استعادة دور المرأة المسلمة وخارطة التحديات

في المقال السابق، تناولنا “هدي الصحابيات وخارطة مسؤوليات المرأة المسلمة“. وفي هذا المقال، نختم بتناول آخر الموضوعات: “استعادة دور المرأة المسلمة وخارطة التحديات”.

في زمن هو من أشد الأزمنة احتواءً للتحديات ومغذيَّاتها الكثيرة، ربما يكون العائق في مواجهتها هو عدم وضوحها؛ لذا كانت هذه المادة معنيةً في جزء منها بعرض التحديات، ثم توصياتٍ عامة لمواجهتها.

ومن المهم الإشارة إلى أن مواجهة التحديات ينبغي ألا تأخذ صورةً فردانيةً؛ فكما أن المصاب عام مشترك، ينبغي أن تتكاثف الجهود وتتكامل في المواجهة.

خارطة تحديات المرأة المسلمة

المرأة المسلمة المعاصرة

التحديات الفكرية والثقافية

تحدي الاتجاه النسوي:

غالبًا ما يكون تأثير هذا الاتجاه على الفكر من خلال صنع عقلية تحاكُمية دنيوية، همّها تحصيل التمكين والصلاحيات الدنيوية تحت اسم “الحقوق”، غير آبِهَةٍ بالأبعاد الدينية والأخروية، وتُعرّف العدل على أساس ذلك، ثم تحاكم كل شيء على أساسه.

 وعندما يصطدم هذا التأثير بفكر المسلمة -التي لم تُحكِم إيمانها وعقيدتها- تظهر لنا ثلاث حالات: مسلمة تأوّل النصوص لتوائم الغاية، أو مسلمة تحاول علمنة الإسلام، أو مرتدة عن الدين إلى النسوية الإلحادية، بدعوى أن العدل -بمفهومها- غير موجود في الأديان.

تحدي الإلحاد واللادينية:

الحالتان الإلحادية واللادينية كثيرًا جدًا ما تكونانِ أحدَ نتائج شبهات ظلم المرأة في الإسلام، وتحمل المرتدة في هذه الحالة نفس مبدأ الحكم السابق.

تحدي الثقافة الإسلامية المتساهلة:

وهي ثقافة تتساهل في التعامل مع الضوابط والحدود، وتركز معنى الإسلام في مفهوم دنيوي، يختزل الإسلام في كونه يُسرًا محققًا الراحة والرخاء ويدعو للإعمار المادي وحسب.

تحدي الثقافة الإسلامية المتشددة:

وهي ثقافة تغالي وتزيد في المنع. ومن صورها حصر المرأة من حيث الدور والواجبات في مساحة ضيقة تكاد تنحصر في قضية طاعة الزوج.

التحديات الاجتماعية

  • الثقافة الإسلامية المتساهلة: وهي ثقافة تربي أبناءها على الميوعة في النظر للأحكام الدينية.
  • تحدي الثقافة الشرعية المتشددة: وهي ثقافة تمنع المرأة حقوقها، وكثيرًا ما تدّعي أن ذلك المنع حكمٌ من الدين.
  • ثقافة ظالمة: وهي ثقافة لا تدَّعي غالبًا الاستناد على حكم الدين، وإن كانت تفعله أحيانًا.
  • ثقافة لا مبالية: وهي ثقافة لا تبالي بالدين، وتُشغلُ الاهتمام بالحياة الدنيوية فقط.
  • ثقافة محاربة: تحارب وجود الالتزام والتدين، ومن صورها الثقافة الساخرة المستهزئة.
  • الثقافة التهمِيشِية: وهي التي تعزل المرأة وتبعدها. ويكون ذلك على أساس نظرة تحقيرية تصغيرية، وكثيرًا ما تواجه بسؤال: من أنتِ لتقومي بذلك؟ 
  • الثقافة التمرُّدية: وهي ثقافة تدفع المرأة لتكون ساخطةً، وتحثها على التمرد، وهي لا زالت جارية التكوين لكنّها بدأت في التأثير، وإن كانت موجودة في التاريخ مثل ما حدث في مصر في الستينيات، ثم خمدت، واليوم نراها تُعاد.

التحديات النفسية

وسببها أن المرأة قد جُبِلَتْ على قدر من الضعف النّفسي، إلى جانب ما قد يعزز هذا الضعف من مفاهيم معينة، منها: مفهوم النجاح المختل والكمال، وإثبات الذات وجذب الاهتمام، والعجز عن حل المشاكل.

تحدي الثبات والاستقامة

وهو من التحديات الكبيرة في هذا الزمان لكثرة الفتن، وتعدد صور التحديات.

تحديات دعوية وإصلاحية

وتتمثل في اختيار طريق الدعوة والثبات عليه، وما في ذلك من تحديات معرفية بأساليب الدعوة القولية والعملية، وتحديات من حيث توفر الأدوات والعدّة، والموازنة بينه وبين المسؤوليات الأخرى، وغير ذلك.

كيف نواجه التحديات؟

المرأة المسلمة المعاصرة

إن الأصل في منهجية المعالجة أن تكون موجَّهةً لنفس المرأة، بحيث تعالِج المنابع والأصول أوَّلًا.

توصيات عامة لمواجهة التحديات:

أولًا: ضرورة تعزيز اليقين بأصول الإسلام وقواعده.

ثانيًا: أهمية ترسيخ النظر وإدامته إلى غايات وجود الإنسان الكبرى: تحقيق العبودية والنجاة في الآخرة، والأهداف الموصلة إليها. 

ثالثًا: التمسك بالقرآن الكريم مصدرًا للاستغناء القلبي والروحي. قال تعالى: [وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (87) لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (88)] [الحجر].

قال بعض أهل العلم: جعل الأمر بالكف عن مد النظر بعد ذكر القرآن، لكونه وسيلةً لذلك.

ومما يمثِّل لذلك موقف النبي -عليه الصلاة والسلام- إذ: “نَهَى رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- عن الوِصالِ، قالوا: إنَّك تُواصِلُ، قال: إنَّكم لَسْتُم كَهَيْئَتي، إنَّ اللهَ حِبِّـي يُطْعِمُني ويَسْقِينِ، وقال يَزيدُ: إنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُني رَبِّي ويَسْقِيني” [أخرجه البخاري].

رابعًا: أهمية ترسيخ التعريف الصحيح للنجاح والفشل وكسر عقدة الكمال، وأساس ذلك تقبّل حقيقة النقص البشري. ومن أعظم تعريفات النجاح: الثبات على المبادئ وموافقة الحق. 

خامسًا: أن يكونَ لكِ مشروع عملي رسالي بأهداف مستقبلية تسعين إليها، يُشغل الفكرَ والروح، وهو من أعظم ما يعين على مواجهة التحديات والمشكلات.

سادسًا: إيجاد بيئة معينة صالحة لها غايات إصلاحية. والبيئة الصالحة لا يشترط فيها وجود أفرادٍ مكتملين في الصلاح، أو على مستوى واحدٍ فيه، بل تستوعب النقص والخطأ، مع الموازنة بين الخير والشر.

سابعًا: ترويض النفس وتربيتها على الصبر والمجاهدة، ونزع قيود التظلم والتسخط.

ثامنًا: اتخاذ القدوات الصالحة من التاريخ أو الواقع، يُستهلم منها الجانب المعياري والمنهجي والعملي، مع تحري الضوابط  والاتزان في ذلك، فلا يُتوقع الكمال ممن يقتدي به.

تاسعًا: أهمية معرفة الحقوق التي هي لكِ كما التي عليك، والمطالبة بها بحكمة وحزم حال حرمانها.

عاشرًا: الاستعانة بالعلم والعمل باعتبارهما خلاصة الحياة والمحرك فيها، كما جاء في الهدي القرآني والنبوي.

استعادة دور المرأة المسلمة

حين نقول “استعادة دور المرأة المسلمة”، فإننا لا نعني بذلك استنساخ نفس الأفعال والوظائف وحسب، بل المقصود أصلًا هو معنى الاستعادة للدور وإن اختلفَ الفعل. وفي هذه المادة نسوق المزيد من النماذج التاريخية عن دور المرأة، بذكر أربعة عشر نموذجًا، ويوجد غيرها الكثير.

كما ينبغي أن تكون القراءة التاريخية للنماذج قراءةً تحليليةً تراعي السياق والمؤثرات وإمكان التشابه.

مجالات ونماذج

المجال الحديثي:

كان هذا العلم في التاريخ علمًا مركزيًّا، يحضر مجالسَه الفقيه والعقدي والمؤرخ والأديب والسياسي، وكان للنساء فيه دورٌ واسع، من ذلك:

قال “الإمام الذهبي” في كتابه “تاريخ الإسلام” وهو يتحدث عن شيخته “أم محمد سعيدة سيدة بنت موسى بن عثمان”: “كنت أتلهّف على لقيها، ورحلت إلى مصر وعلمي أنها باقية، فدخلت فوجدتها ماتت منذ عشرة أيام”. وكلام الإمام الذهبي ها هنا يدلّ على وجودٍ شيء عندها يستحق الرحله لأجله، أو كأنها تفرّدت بشيء ليس عند غيرها، مع الأخذ في الاعتبار أن الإمام الذهبي واسع الرواية جدًا.

وجاء في في معجم شيوخ “أبو القاسم ابن عساكر” (وهو من أئمة الرواية في التاريخ الإسلامي) بضع وثمانون شيخة من النساء. وجاء عن “أبي طاهر السِّلَفي” (وهو من العلماء الكبار، ومن أوسع الناس روايةً)، قول “الإمام الذهبي”: “ولم يسمع في بغداد من الشيخات سوى ثماني شيخات”. وأسلوب الذهبي ها هنا يدل على وجود تصور سابق أن الشيخات كثيرات.

وجاء عن “ابن قدامة المقدسي” (وهو من العلماء الربانيين الصالحين) أنه قد سمع من عدد من الشيخات، منهن: خديجة النهروانية، ونفيسة، وشُهدة الكاتبة، ومن تلميذاته زينب بنت الواسطي.

وجاء عن “أبو الوليد الطيالسي” (وهو شيخ الإمام البخاري، وقال عنه الإمام أحمد بن حنبل: شيخ الإسلام) في “سير أعلام النبلاء” قول الإمام “العجلي”: ” كان يروي عن سبعين امرأة”. “شُهدة بنت أبي نصر الدينوري” مما قاله عنها “الإمام الذهبي”: “المعمرة، الكاتبة، مسندة العراق، فخر النساء”.

ولدت بعد الثمانين وأربعمائة. وسمعت من جماعة، ولها مشيخة سمعناها. حدَّثَ عنها: ابن عساكر، والسمعاني، وابن الجوزي، وعبد الغني المقدسي، وعبد القادر الرهاوي، وابن قدامة، والشيخ العماد (وكل هؤلاء علماء أجلاء)، وخلق كثير. قال ابن الجوزي: قرأت عليها، وكان لها خط حسن، وتزوجت ببعض وكلاء الخليفة، وخالطت الدور والعلماء، ولها بر وخير، وعمرت حتى قاربت المائة، توفيت في رابع عشر المحرم سنة أربع وسبعين وخمسمائة، وحضرها خلق كثير وعامة العلماء”.

وذكر “السخاوي” في ترجمته لشيخه “ابن حجر”، أنه سمع الحديث من عشرين امرأة، وذكر فيمن أجاز له ثلاثَ نسوة. وذَكر “أبو سعد السمعاني” (وهو من الأئمة الكبار) مشيخته في كتاب بعنوان “التحبير في المعجم الكبير”، فذكر منهم تسعةً وستين شيخةً، سمع منهن أو أجزن له، وأثنى على كثير منهن.

فاطمة الجوزدانية: قال عنها “الإمام الذهبي”: “المعمرة الصالحة، مُسنِدَة الوقت أم إبراهيم، وأم الغيث، وأم الخير، الجوزدانية الأصبهانية. آخر من روى في الدنيا عن ابن ريذه، وهي مكثرة عنه. حدث عنها: أبو موسى المديني” وعدد آخرون، ثم قال: “وعدد كثير”. وأضاف: “قلت: سمعت المعجمين ” الكبير” و “الصغير” للطبراني، وكتاب “الفتن” لنعيم من ابن ريذه”.

“بنت مَعمَر”: قال عنها “الإمام الذهبي” في “سير أعلام النبلاء”: “الشيْخَةُ المُعَمَّرَةُ المُسْنِدَةُ أُمُّ حَبِيْبَةَ عَائِشَةُ بِنْتُ الحَافِظِ مَعْمَرِ بنِ الفَاخِرِ القُرَشِيَّةُ، العَبْشَمِيَّةُ، الأَصْبَهَانِيَّةُ. سَمِعَتْ حُضُوْرًا مِنْ فَاطِمَةَ الجُوْزْدَانِيَّةَ، وَسَمَاعًا كَثِيْرًا من زاهر بن طَاهِرٍ، وَسَعِيْدِ بنِ أَبِي الرَّجَاءِ، وَطَائِفَةٍ. حَدَّثَ عَنْهَا: ابْنُ نُقْطَةَ، وَالشَّيْخُ الضِّيَاءُ، وَالتَّقِيُّ ابْنُ العِزِّ، وَآخَرُوْنَ.

وَأَجَازَتْ لِلشَّيْخِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ، وَابْنِ شَيْبَانَ، وَالكَمَالِ عَبْدِ الرَّحِيْمِ، وَالفَخْرِ عَلِيٍّ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ نُقْطَةَ: سَمِعْنَا مِنْهَا “مسند أبي يعلى الموصلي” بسماعها من سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي، وكان سماعها صحيحًا بِإِفَادَةِ أَبيهَا.

“فاطمة بنت سعد الخير”: مما جاء عنها في “سير أعلام النبلاء”: الشيخة الجليلة، المسندة. وسمعت حضورًا في الثالثة من فاطمة الجوزدانية جملةً من المعجم الكبير. تزوج بها الرئيس زين الدين بن نجية الواعظ”. وقال فيمن ذُكر في التحديث عنها: “الضياء المقدسي”. وأضاف: “وروى عنها بالإجازة: الحافظ زكي الدين عبد العظيم”.

“ست الكتبة نعمة بنت علي”: جاء عنها في “سير أعلام النبلاء”: “سمعت من جدها كتاب الكفاية للخطيب، وكتاب البخلاء له، وكتاب الجامع، وكتاب السابق واللاحق، وكتاب القنوت، وأشياء. وسمعت من: أبي شجاع البسطامي. وأجاز لها: محمد بن علي بن أبي ذر الصالحاني، والفراوي. حدث عنها: الضياء، وابن خليل، واليلداني، والمنذري، وابن أبي عمر، والفخر علي، وجماعة. 

“الشَّعرية أم المؤيد”: مما قاله عنها “الإمام الذهبي”: “سمعَت من جماعة وأجاز لها عبد الغافر بن إسماعيل، وسمعت صحيح البخاري من الفارسي. حدث عنها ابن نقطة، والبرزالي، والضياء المقدسي، وابن الصلاح، وابن للنجار. وسمعتُ بإجازتها من جماعة، وكانت صالحة معمرة مكثرة، توفيت عام ستمائة وخمسة عشر”.

“بيبى بنت عبد الصمد الهرثمية”، جاء عنها في “سير أعلام النبلاء”: ” الشيخة المعمرة. روت عن: عبد الرحمن بن أبي شريح جزءًا عاليًا (أيْ إسنادًا عاليًا) اشتهر بها. قال أبو سعد السمعاني: صالحة، عفيفة، عندها جزء من حديث ابن أبي شريح، تفردت به، سمع منها عالم لا يحصون”. 

مجال الإفتاء والدعوة:

“سُتَيْتة بنت القاضي المحاملي”: مما قاله عنها الإمام الذهبي: “العالمة الفقيهة المفتية أمة الواحد بنت الحسين بن إسماعيل. تفقهت بأبيها، وروت عنه، وعن إسماعيل الوراق، وعبد الغافر الحمصي، وحفظت القرآن والفقه للشافعي، وأتقنت الفرائض، ومسائل الدور والعربية، وغير ذلك، واسمها ستيتة. قال البرقاني: كانت تفتي مع أبي علي بن أبي هريرة. وقال غيره: كانت من أحفظ الناس للفقه”. وقال الإمام ابن كثير في “البداية والنهاية”: “قرأتْ القراءات، وحفظت الفقه والفرائض والحساب والنحو وغير ذلك، وكانت من أعلم الناس في وقتها بمذهب الشافعي، وكانت تفتي به مع الشيخ أبي علي بن أبي هريرة، وكانت فاضلةً في نفسها كثيرة الصدقة، مسارعةً إلى فعل الخيرات، وقد سمعت الحديث أيضًا، وكانت وفاتها في رجب عن بضع وتسعين سنةً”. 

“زينب بنت أحمد المقدسية”: مما قاله عنها الإمام الذهبي: “تفرَّدت بقَدْرِ وِقْر بعير من الأجزاء بالإجازة، وكانت ديِّنةً خيِّرةً، رَوَتْ الكثير، وتزاحم عليها الطلبة، وقرأوا عليها الكتب الكبار، وكانت لطيفة الأخلاق، طويلة الروح، ربما سمعوا منها أكثر النهار، وكانت قانعةً متعففةً كريمة النفس طيبة الخلق، أصيب عينها برمد في صغرها، ولم تتزوج قطُّ”. ومما قال عنها “ابن حجر” في “الدرر الكامنة”: “ونزل الناس بموتها درجةً في شيء كثير من الحديث، وهي آخر من روى في الدنيا عن سبط الحافظ السِلَفي وجماعة بالإجازة).

زوجة الشيخ الإمام “المزي”، وأم زوجة الإمام “ابن كثير”: قال عنها “ابن كثير”: “كانت عديمة النظير في نساء زمانها، لكثرة عبادتها وتلاوتها وإقرائها القرآن الكريم بفصاحة وبلاغة، وأداء صحيح يعجز كثير من الرجال عن تجويده، وختّمت نساءً كثيرًا، وقرأ عليها من النساء خلقٌ، وانتفعن بها وبصلاحها ودينها وزهدها في الدنيا”.

“دهن اللوز”: يقول عنها “ابن كثير” في “البداية والنهاية”: “الشيخة الصالحة العابدة الزاهدة شيخة العالمات بدمشق”.

“عَائشة بِنت حسن بن إبراهيم الأَصبَهانِية”: مما قاله عنها “الإمام الذهبي” في “سير أعلام النّبلاء”: ” الوَاعِظَةُ، العَالِمَةُ، المُسْنِدَةُ، أُمُّ الفَتْحِ الأَصْبَهَانِيَّةُ، الوَرْكَانِيَّة. قال السمعاني سألتُ الحافظ ابن إسماعيل عنها فقال: امرأة صالحة عالمة تعظ النساء، وهي أول من سمعت الحديث منها، بعثني أبي إليها، وكانت زاهدةً”.

زوجة  “أبو طاهر السلفي”، وكان في حالةٍ ماديّة سيئة، تزوَّجها وكانت ذات يسار، فوقفت عليه مدرسةً”.

زوجة “محمود ابن الدماغ”، قال عنه “ابن كثير”: “كان من أصحاب العادل (أحد الحكام المشهورين) يُضحكه، فحصّل أموالًا جزيلةً منه، كان داره داخل باب الفرج، فجعلتها عائشة زوجته مدرسةً للشافعية والحنفية، ووقفت عليها أوقافًا دارَّةً مع الله”. 

“خاتون بنت مسعود بن مودود بن زنكي”: قال عنها “ابن كثير”: واقفة المدرسة الأتابكية الصالحية”.

المجالات التي ينبغي أن يُستعاد دور المرأة المسلمة فيها

يفرِضُ واقع اليوم على المرأة ضغطًا للعودة إلى القيام بدورها والمساهمة في الإصلاح في مجالات مختلفة، منها:

  • المجال الشرعي: كل خطابات الوحي للإنسان المسلم في مجالات العلم والدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكَر، هي خطاباتٌ مشتركة موجهة للنساء والرجال، وعليهما كليهما واجبُ استدامة سنة العلم ونقله.
  • المجال الفكري: وهو من أهم حاجات العصر، ومن أهم ما ينبغي التخصص فيه لكثرة الإشكالات المتعلقة بباب المرأة، وتأثير النساء في حلّها وصدّها أكبر من تأثير الرجال في ذلك.
  • المجال الثقافي الإسلامي: ومما نحتاجه: صناعة نموذج المرأة المسلمة الصالحة المثقفة، وتأثير هذا النموذج على العامّة قد يفوق تأثير المتخصصة شرعيًّا أو فكريًّا.
  • المجال الدعوي: ومن الأولويات العمل في المجال الدعوي المعني بأعمال القلوب وتزكيتها وإرجاع الناس لدينها خاصة المركزيات والأصول، والاهتمام بإصلاح أساليب الخطاب، خاصة تلك الموجهة للأجيال الصاعدة، لكثرة ما في الواقع من جفاف إيماني وروحي، وبُعد عن مركزيات وأصول الإسلام.
  • المجال التعليمي: واحدٌ من أعظم مكامن القوة في الإسلام على مر تاريخه هو استمرار التعليم الإسلامي، وحريٌّ بالمسلمة أن تتبنى قضية الحفاظ على سنة العلم والتعليم وتسخر لذلك جهودَها.
  • المجال التربوي الخاص والعام: الخاص: هو الواجب التربوي الأُسَرِي، وهو من أوجب الأدوار، وتعظُم مسؤوليته في هذا الزمن، لقلة دوائر التربية الصالحة خارج البيت، وكثرة الفساد. والعام: إقامة المحاضن التربوية النسائية التي تعزز دور النساء من جهة التربية الخاصة، وتعطي مناعةً ضد شبهات وإشكالات العصر.

المصادر

هذه المادة مستفادة من “سلسلة التأصيل المنهجي لقضايا المرأة في الإسلام”، لصاحبها الأستاذ/ أحمد السيد.

تهاني علي النعمي

طالبة علاج طبيعي، مهتمة بالمطالعة والقراءة، وأكتب مما تعلمت سطورًا في تبيان.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى