معركة أنوال الشهيرة، وكيف عاد الإسلام ليفتح أوربا ؟

نستعرض حديثنا بنبذة موجزة عن عن الأمير “محمد بن عبد الكريم الخطابي”، ولد عام 1982 في أجدير في منطقة الريف الأمازيغية شمال شرق المغرب، كان والده قاضياً ورئيس القبيلة الريفية، نشأ الخطابي وترعرع على حفظ القرآن ثم درس الشريعة وبعدها انتقل إلى إسبانيا فنال فيها شهادة البكالوريوس الإسبانية، وبهذا أصبح ملماً بالثقافة الإسبانية إضافة إلى العربية والأمازيغية، عمل مدرساً للساكنة المسلمة ثم تعين قاضياً في الريف ثم قاضي القضاة وعمل أيضاً صحفياً أثناء عمله بالقضاء، وبعد وفاة والده استلم زعامة القبيلة في الريف المغربي.

نقطة التحول

لقد كانت في البداية العلاقات جيدة بين الريفيين والإسبان وكان شمال المغرب هو منطقة نفوذ إسبانيا، فقد كان الخطابي يدعم ويشجع فتح الإسبان للمدارس وتعليم السكان المسلمين الدين واللغة العربية والأمازيغية، وبدأت نقطة التحول في حياته على أثر حادثين، الأول هو اعتقال الخطابي وسجنه ما يقارب أحد عشر شهراً؛ نتيجة تعاطفه مع ألمانيا فاتهم بالتخابر مع ألمانيا، فأحس وقتها بالاضطهاد والذل السياسي والاجتماعي الذي يمارسه الاحتلال ويولده الاستعمار في نفوس المغاربة، وحاول مراراً أن يهرب من السجن لكن دون جدوى وأصيب بكسر في رجله.
أما نقطة التحول الثانية هي بدأ الاستعمار إلى مرحلة التغلغل العميق في المغرب وسعي إسبانيا إلى بسط سيطرتها وتوسيع نفوذها في المغرب، فكان عبد الكريم الخطابي -الأب- أول من نظم المقاومة الريفية بمساعدة ولديه.

بدأ المقاومة والحرب والتوغل:-

بدأت إسبانيا بتنفيذ توغلها والتوسع في مناطق المغرب، فاستطاعت أن تقيم 100 نقطة مراقبة لها، وعرضت على الخطابي أن تجهز الريف بعدة وأسلحة و20 مليون مقابل الاصطفاف معها في محاربة فرنسا إلا أنه رفضها.
قام الخطابي بمهاجمة النقطة بشكل مفاجئ بـ 300 مقاتل وكانت هذه البداية، فقضى على نصف الحامية العسكرية الإسبانية إضافة إلى اغتنام الريفيين لقطع مدفعية ومعدات حربية، وكانت هذه البداية واعتبرها الإسبان أول هزيمة وخسارة فادحة للجيش الإسباني، وهبطت عزيمتهم وإرادتهم.)
مباشرة بعد هذا الانتصار تقاطرت المقاومة إلى مركز الثوار وتوسع جيش المقاومة مع الأمير الخطابي ووصل إلى 1000 مقاتل، وحقق بعدها انتصار ثاني خسر فيه الإسبان 314 جندي.

معركة أنوال الشهيرة

بدأ زحف الإسبان نحو مليلة واحتل بعض المناطق دون مقاومة تذكر، واحتل أنوال وسار بعدها اثني عشر ميلاً، فظن أن القبائل قد خضعت له، ولم يدر أن الأمير يستدرجه إلى المناطق الجبلية ليقضي عليه تماماً، وأنه ادخر رجاله لمعركة فاصلة. كانت نقطة التجمع لجيش الإسبان في منطقة أنوال وعندما عرف الأمير بنواياهم جهز جيشه رغم قلة العدة والعتاد، لكن كان الأهم التوكل على الله والتخطيط الصحيح والإعداد، فقد كان الخطابي مثالاً في الشجاعة والبطولة والعدل والتشبع بالقيم الإسلامية، فاتخذه الريفيون بطلاً جماهيرياً يقود ثورة شعبية من الجبليين والفلاحين للدفاع عنهم وعن أغراضهم وأعراضهم وأرضهم وممتلكاتهم باسم الجهاد والحق المبين.

بلغ قوام الجيش الإسباني 24 ألف، استطاع أن يصل إلى جبل وعران قرب أجدير، وعندها قام الخطابي بشن هجوم معاكس وكانت خطته أن يهاجم الريفيون الإسبان في وقت واحد في جميع المواقع حتى لا يغيث بعضهم بعضاً، كما وزع عدداً كبيراً من رجاله في أماكن يمكنهم من خلالها اصطياد الجنود الفارين، وكانت خطة الأمازيغ أقوى رغم بساطة أسلحتهم الخفيفة، واستخدم الأمير خطة حرب العصابات الغير نظامية واستدرج الإسبان إلى فخ محاط بتضاريس وعرة، فوجد الإسبان أنفسهم محاصرين، واستطاع الخطابي بهجومه أن يخرج الإسبان من أنوال وهربوا ولم يتبقى لهم سوى مليلة، وقتل وأسر الكثير من الجيش الإسباني، واعترف الإسبان أنهم خسروا أكثر من 10 آلاف قتيل بما فيهم ضباط كبار، وانتحر جنرال هروباً من الهزيمة، وأيضاً ما يقرب الـ 500 أسير، واستولى المجاهدون على 130 موقع من المواقع التي احتلها الإسبان، وحوالي 30 ألف بندقية وأكثر من 100 مدفع ميدان و392 مدفعاً رشاشاً، وانتهت المعركة بانتصار ساحق للمجاهدين الريفيين وتركت أثراً في نفوس الإسبان إلى الآن، ومازال اسم الأمير الخطابي يشكل رعباً لهم وما زالت تذكر في كتبهم تلك الهزيمة التي ألحقت بهم على يد هؤلاء الفلاحين والبسطاء.

الخطة المحكمة

لقد كان الأثر كبير لهذه الهزيمة الساحقة في جيش الإسبان، وكانت صدمة بالنسبة لهم كيف لقوة بسيطة بعتاد بسيط أن تلحق هذه الهزيمة بهذا الجيش، هذه قصة حقيقة وليست من وحي الخيال عن شعب الريف الذي حارب إسبانيا الطامعة بأرضه بواسطة سلاح يكسبه منها في ميادين القتال فينزل بها بهزائم. يشهد المؤرخون أن أية دولة استعمارية لم تمن بمثلها قط.

لقد اعتمد الأمير الخطابي على حرب العصابات بقوة شعبية باغتنامهم لسلاح العدو واستدراجهم ومحاربتهم بأسلحتهم، كان يحتفظ بالأسلحة في الكهوف، رغم كل ذلك إلا أن مقاومتهم عرفت وامتازت بالقوة والتنظيم المحكم، وعرف بأنه أول من استخدم حرب العصابات حتى إن الغرب كانوا يتعلمون من طريقته ومنه أخذت هذه الطريقة وأدرجت عندهم في معاركهم.

نهاية الحرب

انتهت المعركة وانتصر الريفيين بفضل الله وعرفت المعركة باسم أنوال الشهيرة وذاع سيطها إلى كل أنحاء أوروبا عن المعركة وعن قائدها العظيم الأمير الخطابي، وبعد الهزيمة المحكمة التي آلت بالجيش الإسباني بدأوا بنشر الإشاعات حول الأمير بأنه يطمع للسلطة والحكم، فحدث نوع من الانقسام في جيشه وحدثت بعض الخيانات وتحالف البعض مع الإسبان والإستعماريين، وبعد تشديد الخناق من الفرنسيين والإسبان وبمشاركة آلاف الخونة للقضاء على المقاومة المغربية وعندما رأى الخطابي ذلك وأنه سيؤثر سلباً على الشعب قرر تسليم نفسه للسلطات الإسبانية، فتم نفيه خارج البلاد ما قرب العشرين عاماً، ثم تقرر بعدها نقله إلى فرنسا وفي طريقه مرت الباخرة في مصر فطلب اللجوء إليها وتم القبول على طلبه من حكومة مصر، فأكمل ما تبقى من عمره فيها وتوفي في مصر بعد استقلال المغرب عن إسبانيا وفرنسا، ودفن في مقبرة الشهداء.
رحمه الله رحمة واسعة وتقبله وأسكنه منازل الشهداء.

صفاته وأقواله

لم يقبل الأمير الأموال ولا المنح ولا المناصب، ورصد له البرلمان الهندي منحة خاصة لمساندة الحركات التحررية ولكنه رفض الحصول عليها.
عندما ترأس لجنة نسبها إلى المغرب العربي جاء في بندها الأول: “المغرب العربي بالإسلام كان، وللإسلام عاش، وعلى الإسلام سيسير في كل حياته المستقبلية”.
• ليس في قضية الحرية حل وسط .
• لا أرى في هذا الوجود إلا الحرية، وكل ما سواها باطل.
• لا أدري بأي منطق يستنكرون استعباد الفرد، ويستسيغون استبعاد الشعوب.
• الحرية حق مشاع لبني الإنسان وغاصبها مجرم.
• نحن في عصر يضيع فيه الحق إذا لم تسنده قوة.
• فكر بهدوء وأضرب بقوة.
• الاستعمار يموت بتحطيم أسواقه الاقتصادية، ويدفن بسلاح المجاهدين.
• عدم الإحساس بالمسؤولية هو السبب في الفشل. فكل واحد ينتظر أن يبدأ غيره.
• الكفاح الحقيقي هو الذي ينبثق من وجدان الشعب. لأنه لا يتوقف حتى النصر.
• سلاح المجاهدين هو الذي ينتزعونه من العدو لأنه ذو حدين؛ يقتلون به العدو ويحرمونه منه.
• السلاح الحقيقي لا يُستورد من هنا أو هناك، ولكن من هنا “يشير إلى العقل” ومن هنا ” يشير إلى القلب”.
• لقد قتلنا الاستعمار في الريف وما على الشعوب إلا دفنه، وإذا لم تستطع فلا عزاء لها.
• من لم يحمل السلاح ليدافع به عن نفسه، حمله ليدافع به عن غيره.
• ليس هناك نجاح أو فشل، انتصار أو هزيمة، بل شيء اسمه الواجب، وأنا قمت به قدر استطاعتي.
• انتصار الاستعمار ولو في أقصى الأرض هزيمة لنا، وانتصار الحرية في أي مكان هو انتصار لنا.
• الاستعمار وهم وخيال يتلاشى أمام عزيمة الرجال، لا أشباه الرجال

دانا إبراهيم

إن صدقت العزم لوجدت الطريق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى