اختيارات المحرر

ما بعد رمضان.. خُطوات عملية ستساعدك لتكون في وصال دائم مع كتاب الله

ما من مسلم بحق إلّا وكانت علاقته بالقرآن قوية متينة في شهر رمضان، كنا جميعًا نتنافس على ختمه وتلاوته، وتدبره ومدارسته، ليل نهار (وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ).

والحق أن طبيعة هذا الشهر الفضيل تهيئ المسلم لتلك العلاقة القريبة مع كتاب الله، فالأجواء الإيمانية، والصلوات، والذكر، وصلاة القيام، والتهجد، وغيرها من العبادات كفيلة بأن ترقق قلب المسلم، وتفتح أبوابه لِتَلّقي آيات القرآن بوجلْ، وفهمٍ وتمعنٍ في هذا الدستور الشامل العظيم.

هذا قد حدث مع أكثرنا في شهر القرآن، ولكن ماذا بعد انقضاء الشهر الكريم ورحيله؟! أين تجدنا؟! وما هو حالنا مع القرآن؟! هل لا تزال تلك العلاقة مستمرة، أم أنَّ مجريات الحياة، ونوازل الدهر، والانشغال بالمال والبنون والنساء قد قطّعت أوصالها، وفرقت بيننا سبلها؟!

إنّه لمفهومٌ للغاية؛ الفتور الطبيعي الذي يصيبنا بعد انقضاء شهر رمضان، والضعف الذي يعترينا بانتهاء موسم النفحات المباركات، ولكن هل ينبغي علينا الاستسلام لهذا الفتور؟! والركون إلى ذلك الضعف حتى تقسى قلوبنا مجددًا وتُصبح عَصيّة على تذوق آيات الله، بعيدة عن منهاجه القويم؟! (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً) عندها ستبدو الحياة مظلمة، وأكثر صعوبة وقسوة، وسوف ننسى معها أنفسنا، جزاءً بجزاء، كما أهملنا علاقتنا مع كتاب الله، ونسينا آياته (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ). 

لذلك كله؛ ينبغي علينا أن نشمر جاهدين في استعادة علاقتنا القوية مع القرآن، وجعلها أكثر قوة ومتانة، من خلال خارطة واضحة المعالم، نصنعها لأنفسنا ونسير عليها، منتهزين ما خرجنا به من حصيلة إيمانية، وشحنة قرآنية، من شهر رمضان، لنجدد بها علاقتنا مع القرآن، ونجعلها علاقة مستمرة طوال العام، تصبح هي محور حياتنا، و بوصلتنا الأولى نحو تحقيق أهدافنا وغاياتنا.

سوف نساعد أنفسنا، ونساعدك في بضع خطوات عملية على إنشاء خطة جيدة لعلاقتك مع القرآن تناسبك، وتلائم احتياجاتك، ولكن قبل أن نتطرق لتلك الخطوات، عليك أن تسأل نفسك أولًا: ما الذي احتاجه لإقامة علاقة متينة ومستمرة مع القرآن؟

ما يحتاجه المسلم لتقوية صلته ورابطته الخاصة مع القرآن

أولًا: ورد تلاوة

تصاحب من خلاله القرآن، ويصبح أنيسك بالليل والنهار، كما تُعدّ هذه التلاوة حفظ لنفسك من الشيطان، وتهيئة لقلبك كي يفهم ويتدبر القرآن، ووقاية جوارحك من الزلل والعصيان، فتنال بها مغفرة من ربك، وارتقاء في أعالي الجنان.

كما أن تلاوتك للقرآن، وتدبرك آياته، هي سبيلك للهداية، وحفظك عن الغواية، وصمامًا لقلبك من الضلالة، فذلك أمر ربك لحبيبك (وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنذِرِينَ). 

تلاوة القرآن تعزز وترسخ أوتاد علاقتك مع القرآن، فهي مفتاح تلك العلاقة، لذا عليك أن تجتهد دائمًا بالحفاظ عليها، وأن تتلوا القرآن كما ينبغي، حتى يتحقق الإيمان في قلبك، وهو الهدف الأسمى من علاقتك بالقرآن (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ). 

ثانيًا: ورد تدبر

يساعد قلبك على تأمل الآيات؛ لترى نفسك أين أنت من موضعها، تتلقاها بأذنٍ واعية، وجوارح خاضعة، وقلبٍ خاشعٍ متذلل، فتعرف الله وتدركه عن قرب، ويتحقق الإيمان في قلبك عن يقين ووقر. تدبر يساعدك على فهم نفسك ومكنوناتها، وكيف تتعامل مع نوازعها وصراعاتها.

تدبر يفتح عينيك على مقدرات الكون، وحقيقته، وينير بصيرتك إلى تفرد خالقه، فترى إعجاز آيات الله في الكون ماثلة متحققة، فتدرك أن توحيد الله فطرة خالصة، لا بديل عنها لحياة هانئة آمنة.

تدبر يساعدك على فهم من حولك من طبائع بشرية مختلفة، ويصحح علاقاتك معهم، ويقيم الواجبات والحقوق فيما بينكم، فتستقيم بذلك حياتكم.

تدبر القرآن سوف يفتح على قلبك فتوحات كبيرة، وبصائر منيرة، ستصحح نظرتك ورؤيتك لكل شئ في هذه الحياة، فتصوب معيارها.

في الحقيقة إن تدبر القرآن هو جوهر علاقتك القوية مع القرآن، وسبيلك لتطبيقه، وإحيائه واقعًا عمليًا في حياتك، فتحقق بذلك غرض الله من إنزال كتابه على نبيه (كِتَابٌ أَنزلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الألْبَابِ). 

ثالثًا: ورد تفسير

تستطيع من خلاله أن تدرك فقه الآيات، وأن تقف على الأحكام، والأوامر والنواهي، وتعايش من خلاله أسباب النزول، وترتحل إلى عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصحابته، فتعايش بيئتهم ومشكلاتهم وواقعهم الذي نزل فيه القرآن، ثم تخرج من كل هذا بما يجب عليك أن تأتمر، وما يجب عيك أن تنتهي، فتحقق قول الله تعالى (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا).

إن تفسير الآيات يمنحك بصيرة أعمق، وفهمًا أوسع وأشمل، فتتجلى لك حكمة الله من مشروعية العبادات، وتفاصيل الأحكام الشرعية، وتستطيع أن ترى الصورة الأكبر لشمولية وعظمة هذا الدين من خلال القرآن.

كما إن ابحارك في تفاسير الآيات سيمنحك بصيرة نيرة، ونظرة ثاقبة، حول علاج المشكلات والقضايا التي نتعرض لها في حياتنا اليومية كمسلمين، صغيرها قبل كبيرها، حقيرها وعظيمها.

التفسير سوف يعمق العلاقة بينك وبين القرآن، ويجعلها علاقة لازمة، لا قدرة لها على الحل أو الانفكاك، سيجعلها علاقة شوق ودفء، وإيناس وإمتاع، وتضرع ومناجاة، سيجعلها علاقة معالجة شافية، وصلة دائمة.

وبالطبع إنَّ الناتج لهذه الأوردة الثلات، والثمرة المرجوة هو علاقة أكيدة، وصلة متينة بالقرآن، تجعله حاضرًا بقوة في كل حياتك، فتحيا بذلك حياة طيبة، وتمشي بين الناس بنور هذا القرآن (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ). 

خطتك الخاصة مع القرآن بعد رمضان

لقد خلقنا الله تعالى بطبائع بشرية مختلفة، وجعلنا شعوبًا وقبائل كي نتعارف، (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)، وفي هذا إقرار من الله عز وجل بصحة هذا الاختلاف، طالما أن الهدف والغاية واحدة، وهي تقوى الله، فلا ضير إذًا من تنوع الشخصيات واختلافها.

هذا الاختلاف الطبيعي لا يصلح معه خطة واحدة، أو طريقة ثابتة، فما يصلح معي ليس بالضرورة أن يصلح معك، ولكن كل منا يجتهد بما يراه مناسبًا كي يحقق علاقته الخاصة مع القرآن.

لذلك فحقيقة الأمر أنّه لا توجد خطة مثالية، أو وصفة واحدة يمكننا أن نخبرك بها، لتقوم بها فتستقيم علاقتك مع القرآن وتصح، وإنما هي طرق ووسائل شتى، ومناهج مختلفة، جميعها تهدف إلى شيء واحد، وهو أن تجعل بينك وبين كتاب الله علاقة دائمة، متينة متماسكة.

من هذا المنطلق سوف نطرح عليك بعضًا من المحاور الأساسية، والتي نرى أنه لا غنى لخطة أو وصفة عنها، ثم نشير إليك ببعض الأفكار والأدوات التي يمكنك استخدام ما يناسبك منها ويلائم احتياجاتك، كي تضمّنه في خطتك الخاصة مع القرآن.

عليك أن تدرك بأن خطتك كي تكون ناجحة لا بد وأن تبنى على ثلاثة أمور وهي:

1- الكيف وليس الكم: فأنت هنا لست في سباق مع أحد، ولست تنافس سوى نفسك، ولا ترغب في الفوز بأكبر عدد من ختمات القرآن كما هو الحال في رمضان، وإنما هي علاقة دائمة مستمرة، نبتغي منها تغيرًا واستفادةً حقيقية شاملة.

2- المرونة: لا بد وأن تكون مرنًا سواء وقت إعدادك للخطة، أو حال تنفيذها، فإن رأيت أنها تتطلب بعض التغييرات، كي تصبح ملائمة لمستجدات ومتغيرات حياتك، فلا تتردد أبدًا أن تفعل.

3- كن واقعيًا: في خطتك، فأنت أعلم الناس بأحوال نفسك، ومقدراتها، فلا تضع الكثير من الالتزامات التي لا تستطيع إنجازها، ولا القليل الذي لا يسقي ظمأك من القرآن، واجعل أمرك وسطًا بما يلائمك.

ورد التلاوة

أفكار يمكنها أن تعينك لتلاوة قرآن أفضل:

  • خصص لنفسك وقتًا محددًا للتلاوة يوميًا، ويفضل أن تبدأ بها يومك، حتى يفتح الله عليك بها من أبواب رزقه الواسعة، ويشرح بها صدرك، ويُنير دربك، فإن لم يتيسر لك ذلك، فأي وقت آخر، من يومك.
  • احرص على تلاوة القرآن بطريقته الصحيحة، أي بمخارج الحروف السليمة، وأحكام التجويد قدر استطاعتك.
  • يمكنك الاستعانة ببعض البرامج المرئية على اليوتيوب التي تعلمك التلاوة الصحيحة بأحكام التجويد مثل: برنامج الإتقان لتلاوة القرآن للشيخ أيمن سويد -حفظه الله-  أو برنامج بلّغوا عني ولو آية للشيخ أحمد عامر -رحمه الله-.
  • كما يمكنك تحميل المصحف المعلّم برواية حفص عن عاصم للشيخ محمود خليل الحصري -رحمه الله- على هاتفك الذكي أو الاستماع إليه مباشرة عبر شبكة الإنترنت.
  • كما أنّك تحتاج أيضًا إلى معرفة معاني بعض الكلمات التي لا تفهمها أثناء تلاوتك، لذا يمكنك الاستعانة بمصحف يحمل معانِ لكلمات القرآن، أو تطبيق على هاتفك يقوم بنفس الأمر، مثل: تطبيق آية والذي ننصحك به بشدة، لأنه تطبيق رائع سيوفر عليك الكثير من الوقت والجهد، حيث يجمع لك مهام كثيرة في مكان واحد.

ورد التدبر

 أفكار يمكنها أن تعينك على تدبر القرآن بشكل أفضل:

  • اجعل لنفسك وقتًا محددًا لتدبر القرآن يوميًا، واحرص على قراءة جزء يسير من الآيات فيه، لأنك تبغى تأمل الآيات والخروج منها بدروس وتطبيقات عملية.
  •  حينما تقرأ القرآن استشعر أنَّ الله تعالى يخاطبك أنت تحديدًا في التوّ واللحظة، فذلك أدعى لاستحضار عظمة الله في قلبك، وانتباهك بكل جوارحك لكل حرف تقرأه من القرآن.
  • بنهاية ورد التدبر أكتب مشاعرك حول الآيات، لطائف جميلة أعجبتك، دروس خرجت بها، ويمكنك استخدام أسئلة تعينك على ذلك مثل: “أين أنا من هذه الآية؟” “كيف يمكنني تطبيق هذه الآية في حياتي؟”. 
  • اجعل لنفسك قدرًا من التأمل العام في الكون وما خلقه الله من حولك، ولو بضع دقائق يوميًا، فذلك أدعى لتلقي قلبك آيات القرآن بشوق وحنين وفضول لما ستخبرك به عما رأيته حاضرًا واقعًا.
  • احرص على مشاهدة دروس العلماء حول تدبر القرآن والخواطر القرآنية، فذلك ادعى لفتح قلبك على آفاق جديدة من المعاني والمقاصد للآيات.

مساقات ودروس تعينك على تدبر القرآن

1- مساق “الدليل إلى القرآن”: يأتي هذا المساق في صدارة مشروع “مساقات إنه القرآن” الذي أنشأه ويشرف عليه الدكتور أحمد عبد المنعم المشرف العام على موقع «إنه القرآن». 

يهدف هذا المساق إلى إزالة الجهل بالقرآن، لذا فسوف يساعدك في معرفة قصة القرآن منذ نزول الوحي على أشرف الخلق، وخير الرسل، وحتى إتمام رسالته صلى الله عليه وسلم.

فسوف يحلق بك ما بين حال النبي -صلى الله عليه وسلم- وقت تلقيه القرآن، إلى مراحل جمعه وتدوينه، إلى علومه وأحكام تلاوته، وكيف تتأثر بالقرآن، ثم تعقيب حول الإعجاز العلمي في القرآن، وأخيرًا ما هي أفضل الكتب التي بإمكانك مدارستها للاستزادة منها. وقد جاء المساق في صيغة أسئلة، كل حلقة منه سؤال وجواب، مُقسمٌ إلى سبعة أجزاء حسب الموضوعات.

يمكنك التسجيل في المساق والبدء فيه من هنا.

2- مساق “تدبر القرآن، تشويق وتطبيق”: يأتي المساق الثاني من مشروع “مساقات إنه القرآن” كمساق تربوي، يهدف إلى تربية قلبك على الشوق للقرآن، من خلال مصاحبة آياته وتدبرها، كما يدلك على آليات التدبر الصحيحة.

يتميز هذا المساق بكونه مساق عملي تطبيقي بالدرجة الأولى، حيث سيصطحبك الدكتور أحمد عبد المنعم “مقدم المساق” معه في جولات تدبرية عدة، ويحلق بك ما بين سورة الحجرات ودروسها التربوية الجامعة لحياة أفضل للمؤمنين، إلى سورة القيامة، وما بها من تصوير فني بليغ وتجسيد ليوم الفصل، وإظهار قدرة الله عز وجل، في ابتعاثه لعباده وحسابهم من بعد موتهم، ثم ينتقل بك إلى سورة الرعد التي تزلزل قلبك من عظمة هذا الخالق وقدرته المطلقة.

يصحبك الشيخ في تلك الجولات القرآنية الثلاث، من خلال بعض الكتب والقراءات التي تعينك على أفضل تدبر، وتلقي لمعانِ تلك الآيات، وإعمالها في قلبك وتطبيقها على حياتك. يأتي هذا المساق في ست أسابيع ممتعة من معايشة لآيات القرآن، ومدارسة لما تحمله لنا من خير وفير، وصراط مستقيم.

يمكنك التسجيل في المساق والبدء فيه من هنا

ورد التفسير

مساقات ودروس تعينك على فهم وتفسير القرآن

1- مساق “علم التفسير – مقدمة أساسية”: يهدف المساق إلى وضع يديك على مفاتيح التفسير للقرآن الكريم، ويحقق ذلك في محورين:

المحور الأول: يطرح فيه الشيخ موضوعات حول ما هو التفسير؟ ونشأته، وفضل الاشتغال به، وإمكان التفسير من الأساس، وكيف كان في عهد الصحابة، وعلام تحتوي كتب التفاسير، ثم يختتم المساق بأول جدلية من جدليات التفسير وهي جدلية المحكم والمتشابه من الآيات.

المحور الثاني: يستكمل فيه الشيخ جدليات التفسير من التأويل، والإعجاز، والتدبر، والإسرائيليات، ثم يوضح منهج المفسرين في الوصول إلى المعاني للآيات، ويعقب حول القراءات المعاصرة للآيات وعلاقتها بالتفسير.

يمكنك التسجيل في المساق والبدء فيه من هنا.

2- “تفسير النابلسي”: يقدم لك الشيخ محمد راتب النابلسي -حفظه الله- ثلاث اختيارات للتفسير عبر موسوعته على شبكة الإنترنت وهي:

التفسير المختصر: وهو تفسير مقروء، موجز ومختصر لجميع سور القرآن الكريم.

التفسير المطول: وهو تفسير مقروء ومسموع، باستفاضة لجميع سور القرآن الكريم.

التفسير المرئي: وهو تفسير مقروء ومسموع ومرئي، باستفاضة لبعض سور القرآن الكريم.

هذه الاختيارات المتعددة، من مساقات ودروس نقدمها لك، كي يمكنك اختيار ما يناسبك منها، ويلائم ظروف وقتك وعملك، واحتياجاتك في الوقت الحالي، لا لكي تشتتك أو تصيبك باليأس والإحباط لكثرتها، فقليل دائم خير من كثير منقطع، وأحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل.

لذلك ينبغي أن تختار منها في كل مرحلة من مراحل علاقتك بالقرآن ما يناسبها، ويلائم مستواها، ثم تنمو وتزيد تلك العلاقة مع الوقت، ومن ثم تزيد أنت من تلك الخيارات، بما يساعدك على الارتقاء أكثر فأكثر مع القرآن.

نصائح تُعينك على الاقتراب من القرآن

  • أقبل على القرآن بقلبك لا بجسدك، يفتح لك أبواب ذخائره، ولآلئ كنوزه، وقبسات أنواره.
  • استسلم للقرآن، ولا تقاوم آياته، فالله أعلم بك من نفسك (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)، فهو أقرب إليك من حبل الوريد، وكتابه لا ريب فيه، وحديثه أصدق القول (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا).
  • اعلم أن علاقتك مع القرآن، واجتهادك فيها، رزق لا يد لك فيها ولا فضل، وإنما هو فضل الله يؤتيه من يشاء (وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَٰكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)، ويصرفه عمًا يشاء (يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ).
  • القرآن لا يحتاج منك أكثر من الإخلاص لله، والصدق في إرادتك للقرآن وابتغائه، فاصدق الله في طلبك وسعيك للقرآن، يصدقك فيه، ويفتح عليك به آفاقًا ووديانًا.
  • يباعد الله بينك وبين كتابه، بقدر ذنوبك، فاحرص على التوبة الدائمة، وألزم الاستغفار، حتى لا يبعدك عن حديثه، ويحجبك عنه (كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ).
  • احذر أن تهجر القرآن، حتى لا يشكيك رسول الله إلى الله فيقول: (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا)!
  • أكثر من قيام الليل، فهو أكثر ما يساعدك على التعلق بالقرآن، ويعينك على التدبر والمناجاة مع خالق الأرض والسموات.
  • اقرأ كثيرًا في كتب السيرة، واطلع على سيرة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وسيرة أصحابه، ففيهم نزل القرآن، وبه اقتدوا واهتدوا إلى طراطٍ مستقيم.
  • اجعل لك خلوة مع القرآن ما استطعت، ورفقة للقرآن تعينك على الطريق، فذلك ادعى لشحذ قوتك، واستنهاض همتك (قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ ۖ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا).
  • كلما جلست أمام كتاب الله وآياته، فأفرغ له ذهنك قبل جسدك، ولا تحضر القرآن ببدنك فحسب، فإن كلام الله ثقيل، يحتاج منك كل طاقتك، فامنحها له (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا).

وأخيرًا أعلم بأنه لا توجد وصفة سحرية، ولا طريقة مثالية، ستقربك من القرآن، أو تُقّوي علاقتك به فجأة، وإنما بذل وجهد واجتهاد، وعليك أن تصبر كثيرًا حتى تحققها، فاجتهد في ذلك ما استطعت، عسى الله أن لا يحرمك صحبة القرآن في الدنيا والآخرة.

المصادر

  1. القرآن الكريم.. أثره في التغيير، مفاهيم في تدبُّره، سبل معايشته في رمضان.
  2. صلاح الأمة – الدرس : 20 – التدبر في قراءة القرآن.
  3. الملتقى الثاني: تدبر القرآن

معتصم علي

كاتب ومنشئ محتوى إبداعي، طالب علم مهتم بشأن الأمة، وقضايا المسلمين

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى