكيرهم وحواسهم وفهمهم نظرة الغرب للدين ويجعلون تاريخ الغرب ومنهجه حَكَمًا ومقياسا لوضع المصطلحات، إذ الدولة الدينية في أوروبا العصور الوسطى، التي قامت على دين باطل ابتدعه البشر، بطشت بالناس ونهبتهم وفقَّرتهم وحاربت العلم.

ولهؤلاء المنهزمين أقول إن دولة الإسلام دولة دينية بامتياز، وليست دولة مدنية ولا ديمقراطية ولا تعددية.

وكيف لا تكون دولة الإسلام دينية والإسلام هو الدين الذي تُنظم على أساسه كل صغيرة وكبيرة في حياة المسلمين، كيف لا والدولة لا تتبنى أي حكم وقانون إلا وكان مبنيا على عقيدة الإسلام ومنبثقًا عنها، ومستندًا لقول الله والرسول!

هل يختلف مصطلح «دولة دينية» عن «دولة إسلامية»

ثم إنه لمن التناقض الغريب أن تجد من يستعمل مصطلح “دولة إسلامية” لكن يرفض مصطلح “دولة دينية”!؟ فالإسلام الذي وُصفت به الدولة في المصطلح الأول (دولة إسلامية) هو عينه الدين الذي وُصفت به الدولة في المصطلح الثاني (دولة دينية) {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإسلام (19)} (آل عمران). والعجب الأكبر أن يتهرب البعض من مصطلح (دولة دينية) ليعتبرها (دولة بشرية)، وكأن الدول عبر التاريخ، ومنها الدولة الدينية عند نصارى أوروبا في العصور الوسطى، كانت تحكم غير البشر وكان يحكمها أشباح وليس بشر!

فالذين كانوا يحكمون الدول عبر ممر التاريخ هم بشر، سواء كانوا أنبياء كداود وسليمان، أو ادعوا الألوهية كفرعون، أو ادعوا العصمة والحكم باسم الله كالقساوسة والباباوات في أوروبا العصور الوسطة. فالذي يميز دولة عن أخرى ليس “البشر”، لأنها كلها دول “بشرية”، ولكن المنظومة التشريعية التي تستند عليها الدولة في الحكم هي التي تميزها، فإن كان الدين هو المرجع للتشريع والحكم فهي دولة دينية!

الدين وتنظيم شئون الحياة

فالمسلمون دولتهم دولة دينية، فخدمة الناس ورعاية مصالحهم وفق الشرع دين، والاقتصاد والتجارة دين، والسياسة المالية دين، وعقاب الظلمة وإقامة الحدود دين، وحفظ حقوق الناس دين، وجهاد العدو دين، والقضاء دين، والسياسة دين، وتطوير الصناعة وتشجيعها دين، وعلاج المرضى دين، وبناء المستشفيات دين، واكتشاف الأدوية وصناعتها دين، والحفاظ على البيئة دين، بل حتى قضاء الحاجة دين، وجماع الزوج لزوجته دين. بل حتى الأفعال التي تدخل ضمن المباح والأمور الدنيوية التي أمرنا الله أن نُحْدِثَ فيها بما توصل إليه عقل البشر وتجاربه، كل هذا دين إذ نتبع فيه قول الله، فالمباح مباح لأن الله أباحه، والأمور التي نعمل فيها بعقلنا ونتائج تجاربنا دين لأن الله أباح لنا ذلك وأمرنا به!

فكيف لا تكون دولة الإسلام دينية والله يقول: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)} (الأنعام)،

تنظيم الشرع الدقيق لحياة المسلم

وتدبر مثلا في الحديث النبوي الصحيح الذي رواه الإمام احمد ومسلم وغيرهما، عن أبي ذر الغفاري قال: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالْأُجُورِ، يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ وَيَتَصَدَّقُونَ بِفُضُولِ أَمْوَالِهِمْ! فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: “أَوَلَيْسَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ مَا تَصَّدَّقُونَ، إِنَّهُ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَبِكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَبِكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَبِكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنْ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ”، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟  فَقَالَ: “أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي الْحَرَامِ أَلَيْسَ كَانَ يَكُونُ عَلَيْهِ وِزْر؟”، قَالُوا بَلَى! قَالَ: “فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ يَكُونُ لَهُ الْأَجْرُ”.

وفي رواية للإمام احمد، عن أبي ذَر الغفاري: عَلَى كُلِّ نَفْسٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ صَدَقَةٌ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ أَيْنَ أَتَصَدَّقُ وَلَيْسَ لَنَا أَمْوَالٌ؟ قَالَ: “لِأَنَّ مِنْ أَبْوَابِ الصَّدَقَةِ التَّكْبِيرَ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، وَتَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ وَتَعْزِلُ الشَّوْكَةَ عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ وَالْعَظْمَ وَالْحَجَرَ، وَتَهْدِي الْأَعْمَى، وَتُسْمِعُ الْأَصَمَّ وَالْأَبْكَمَ حَتَّى يَفْقَهَ، وَتُدِلُّ الْمُسْتَدِلَّ عَلَى حَاجَةٍ لَهُ قَدْ عَلِمْتَ مَكَانَهَا، وَتَسْعَى بِشِدَّةِ سَاقَيْكَ إِلَى اللَّهْفَانِ الْمُسْتَغِيثِ، وَتَرْفَعُ بِشِدَّةِ ذِرَاعَيْكَ مَعَ الضَّعِيفِ، كُلُّ ذَلِكَ مِنْ أَبْوَابِ الصَّدَقَةِ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ، وَلَكَ فِي جِمَاعِكَ زَوْجَتَكَ أَجْرٌ”، قَالَ أَبُو ذَرٍّ: كَيْفَ يَكُونُ لِي أَجْرٌ فِي شَهْوَتِي؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ وَلَدٌ فَأَدْرَكَ وَرَجَوْتَ خَيْرَهُ فَمَاتَ، أَكُنْتَ تَحْتَسِبُ بِهِ؟” قُلْتُ نَعَمْ، قَالَ رسول الله: “فَأَنْتَ خَلَقْتَهُ؟”، قَالَ بَلْ اللَّهُ خَلَقَهُ، قَالَ: “فَأَنْتَ هَدَيْتَهُ؟” قَالَ بَلْ اللَّهُ هَدَاهُ، قَالَ: “فَأَنْتَ تَرْزُقُهُ؟”، قَالَ بَلْ اللَّهُ كَانَ يَرْزُقُهُ، قَالَ: “كَذَلِكَ فَضَعْهُ فِي حَلَالِهِ وَجَنِّبْهُ حَرَامَهُ فَإِنْ شَاءَ اللَّهُ أَحْيَاهُ وَإِنْ شَاءَ أَمَاتَهُ وَلَكَ أَجْرٌ”

وعنْ سَلْمَان الفارسي قَالَ: قِيلَ لَهُ قَدْ عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّ شَيْءٍ، حَتَّى الْخِرَاءَةَ؟ فَقَالَ: أَجَلْ لَقَدْ نَهَانَا أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ لِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِرَجِيعٍ أَوْ بِعَظْمٍ (صحيح مسلم).

فإذا كان حتى الجماع وقضاء الحاجة ينظمهما الدين، بل ويأجر على الأولى إذا كانت بالحلال، فكيف لا تكون دولة المسلمين دولة دينية؟

تطويع الأهواء لتوافق الدين

فالخلافة دولة إسلامية، دولة دينية بامتياز! فما خُلقنا كبشر إلا لهذا الدين لنُختبر به وفيه، والواجب إعادة الناس لربط وجودهم بالدِّين، فاستعمال مصطلح الدين وتداوله في كل جوانب الحياة، وعلى راْسها السياسة والدولة، عامل مهم لإيقاظ الناس من غفلتهم وتبيان حدود عقولهم، ليرجعوا إلى الدين الذي أنزله الله ويتخذوه قائدا ومرشدا ومشرعا بدلا من الهوى!

فلا نُغَير حقيقة ديننا وحقيقة دولة الإسلام تملقا للأعداء واسترضاء لهم أو خوفا منهم! فمن أسلم فإنه يسلم لنفسه وينجي نفسه من النار، ومن استكبر واستعلى على الله فقد جنى على نفسه إذ مصيره إلى النار!

فلا تكن ضعيفا مستكينا هزيلا أيها المسلم، فهذا ليس من صفات المؤمنين، فلا تحرف الإسلام وتقدِّمُه في قوالب ترضي الطغاة والفساق والكفار والمنافقين، بل هؤلاء في ضلال وغي، عليهم هم تغيير تفكيرهم وأهوائهم لتصبح تابعة للإسلام! فالإسلام يُتَّبع ولا يَتْبع أحدًا، الحق يُتَّبع ولا يَتْبع أحدًا!

فاروق الدويس

مسلم مُتابع للأحداث في البلدان الإسلامية خاصة، يحاول المساهمة في معركة الأمة المصيرية بأبحاث ومقالات… More »

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. ما الخطأ في ذلك؟ أصلا مصطلح الدولة الدينية جاءتنا من الغرب، ومفهومه
    مفهومهم، وقبل ذلك لم يكن عند المسلمين تفريق بهذا المفهوم يعني مفهوم غريب
    تاماما عن المسلمين، فعندما يرد أحد بأنه ليس في الإسلام دولة كهنوت او
    دولة دينية فهو يرد على مفهومهم ذاك. الكتاب اختلط عليه الحابل بالنابل.

    1. وهل كان عند المسلمين في عهد الرسول مصطلح “الدولة” أصلا؟ ومع ذلك كان كيان الرسول دولة ِلتَجَمُّع كل مقومات الدولة فيها، حتى لو لم تُستعمل كلمة دولة!
      لكن في المقابل كان مصطلح “الدين” هو السائد والمعروف، فهل الاسلام دين ام لا؟
      وكل مقومات الدولة انما تستند للدين، فمن اهم مقومات الدولة:
      ١) ان يترأس الناس رجل ذي سلطان ومطاع، والدين الاسلامي هو الذي فرض تعيين أمير (خليفة) وأمر بطاعته وتجمع السلطة له وحوله والقتال دونه الخ !
      ٢) منظمومة تشريعية تنظم علاقات الناس وعلاقة الحاكم بالرعية الخ، وهذا كله نظمه الدين بشريعة تحلل وتحرم الخ !
      ٣) ان تكون للدولة منظمومة عقوبات تردع المجرمين والظلمة وتعاقبهم الخ ، وهذه المنظومة وضعها الدين ….
      ٤) ان تكون للدولة قوة عسكرية تصد بها اعتداءات ومطامع الدول الاخرى، والدين (الاسلام) هو الذي أمر بإعداد القوة وأمر بالجهاد الخ ….
      الخ …..

      فكيف تكون دولة المسلمين ليست دولة دينية والدين هو الذي وضع ونظم كل ركائزها!؟ وكيف لا تكون دينية وهدف الدولة هو اقامة الدين ونشره ، والقتال لا يكون الا للتمكين للدين (حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله)! فالخلافة والخليفة مصطلحات دينية، والإسلام دين، فالخلافة والدولة الاسلامية دولة دينية، لا فرق بين المصطلحات الثلاثة!

      ونحن لا يهمنا طبيعة الدولة الدينية عند نصارى أوروبا، فلهم دينهم ولنا ديننا! وكون دولة الاسلام دولة دينية فهذا ليس ردًّا على أوروبا ولا على تعريفها للدين، فلا يهمنا نظرة الغرب للدين! المشكلة هو ان يتنكر المسلمون لمصطلحات شرعية من الاسلام للانسجام مع مقياس الغرب ونظرته! فالغرب يكره ويرفض الدين، خصوصا اذا اُقحم في السياسة، وبالتالي يتجنب المسلمون استعمال مصطلح الدين لنفور الغرب منه، بل من المسلمين من يتهرب حتى من استعمال مصطلح خِلَافَة ودولة اسلامية لانها أشد على الغرب من مصطلح الدين، فيستعملون مثلا مصطلح “دولة مدنية” و”دولة عدل”، ودولة “الحكم الراشد”! …. هكذا خسرنا الحرب النفسية والإعلامية، فأصبحنا ننط من مستنقع لمستنقع هروبا من المصطلحات التي تغضب الغرب وتزعجه، حتى أصبحنا نتنكر لابسط ثوابت ديننا!!

      ثم إِنَّكَ اختلط عندك مفهوم الدين والكهنوت! فالكهان ذكرهم الله في القرآن على وجه الذم، لكن ذكر القرآن الدين على وجه التزكية، بل جعل سر وجودنا هو من اجل الدين الذي انزله على محمد!
      فدولة الاسلام دولة دينية لكنها ليست دولة كهنوتية، فالكاهن يقضي بالغيب وباتصاله المباشر بالله (حسب ادعائه)، فهو كاذب يدَّعي قدرات وصلاحيات ما انزل الله بها من سلطان! وبالتالي الاولى ان توصف دول النصارى في العصور الوسطى بالكهنوتية، لانها لم تكن تحكم بشريعة الدين المسيحي، بل بدين محرف ابتدعه الكهنة والملوك!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى