معضلة الجو: استراتيجية مواجهة التفوق الجوي – تقييم القوة الجوية المعادية

منذ بداية الحرب العالمية الثانية برز دور سلاح الطيران في الحروب بشكل واضح وكان قبل ذلك غير مؤثر لعدة أسباب أهمها البدائية وعدم التطور سواء في المواصفات التصنيعية أو في الاستخدام التكتيكي.

ثم بعد الحرب العالمية الثانية وتميز استراتيجية الحرب الخاطفة الألمانية القائمة على التعاون بين الدبابات والطيران ازداد الاهتمام بشكل ضخم جدًا بسلاح الطيران من ناحية التطوير التكنولوجي في الطائرة نفسها والتسليح خصوصًا الصواريخ ووسائل الاتصال مما خلق بيئة حرب جديدة يلعب البعد الرأسي فيها دورًا أساسيًا، وأصبحت الجيوش تهتم في المقام الأول بتحقيق السيادة الجوية في المعركة كعامل حسم رئيسي في أي عمليات برية. ومع تطور الطائرة استدعى تطور أسلحة الدفاع الجوي بعد أن كانت قائمة على الأسلحة الرشاشة كبيرة العيار أصبحت ترتكز على الصواريخ والرادارات الحديثة.

كل هذه المتغيرات ومع النظام العالمي بعد الحرب العالمية أصبح احتكار تفوق الطيران -والسلاح النووي بالطبع- هو العامل الأكبر في الهيمنة العسكرية على معظم دول العالم، لذا ونحن نشهد في هذه الأيام انتفاضة الشعوب المسلمة بالذات للخروج عن الهيمنة الدولية والوكلاء المحليين؛ الذين يحكمون دولهم باسم أمريكا والنظام الدولي كان لابد على كل الشعوب والحركات التي تتوق لنيل الحرية أن تولي المجالات العسكرية الاهتمام البالغ؛ لأن الواقع يقول أن القوى الدولية لن تسمح لأي شعب ولا أي رقعة أرض حتى إن كانت في حجم قرية صغيرة أن تخرج من فلكها بدون معركة شاملة سياسية ونفسية واقتصادية، وبالطبع عسكرية.

تمثل مواجهة التفوق الجوي الشاغل الأول للدول والحركات والشعوب التي تنوي أن تواجه الاستعمار والنظام العالمي، أو حتى في مواجهة الطغاة المحليين كمرحلة أولى. ولأن السبيل الأول للمواجهة هو المعرفة الجيدة والشاملة كان لابد علينا من المساهمة في مناقشة الاستراتيجية الممكنة لمواجهة العدو في ظل سيطرة جوية مطلقة من قبله في مسرح العمليات.

قد يظن القارئ أن المعركة في ظل سيطرة العدو الجوية أمرًا خاصًا بالحركات التحررية فقط أو الانتفاضات الشعبية، ولكن الحقيقة أن هذا الوضع ممكن أن تكون فيه أي دولة -حتى لو حديثة-؛ أنها تضطر لخوض المعركة في ظل سيادة جوية للعدو، ومثال على ذلك الدول العربية بعد حرب الأيام الستة ضد الكيان الصهيوني، ودولة كوبا في مواجهة الأطماع الأمريكية بعد الثورة الكوبية، وحرب الخليج الثانية بين العراق والتحالف الدولي، وحرب البلقان بين القوات الصربية والتحالف الدولي، وغيرها.

بالنسبة للحركات التحررية التي تتبنى نهج حرب العصابات يبدو وضع استراتيجية شاملة لمواجهة التفوق الجوي عاملًا رئيسيًا قبل التحول من المرحلة الأولى؛ وهي الإنهاك والاستنزاف إلى المرحلة الثانية؛ وهي التوازن والمعارك شبه النظامية. في المرحلة الأولى تأثير السماء بالنسبة للعمل العسكري سيكون محدودًا وفي ظروف معينة، ويمكن تلافيه في معظم الأحيان، أما في المرحلة الثانية والثالثة سيمثل التحدي الأول من الناحية العسكرية، ويتوقف النجاح والفشل في الناحية العسكرية على نتيجة هذا التحدي.

الهدف من هذه الدراسة هو الاستراتيجية؛ بمعنى أننا لن نتطرق إلى التفاصيل التكتيكية إلا بشكل عارض، أو لتوضيح بعض العنوانين غير المشتهرة، أو تبيين الإمكانية العملية للبعض الآخر.

تتكون هذه الدراسة من خمسة أبواب؛ الباب الاول: كيفية تقييم القوة الجوية المعادية، ثم أربعة أبواب تمثل الاستراتيجية في مواجهة التفوق الجوي؛ وهي الباب الثاني: الدفاع الجوي السلبي، والباب الثالث: الدفاع الجوي الايجابي، والباب الرابع: بناء قوة الردع، والباب الخامس: الاستراتجية العسكرية في مواجهة عدو متفوق جويًا.

الباب الأول: تقييم القوة الجوية المعادية

قبل البدء في استعراض المحاور الاستراتيجية لمواجهة التفوق الجوي المعادي كان ولابد من البدء أولًا في ذكر كيفية تقييم القوة الجوية المعادية، وكيفية تحديد حجم تأثيرها على خطط المواجهة -سواء دفاعية أو هجومية-، وكما ذكر صن تزو قديمًا:

إذا عرفت نفسك وعرفت عدوك تستطيع خوض مائة معركة دون أن تخسر.

إذًا المهمة الأولى قبل وضع خطة المواجهة في أي حرب هي معرفة العدو، وتقييمه تقييم واقعي؛ لا يميل إلى المبالغة والتهويل أو التقليل والتهوين؛ فالتقديرات العسكرية لابد أن تكون واقعية ومجردة، ولا تخضع للمشاعر أو الأهواء أو الرغبات الشخصية والأمنيات.

في العقائد العسكرية التقليدية الخاصة بالحرب النظامية في شكلها التقليدي آراء تقول أن لابد من وجود تكافؤ في السلاح الجوي بين الجيشين لخوض المواجهة، ثم بعد تطور الدفاع الجوي وظهور أنظمة الدفاع الجوي المتحرك خفتت قليلًا هذه الآراء، ومع وجود أشكال من الحروب المحدودة لا ينطبق عليها هذا المبدأ غير الحروب الشاملة، وأيضًا مع تنامي الحروب غير المتوازية وحروب العصابات أصبح المجال واسعًا جدًا.

سوف نركز في استعراضنا لتأثير القوة الجوية بعد تقييمها على: تأثيرها على سير العمليات البرية، وتأثير مهمات القصف الأرضي لسلاح الجو، ولن نفصل في مجالات تأثير القوة الجوية في المعارك الجوية أو المهمات الاعتراضية؛ لأننا نعنى بالأساس بالحديث عن مواجهة التفوق الجوي، وليس عن تقدير وتقييم مهمات سلاح الجو بشكل كامل.

هناك العديد من العوامل المهمة عند تقييم القوة الجوية المعادية ومنها:

  •  عدد ونوعية الطائرات.
  • عدد وكفاءة الطيارين وأماكن التدريب.
  • حالة الصيانة وقطع الغيار والذخائر.
  • القواعد الجوية والمطارات.
  • أسلوب القيادة والسيطرة ومدى الترابط مع القوات البرية.
  • قواعد وطرق التموين بالوقود والذخائر.
  • الحليف أو الداعم وإمكانيات تعويض الخسائر والحدود لذلك والزمن اللازم. 

قبل تفصيل هذه العناصر لابد من ذكر العوامل التي يتوقف مدى تأثير وفعالية القوة الجوية عليها، خصوصًا في عمليات القصف والهجوم الأرضي -بغض النظر عن إمكانيات القوة الجوية كقوة مجردة-:

  • المعلومات الكاملة عن المهمة.
  • المسافة بين القاعدة الجوية والهدف أو منطقة العمليات.
  • وجود قوات برية موالية.

المعلومات

أهمية المعلومات بالنسبة لأي عملية عسكرية أهمية مطلقة، وتعتبر الأولوية الأولى للجيوش؛ فأي خطة تبنى على المعلومات التي يتم جمعها عن طريق أجهزة الاستخبارات العسكرية أو العامة.

بالنسبة للعمليات الجوية الخاصة بالقصف الأرضي، ومهاجمة الأهداف البرية المعادية ترتفع أهمية وجود معلومات متكاملة إلى الحد الأقصى؛ أي نقص أو خطأ في المعلومات عن أي جزء من العملية تؤدي إلى فشلها تمامًا سواء بعدم تحقيق الهدف أو خسارة القوة الجوية، أو على الأقل ضعف التأثير والفاعلية للعملية الجوية.

وتشمل المعلومات المطلوبة لعمليات القصف الأرضي كلًا من:

الهدف المراد قصفه أو مهاجمته بحيث يتم تحديد (هدف ثابت أو متحرك – إحداثيات موقعه بدقة – طبيعته  – مستوى تحصينه – إمكانية تحركه أو نقله).

المسار المتاح من قاعدة الانطلاق إلى الهدف ذهابا وعودة ويتم تحديد الارتفاع المناسب في كل جزء من العملية والسرعة المناسبة بناء على المعلومات المتاحة.

طبيعة التهديدات والأخطار الأرضية من الدفاع الجوي والرادارات ووسائل الرصد والتشويش أو أخطار جوية من طائرات معادية في كل أجزاء العملية من التحرك نحو الهدف وأثناء مهاجمة الهدف وفي طريق العودة بعد التنفيذ.

بعد ذلك يتم وضع الخطة المناسبة وتوصيف المهمة في ضوء المعلومات التي تم جمعها ويتم تحديد عدد الطائرات ونوعيتها وحمولتها من الوقود والأسلحة والمسار ذهابًا وإيابًا وطريقة مهاجمة الهدف.

إذًا إذا حدث أي خلل او نقص في عملية جمع المعلومات تصبح القوة الجوية مثل شخص عملاق، ولكنه أعمى أو نظره ضعيف؛ وبالتالي هذا أول ضلع ينبغي العمل عليه -كما سنوضخ لاحقًا في استراتيجية المواجهة-، ونذكر هنا أن عمليات الاستطلاع الجوي كوسيلة لجمع المعلومات ليست بالبساطة التي يتصورها البعض، وترتبط ارتباطًا كليًا بالمساحة المطلوب الاستطلاع فيها، وكلما كبرت المساحة كلما صعب جمع معلومات ذات أهمية خصوصًا عند الحديث عن أهداف صغيرة أو غير واضحة بشكل كبير عن محيطها الطبيعي، من هنا لابد أن ندرك أن عملية جمع المعلومات عملية متكاملة، ولا يكفي فيها وجود استطلاع جوي كوسيلة وحيدة لجمع المعلومات.

هناك نقطة أخرى أن القوات الجوية في أي جيش هي قوات مكلفة من ناحية الثمن، أو من ناحية الزمن اللازم لإعدادها، أو القدرة على الاستعاضة؛ لذا لا تتم المخاطرة بها بسهولة في بيئات عمل ومهمات غير واضحة التفاصيل أو متكاملة المعلومات.

المسافة

عند الحديث عن هذه النقطة نرجع لتاريخ بدء استعمال الطائرات في الحروب؛ فكانت أكبر عيب دفع القادة إلى الزهد في البداية في الطائرة كسلاح استراتيجي: هو ارتباطها بالأرض أي بالقواعد والمطارات؛ فهي عند انتهاء الوقود لا تستطيع مثل الدبابة -مثلًا- التوقف إلى حين وصول التموين والوقود، ومثلت هذه النقطة أكبر عيب من وجهة النظر العسكرية حينها، لذا كان أكبر اهتمام لدى مصنعي ومطوري الطائرات هو زيادة مدى الطائرة؛ لأن المدى هو أهم عنصر مؤثر في استعمالها الاستراتيجي، لذا مع تطور التكنولوجيا حصلت 3 تطورات لتلافي هذا العيب؛ أولها المطارات المتحركة أو حاملات الطائرات، والمحركات الحديثة التي سمحت بزيادة المدى ذاتيًا، وثالثهما هو إمكانية التزود جوًا بالوقود.

ترجع صناعة حاملات الطائرات إلى الحرب العالمية الثانية؛ وهي سفن ضخمة يبلغ طولها إلى أكثر من 300 م، وعرضها إلى أكثر من 130 م، وطول الغاطس إلى حوالي 12 م أو أكثر. ومع اختراعها ساعدت في حل مشكلة المدى قليلًا؛ لكونها أيضًا هي تعمل بالمحركات التقليدية  والتي لها مدى معين وخصوصًا مع ضخامة الحجم أصبح احتياجها للوقود ضخم جدًا مما حد من فاعلية الحل لهذه المشكلة.

واستغنت معظم الدول عن هذه الحاملات بعد الحرب، ثم ساهم استعمال الطاقة النووية كمحرك في حاملات الطائرات على إعادة إحياء الأهمية؛ لكونها تستطيع الإبحار بلا توقف إلى أكثر من عشرين عامًا، ولكن بقيت نقطة أخرى بدون حل؛ وهي الطاقم البشري الذي يصل إلى حوالي خمسة آلالاف شخص اللازمين لتشغيل هذه القاعدة المتحركة وتوفير الاحتياجات الأخرى من المياه والطعام ووقود الطائرات والذخائر وقدرة الطاقم البشري على البقاء في المياه بشكل متواصل.

التطور الثاني الخاص بتكنولوجيا الطائرات؛ وهو زيادة مدى الطائرات الحديثة إلى آلاف الكيلومترات، ولكن هذا التطور سنناقشه بالتفصيل تحت عنوان المدى القتالي. التطور الثالث الخاص بالقدرة على التزود بالوقود جوًا هو خيار جيد أُتيح لبعض الطائرات الحديثة، ولكنه يصلح في بيئات العمل الآمنة فقط، ويحتاج لتجهيزات وحماية مما يجعله أقل التطورات الثلاثة تأثيرًا في قضية زيادة المدى للطائرات.

المدى العملياتي أو القتالي

جميع الأرقام التي تعلنها الشركات المصنعة والتي تتواجد في المصادر المتاحة دائمًا ما تتحدث عن المدى الأقصى للطائرة وليس المدى القتالي، وهو ما سيجعلنا نذكر الفرق بينهما بشكل بسيط.

المدى الأقصى: هو أقصى مسافة يمكن للطائرة قطعها -سواء بخزانات وقود إضافية أو بلا- من غير إعادة التزود بالوقود، وأغلب الأرقام تكون مقاسة، والطائرة تكون غير محملة بالحمولة القتالية، وتطير على الارتفاعات العالية، ولذا لابد لأي رقم يذكر المدى أن يذكر نقطتين:

  1. هل هو باستعمال خزانات وقود خارجية (إضافية) أو بخزان الوقود الداخلي.
  2. ما هو الوزن الذي كانت تحمله الطائرة من حمولة قتالية من الأسلحة والذخائر.

وهذا المصطلح لا يعنينا كثيرًا في الحسابات العسكرية، ولكن يمكن استعماله في تقدير المدى القتالي تقريبيًا.

المدى العملياتي أو القتالي: هو المسافة التي يمكن للطائرة قطعها إنطلاقًا من قاعدتها وصولًا إلى مهمتها وتنفيذ المهمة والعودة إلى القاعدة من غير إعادة التزود بالوقود.

يعتمد حساب المدى القتالي على عاملين مهمين:

  1. الوزن الذي تحمله الطائرة.                 2. الارتفاع الذي تطير عليه الطائرة.

كلما زاد الوزن يقل المدى والعكس بالعكس، والطيران على الارتفاعات المنخفضة يقلل المدى وعلى الارتفاعات العالية يزيد المدى.

يمكن حساب المدى القتالي تقريبيًا عند معرفة المدى الأقصى؛ فهو يمثل ثلث -1/3- من المدى الأقصى، ولكن حسابه بشكل دقيق يحتاج لمعرفة المدى الأقصى بشكل دقيق محسوبًا بالحمولة، ومشمولًا بذكر الارتفاع منخفض أم عالي.

وجود تهديدات غير متوقعة في المهمة أو نسبة خطورة عالية يقلل من المدى القتالي من الناحية التخطيطية، وليس من الناحية الفنية.

متوسط المدى الأقصى لأحدث الطائرات المقاتلة باستعمال خزانات الوقود الخارجية يتراوح حول 4 آلاف كم أقل أو أزيد، والمدى القتالي من ألف إلى ألف وستمائة كم تقريبيًا. وذكرنا أن سبب عدم الدقة في الأرقام مقصود أحيانًا بعدم ذكر الحمولة أو الارتفاع المقاس عليها هذا المدى بشكل دقيق، وطبعًا في الطرازات الأقدم المدى يقل بشكل واضح، وسنذكر لاحقًا مقارنة بين أهم أنواع الطائرات المتواجدة حاليًا سواء شرقية أو غربية للطائرات المقاتلة والمروحية، وسنورد الأرقام المتاحة للمديات سواء قصوى أو قتالية بشكل مفصل.

مثال على ذلك الطائرة الأمريكية الأف – 16:

المدى الأقصى: يصل تقريبًا إلى 3900 كم باستعمال خزانات الوقود الإضافية (الخارجية).

أقصى وزن للحمولة عند الإقلاع: 17500 رطل -غير وزن الطائرة فارغة- منهم 7 آلاف رطل زنة خزان الوقود الداخلي (الأساسي).

المدى القتالي: 1370 كم بحمولة كالآتي:

  • 2 قنبلة زنة الواحدة 2000 رطل.
  • 2 صاروخ جو جو سايدوندر زنة الواحد تقريبًا 200 رطل.
  • 1040 جالون من الوقود الإضافي يبلغ وزنهم حوالي 6500 إلى 6900 رطل حسب درجة الحرارة.

أو 630 كم بحمولة كالآتي:

  • 4 قنابل الواحدة زنة 2000 رطل.
  • 2 صاروخ جو جو سايدويندر زنة الواحد تقريبا 200 رطل.
  • 340 جالون من الوقود الإضافي يبلغ وزنهم حوالي 2200 إلى 2300 رطل حسب درجة الحرارة.

أو 370 كم مع تحليق ساعتين و10 دقائق (مهمة دورية أو تجوال استطلاع) مع حمولة:

  • 2 صاروخ جو جو سبارو زنة الواحد 500 رطل.
  • 2 صاروخ جو جو سايدوندر زنة الواحد 200 رطل.
  • 1040 جالون من الوقود الإضافي يبلغ وزنهم من 6500 إلى 6900 رطل حسب درجة الحرارة.

المدى القتالي الرقم الأول والثاني محسوب على أساس مهمة قصف يكون فيه التحليق على ارتفاع عالي، ثم منخفض؛ للانقضاض على الهدف، ثم ارتفاع عالي مرة أخرى في العودة، وإذا تم التحليق على ارتفاع منخفض يقل المدى كما ذكرنا سابقًا.

الرقم الثالث للمدى القتالي يعطينا لمحة من أهمية المعلومات المسبقة والكاملة عن الهدف والمهمة كما ذكر سابقًا في العامل الأول من عوامل قياس تأثير وفعالية القوة الجوية.

نعيد التذكير بأن المدى القتالي هو الذي يعنينا في التقديرات العسكرية، وهو بشكل تقريبي يمكن تقديره وإن لم يكن متاحًا بشكل دقيق، ونذكر مثالًا على ذلك: عملية قصف المفاعل النووي العراقي من قبل الكيان الصهيوني تم فيها استعمال 8 طائرات f-16 و 6 طائرات f-15، وكانت المسافة بين القاعدة التي انطلقت منها الطائرات والهدف حوالي 900 كم تزيد أو تقل قليلًا، وتم استعمال خزانات الوقد الإضافية الخارجية -أي: الطاقة القصوى لحمل الوقود- لهذه الطائرات.

وتم اعتبار هذه العملية جريئة جدًا، ومن العمليات المعدودة، وكان لهذا التقييم سببان هما: عبور مجالي السعودية والأردن من غير إنذار العراق، والسبب الاخر المسافة البعيدة. وذكر في تفاصيل العملية أن الطائرات اضطرت للطيران في رحلة الذهاب على ارتفاعات منخفضة جدًا؛ لتفادي الرصد من قبل الرادرات، وتم اختيار طيارين يتحدثون العربية بطلاقة حتى يخدعوا المراقبين الجويين عند رصدهم؛ لتحقيق المفاجأة، وذكر أن الطائرات في رحلة العودة طارت على ارتفاعات عالية لتتمكن من توفير الوقود للعودة إلى القاعدة.

وذكرنا هذا المثال العملي لعملية حربية فعلية، بالإضافة إلى المثال الفني المجرد الخاص بالطائرة الإف 16 الأمريكية؛ لنقرب التصور لكيفية تأثير المدى، وحسابات الارتفاع والوزن على المدى القتالي، وتصور كيفية أداء وتخطيط العمليات الجوية.

ثالث عامل من عوامل تأثير وفعالية القوات الجوية هو:

وجود قوات برية مصاحبة

ظهرت نظرية الثورة في الشئون العسكرية مع تطور تكنولوجيا الأسلحة الحديثة عالية الدقة، وبعيدة المدى، وكبيرة القوة التدميرية، ومضمون فلسفتها يتمحور أنه يمكنك القضاء على جيش عدوك، وهزيمته وانت تقبع خلف شاشة إلكترونية عبر الضغط على عدة أزرار.

وكان أول حدث جعل لهذه النظرية أهمية هو حرب الخليج الثانية أو حرب تحرير الكويت بين العراق والتحالف الدولي الغير مسبوق،  مما أضفى بريقًا ورونقًا على هذه النظرية، واعتبرها البعض كما اعتبر آخرون مثلهم عند تفجير القنبلة الذرية أن هذه النظرية -أي: الثورة في الشئون العسكرية- هي الجيل الجديد من الحروب، وأنه عصر جديد لا يخضع لقوانين الحرب، والاستراتيجية التقليدية التي حكمت الحروب منذ بداية التاريخ.

وزاد اللغط كثيرًا، ولكن مع توالي الحروب مثل حرب البلقان وحرب أفغانستان وحرب العراق والحرب الشيشانية الاولى و الثانية وحروب الكيان الصهيوني مع حركة حماس ومع حزب إيران اللبناني، دار الأمر مرة أخرى كما دار قديمًا على أصحاب نظريات الحرب النووية. ولذا هذه التجارب الكبيرة علمتنا العديد من الدروس الهامة جدًا، وكان أهمها:

  • لا يمكن حسم حرب بالسلاح الجوي، والأسلحة بعيدة المدى فقط.
  • الشعوب التي لديها قضية مؤمنة بها تستطيع الصمود لفترات لا يمكنها توقعها في وجه القصف الجوي.
  • أدى هذا الضغط التكنولوجي إلى ظهور أشكال من الحرب لا يصلح معها أي تفوق تكنولوجي في تحقيق الحسم، وإخضاع العدو الذي تواجهه.

لذا تبقى الصيغة السحرية للحروب التقليدية هي التعاون الوثيق بين سلاح الطيران في إحداث الصدمة، والاستغلال السريع لهذا التأثير عبر قوات مدرعة متحركة على الأرض. وكما هو معروف أن هذه هي المدرسة العسكرية الألمانية في الحرب العالمية الثانية، وأكثر من ورث نهج هذه المدرسة هو جيش الاحتلال الصهيوني، وطبقها في كل الحروب التقليدية التي خاضها تقريبًا بلا أي تعديلات تذكر.

لذا نربط كل ذلك، ونقول أن من أهم العوامل التي تقيم تأثير الضربات الجوية الاستراتيجي هو وجود قوات برية؛ لاستغلال تأثير الضربات الجوية، وجني ثمار أثرها التدميري والمفاجئ، وبدون هذه القوات البرية يمكن امتصاص صدمة الضربات الجوية مهما كانت قوية؛ لأنها محكومة بزمن محدد، فمهما بلغت كثافة وقوة الضربات الجوية فلها وقت تنتهي فيه، مع الوضع في الإعتبار التكلفة المادية الكبيرة للضربات الجوية، والتي دائمًا ما تجعل وقت استعمالها له حدود ليست كبيرة.

بهذا نكون انتهينا من ذكر بعض أهم العوامل التي تحكم حجم التأثير والفعالية للقوة الجوية -بغض النظر عن قوتها المجردة-، وسننتقل الآن إلى مناقشة أهم العوامل التي يمكننا من خلالها قياس القوة الجوية المعادية، وتقييمها بشكل مناسب.

أهم عوامل قياس القوة الجوية

1. عدد ونوعية الطائرات

تعتبر الطائرة مع الطيار هما العمود الفقري للقوة الجوية. وتطور الطائرات وقدرتها على المناورة العالية سواء في المهمات الاعتراضية أو للتملص من أسلحة الدفاع الجوي يعتمد على قدرات الطائرة، واستغلالها بشكل أمثل من قبل الطيار، وهو عامل هام للغاية، ولكن لا يمكن قياسه بشكل سليم إلا في المعركة الحقيقية.

سنذكر الآن مقارنة بين أهم الطائرات على الساحة -سواءً غربية أو شرقية.

أولًا: الطائرات العمودية

بعض الملاحظات

  • الحمولة المقصود بها: الوزن الكلي الذي تستطيع الطائرة حمله، ويشمل الركاب والوقود والأسلحة.
  • التسليح يذكر الأسلحة التي يمكن استعمالها على متن المروحية، وليس يلزم وجودها كلها، ويتم التسليح في ضوء الوزن ونقاط التعليق حسب كل مهمة.
  • بالنسبة للمدى وضحنا سابقًا كيفية حساب المدى القتالي، ونكتفي هنا بذكر الأرقام الدقيقة المتاحة.
  • كل الطائرات التي تم ذكرها -ما عدا الجازيل- تتحمل طلقات من عيار 12.7، وللأجزاء الحساسة تتحمل طلقات 23 وطبعًا معرفة التدريع بدقة من الأسرار، ولكن الميدان يكشف الحقيقة.
  • منظومة التوجيه والحماية الالكترونية ومنظومات الرصد في الأباتشي تحتاج لصفحات لشرحها، ولكن هي سر تفوقها الكبير بالنسبة لباقي الطائرات الهجومية.
  • الطائرات الهليكويتر الغير هجومية يكون تدريعها وتسليحها ضعيف للغاية بالمقارنة بالطائرات الهجومية؛ التي تعتبر أقوى الطائرات العمودية في المواصفات التصنيعية والفنية.

ثانيًا: الطائرات الحربية

بعض الملاحظات

  • 1 ماخ يساوي 1234 كم \س، وهي سرعة الصوت.
  • لمعرفة وزن الوقود الخاص بالطائرات من لتر إلى كجم نضرب في 0.79.
  • يرجى ملاحظة ما تم شرحه سابقًا من طريقة حساب المدى القتالي، وتأثير الوزن وارتفاع الطيران وسرعته على حسابات المدى القتالي.
  • تتميز المقاتلات الحديثة والأمريكية خصوصًا بالتفوق في التصميم، والمناورة، والحركية، والتكنولوجيا الحديثة للغاية في التخفي ورصد الأهداف، والسيطرة الجوية، والحرب الالكترونية مما يعطيها ميزات ضخمة في القتال الجوي خاصة.
  • لم يكن هدفنا سوى عقد مقارنة بين أهم الطائرات الموجودة، وليس ذكر جميع الطائرات، أو جميع التفاصيل الخاصة بكل طائرة، فهذا ليس مجال بحثنا.

2. عدد وكفاءة الطيارين وأماكن التدريب

http://gty.im/932829668

يعتبر الطيار الحربي هو أهم ركن في القوة الجوية؛ لأن السلاح الجوي غير أي سلاح آخر يحتاج لنوعية معينة من المرشحين، ويستغرق تدريب الطيارين وتأهيلهم فترات كبيرة، لا يمكن اختصارها منذ دراسته في الكلية الجوية، وبداية تدريبه؛ الذي يحتاج ساعات طيران كبيرة تكلف وقتًا ومالًا وجهدًا ضخمًا، لذا من الصعب تعويض نقص الطيارين حتى مع توافر الإمكانيات.

يحتاج إلى وقت من الصعب جدًا اختصاره؛ لأن الطيار يقوم بالعديد من المهمات في نفس الوقت؛ ففي السلم عليه مهمات التدريب  والدوريات الروتينية والمهمات الاعتراضية (الدفاع الجوي)، وفي وقت الحروب يضاف مهمات القصف الأرضي، ودعم القوات البرية  إلى المهمات السابقة.

وعدد الطلعات الجوية التي يمكن القيام بها للطيار الواحد في اليوم قليلة جدًا، لذا من أهم عوامل تقييم أي قوة جوية هو عدد الطيارين المؤهلين فعليًا، ونسبتهم إلى عدد الطائرات المدربين على قيادتها، ويمثل هذا العنصر رقم صعب وهام جدًا لما تقدم.

3. حالة الصيانة وقطع الغيار

مجرد امتلاك الطائرة كرقم لا يعبر عن مدى القدرة على استعمالها، ولا على القدرة على الاستمرار في أداء المهمات المنوطة بها، ومعظم الحوادث الجوية التي تقع تكون نتيجة ضعف الصيانة، أو تقادم الطرازات. وعملية إبقاء الطائرة في حالة جيدة عملية مستمرة، ليست مرتبطة بالسلم ولا بالحرب، والإهمال فيها يؤدي إلى نتائج بالغة السوء تظهر عند الاستعمال الفعلي في الحرب، ولذا كما قال كلاوزفيتز قديمًا:

الاختبار النهائي لأي سلاح هو باستعماله فعليًا في الحرب.

فالحكم على قوة سلاح الجو يكون في الحرب الفعلية مهما بلغت الدعاية، وأيضًا كما نناقش هنا، فالعمليات الجوية ليست امتلاك طائرة وطيار فقط، بل هناك العديد من الجوانب الكثيرة بعضها أهم من الطائرة والطيار.

 4. القواعد الجوية والمطارات

http://gty.im/934977182

عدد وأماكن وطريقة توزيع القواعد الجوية لها ارتباط كبير -كما ذكرنا- بالمدى العملياتي أو القتالي للقوة الجوية -كما فصلنا سابقًا-، بالإضافة إلى مدى حماية هذه القواعد ضد الهجمات البرية والجوية، وكيفية توزيع وحماية طرق إمدادها وتموينها، كل هذه العناصر لابد أن يتم جمع المعلومات الكافية عنها، ووضع القواعد الهندسية من حيث طول وكفاءة المدرجات والأجهزة المعاونة، كل ذلك لابد أن يوضع في الاعتبار عند تقييم هذه النقطة.

5. أسلوب القيادة والسيطرة ومدى الترابط مع القوات البرية

هذه النقطة تعنى بمعرفة أسلوب قيادة القوة الجوية وكيفية اتخاذ قرار استخدامها، وهل تتبع قيادة واحدة كقيادة القوات الجوية أم هل هناك جزء موزع على القوات البرية أو البحرية، هل أسلوب القيادة مركزي؛ بحيث يمكن شلها بضربة منفردة، أم القيادة لا مركزية، أم خليط من الطريقتين.

لذا تحديدنا لهذه النقطة وتوصيفها بشكل سليم يمكّننا من تقييم دقيق لرد فعل القوة الجوية في الأحداث المفاجئة لها، أو الغير مخطط لها مسبقًا، بالإضافة إلى معرفة أقصر طريق لتحييدها أو شلها.

في الجزئية الخاصة بالترابط مع القوات البرية، كلما زاد تطور وتفوق سلاح الجو في المعركة نجد الترابط كبير مثل القوات الأمريكية أو الاسرائيلية؛ التي يستطيع قائد سرية أو مجموعة طلب دعم جوي عند محاصرته أو مهاجمته، على عكس باقي الجيوش العربية أو ذات العقيدة الشرقية؛ التي يكون استخدام الطيران فيها في الأحداث الغير مخطط لها مسبقًا أو المفاجئة شديدة التقييد والمركزية.

6. قواعد وطرق التموين بالوقود والذخائر

إن العمليات الجوية المستمرة تتطلب نظامًا دقيقًا في التموين، خصوصًا بوقود وذخائر الطائرات. تكون المخازن -في الغالب- موجودة في المطارات والقواعد، وعلى حسب أهميتها تكون كمية التموين الموجود بها، وفي غالب الأحوال في وقت السلم وعدم التأهب تكون كميات كافية لمدد صغيرة. لذا لابد من تحديد الطرق البرية التي يتم من خلالها نقل التموين من المخازن الكبرى والمعامل والمصانع الحربية إلى المطارات. أو إذا كانت الدولة تعتمد على الاستيراد، ما هو الميناء أو الطريق أو المطار الذي يتم استيراد المتطلبات منه، وما هي الطرق التي تربطهم بالقواعد الجوية.

7. الحليف أو الداعم وإمكانيات تعويض الخسائر والحدود لذلك والزمن اللازم

معظم دول العالم -عدا أمريكا، وعدد قليل من الدول لا يتعدى أصابع اليد الواحدة- لا تستطيع خوض حرب حقيقة بدون الاعتماد على وجود حليف أو داعم أو صديق يقوم بتوريد الذخائر، وقطع الغيار والأسلحة؛ لتعويض الفاقد والخسائر. وبالنسبة للسلاح الجوي، تزيد أهمية هذا العنصر؛ لأن معظم عناصرها في الأغلب تعتمد على الاستيراد الخارجي، ولذا على حسب الحليف وشكل دعمه ومداه؛ هل هو مفتوح ومطلق، أم مقيد بشكل محدد. والقرب أو البعد الجغرافي لهذا الحليف، وقوة اقتصاده، وصناعته العسكرية، ومدى إمكانياته اللوجستية في النقل، والزمن الذي يستغرقه. كل هذه الجوانب تحدد بشكل كبير مسار واستمرارية الحرب بالنسبة للعمليات الجوية بشكل خاص أكثر من أي فرع آخر في القوات العسكرية.

بعد أن ذكرنا النقاط الرئيسية الهامة التي من خلالها نستطيع القيام بعملية تقييم القوة الجوية المعادية بشكل علمي، سنبدأ من الفصل التالي: ذكر الأسس الاستراتيجية لمقاومة التفوق الجوي، والتي يمكن الأخذ بها كلها أو بعضها أو أجزاء منها -حسب الظرف والمكان والإمكانية-، ولكن لابد من إدراكها في أثناء وضع الخطة لمجابهة التفوق الجوي للعدو.

كما يمكنكم تحميل الدراسة كاملة عبر هذا الرابط: معضلة الجو: استراتيجية مواجهة التفوق الجوي

المصادر

  1. Jane’s 360
  2. World wide equipment guide : vol.2: airspace and air defence systems : us army TRADOC G-2 : december 2011 Janes
  3. Defence & Security Intelligence & Analysis | Jane’s 360
  4. Find unrivaled intelligence, consultancy and advertising solutions to the defence and national security sectors

خالد موسى

كاتب متخصص في الشئون الاستراتيجية والعسكرية.

مقالات ذات صلة

‫18 تعليقات

  1. السلام عليكم اخ العزيز خالد موسى اني متابع لكم وقرأت ما قدمته من كتاب معظلة الجو … هل من الممكن الاجابة على سؤالي لو سمحت مع وافر الاحترام والتقدير لشخصكم الكريم
    السؤال / ما هي العوامل الفنية المؤثرة في اختيار اسلحة الدفاع الجوي ؟
    وما هي احدث منظومات للدفاع الجوي عالميا ؟

  2. الحمد لله
    شكرا استاذ خالد على هذا الموضوع، رغم ان متنه لم يستوفِ عنوانه. لست بصدد تقييم المقال، لكن لم تُسهب في سوقية (استراتيجية) المواجهة.
    لا ابرر للعراق تقصيره في مواجهة قصف مفاعله النووي، ومن زار بغداد وقتها(قبل الضربة الجوية) يعلم مدى سذاجة تفكير مخخطي الدفاع الجوي حينها، حيث عمدوا الى استخدام اساليب الحرب العالمية الاولى والثانية واعني بذلك احاطة المفاعل ببالونات ترتفع الى حدود 50 مترا او ازيد بقليل، علما ان الطائرات المغيرة اصلا لم تحلق فوق المفاعل كما سمعت من بعض الاخوة.
    لا اظن ان التسلل اليهودي كان مخفيا على قزم الاردن او مملكة السلولية، فكلاهما ليس بعدوا لليهود اطلاقا، والامثلة اكثر من ان تحصى. فما يدريك ان التسلل لم يكن بعلمهما؟؟!! فمصدر معلوماتك هو الطرف المعتدي فقط اليس كذلك؟ وحرب تدمير العراق عام 90 ثم احتلاله عام 2003 تؤكد صحة ما اوردته لكم.
    لا انكر قوة سلاح الجو الامريكي، لكن فتل عضلاته لم يكن امام قوة مكافئة لنتمكن من الجزم بما تدعيه. ثم انه لولا العملاء والخونة(كل دول الجوار بلا استثناء) لما استطاعت من غزو العراق، وواقع الحال اثبت ذلك. وانه لا يمكنهم الاعتماد على حاملات طائراتهم فقط من دون تسهيلات سوقية(من كل دول الجوار) لدعم المعركة البرية.
    فما لم نتخلص من نواطير حماية المصالح الاستخرابية، فلن تقوم لنا قائمة
    اشكر تفهمكم وبوركتم جزاكم الله خيرا

    1. Khaled:
      بالنسبة لما تفضلت به بأن المتن لم يستوفي العنوان ، نرجو مراجعة المقدمة ذكرت ان هذه الدراسة من خمسة فصول اول فصل تقييم القوة الجوية المعادية ثم ٤ فصول تمثل استراتيجية المواجهة ، فبإمكانك متابعة الموقع لقراءة الاجزاء القادمة ، بالنسبة لقضية قصف المفاعل العراقي فقد ذكرتها كمثال ع المدى العملياتي ولم اتطرق لا لتقييم العملية من الناحية العسكرية ولا لتقييم الطرفين فهذا ليس موضوعي مع العلم ان ما ذكرته من قصة مناطيد وهكذا غير صحيحة فالعراق كان دولة قوية عسكريا ولديها دفاع جوي حديث ، تسلل الطائرات الصهيونية لا يحتاج لتنسيق مع الدول التي ذكرتها بغض النظر عن العمالة ، انصحك بقراءة كتاب الحرب الصليبية الثامنة الجزء الاول والثاني للفريق سعدالدين الشاذلي اذا اردت ان تعرف تفاصيل حرب الخليج الأولى بشكل علمي دقيق ، نرجو ان تكون دائما ارائنا في الأمور بشكل متأني وبعد دراسة علمية في كل مجال تخصص حتى لا نقع في اطلاقات خاطئة ، العمالة وهكذا لها محلها ومناقشة الامور من الناحية التخصصية من باب الاسباب لها محل اخر ، وجزاكم الله خيرا و أسعد بمشاركتك وسماع اقتراحاتك

      1. الحمد لله

        شكرا استاذ خالد لتواصلكم بوركتم.
        آسف جدا لأني لم الحظ تلك العبارة، حيث هرعت باحثا عن بغيتي علّها تضيف شيئا لما تعلمته، فأرجو قبول اعتذاري جزيتم خيرا. وان شاء الله ساتابع قراءة بقية حلقات الموضوع، فشكرا لمجهودكم.
        حقيقة استغربت قولكم ان قصة المناطيد التي كانت تحيط بالمفاعل العراقي غير صحيحة!!!! وانت الباحث في الشؤون العسكرية. يا اخي بامكانك ان تسأل اي شخص عاش في بغداد(سواء عراقي ام من بلد آخر) قبل ذلك الاعتداء الارهابي، والامر اصلا كان موضع تندر لدى العراقيين، كونه عفى عليه الزمن ولن يجدي نفعا وهذا ما حصل. فالرجاء لا تحكم او تقيم الامور على عجل، وليس عيبا انك لم تعرف تلك الحقيقة. العراق وقتها كان يملك جيشا ذو كفاءة قتالية عالية بسبب خبرته، وخوضه حروب طويلة، إضافة الى ان الكلية العسكرية العراقية وكلية الاركان مشهودا لهما تلك الكفاءة. وللعلم (امير) البحرين الحالي خريج الكلية العسكرية العراقية او كلية الاركان. لكن لم تكن اسلحته حديثة او بامكانها ان تكون ندا لقوة اعداءه الفنية. وحين خاض الحرب مع ايران كانت الاف14 الايرانية تشكل تفوقا لم يكن بالامكان مجاراته إلا من خلال جرأة وشجاعة ومهارة الطيارين العراقيين وقتها، وهذا ما كان.
        الدفاع الجوي العراقي كان دفاعا تقليديا عبارة عن م/ط (14.5غالبا ثنائي، 23 و 57 ملم) مع صواريخ سام(2، 3 و6 المحمول) منتشرة حول بغداد، ولم تكن حديثة اصلا بل من جيل الخمسينيات والستينيات. وازيدك من الشعر بيتا، ان الروس يطلقون تسمية (نسخة القردة) على الاسلحة المعدة للتصدير لاي دولة، لانها لا تحتوي على كل المواصفات التي تحتويها النسخ المعدة للجيش الروسي/السوفيتي، ومازال الامر كذلك حتى الساعة. وللاخ الفاضل انور الشراد(ضابط كويتي سابق) مدونة تحتوي على مقالات تخصصية بحتة، انصح بالاطلاع عليها.
        يا اخي اذا كان الهالك حسين ركب طائرته وذهب ليخبر الشمطاء غولدا مائير بحرب التحريك عام 1973، فهل تستغرب منه اي تعاون آخر معهم؟؟؟ الم يكن هو المستر بيف؟ ليس موضوعنا نعم، لكن لا يمكن استثناء هذا الامر. فهؤلاء نواطير الحراسة هم أُسّ البلاء.
        كنا امة واحدة، ثم جاء سايكس وبيكو وقسمونا الى مزارع وضِيَع ووضعوا سياجا وخرقة لكل مزرعة وكلبا لحراستها، فاصبحنا ندافع عن الكلب ونذود عن الخرقة والى الله المشتكى.
        استاذ خالد انصحك بقراءة كتاب ( قبل ان يغادرنا التاريخ) للفريق الركن رعد مجيد الحمداني قائد فيلق الحرس الجمهوري، وقائد قوة الواجب التي دخلت الكويت، فالرجل ذكر حقائق في كتابه اراها في منتهى الدقة والامانة والنزاهة ولا ازكي على الله احدا. والرجل ساهم حتى في حرب التحريك اكتوبر 1973 كضابط درع.
        كما ارجو الاطلاع على الاشرطة الوثائقية لعملية قصف المفاعل العراقي(الخاصة بسلاح الجو الاسرائيلي) الموجودة على اليوتيوب، وبعضا منها باللغة العبرية.
        الكلام يطول استاذي الكريم، لكني اكتفي بهذا القدر، وربما لي عودة بعد ان اقرأ باذن الله بقية الحلقات من هذه الدراسة، رغم يقيني ان التنظير الاكاديمي يختلف تماما عن الواقع العملي.
        شكرا لكم بارك الله فيكم ونفعنا بعلمكم

        1. الاخ الكريم ، نرجو ان نتذكر اشياء هامة اثناء نقاشنا منها اني اناقش رأي وليس شخص بمعنى قصة المناطيد وهكذا تفضلت بذكر وجود اسلحة دفاع جوي من بعض ما كان لدى العراق وهي اسلحة حديثة قياسا لتوقيت قصف المفاعل في بداية الثمانينات فكيف يكون لدى العراق بحسب كلامك هذه الاسلحة ويعتمد ع مناطيد من اجل الدفاع الجوي ! ولذا احلتك ع مرجع الفريق الشاذلي للاطلاع بصورة دقيقة ع اسلحة ونظام الدفاع الجوي العراقي في هذه الفترة فهو افرد ابوابا مفصلة لذكر اسلحة الجيش العراقي المختلفة اما وجود مناطيد في بغداد من عدمه فهذه لها اغراض اخرى غير الدفاع الجوي مثل المراقبة والاستطلاع ، ثانيا ذكرت في الرد ع تعليقك واذكر هنا ثانية انه ليس موضوعي مناقشة تقييم عملية قصف المفاعل وانما ذكرتها كمثال لعملية حقيقيةلبيان تأثير المسافة والمدى العملياتي ع العمل الجوي موضوع المقال ، قضية العمالة ايضا ليست القضية التي اناقشها فلست انكر او اثبت شئ هنا من اجل ان تسوق ادلة ع عمالة حسين او غيره ، اخيرا اللمز بأني كيف اكون باحث ولا اعلم او قولك التنظير اكاديمي غير الشئون العملية لا داعي له ايها الاخ الكريم ، حضرتك لا تعرف الكاتب حتى تقيمه فنرجو الالتزام بمناقشة الوارد من ارآء وعدم الخروج للمز شخص الكاتب ، جزاكم الله خيرا

          1. الحمد لله
            استاذ خالد، اعلم ان الامر مناقشة مسألة فنية بحتة، ولم احاول اللمز، ولا تقوّلني ما لم اقله. ان كنتَ أسأتَ مقصدي فهذا ليس ذنبي. لكنك نفيت كلامي بالكلية، بقولك (غير صحيحة)، واكرر عدم معرفة اي باحث بامر يتعلق باختصاصه ليس معيبا له اطلاقا، فسبحان من (يعلم خائنة الاعين وماتخفي الصدور).
            ولماذا السيد سعد الشاذلي(يرحمه الله)، فاهل مكة ادرى بشعابها، لذلك احلتك الى كتاب الفريق المتقاعد رعد الحمداني وهو مازال حيا يرزق بفضل الله. اضافة الى تواجد عدد كبير من ضباط الجيش العراقي الاصلي، في دول عربية او اوربية بامكانك التأكد من صحة هذا الامر، لعدم ثقتك بامثالي. وكما يقول المثل (اسأل مجرب ولا تسأل حكيم)
            لكن تأكد ان المناطيد كانت تحيط بالمفاعل 360 درجة، ولم تكن لاغراض المراقبة كونها متجمعة حول منطقة معينة فقط، وبعد هذا وذاك اختفت بعد قصف المفاعل. الغاية منها كما ظنّ واضعها او المخطِط لها، التشويش على الطائرات المعادية عند الاقتراب. لقد تكلم الفريق المتقاعد رعد الحمداني عن سطحية التفكير لدى صانع القرار في العراق عند حديثه عن حرب تدمير العراق 1991، والامر كذلك عن حرب احتلال العراق 2003. لذلك انصح كثيرا بالاطلاع عليه او على مقابلاته المتلفزة مع اكثر من محطة الموجودة على الشبكة العنكبوتية.
            نعم اتفق معك ان كلامك كان عن الناحية الفنية البحتة للطائرات، لكن نجاح او فشل اي عملية لابد من المرور على اسبابها لتكتمل الصورة للقارئ.
            عدم معرفتي بك، لا يقلل من شأنك، ولا انت تعرفني ايضا، ولا استطيع الكتابة باسمي الشخصي لاسباب ديمقراطية كما لا يخفى على الكثير.
            لم آتِ باطلاقات خاطئة، بل بينت حقائق البعض لا يريد ان يراها. كل ما في الامر اردت إضافة معلومة صغيرة.
            شكرا جزيلا

          2. الاخ الكريم ، العبد الفقير
            جزاكم الله خير ع اهتمامك وطرحك الكريم
            اتفق معك في قولك البديهي ان اي انسان جهله بمعلومة ولو في مجاله امر طبيعي لان هذه هي الفطرة فالانسان جهولا بطبعه هذا لم اختلف عليه ، لكن مناط الاختلاف كان قولك ان العراق كان يعتمد ع هذه البالونات او المناطيد كدفاع جوي للمفاعل الخاص به اذن قولي انها غير صحيحة او انها خاطئة اي ليس وجود بالونات من عدمها بل انها هي التي تمثل الدفاع الجوي ، بالنسبة لكل المصادر التي تناولت الجيش العراقي في حينه فالدفاع الجوي العراقي كان لديه صواريخ سام ٢و ٣ وسام ٦ و٨ و٩ بالاضافة لبعض صواريخ فرنسيّة للدفاع الجوي وبالطبع الالاف الرشاشات م.ط من مختلف الاعيرة بالاضافة إلى شبكة رادار متكاملة ارضية وايضا طائرتان للانذار المبكر والحرب الالكترونية وبعض معدات الحرب الالكترونية لا يتسع المجال لذكرها فهذه هي بنية الدفاع الجوي في حينها بالاضافة للمقاتلات الاعتراضية ، اذن العراق كان لديه بنية نظام دفاع جوي متكاملة قياسا بالمعايير العسكرية وحديثة قياسا ع عصره ، بالنسبة لاسباب نجاح الهجوم ترجع إلى اسباب كثيرة منها المفاجأة وعدم التوقع من الجانب العراقي منها المفاجأة التكتيكية في اسلوب التنفيذ من التحليق ع ارتفاعات منخفضة ومسارات معيقة للرادارات بسبب المعلومات الكاملة لدى الجانب الاسرائيلي كل ذلك أدى إلى قصر الوقت مابين اكتشاف الهجوم والتعامل معه وقد تم إطلاق بعض الصواريخ ضد الطائرات المغيرة بعد تنفيذها للهجوم والمضادات الأرضية ولكن بعد فوات الوقت ، الفريق الشاذلي يعتبر اب للعسكريين العرب وثقله العلمي العسكري كبير ومشتهر وهو كان متابع ومطلع دقيق ع العراق سواء في حربها مع إيران او بعدها في حرب الخليج الثانية وغزو الكويت وما ذكرته من مراجع لا تحتوي ع معلومات متناقضة فيما يخص نقطة نقاشنا الخاصة ببنية الدفاع الجوي العراقي حينها ، الاسباب العامة من عمالة الحكام و ضعف الحرفية والاستعداد لدى الجيوش النظامية وغيرها هي اسباب عامة في كل هزيمة ومجال كلامنا اظنه اخص منها ، فذكري لاي مرجع لكي نستفيد كلنا ليس لشك في معلومتك او طلب تأكيد ، تجربة العراق منذ بداية الثمانينات والحربين االلذان خاضهما إلى حين تدمير القوة العراقية تجربة هامة ومليئة بالتفاصيل وافرد لها كتب فتقيييمها في تعليق صعب جدا ولكن رددت ع حسب ما عرفت فيما يخص عملية قصف المفاعل بناء ع ما تفضلت به من ضرورة ذكر الاسباب ، اظن اني حررت محل الخلاف كما يقال ولعل وجهة نظري وضحت لحضرتك ، جزاك الله خير ونفع بك وفي انتظار تعليقاتك ع باقي الاجزاء وعذرا ان كنت أساءت فهم المكتوب

    2. بالنسبة لما تفضلت به بأن المتن لم يستوفي العنوان ، نرجو مراجعة المقدمة ذكرت ان هذه الدراسة من خمسة فصول اول فصل تقييم القوة الجوية المعادية ثم ٤ فصول تمثل استراتيجية المواجهة ، فبإمكانك متابعة الموقع لقراءة الاجزاء القادمة ، بالنسبة لقضية قصف المفاعل العراقي فقد ذكرتها كمثال ع المدى العملياتي ولم اتطرق لا لتقييم العملية من الناحية العسكرية ولا لتقييم الطرفين فهذا ليس موضوعي مع العلم ان ما ذكرته من قصة مناطيد وهكذا غير صحيحة فالعراق كان دولة قوية عسكريا ولديها دفاع جوي حديث ، تسلل الطائرات الصهيونية لا يحتاج لتنسيق مع الدول التي ذكرتها بغض النظر عن العمالة ، انصحك بقراءة كتاب الحرب الصليبية الثامنة الجزء الاول والثاني للفريق سعدالدين الشاذلي اذا اردت ان تعرف تفاصيل حرب الخليج الأولى بشكل علمي دقيق ، نرجو ان تكون دائما ارائنا في الأمور بشكل متأني وبعد دراسة علمية في كل مجال تخصص حتى لا نقع في اطلاقات خاطئة ، العمالة وهكذا لها محلها ومناقشة الامور من الناحية التخصصية من باب الاسباب لها محل اخر ، وجزاكم الله خيرا و أسعد بمشاركتك وسماع اقتراحاتك

  3. جزاك الله خيرا.. دراسة رائعة ، أنت على ثغر قليل من يعمل عليه فإستمر بارك الله فيك..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى